جسر ثقافي نحو العالم العربي
تعد العاصمة المصرية نقطة انطلاق للمؤسسة الثقافية السويسرية بروهلفيتسيا لنشر نشاطها في باقي أرجاء العالم العربي.
ويشرف مكتب القاهرة على رعاية النشاط الثقافي السويسري في مصر والأراضي الفلسطينية، كما يعمل على تلبية طلبات السفارات السويسرية في باقي العواصم العربية.
إذا كان مكتب القاهرة للمؤسسة الثقافية السويسرية بروهلفيتسيا قد ساهم في تكثيف التبادل الثقافي بين مصر وسويسرا بشكل ملحوظ، فإن من بين نشاطاته الانفتاح على بقية العالم العربي انطلاقا من القاهرة.
ومن المناطق العربية التي يتولى مكتب القاهرة الإشراف عليها مباشرة، الأراضي الفلسطينية التي يخصص لها حوالي 20 % من ميزانيته منذ عام 1992.
مسرح أطفال لمن لم يعرفوا غير الحرب
ومن المشاريع التي كانت تحظى بالأولية حسب مديرة المكتب السيدة هبة شريف “مسرح الأطفال الذي كان يقوم بجولات وعروض في المخيمات، وهو ما يعتبر تجربة جديدة بالنسبة لأطفال لم يعرفوا غير الحرب”.
ميسون محفوظ، نائبة مديرة مكتب بروهلفتسيا في القاهرة التي أشرفت على برنامج فلسطين عن كثب، تتذكر “بداية النشاط في الأراضي الفلسطينية بعد عام 1994 عندما بدأت تظهر فرص التحرك داخل اراضي السلطة الفلسطينية”.
ونظرا لتعذر التنقل بين الضفة وقطاع غزة، أشارت السيدة ميسون إلى أن المؤسسة “كانت تقيم مشاريع مستقلة، واحدة في الضفة والأخرى في قطاع غزة”. ومن النشاطات التي قامت بها بروهلفيتسيا إضافة إلى العروض الفنية، ورشة للتصوير الصحفي التي أشرف عليها السويسري توماس كيرن بالإشتراك مع المصورة المصرية الفلسطينية رندة شعث.
كما نظمت المؤسسة السويسرية ورشة للإنتاج المستقل لأفلام الفيديو في كل من غزة ورام الله إضافة للقاهرة، بمشاركة المخرج السويسري من أصل عراقي سمير وبمساعدة السينمائي المصري المقيم في سويسرا وجيه جورج. وترى السيدة ميسون أن “من نتائج هذه الورشة ظهور فيلمين أو ثلاثة لمخرجين شاركوا في هذه الدورة”.
ومن المشاريع التي ترى السيد ميسون أنها “كانت مهمة جدا” معرض الصور التاريخية عن فلسطين في عام 1923 للمصورين السويسريين لينهارد ولا ندروك، والتي عرضت في سويسرا قبل أن تعرض في القدس الشرقية في دار الواسطي “بحضور مكثف للفلسطينيين والإسرائيليين وبإثارة نقاش حاد حول تسمية العرض “فلسطين عام 1923″، حسب تصريح السيدة ميسون التي أعربت عن الأسف لـ”عدم تمكن العرض من الخروج من القدس لحد الآن”.
وتنضم السيدة ميسون إلى مديرة المكتب لـوصف مشروع مسرح الأطفال بـ”أهم عمل جماهيري” قامت به بروهلفيتسيا في الأراضي الفلسطينية. فقد سهرت المؤسسة الثقافية السويسرية على إنتاج عملين مسرحيين لمخرج سويسري مع مجموعة من الممثلين الفلسطينيين. ورغم تدهور الأوضاع الأمنية بسبب الانتفاضة، واصل عدد من الفنانين السويسريين بمبادرات فردية تنظيم نشاطات في الأراضي الفلسطينية من أمثال الفنانة التشكيلية إيليان بيترسن التي لم تتوقف إلا بعد منعها من قبل السلطات الإسرائيلية.
وما تحتفظ به السيدة ميسون عن هذه التجربة التي توقفت نهائيا منذ أكثر من عامين بسبب تدهور الأوضاع الأمنية “الحفاوة التي كان يستقبل بها السويسريون سواء من قبل السلطات الفلسطينية او الجمهور الفلسطيني”.
وتعتز السيدة هبة شريف بتحول الفنانين السويسريين إلى داخل المخيمات ومشاركة الأطفال الفلسطينيين واقعهم المعاش في محيطهم الحقيقي، وعدم اكتفائهم بتقديم عروض في النادي الثقافي الفرنسي او غيره.
تواجد حسب الطلب
وتعتقد السيدة هبة الشريف أن نشاط بروهلفيتسيا في باقي مناطق العالم العربي مرهون “بمدى نشاط واهتمام السفارة السويسرية بالجوانب الثقافية في البلد الذي تتواجد فيه”.
فعلى سبيل المثال، تم الشروع منذ عامين في تعزيز التواجد الثقافي السويسري في الأردن من خلال المشاركة في مهرجان “فوانيس”. وبناء على طلب سفارة سويسرا في عمان، وفي إطار اهتمام الأردن بصناعة الفيلم، تفيد السيدة هبة أنه “تم تنظيم معرض لوسائل الاتصال وفن الفيديو مصحوب بورش لتعلم تقنية الفيديو”.
وبما أن لبنان معروف باهتمامه بالفيلم القصير، هناك اهتمام سويسري بنقل التجربة التي قامت بها بروهلفيتسيا في مصر خصوصا في مجال تقنية الفيديو.
وبحكم اهتمام تونس بالجانب الموسيقى، تم الاشتراك في تنظيم حفلين موسيقيين بمشاركة فنانين سويسريين وتونسيين. وهناك طلب معلق بخصوص تعاون فني مع العراق وذلك في انتظار إشارة الضوء الأخضر من القائم بالأعمال السويسري في بغداد.
معارض عابرة للتاريخ وللحدود
ومن بين ما تميزت به بروهلفيتسيا في العالم العربي خلال السنوات الأخيرة، تنظيمها لمعارض متجولة في العالم العربي عن شخصيات سويسرية ساهمت بشكل أو بآخر في تاريخ المنطقة العربية.
وتذكر السيدة هبة شريف بمعرض الشيخ إبراهيم بوركهارت (مكتشف آثار النبطيين في البتراء بالأردن) الذي اقيم في القاهرة ثم انتقل فيما بعد إلى مناطق أخرى من العالم العربي. وأشارت مديرة مكتب بروهلفيتسيا إلى أن ذلك المعرض “كان ناجحا للغاية وسمح بإلقاء الضوء على أشياء لم يكن العرب أنفسهم يعرفونها”.
ومن محاولات تسليط الضوء على إسهام شخصيات سويسرية في التراث الفني العربي، تلك المتعلقة بتجربة الموسيقار السويسري كلاوس هوبر الذي تعامل لفترة طويلة مع التراث الصوفي الإسلامي، والذي رأى بعد حرب الخليج الأولى ثم الثانية أن العالم يسير في اتجاه اعتبار العالم الإسلامي ذلك العدو الجديد المحتمل، وبالتالي وجب إظهار الإرث الثقافي الإسلامي سواء من خلال الموسيقى الصوفية أو من خلال مؤلفات فلسفية لعباقرة مثل إبن سينا وابن رشد.
وتوضح السيدة هبة الشريف أن نتيجة هذا البحث تمثلت في “إنتاج سمفونية موسيقية عظيمة تحت عنوان غريب نوعا ما هو “الأرض تدور حول قرني ثور”، وهي السمفونية التي جمعت المدح الصوفي والقرآن والإيقاعات الشرقية، وتم عرضها في القاهرة ثم في سويسرا.
أما آخر تجربة قامت بها بروهلفيتسيا في إطار أنشطتها الموجهة إلى العالم العربي، معرض “سويس ميد” الذي يقدم أعمال فنانين سويسريين لهم علاقة بالعالم العربي من أمثال ماكس فريش وفريدريخ دورنمات اللذين ترجمت العديد من أعمالهماإلى اللغة العربية.
محمد شريف – سويس إنفو – القاهرة
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.