مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“التمييز على أساس الميل الجنسي”.. مصدر خلاف جديد داخل الأمم المتحدة

يوم 14 فبراير 2012، تظاهر أعضاء جمعيات مدافعة عن حقوق المثليين أمام القصر الرئاسي في العاصمة سان خوزي للمطالبة بتقنين زواج المثليين في جمهورية كوستا ريكا AFP

أثار تطرق لجنة تابعة لمجلس حقوق الإنسان مؤخرا لأول مرة إلى موضوع التمييز على أساس الميل الجنسي، جدلا جديدا داخل المجلس بين الذين وصفوا الخطوة بأنها "تاريخية" وبين من رأوا فيها "مساسا بالحق في التنوع الثقافي والديني".

وبالفعل، فهذه هي المرة الأولى التي يتطرق فيها محفل أممي إلى إشكالية التمييز على أساس الميل الجنسي (أو ما يُعرف بمسألة الهوية الجنسانية) من خلال النقاش الذي نظمته لجنة تابعة لمجلس حقوق الإنسان يوم 7 مارس 2012 في جنيف في إطار أشغال الدورة العادية التاسعة عشرة للمجلس.

ومثلما كان مُتوقعا، أثار النقاش الذي دار تحت عنوان “التمييز والعنف القائم على أساس الميل الجنسي” جدلا حادا بين ممثلي الدول الأعضاء في المجلس وفقا لانتماءات جغرافية وثقافية ودينية.

مناقشة رغم الجدل

وفي هذا السياق، عرضت السيدة نافي بيلاي، المفوّضة السامية لحقوق الإنسان نتائج تحقيق قامت به المفوضية حول “القوانين والممارسات التمييزية وأعمال العنف التي يتعرض لها أشخاص على أساس ميولهم الجنسية أو جنسهم”، تم خلالها استعراض حالات العنف الممارسة ضد هذه الفئة من المجتمع والقوانين المُجرّمة التي لا زالت سارية المفعول في بعض البلدان.

وفي تدخلها، عبرت المفوضة السامية لحقوق الإنسان عن “الأسف لكون 76 بلدا لازال يحتفظ بقوانين تُجرّم ممارسة الجنس بين أشخاص من نفس الجنس”. وعلى الرغم من اعتراف السيدة بيلاي بأن “الموضوع  حسّاس ويثير الجدل”، إلا أنها ترى أن “لا أحد يقبل ممارسة العنف، ولكن العديد من الدول تغضّ بصرها عن الممارسات الموجهة ضد هذه الفئة”. وفي الختام، دعت مجلس حقوق الإنسان إلى الإهتمام بهذا الموضوع.

في المقابل، لم يتردد الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة بان كي مون في وصف تناول المجلس لمناقشة الموضوع بـ “التاريخي”، مُضيفا بأن “من واجب منظمة الأمم المتحدة أن تحمي كل الأشخاص”، بل إن “الأمر يتعلق في بعض الأحيان بقضية حياة أو موت”، على حد قوله. كما أبلغ الامين العام للأمم المتحدة والمفوضة السامية لحقوق الإنسان الجلسة بأن “المثليين من الجنسين يجب أن يتمتعوا بحماية من كل الحكومات”.

كلينتون: “حقوق الفئات ذات الميول الجنسية من حقوق الإنسان”

المجموعة التي تشكلت لدعم هذا النقاش والتي تتزعمها الولايات المتحدة رأت في خطاب وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون الذي ألقته يوم 6 ديسمبر 2011 في جنيف إشارة الى طرح الموضوع للنقاش بكل جدية.

وكانت الوزيرة الأمريكية قد أعلنت في خطابها أن “حقوق الإنسان حقوق عالمية تتعدى الأبعاد الثقافية والدينية، لذلك تعتبر حقوق الفئات ذات الميول الجنسية من حقوق الإنسان وأن حقوق الإنسان هي حقوق الفئات ذات الميول الجنسية”. ومن جهتها، ذكّرت بريطانيا أنها بادرت قبل 45 عاما من الآن برفع الطابع الإجرامي عن الممارسات الجنسية بين الأشخاص من ذوي الشذوذ الجنسي.

وفي تدخلها باسم منظمات المجتمع المدني المناصرة لطرح النقاش، صرّحت ممثلة “الرابطة الدولية لذوي الشذوذ الجنسي” أنها “تأسف لكون المجلس تجاهل لعدة سنوات معالجة الإنتهاكات التي يتعرض لها ذوُو الميول الجنسية”.

من جانبها، أفادت لاورانس هليفر، المتخصصة في مجال القانون الدولي المقارن، في تدخل قدمته في هذا النقاش بصفتها خبيرة أن “القانون الدولي ليس به أية بنود تسمح للدول بممارسة العنف سواء عبر مؤسسات الدولة أو غيرها على الأشخاص المنتمين إلى فئات الميول الجنسية، كما أن لا القيم ولا الأعراف التقليدية ولا قيم الثقافة السائدة في المجتمع تسمح بتبرير التمييز أو العداء أو العنف ضد أي فئة من فئات المجتمع”.

في سياق متصل، أشارت سويسرا، على غرار دول الإتحاد الأوروبي وبعض دول أمريكا اللاتينية وأستراليا، إلى أن “التمييز ضد فئات الميول الجنسي موجود حتى في الدول الأوروبية”، وطالبت على لسان مندوبها بـ “ضرورة معالجة الموضوع من خلال الحوار”، كما أعربت عن “الأسف لأن بعض الوفود رفضت حضور النقاش”.

رفض النقاش باسم الدين او الثقافة

في الواقع، أثار طرح هذا الملف للنقاش في صلب مجلس حقوق الإنسان خلافا جديدا في محفل لا تنقصه المسائل المثيرة للجدل والسجالات الساخنة أصلا. ومع أنه طُرح للنقاش من طرف جمهورية جنوب افريقيا، إلا أنه أدى إلى الكشف عن هُـوّة سحيقة بين غالبية ترى أن “الأقليات ذات الميول الجنسية يجب أن تحظى بحماية القوانين كباقي الفئات الأخرى”، وبين فئة هامّة من أعضاء المجلس والدول المراقبة التي تشدّد على أن “العراقيل الثقافية والدينية لا تسمح بإضافة معايير قانونية لا صلة لها بالمعايير الدولية” المعتمدة.

في هذا السياق، كانت منظمة التعاون الإسلامي التي تضم 57 عضوا في مقدمة المجموعات التي عارضت فتح هذا النقاش في مجلس حقوق الإنسان حيث اعتبرت أنه “لا يوجد اتفاق دولي على تعريف مفهوم الميول الجنسية، كما أنه لا توجد أرضية لذلك في القانون الدولي”. وفي مداخلة قدمتها باسم الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، أشارت باكستان إلى أنها “تُعارض فتح نقاش غير محدد المعالم وغير متكافئ”. وفي معرض الإنتقاد لعدم توفر أرضية قانونية للمسألة، أدان مندوب باكستان “المحاولات المستمرة لبعض الدول لإدخال مفهوم فئة الميول الجنسية في نظام حقوق الإنسان”.

ووصفت باكستان سلوك المثليين بأنه “فاسق”، فيما قالت السنغال زعيم المجموعة الافريقية: “إن هذا السلوك لا تغطيه اتفاقات حقوق الإنسان العالمية”. وأكدت نيجيريا – حيث تقول جماعات الحقوق المدافعة عن المثليين إنه وقعت العديد من الهجمات على مثليين من الرجال والنساء – أنه لا يوجد أحد من مواطنيها عرضة لخطر العنف بسبب الإتجاهات الجنسية قبل أن يغادر وفدها القاعة ايضا.

موريتانيا، التي تحدثت نيابة عن المجموعة العربية في مجلس حقوق الإنسان، قالت إن محاولات فرض “موضوع مثير للجدل عن الإتجاهات الجنسية” سيُقوّض المحادثات في المجلس عن جميع مشاكل حقوق الإنسان الحقيقية. كما ذهبت إلى حد “إدانة تنظيم هذا النقاش”، مشيرة إلى أن هذا الموضوع “يدخل في إطار الحياة الشخصية” للأفراد. 

من جهة أخرى، اعتبرت المجموعة العربية أن “تمرير قرار بفتح هذا النقاش هو مساس بالتنوع الثقافي والديني”، وهو موقف أيدته روسيا التي أكد مندوبها أنه “يجب احترام الثقافات المحلية وعدم خلق فئات قانونية جديدة لذوي الميول الجنسية”. وفي سياق نفس المداخلة، تساءلت المجموعة العربية “هل هناك مجال – بالنظر الى المشاكل الحالية – لمناقشة هذا الموضوع؟”، كما حثت المجموعة الدولية على أن تُـواجه “مفهوم الدفاع عن حقوق الفئات ذات الميول الجنسية، بمفهوم احترام نظام الزواج والأسرة”.

وفود الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي والدول العربية في مجلس حقوق الإنسان انسحبت من النقاش، لكنها تركت من يتابع الموضوع داخل اللجنة التابعة للمجلس. في المقابل، اغتنم جاوارا بيرو، رئيس منظمة “اللقاء الإفريقي من أجل الدفاع عن حقوق الإنسان” غير الحكومية، الفرصة للتذكير بأن بعض القوانين التي أصبحت اليوم بديهية مثل حقوق المرأة أو حقوق الشعوب الأصلية “كانت في بدايتها قبل 20 أو 30 سنة غريبة ولا تحظى بالإجماع. ولكن التمتع بالحقوق هو نتاج كفاح مستمر، وهذا ينطبق أيضا على حقوق هذه الفئة من ذوي الميول الجنسي”، على حد قوله.   

تمديد مهمة المحققين في سوريا إلى سبتمبر

أدان مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة يوم الجمعة 23 مارس 2012 ما وصفه “بالإنتهاكات الواسعة المتصاعدة بشدة” التي ترتكبها القوات السورية ومدد مهمة لجنة التحقيق التي توثق “الجرائم ضد الإنسانية” بما فها جرائم التعذيب والإعدام الى شهر سبتمبر المقبل.

المجلس الذي يضم 47 دولة صادق على قرار طرحته الدنمرك باسم الإتحاد الاوروبي يمدد التفويض الممنوح للجنة التحقيق حتى الدورة التي تعقد في سبتمبر. ووافقت على القرار 41 دولة واعترضت عليه ثلاث دول هي: روسيا والصين وكوبا وامتنعت اثنتان عن التصويت ولم تشارك دولة واحدة هي الفلبين.

المجلس يفتح تحقيقا بشأن المستوطنات الإسرائيلية

يوم الخميس 22 مارس 2012، فتحت الامم المتحدة تحقيقا دوليا بشأن المستوطنات الاسرائيلية في الأراضي الفلسطينية وكانت الولايات المتحدة وحدها التي صوتت ضد المبادرة التي طرحتها السلطة الفلسطينية.

وأدان مجلس حقوق الإنسان التابع للامم المتحدة اعتزام إسرائيل بناء وحدات سكنية جديدة للمستوطنين في الضفة الغربية والقدس الشرقية قائلا إن ذلك “يقوض عملية السلام ويشكل تهديدا لحل الدولتين واقامة دولة فلسطينية مستقلة ومتصلة الأجزاء”.

ودعا قرار المجلس اسرائيل الى اتخاذ اجراءات جدية للتصدي لعنف المستوطنين “بما في ذلك مصادرة الاسلحة وتطبيق عقوبات جنائية” وحماية المدنيين الفلسطينيين والممتلكات في الاراضي المحتلة. وسيجري اختيار ثلاثة محققين لتولي التحقيق في وقت لاحق.

وتبنى المجلس الذي يضم 47 عضوا قرار فتح التحقيق بأغلبية 36 صوتا بينها روسيا والصين مقابل رفض الولايات المتحدة وحدها في حين امتنعت عشر دول عن التصويت بينها إيطاليا وإسبانيا عضوا الاتحاد الاوروبي.

(المصدر: وكالات)

عند الحديث عن ذوي الميول الجنسي والهوية الجنسانية يتعلق الأمر بالمثليين والمثليات جنسيا، وبمزدوجي الميل الجنسي، وبمُغايري الهوية الجنسانية.

وعند الحديث عن التمييز الذي يتعرض له المنتمون إلى هذه الفئة من المجتمع يتعلق الأمر بحق التمتع بالحماية التي تفرضها قوانين حقوق الإنسان مثل الحق في الحياة، والأمن الشخصي والخصوصية، والحق في عدم التعريض للتعذيب، والإعتقال والإحتجاز التعسفيين، والحق في عدم التعرض للتمييز، والحق في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي.

تنص المواثيق الدولية، رغم حثها على أهمية اعتبار الخاصيات الوطنية والإقليمية ومختلف الخلفيات التاريخية والثقافية والدينية، على واجب تعزيز وحماية جميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية بصرف النظر عن نظمها السياسية والإقتصادية والثقافية.

يعتمد المناصرون لحقوق ذوي الميول الجنسية على ما جاء في المادة الأولى من العهد الدولي لحقوق الإنسان الذي ينص على أنه “يُولد جميع الناس أحرارا متساوين في الكرامة والحقوق” من أجل المطالبة بعدم التمييز ضد هذه الفئة من المواطنين.

قد يصل التمييز في بعض الأحيان في حق هذه الفئة من الأشخاص الى حد القتل مثلما ذكّـرت بذلك ممثلة منظمة غير حكومية ألمانية أمام مجلس حقوق الإنسان عندما أشارت الى “إبادة حوالي 50 الف مثلي ومثلية في معسكرات النازية بدون أن يتم الإعتراف بذلك لحد  اليوم”.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية