ثمن باهظ للبحث عن الحقيــقة
عرضها حرصها على تأدية واجبها الإعلامي بمهنية، لمضايقات المافيا المالية والسياسية في كازاخستان وافقدها نعمة البصر وأدى إلى قتل إبنتها بعد اختطافها.
انها الصحفية ليرا بازيتوفا التي اضطرت الى لاختباء، لإنقاذ ما تبقى من عائلتها بعد أن تجرأت على نشر حوار اجرته مع المدعي العام السابق في جنيف، برنار بيرتوسا، حول وجود حسابات بنكية لشخصيات سياسية من كازاخستان في بنوك سويسرية.
وقد عرضت قصة السيدة ليرا بازيتوفا على الصحافة صديقتها الكاتبة والصحفية السويسرية لورانس ديونا، التي ترأس الفرع السويسري لمنظمة “مراسلون بدون حدود” والتي تربطها بها علاقات وثيقة منذ عام 1999.
انها قصة كل الذين خابت آمالهم من التحول الليبرالي لمجتمعات دول الاتحاد السوفيتي سابقا، والذين عاينوا الهوة التي تزداد عمقا بين الذين استفادوا من الانفتاح الليبرالي، والسواد الأعظم الذي غاص في الفقر والحرمان والظلم، بعد رفع كل وسائل الدعم الحكومي.
هذا الواقع دفع ليرا ابزيتوفا من موظفة قانونية بوزارة الاقتصاد إلى ناشرة، حيث أسست صحيفة “ريس ربوبليكا 2000” التي اضطرت إلى التوقف بعد سلسلة من المضايقات القضائية.
بدأت متاعب ليرا بازيتوفا بعد نشرها في سبتمبر 2000 مقالا ينتقد وزير النفط نورلان كاباروف، الذي كان يشغل منصب مدير مصفاة تكرير اقليمية، تعرضت بعدها مباشرة لاعتداء من طرف شخصين مقّنعين أدى إلى إفقادها العين اليسرى. كما تعرضت ابنتها ليلى الطالبة الجامعية إلى محاولة وضع مخدرات في حقيبتها.
أمنيتها تتسبب في مأساة
بدعوة من منظمة “مراسلون بدون حدود”، جاءت ليرا بازيتوفا إلى جنيف بمناسبة احياء اليوم العالمي للمرأة في الثامن مايو الماضي. وعندما سئلت عن أمنية ترغب في تحقيقها، طلبت مقابلة المدعي العام في دويلة جنيف بيرنار بيرتوسا المعروف بتشدده في مقاومة اوساط الجريمة المنظمة وغسيل الاموال.
من المقابلة التي أجرتها مع السيد بيرتوسا، حصلت ليرا على تأكيد ما كانت تتوقعه ” وجود حسابات بنكية باسم رئيسي وزراء كازاخستان السابقين كازيغلدين و بالجيمباييف”. وهي الحسابات المجمدة حاليا والتي تقول صحيفة لوتون السويسرية أنها تصل إلى حدود 120 مليون دولارا.
وقد نقلت وسائل إعلام غربية أن الأمريكي جيمس جيفن، المستشار المالي لرئيس كازاخستان، نور سلطان نازاربييف، حول في عام 1997 ستة ملايين دولار من شركات نفط أمريكية لحساب الوزير الأول كازيغلدين، وهو ما لم ينفه محامو الوزير الأول.
ولم تحصل العدالة السويسرية على تعاون من السلطات في كازخستان لمعرفة حقيقة هذه الأموال. كما تنتظر الأوساط القضائية في جنيف رد السلطات الأمريكية بهذا الخصوص قبل رفع الحظر على الأموال المحجوزة.
حياة ابنتها ثمن نشر المقال
بعد يوم واحد من نشر ليرا بازيتوفا هذا المقال في صحيفة “صولدات” المعارضة في كازاخستان، تعرضت ابنتها ليلى الطالبة في كلية الحقوق الى الاختطاف يوم 23 مايو 2002.
وبعد شهر من البحث في كل الأماكن، تم إشعارها بأن ابنتها توفيت بعد توقيفها وفي حوزتها مخدرات. لكن بازيتوفا تشكك في صحة هذه الرواية وترغب في مساعدة بعض الأصدقاء في الكشف عن حقيقة من يقف وراء كل هذه المآسي. وفي انتظار أن تتمكن من اكتشاف الحقيقة، اختارت ليرا بازيتوفا الاختفاء برفقة حفيدها لإنقاذ ما تبقى من افراد عائلتها.
سويسرا تعرب عن القلق
وقد قررت جهات عديدة في سويسرا مساعدة ليرا بازيتوفا في مسعاها بحثا عن الحقيقة، ومن بينها منظمة “مراسلون بدون حدود” التي أرسلت مبعوثا إلى عاصمة كازاخستان، الماآتا، لحضور التحقيق الذي فتحته سلطات كازاخستان في قضية وفاة ليلى.
كما اتصل الفرع السويسري للمنظمة، بوزارة الخارجية السويسرية التي أكدت “أن برن وجهت خطابا لسفير كازاخستان في سويسرا، كما أن السفير السويسري في الماآتا نقل رسالة الى السلطات هناك للتعبير عن قلق سويسرا حول مصير الشابة ليلى. ويذكر ان الخارجية السويسرية هي التي مولت زيارة والدتها ليرا لسويسرا في شهر مارس الماضي.
محمد شريف – جنيف
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.