جزر عائمة لإنتاج الطاقة الشمسية في رأس الخيمة
توصل في بداية شهر مايو المركز السويسري للإلكترونيات والتقنية الدقيقة وإمارة رأس الخيمة، إحدى الإمارات السبع المشكلة لدولة الإمارات المتحدة، إلى إبرام عقد يتم بمقتضاه بناء "جزر شمسية عائمة" فوق البحر.
وللتحقق من جدوى هذا المشروع، خصصت إمارة رأس الخيمة 5 ملايين دولار أمريكي لتنفيذ التجربة الأولى، وذلك ببناء جزيرة اصطناعية في صحراء الإمارات مزوّدة بلوحات لتخزين الطاقة الشمسية.
توصل يوم 3 مايو 2007 المركز السويسري للإلكترونيات والتقنية الدقيقة (وهي مؤسسة خاصة يوجد مقرها في نوشاتيل) وإمارة رأس الخيمة بدولة الإمارات العربية المتحدة، إلى إبرام عقد رسمي يتم بمقتضاه تشييد “جزر شمسية عائمة” فوق البحر لتحويل الطاقة الشمسية إلى مادتي الهيدروجين والكهرباء على نطاق واسع وبتكلفة محدودة.
وللتحقق من جدوى هذا المشروع، قررت إمارة رأس الخيمة تخصيص 5 ملايين دولار أمريكي لتنفيذ التجربة الأولى، وذلك ببناء جزيرة اصطناعية في صحراء الإمارات مزوّدة بلوحات لتخزين الطاقة الشمسية. وتشارك إلى جانب المركز السويسري، في تنفيذ المشروع، وكالة الاستثمار العامة بالإمارة.
جزيرة أولى في الصحراء
ولا يخفي توماس هندرلين، مدير عام هذه المؤسسة العلمية، سعادته بقبول حكومة رأس الخيمة تمويل هذا المشروع، ويقول “يمثل هذا المشروع بالنسبة لنا اختبار ثقة وفرصة ثمينة لكسب تجارب إضافية من خلال المشاركة في تنفيذ هذا المشروع، الذي يستدعي استخدام تقنيات عالية ويفتح الباب أمام تجديد مصادر الطاقة وتوزيعها في العالم”، ويضيف: “إذا ما تأكدت النتائج الإيجابية، فإنه سيكون لهذه التقنية تأثير بالغ على الاستخدام المستقبلي للطاقة الشمسية”.
وعبّر الطرف الثاني عن رغبته في بدء العمل قريبا في المشروع وعن الثقة التي يُـوليها لمركز الإلكترونيات والتقنية الحديثة. وفي هذا السياق، يقول الدكتور خاطر مسعد، ممثل إمارة رأس الخيمة والمستشار الخاص لولي العهد الشيخ سعيد بن صقر القاسمي: “تُـولي حكومة رأس الخيمة أهمية كبيرة للتقنيات الحديثة، ولقد وجدنا في المركز السويسري للإلكترونيات أفضل شريك، وهو يحظى بثقتنا، ونتمنى أن يواصل مفاجأتنا بمشروعاته المبدعة باستمرار”.
ومن المتوقّع أن يبدأ العمل في هذا المشروع خلال النصف الثاني من هذه السنة، ويبلغ قطر الجزيرة الأولى، التي سيقع بناؤها في الصحراء، 100 متر، وستكون مرتفعة شيئا ما على سطح الأرض وتدور مع الشمس حيث دارت. وسينفذ المشروع، كما لو أن الأشغال تتم على سطح البحر، وستمكِّـن هذه التجربة الأولى من تحديد جدوى المشروع.
أما عملية إنتاج الطاقة، فمن المتوقع أن تبدأ مع نهاية سنة 2008، وستكون هذه الجزيرة مزوّدة بخزّان حراري يؤمن إنتاج الطاقة طوال الليل والنهار.
المستقبل للطاقة المتجددة
ويأتي اهتمام إمارة رأس الخيمة بإنتاج الطاقة البديلة، في إطار الجهود التي تبذلها لمواجهة الضغط الذي يتعرض له قطاع المياه والطاقة من ناحية، ولاستباق نفاد الطاقة النفطية، وتحوُّل المستوردين لأنواع جديدة من الطاقة.
وهناك مشكلتان تواجهان إنتاج النفط حاليا، تتمثل الأولى في نفاذه من الطبقات الجوفية القريبة، وبالتالي، ارتفاع تكلفة إنتاجه. وتتمثل الثانية فيما توصَّـلت إليه أغلب الدراسات من أن احتراق الوقود هو السبب الرئيسي للاحتباس الحراري.
وتُـجمع أغلب التوقعات على أن النقلة الكبيرة من النفط إلى مصادر الطاقة البديلة، ستبدأ في فترة تتراوح بين عشرة وعشرين عاما، وعندئذ، سيكون الإقبال أكبر على إنتاج الطاقة الشمسية.
وتؤكِّـد الدراسات، التي أجراها الخبراء السويسريون، أن مخزون الطاقة الشمسية يتجاوز 100 مرة مخزون الأنواع الأخرى من الطاقة المتجددة، لكن إنتاجها تواجهه مشكلتان رئيسيتان: الأولى، ارتفاع تكلفة إنتاج الطاقة الشمسية، وبالتالي، عدم قدرتها على منافسة مصادر الطاقة الأخرى والثانية، ضرورة توفّر مساحات حُـرّة شاسعة في مناطق استوائية أو مدارية تكون درجة الحرارة بها مرتفعة.
ولتقريب الصورة، يتطلّـب إنتاج ربع الكمية المطلوبة من الطاقة الشمسية عالميا سنة 2030، استغلال مساحة قدرها 300.000 كلم مربع، وهو ما يعادل ستة مرات مساحة سويسرا و67% من مساحة فرنسا مثلا. فأين يمكن العثور على مثل هذه المساحة الشاسعة؟ بالتأكيد ليس في الجبال، فالتضاريس المتشعبة والبنى التحتية المعقدة، فضلا عن صعوبة الوصول إلى أعماق الجبال، يجعل الأمر مستحيلا، وأيضا ليس في الصحراء، لأن زحف الرمال والتصحّر، سيؤدي إلى تعطيل عمل هذه المِـنصّات، فلم يبق إلا البحار، وهذا هو الحل الذي اختاره المركز السويسري للإلكترونيات والتقنية الدقيقة.
لذلك، يعتزم الخبراء السويسريون بناء جُـزر دائرية ضخمة فوق سطح البحر، يتجاوز قُـطر الواحدة منها 2.5 كيلومتر، وترتكز على أعمدة فوق سطح الماء، ويعلو المرايا المخزّنة للطاقة قنوات يمر عبرها الماء المضغوط، وتؤدّي الحرارة المرتفعة التي تنبع من المرايا، إلى ارتفاع درجة حرارة تلك المياه. ومثلما يحصل داخل المفاعلات النووية، تتحوّل تلك الحرارة إلى هيدروجين وطاقة كهربائية صالحة للإستعمال.
عبد الحفيظ العبدلي – نوشاتيل
تأسس المركز السويسري للإلكترونيات والتقنية الدقيقة عام 1984، وهو مركز بحوث متخصص في التقنيات النانوية وفي الإلكترونيات، وفي هندسة وتقنيات الاتصال.
يقدم المركز لزبائنه حلولا مبتكرة تستجيب لشروطهم، وتتأسس على معرفة دقيقة بمتطلبات السوق وعلى خبرة عملية كما يساهم بفعالية في الاقتصاد السويسري، بفضل ابتكاراته المتعددة، وكان وراء إنشاء 23 شركة فتية، توظف في مجموعها 500 موظف.
ويعمل لصالح المركز 300 موظف من الكفاءات العلمية العالية موزّعين على مراكزه الثلاثة في نوشاتيل وزيورخ وآلبناخ، وينحدرون من 20 دولة.
افتتح فرع رأس الخيمة للمركز السويسري للإلكترونيات والتقنية الدقيقة في شهر فبراير 2005، وباشر العمل في سبتمبر من نفس العام. ويقع في المنطقة الصناعية بالجزيرة الحمراء، حيث تهدف الحكومة المحلية من خلاله إلى امتلاك وتطوير التقنية العالية، وتكييفها مع متطلبات الصناعات المحلية، خاصة في مجال البيئة والطاقة، وفي مجال الاتصالات والأنظمة الهندسية.
تحقق هذه الشراكة للإمارة، مصالح متعددة حيث تساهم في إيجاد البيئة الملائمة للاستثمار وإلى اجتذاب الشركات السويسرية عالية التقنية إلى تلك المنطقة، ويوظف هذا الفرع حاليا 30 باحثا من أعلى الكفاءات.
بدأ التفكير في المشروع في شهر مارس 2007.
سيتم الانتهاء من وضع التصوّر في يونيو 2007.
يبدأ بناء النموذج الأولي في بداية النصف الثاني من العام الجاري.
يبلغ قُـطر الجزيرة التجريبية الأولى 100 متر.
يبدأ إنتاج الطاقة مع نهاية 2008.
تبلغ تكلفة بناء المتر المربع 100 دولار أمريكي.
يبلغ حجم الطاقة المنتجة 2.2 جيغاوات في الساعة.
بلغت أرقام مبيعات المركز السويسري للإلكترونيات والتقنية الدقيقة سنة 2005، 50.896.644 فرنك سويسري، منها 45% من الأنشطة الصناعية و41% مساهمة فدرالية و9% من المشروعات الأوروبية.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.