جـُنيف بين نعـيم اليـوم وتحديـات الغـد
نجحت مدينة البُحيرة مؤخرا في انتزاع تنظيم دورة عام 2009 لأكبر معرض لتكنولوجيا الاتصالات في العالم، واحتضان المكتب الدولي لمتحف نيويورك الحضري للفن والمجلس الجديد لحقوق الإنسان...
إنجازات تظهر أن جنيف مازالت تنعم بجاذبيتها على المستوى الدولي. لكن لضمان تطورها، يجب أن تواصل أيضا تحولاتها على المستوى المحلي.
“جنيف، إحدى جمهوريات الموز”. هو نعتٌ شائن رددته ألسنة كثيرة خلال الأسابيع القليلة الماضية في أوساط العديد من المُنتَخـَبين المحليين في جنيف ووسائل الإعلام في المنطقة، إثر سلسلة الفضائح والجدالات التي تهز مدينة جنيف وهيئتها التنفيذية منذ أشهرة عديدة حول تدبير الأموال العمومية.
لكن يبدو أن هذه القضايا لم تؤثر إطلاقا على الصورة الدولية لجنيف وجاذبتيها المعهودة. فمدينة البحيرة حققت مؤخرا ثلاثة نجاحات كبيرة.
ضيوفٌ مهمون اقتصاديا وسياسيا
يوم الإثنين 3 أبريل الجاري، أعلن الاتحاد الدولي للاتصالات في جنيف عودة أكبر معرض لتكنولوجيا الاتصالات إلى جنيف في دورة 2009. وقد تدر هذه التظاهرة التجارية التي تروج لأبرز قطاعات الاقتصاد العالمي مئات ملايين الفرنكات على جنيف ومجموع المناطق المحيطة بها.
ويذكر أن معرض تكنولوجيا الاتصالات انعقد للمرة الأولى عام 1971 في جنيف التي ظلت تستضيفه دوريا إلى عام 2003. وكانت سويسرا قد أعربت عن استياءها العميق بعدما اختار المكتب الدولي للاتصالات تنظيم دورة 2006 في هونغ كونغ من 4 إلى 8 ديسمبر، نظرا لانخفاض تكاليف التنظيم في الصين بـنسب تتراوح بين 30 و50% مقارنة مع جنيف، حسب تقديرات الاتحاد. ومن ذلك الحين أصبحت عملية تنظيم المعرض الدولي تخضع للمناقصة في كل دورة.
وقبل أيام قليلة من الإعلان عن عودة المعرض إلى جنيف، أعلن مكتب الترويج الاقتصادي لجنيف عن احتضان المدينة للمكتب الدولي لمتحف نيويورك الحضري للفن، وهو الأول من نوعه للمؤسسة الأمريكية الشهيرة خارج الولايات المتحدة.
وفي تعليقه على الخبر، قال فيليب دو موتيبيللو، مدير المتحف “تم اختيار جنيف نظرا لمحيطها المتعدد الثقافات ولتواصلها السريع مع أوروبا والشرق الأوسط وآسيا ولقربها من المنظمات الدولية”.
وفي الأثناء، سيتعزز حضور الطيف الواسع من المنظمات الدولية في المدينة بإنشاء مجلس حقوق الإنسان الذي سيحل محل لجنة حقوق الإنسان، والذي يتوقع أن يباشر بالعمل في المدينة الواقعة على ضفاف بحيرة ليمان في التاسع عشر من شهر يونيو القادم.
مؤهلات تقتضي بذل جهود إضافية
وتُـظهر هذه النجاحات الثلاثة أن جنيف مازالت قادرة على منافسة كبريات مدن وعواصم العالم التي تخوض سباقات شرسة منذ حوالي عشرين عاما لاجتذاب أهم التظاهرات والشركات متعددة الجنسيات.
ولا شك أن إيواء جنيف للمقر الأوروبي للأمم المتحدة مازال يعد عاملا حاسما يساهم في حفاظها على صورتها المُميزة، فضلا عن أنها أشهر مدينة سويسرية في العالم.
ويحيط بالقصر الأممي في جنيف 23 منظمة دولية مثل منظمة التجارة العالمية، والمنظمة العالمية للملكية الفكرية أو منظم الصحة العالمية.
فجنيف هي إذن إحدى المدن التي تشهد عمليات التحضير والتفاوض المرتبطة بجملة من أبرز ملفات العولمة. وهو رهان هام بالنسبة لجزء من الشركات متعددة الجنسيات الـ117 المُستقرة على ضفاف بحيرة ليمان.
لكن للاحتفاظ بقدرتها على اجتذاب المؤسسات والشركات الدولية، يتعين على جنيف مضاعفة جهودها، حسب مؤسسة “مستقبل سويسرا”، التي تقدم نفسها كـ”مركز التفكير في مستقبل الكنفدرالية الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، بشكل محايد”.
وفي دراسة حديثة بعنوان “الحريق في البحيرة – نحو منطقة حضرية على ضفاف بحيرة ليمان”، تظهر المؤسسة بالفعل عظمة المهمة التي يقتضيها تطوير جنيف. فالعملية تخص حوضا يمتد على جزء هام من سويسرا الروماندية (المتحدثة بالفرنسية) ومن فرنسا المجاورة، حوض يأوي أكثر من 1,8 مليون نسمة.
تحديات استدراك النقائص
ولتحقيق هذا التطور، يتعين على حظيرة جنيف أن تعزز بشكل جدي نظامها التربوي والجامعي بهدف الاستجابة لمطالب الشركات العاملة في مجال التكنولوجيا المتطورة التي تختار الاستقرار فوق أراضيها.
وأعربت مؤسسة “مستقبل سويسرا” عن اعتقادها أن الاقتصاد المحلي لجنيف لم يكن في مستوى التطلعات، كما أسيء استغلال مؤهلاتها الاقتصادية، مشددة على أن الأرقام الأخيرة تظهر أن المنطقة الحضرية على ضفاف بحيرة ليمان تسجل تراجعا، حيث لا يتجاوز فيها الناتج القومي الخام للفرد 56700 فرنكا، مقابل 80000 في منطقة بازل الحضرية.
وهذه تحديات يدركها جيدا مكتب الترويج الاقتصادي لكانتون جنيف إذ صرح أحد مسؤوليه بيير جاكيي: “نحن نعمل في ثلاث اتجاهات: اجتذاب واستقبال الشركات الدولية، وإنشاء شركات “ستارت آب” (وهي الشركات الصغيرة الجديدة العاملة في مجالات مُبتكرة ومتطورع، التحرير)، وتطوير الشركات الموجودة”.
وأكد المسؤول أيضا أنه طال الزمن أو قصر، ستقيم جنيف شراكة مع أجهزة اقتصادية مُشابهة في كانتونات أخرى بسويسرا الروماندية.
سويس انفو – فريديريك بورنون – جنيف
(ترجمته من الفرنسية وعالجته إصلاح بخات)
تأوي جنيف 117 شركة متعددة الجنسيات و120 معرضا فنيا، و289 مدرسة حرة وأكثر من 12000 سريرا في 125 فندقا.
تحتضن جنيف قرابة 200 بعثة دبلوماسية و200 منظمة غير حكومية و23 منظمة حكومية متعددة الأطراف.
تقول مؤسسة “مستقبل سويسرا” إن منطقة جنيف تقع في قلب حاضرة تأوي قرابة 2 مليون ساكنا تضم كانتون فو والمناطق الفرنسية المجاورة.
يبلغ الناتج القومي الخام للفرد في جنيف 57000 فرنكا مقابل 80000 فرنكا في بازل.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.