جدل في جنيف بخصوص التعاون لمواجهة جائحة إنفلونزا الطيور
شهد اجتماع عقدته البلدان الأعضاء في منظمة الصحة العالمية للنظر في كيفية الاستعداد لمواجهة جائحة إنفلونزا الطيور، جدلا حول المعايير التي يجب مراعاتها في تقاسم فوائد التعاون الدولي في هذا المجال.
فقد عبرت الدول التي تشارك بإرسال عينات من فيروسات أنفلونزا الطيور للمختبرات الدولية عن رغبتها في جني بعض من الفوائد عندما يتم التوصل الى ابتكار لقاح يسمح بمواجهة الجائحة في حال وقوعها.
عقدت منظمة الصحة العالمية ما بين 20 و 23 نوفمبر الجاري اجتماعا في جنيف ضم أكثر من 300 خبير في فيروس أنفلونزا الطيور من الدول الأعضاء لمناقشة كيفية تحديد معايير التعاون لمواجهة خطر انتشار المرض وتحوله إلى وباء واسع الانتشار أو جائحة.
الهدف من الإجتماع لخصه العنوان الذي اختاره له المنظمون ويتمثل في “التأهب لمواجهة أنفلونزا الطيور: تبادل فيروسات الأنفلونزا والتوصل الى اللقاحات والفوائد الأخرى”.
وإذا كانت المبادئ العامة لهذا التعاون الدولي لمواجهة جائحة الأنفلونزا قد وجدت موافقة من قبل فريق منظمة الصحة العالمية المختص المكلف بمواجهة جائحة الإنفلونزا في شهر سبتمبر من عام 2006، فإن طرح الموضوع للنقاش أمام المشاركين الحكوميين في هذا الاجتماع أثار جدلا تطلب تمديد الجلسات حتى الساعة التاسعة ليلا من اليوم الأخير.
وما زاد في تعقيد هذا النقاش، إقدام إندونيسيا في بداية الأشغال على تقديم اقتراح يتعلق ببعض المعايير التي ترغب في مراعاتها إذا ما أريد لعملية التعاون في تبادل الفيروسات أن تستمر في المستقبل. ومن بينها ضرورة استفادة الدول المانحة للفيروسات من اللقاحات والأدوية التي تتوصل إليها المخابر الدولية.
ومن أجل إقناع الدول الأعضاء بضرورة التوصل الى اتفاق بهذا الشأن، لم تتردد الدكتورة مارغاريت شان، المديرة العامة لمنظمة الصحة العالمية في إطلاق تحذير لدى افتتاح الاجتماع حيث قالت: ” إننا جميعا فوق نفس الباخرة، وإن ظهور أي جائحة لا يتطلب أكثر من بضعة اشهر لكي تصل الى أبعد الأماكن في العالم “، وشددت على أن “تبادل الفيروسات هو السبيل الوحيد القادر على مراقبة ظهور أصناف مقاومة للأدوية”.
شروط تبادل الفيروس
كما وجهت منظمة الصحة العالمية، في إطار جهودها الرامية الى الحد من ظهور وباء واسع الانتشار، نداءا إلى الدول التي تعرف حالات إصابة بفيروس الأنفلونزا من أجل تبادل عينات تلك الفيروسات مع المخابر الدولية العاملة تحت إشراف منظمة الصحة العالمية، بهدف التعرف المبكر على مدى قدرة تلك الفيروسات على التحول الى فيروسات قادرة على التنقل من الإنسان للإنسان بدل اقتصارها على التنقل من الحيوان الى الإنسان. وهو ما قد يعرض في حال وقوعه، الى انتشاره على غرار وباء الحمى الإسبانية التي أدت الى وفاة 40 مليون شخص ما بين عامي 1918 و 1919.
وإذا كانت بعض الدول مثل إندونيسيا قد شرعت في إرسال عينات من الفيروسات التي تسببت في حدوث إصابات بين مواطنيها، فإنها علقت هذا التعاون منذ شهر ديسمبر 2006 احتجاجا على الواقع المتمثل في أن “الدول الفقيرة التي تقدم هذه العينات مجانا للمخابر لا تستطيع شراء الأدوية المترتبة عن تلك التحاليل”.
وقد حذرت المديرة العامة لمنظمة الصحة العالمية من “أن تبادل الفيروسات هو أساس أي رد، لأن التحليل والمقارنة يسمحان بالتعرف المبكر على المؤشرات الأولى لكون الفيروس يعرف تحولا خطيرا”.
تحديد معايير جديدة لتقاسم الفوائد
لكن اندونيسيا ومعها دول أخرى مثل تايلندا، طالبت بتصحيح هذه الوضعية في اقتراحها المقدم للاجتماع الحالي لمنظمة الصحة العالمية بغرض تحديد معايير مقبولة لتقاسم الفائدة من هذا التعاون.
إذ طالبت بوضع “آليات دولية ملموسة وفعالة وعملية وشفافة لضمان تقاسم فوائد استخدام الفيروسات على وجه عادل ومنصف”، وهو ما يعتبر انتقادا للمعايير الموضوعة حاليا من قبل الشبكة العالمية لترصد الأنفلونزا.
ويمكن تلخيص ما تطالب به اندونيسيا في هذا الإطار في “احتفاظ الدول بسيادتها على مخزونها من الموارد البيولوجية، وأن تكون هي المسؤولة عن تحديد شروط الوصول الى الفيروسات وان يتم ذلك وفق ترتيبات ثنائية بينها وبين الأطراف الأخرى”.
كما تطالب بان يتم هذا التبادل للفيروسات في إطار إنشاء مخزون عالمي للقاحات تضع منظمة الصحة العالمية الشروط لإقامته وتلتزم بها كل الدول. كما لا يجوز استخدام تلك الفيروسات إلا لغرض غير تجاري.
ومن أهم ما تطالب به أندونيسيا في هذا الإطار، ضرورة الاستفادة المشتركة من هذا التعاون عبر تقاسم الفوائد على نحو عادل ومنصف وبشكل ملموس. ومن ضمن ما تقترحه: “عدم السماح لشركات إنتاج اللقاحات بالوصول الى الفيروسات إلا بموافقة بلد المصدر، والالتزام بمبدإ تقاسم الفوائد”.
ومن بين هذه المبادئ أيضا: “الاتفاق بخصوص إقامة مخزون من اللقاحات للفترة التي تسبق الجائحة أو خلالها، وإمكانية حصول الدول النامية على تلك اللقاحات بأسعار معقولة، والاستفادة من التكنولوجيا المستعملة في إنتاج اللقاح ومساعدة الدول النامية على تعزيز قدراتها في مجال إنتاج اللقاح”.
وفي مجال حقوق الملكية الفكرية، يطالب الاقتراح بعدم الترخيص لأية جهة بامتلاك هذه الحقوق فيما يتعلق بالفيروسات او أجزائها او مشتقاتها، كما يدعو إلى عدم الالتزام بحقوق الملكية الفكرية في مجال مواجهة جائحة الأنفلونزا، ومنح الدول النامية الأولوية في توزيع اللقاحات على الصعيد العالمي في الفترة التي تسبق ظهور الجائحة وخلالها، ولاسيما البلدان المتأثرة بها والمناطق المجاورة بها.
مطالب تعيد النظر في حقوق الملكية
وبما أن هذه المطالب ترتبط بمجالات حقوق الملكية الفكرية والبحث العلمي والحق في الصحة وتمس أيضا صلاحيات الدول ومصالح الشركات الكبرى الساهرة على صناعة الأدوية، فإن التوصل الى اتفاق متعدد الأطراف بشأنها ليس بالأمر السهل. وهذا ما يفسر تعقد المفاوضات وامتدادها حتى الساعة التاسعة ليلا من يوم الجمعة 23 نوفمبر دون التوصل إلى أي اتفاق.
وفي انتظار استئناف الإجتماعات واحتمال التوصل إلى اتفاق بخصوص هذه المعايير “الشفافة والمنصفة”، فإن التطبيق الفعلي لها سيتطلب انتظار رفعها الى مجلس منظمة الصحة العالمية (الذي سينعقد في شهر يناير القادم)، الذي يرفعها بدوره إلى الجمعية العامة لمنظمة الصحة العالمية في دورتها القادمة في شهر مايو 2008 نظرا لأن الجمعية العامة المكونة من كافة الدول الأعضاء هي التي لديها الصلاحية لاتخاذ القرار النهائي. وهو ما يعني أن النقاش بهذا الخصوص لم ينته بعد.
سويس إنفو – محمد شريف – جنيف
ظهر مرض أنفلونزا الطيور في العام 2003
335 عدد ضحايا فيروس أنفلونزا الطيورH5N1 لحد اليوم
مست أنفلونزا الطيور لحد اليوم 12 بلدا
اكبر البلدان تضررا اندونيسيا بحوالي 113 إصابة و 91 وفاة.
المعلومات المتوفرة لحد اليوم تشير الى أن الفيروس ينتقل من الحيوان الى الإنسان
هناك تخوف من أن يعرف تحولا ويصبح قادرا على الانتقال من الإنسان الى الإنسان
في هذه الحالة يصبح هناك تخوف من انتشار وباء بشكل واسع او ما يعرف بالجائحة يصعب معها مواجهة الوضع صحيا.
بالمقارنة أدى وباء الحمى الإسبانية ما بين 1918 و 1919 الى مقتل أكثر من 40 مليون شخص.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.