جدل في البرلمان بخصوص السياسة الزراعية
تحول النقاش في مجلس النواب حول ملف السياسة الزراعية في سويسرا إلى مواجهة بين اليسار والخضر من جهة والأحزاب البورجوازية اليمينية من جهة أخرى.
في المقابل، أدى المقترح الداعي إلى تخفيف معايير “الزراعة البيولوجية” إلى مواجهات بين جمعيات الزارعة البيولوجية ومنظمات المستهلكين من جهة وأوساط الفلاحين التي رأت فيه وسيلة للتشجيع على انتهاج الإنتاج البيولوجي.
شرع مجلس النواب السويسري يوم الثلاثاء 13 مارس في مناقشة السياسة الزراعية في سويسرا حتى حدود العام 2011 وهذا بعد مداولات جرت حول نفس الملف داخل مجلس الشيوخ في شهر ديسمبر الماضي.
المناقشات التي اتخذت في بعض الأحيان شكل جدل حاد عرفت تصلبا في المواقف بين تيارات سياسية تستعد لخوض الانتخابات البرلمانية في شهر أكتوبر القادم وعليها أن تراعي اللوبي الفلاحي القوي.
ومما يزيد في هذا التصلب، هو أن تيارات مثل حزب الشعب السويسري (يمين متشدد) جعل من الدفاع عن عائلات المزارعين رأس ماله الإنتخابي، في وقت تجد فيه سويسرا نفسها مضطرة تحت ضغط مفاوضات منظمة التجارة العالمية للتسريع بإصلاح قطاعها الفلاحي قبل فرض إجرءات قاسية عليها من الخارج، الأمر الذي يجعل حزب الشعب تارة في خلاف مع اليسار وتارة أخرى في مواجهة حتى مع أحزاب التيار اليمين التقليدي.
استثناءات في معايير “البيو”
من النقاط الأولى التي ظهر بخصوصها جدل بين الكتل، موضوع السماح ببعض الاستثناءات فيما يتعلق باحترام معايير الإنتاج البيولوجي بحيث لا يشترط ان تكون مفروضة على كامل المزرعة لكي يعترف بأن الانتاج يحمل شعار “بيو”. وهو القرار الذي اعتمده مجلس النواب بأغلبية 112 صوتا مقابل 72.
فقد رأى أنصار اليسار والخضر، ومعهم جمعية “بيو سويس”، في ذلك وسيلة “قد يتم التحايل من خلالها لارتكاب انحرافات قد تكون لها عواقب وخيمة على مصداقية الإنتاج البيولوجي”.
كما عبرت الاتحادية السويسرية لجمعيات حماية المستهلكين عن “الأسف لأن ذلك سيعمل على إضعاف سمعة الإنتاج البيولوجي”.
في المقابل، ترى الأوساط الفلاحية وأنصارها من التيارات اليمينية بأن “مثل هذا الإجراء قد يساعد العديد من الفلاحين على التحول بشكل تدريجي الى الإنتاج البيولوجي وبالتالي السماح بإنتاج بيولوجي للحبوب التي يتم استيراد ثلاثة ارباع ما يستهلك منها في الوقت الحالي من الخارج”.
ويسمح هذا القرار لسويسرا بانتهاج نفس المنهج الأوروبي الذي يعترف بـ “الإنتاج البيولوجي القطاعي” أي المطبق على جزء فقط من المزرعة شريطة التقيد الصارم بمعايير الإنتاج البيولوجي.
الاستيراد الموازي لخفض الأسعار
بأغلبية طفيفة (95 صوتا مقابل 83)، وافق مجلس النواب أيضا على السماح للفلاحين السويسريين بشراء والإستيراد من الخارج لمواد مثل الجرارات والبذور والأسمدة الخاضعة لبراءات اختراع، وذلك بهدف تخفيض الأسعار.
حزب المعارضة في هذا الملف تمثل في الراديكاليين وأنصار حزب الشعب ومعهم وزيرة الاقتصاد دوريس ليوتهارد الذين رأوا بأن “ما يمكن تحقيقه من توفير من وراء هذه العملية لا يسمح بالمجازفة بإضعاف حق حماية براءة الاختراعات”، وقد تراوحت الأرقام التي تداولها النواب ما بين 25 و 50 مليون فرنك فقط.
من ناحيتهم، يرى أنصار تحرير الاستيراد من اشتراكيين وديمقراطيين مسيحيين، بأن حجم الادخار المتوقع قد يصل الى 90 مليون فرنك. كما يذهب هذا الفريق إلى أن هذا القرار “سيحول دون تقديم منتجات أجنبية للمزارع السويسري بأثمان باهظة”.
تجدر الإشارة إلى أن هذه المنتجات تعرض حاليا على المزارعين السويسريين بأسعار تزيد بما بين 20 و 25% عما هو معمول به في الدول الأوروبية المجاورة.
مواصلة دعم منتجي الحليب
في نفس السياق، اتخذ مجلس النواب على غرار مجلس الشيوخ، موقفا مساندا لمنتجي الحليب بحيث رفض بأغلبية 114 صوتا مقابل 65، تخفيض مبلغ 15 سنتيما المقدمة كدعم اضافي لكيلوغرام الحليب الذي يتم تحويله الى أجبان.
وكانت الحكومة الفدرالية قد اقترحت تخفيض الدعم الى 10 سنتيما مع تقديم تعويض مباشر للمزارعين في حدود 600 فرنك عن كل بقرة حلوب، إلا أن قرار البرلمان نص أيضا على ضرورة مراجعة الإجراء في حال توفر فائض في انتاج الأجبان في البلاد.
وزيرة الاقتصاد دوريس لويتهارد التي وجدت هذه المرة دعما من التحالف اليساري الأخضر، رأت في ذلك عرقلة لجهود الإصلاح الرامية الى بلورة السياسة الزراعية لعام 2011. مخاوفهم تتمثل في أن الدعم المقدم لحصص انتاج الحليب ستتوقف مع مطلع العام 2009 وهو ما سينجم عنه إغراق للسوق بإنتاج الحليب والجبن.
وجدير بالذكر أن 42% من الحليب المنتج في سويسرا يتم تحويله الى أجبان، وهو ما ترى فيه أحزاب اليمين “ركيزة للاقتصاد الوطني”. ونظرا لأن قطاع انتاج الأجبان سيشهد ابتداء من فاتح يوليو 2007 منافسة مباشرة مع المنتجين الأوروبيين، تعتقد نفس هذه الأوساط أنه “يجب مساعدتهم على التأقلم مع الشروط الجديدة للسوق”.
وفي مجال احتكار استيراد الزبدة، خسر المعسكر البورجوازي المعركة حيث وافق مجلس النواب بأغلبية 95 صوتا مقابل 77 عرض الكميات المستوردة من الزبدة على المزاد العلني بهدف تخفيض الأسعار في السوق.
وقد رحبت وزيرة الاقتصاد دوريس لويتهارد بهذه النتيجة التي “ستعكس الوضع الحالي الذي يجعل المستهلك السويسري يدفع أسعارا أعلى بكثير مما يدفعه المستهلكون في أوروبا، أو على الأقل سيسمح بشفافية أكثر في هذا القطاع”، على حد قولها.
سويس إنفو مع الوكالات
استثناءات في معايير الإنتاج البيولوجي: قبل مجلس النواب استثناءات في معايير الإنتاج البيولوجي بحيث ستشمل حتى على المزارع التي لا تطبق المنهج بشكل شامل.
الاستيراد المباشر: يسمح للفلاحين باستيراد الجرارات والبذور والأسمدة الخاضعة لحماية الملكية الفكرية.
الحليب: استمرار الدعم بقمية 15 سنتيما للكيلوغرام الواحد من الحليب الذي يتم تحويله الى جبن. 42% من الحليب المنتج في سويسرا يتم تحويله الى جبن
الزبدة: عرض الواردات من الزبدة على المزاد العلني لتخفيض الأسعار.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.