جدل في سويسرا حول “ولادات الخطأ”
تثير قضية فريدة من نوعها اهتمام الرأي العام السويسري منذ بعض الوقت، وتتعلق بتحديد المسؤوليات القانونية عن ولادة رضيع بعطب تناسلي يؤدي إلى العمى.
ويطالب والدا الرضيع المستشفى والأطباء الذين رافقوا الأم أثناء الحمل والولادة في برن بتعويضات تبلغ 450 ألف فرنك.
تعود هذه القضية إلى عام 1990 الذي وافق ولادة الطفل الأول بمرض تناسلي شديد أدى لسلبه البصر رغم جميع المحاولات التي بذلها الأطباء والخبراء في مستشفى برن لإنقاذ الرضيع من العمى التام.
وفي أواخر عام 1991، طلب الوالدان اللذان يتمتعان بصحة جيدة مشورة الأطباء وخبراء التناسليات في نفس المستشفى للاطمئنان على المجازفة بمواجهة نفس المرض التناسلي في حالة إنجاب طفل آخر.
وعلى الرغم من تأكيدات الخبراء بأن احتمالات المجازفة لا تزيد على 10% كحد أقصى، وُُلد الرضيع الثاني بنفس المرض التناسلي المعروف بمرض “نورّي” Norrie-Syndrom الذي اكتشف الباحثون الجينة أو المورّثة المسببة له عام 1992.
والمعروف عن هذا المرض التناسلي، هو أنه ينتقل للذكور والإناث على حد سواء. لكنه لا يفتك إلا ببصر الذكور من الرضع، وتسلم من شرّه الإناث اللواتي يصبحن ناقلات له بمعدل 50% في حالة إنجاب الذكور مستقبلا.
وبناء على المعلومات المتوفرة منذ عام 1992 عن المورّثة لهذا المرض التناسلي، وعن المجازفات التي تترتب عليها، راح والدا الطفلين يطالبان مستشفى برن وخبراءه بتعويضات تبلغ 450000 ألف فرنك سويسري، بذريعة التقصير في الواجب المهني، أي في تقديم النصائح والمشورة الضروريين لتجنب الإنجاب من جديد بعد التحقيق في المرض التناسلي للطفل الأول.
ولدى إحالة هذه القضية للمحاكم في كانتون برن، حكمت المحكمة الإدارية بأنه لا مجال لاتهام الأطباء والخبراء بالتقصير في الواجب المهني، خاصة بعدما بذلوا المستطاع لتبيين أمر المرض لدى الطفل الأول.
وأضافت المحكمة، أنه من وجهة النظر الفنية كان يستحيل على الأطباء والخبراء أن يحكموا بالقطع حينذاك على مستوى المجازفة بحمل جنين آخر لنفس المرض التناسلي، خاصة وأن هنالك ما يقارب 000 6 شخصا يعانون من الأمراض التناسلية المعروفة، ومن بينها مرض “نورّي” الذي يؤدي سريعا إلى العمى.
المسؤولية على قدر المعرفة
وعلى عكس القضاء في ألمانيا المجاورة، لم يقُل القضاء السويسري الكلمة الأخيرة بعدُ في قضايا ما يعرف بالولادات الخاطئة، أي تلك الولادات غير المرغوب فيها لسبب أو لآخر.
لكن محكمة في كانتون بازل بشمال سويسرا، أصدرت عام 1998 حكما في قضية الولادات غير المرغوب فيها نتيجة فشل محاولة الإجهاض تحت الإشراف الطبي.
وقالت المحكمة في بازل، إنه لا يحق لوالدي الطفل أن يطالبا الطبيب المسؤول بتعويضات بعد فشل محاولة الإجهاض والقبول بالطفل الذي لا مجال لاعتبار ميلاده ووجوده في هذه الحالة “ضررا” تسبب فيه الطبيب.
وعلى الرغم من الفارق بين الخطأ الفني الطبي، كما هو الحال في قضية بازل، وعدم تقييم مجازفة الأمراض التناسلية المعروفة، كما هو الحال في قضية برن، فإن القضية الثانية تكشف النقاب عن وُجهة من المجازفات القانونية للتقنيات التناسلية في العصر الحالي.
والمقصود أولا وأخيرا في هذه القضايا، ليس توزيع المسؤوليات القانونية عن الجنين المصاب بمرض أو عاهة من الأمراض التناسلية فحسب، وإنما المسؤوليات الأخلاقية أيضا عن جنين نما وتطوّر برغبة أو دون رغبة الحامل، وبعلم أو دون عِلم الأطباء والمجتمع بأنه يعاني بشائبة تناسلية.
جورج انضوني – سويس إنفو
رفعت المحكمة الإدارية في كانتون برن اللوم حديثا عن الأطباء وخبراء التناسليات في قضية تتعلق بولادة رضيع بمرض تناسلي أدى لحرمانه من البصر دون عامه الأول من العمر. وتقول المحكمة إن الأطباء والخبراء لم يُخلّـوا بأداء الواجب وتقديم النصائح والمشورة على أكمل وجه لوالدي الطفل.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.