مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الهلال الأحمر الفلسطيني… تحديات تفاقم الأوضاع الإنسانية في الضفة وفي القطاع

الهلال الاحمر الفلسطيني
إيقاف عامل بالهلال الأحمر الفلسطيني خلال عمله الميداني Afp Or Licensors

في جنيف، تحدّث مروان الجيلاني، نائب رئيس جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، إلى سويس إنفو حول الأوضاع الإنسانية والأمنية في الضفة الغربية، التي تفاقمت منذ بداية الحرب في قطاع غزة. 

فمنذ الهجمات الإرهابية التي شنتها حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، والغزو الإسرائيلي اللاحق لقطاع غزة، تدهور الوضع أيضا في الضفة الغربية المحتلة. 

فقد وثّقت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني منذ ذلك الحين أكثر من 750 اعتداء نفذها سكّان المستوطنات وجنود الجيش الإسرائيلي في حق مهام الإنقاذ، وطالت أيضا المرضى والجرحى داخل سيارات الإسعاف، رغم أن القانون الدولي الإنساني ينص صراحة على ضرورة حماية المرافق الطبية وضمان سلامتها. 

مسؤول فلسطيني
مروان الجيلاني، نائب رئيس جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني Keystone-SDA

ويقول مروان جيلاني، نائب رئيس جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، في مقابلة أجرتها معه سويس إنفو (SWI Swissinfo.ch): “منذ أكتوبر 2023، شهدنا زيادة كبيرة في أعمال العنف التي تستهدف الفلسطينيين.ات ومنازلهم.ن وسبل عيشهم.ن، وخاصة أراضيهم.ن ومحاصيلهم.ن”. ويصف الجيلاني الوضع في الضفة الغربية بأنه “حرج للغاية” على الصعيد الإنساني، “وأيضا على الصعيد الأمني للسكان الفلسطينيين والفلسطينيات”. 

ويقول الجيلاني إن الهلال الأحمر يُمنع من أداء عمله، وإن قوات الجيش الإسرائيلي تجبر طواقم الهلال الأحمر الفلسطيني في كثير من الأحيان على فتح سيارات الإسعاف، وتستجوب المرضى أو الجرحى داخلها في بعض الأحيان. ويحدث أيضا أن تعتقل قوات الاحتلال المرضى أو فرق الهلال الأحمر الفلسطيني، وتؤخر عمليات النقل لساعات طويلة. وقد اضطرت العديد من النساء الحوامل إلى الولادة داخل سيارات الإسعاف، بسبب التوقيف عند نقاط التفتيش. 

وأعربت العديد من المنظمات، بما في ذلك منظمة الصحة العالميةرابط خارجي، ومنظمة أطباء بلا حدودرابط خارجي، ومنظمة العفو الدوليةرابط خارجي، عن قلقها إزاء التهديدات التي تفرضها العمليات العسكرية الإسرائيلية على جهود تقديم الرعاية الطبية في الضفة الغربية. 

تنسيق البعثات مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر 

وتستخدم جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني قنوات مختلفة في الضفة الغربية وقطاع غزة، لتنسيق عملياتها. وتقع غرفة الاتصال المركزية لخدمات الإسعاف والطوارئ في مقر الجمعيّة الرئيسي في رام الله. “نرد على كافة المكالمات ثم نرسل خدمتنا الطبية.” وفي بعض الأحيان، يتلقى الهلال الأحمر الفلسطيني في الضفة الغربية أكثر من 20 ألف مكالمة أسبوعياً، كما حدث في سبتمبر 2024، عندما نفذ جيش الاحتلال الإسرائيلي عملية عسكرية في جنين. 

وعندما تتلقى الجمعية مكالمات هاتفية، تنسّق أولا مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، التي تبلغ بعد ذلك الجيش الإسرائيلي بأن سيارة إسعاف يجب أن تنقل الجرحى أو المرضى من مكان محدد. ولا تنشر الجمعية سيارات الإسعاف إلا بعد أن يعطي الجيش الإسرائيلي الضوء الأخضر. وبالنسبة إلى عمليات الإجلاء أو توصيل المساعدات، تنسّق الجمعية مع منظمات الأمم المتحدة مثل منظمة الصحة العالمية، ومكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية. 

وتحمل جميع سيارات الإسعاف التابعة لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني الشعار الرسمي للجمعية، ورقم تعريف مميز لكل مركبة. وبحسب نائب رئيس الجمعية، يُرسَل هذا الرقم دائمًا، إلى جانب رقم لوحة المركبة،  إلى السلطات الإسرائيلية، وأحيانا تُرسَل أيضا أسماء أفراد فريق الإسعاف. 

وبحسب جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، توفي ما لا يقل عن 14 شخصا خلال العمليات الطبية في الضفة الغربية خلال الفترة من أكتوبر 2023 إلى أكتوبر 2024، وذلك بسبب تأخر وصول الرعاية نتيجة للعراقيل التي يضعها الجيش الإسرائيلي.  

ومن جانبها، نفت قوات الجيش الإسرائيلي هذه الادعاءات في تصريح لوكالة فرانس برسرابط خارجي، ووصفتها بأنها “كاذبة”، زاعمة أن سيارات الإسعاف تلك كانت تأوي “إرهابيين.ات”.   

وقد تطرَّق جيلاني إلى “ادعاءات الجيش الإسرائيلي” بأن جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني تنقل أشخاصاً مسلحين. وهي ادعاءات جرت مناقشة آليات التعامل معها في المؤتمر الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر في جنيف، في نهاية شهر أكتوبر. ويعقد هذا المؤتمر كل أربع سنوات بهدف تعزيز العمل الإنساني، ويضم الدول الأطراف في اتفاقيات جنيف، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، والجمعيات الوطنية للصليب الأحمر والهلال الأحمر البالغ عددها 191 جمعية. ومن بين القرارات التي اعتمدها المؤتمر هذا العام، إرساء ثقافة عالمية من الامتثال للقانون الدولي الإنساني. 

وقد جدّد هذا القرار التزام الدول باحترام القانون الدولي الإنساني من أجل الحد من المعاناة الإنسانية. 

الاعتداءات على سيارات الإسعاف والعيادات 

يقول الجيلاني: “لقد قُتل أول عضوين من فريقنا في بداية هذه الحرب، أثناء محاولتهما إنقاذ مدنيين.ات جرحى في شمال قطاع غزة”. وكانت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني قد نسقت إرسال سيارة الإسعاف مع الجيش الإسرائيلي عبر اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وحصلت على الإذن لإجراء العملية. ولكن عندما وصل المسعفان إلى مكان الحادث، تم إطلاق النار عليهما بالذخيرة الحية مما أدى إلى مقتلهما. 

أطباء
أطباء الهلال الأحمر الفلسطيني ينعون وفاة زميلهم محمود المحداد، الذي أفادت التقارير بمقتله في غارة جوية إسرائيلية في جباليا، شمال قطاع غزة، أثناء تلقيه العلاج في المستشفى الأهلي العربي، المعروف أيضًا باسم المستشفى المعمداني، في مدينة غزة. 4 يناير 2025، في خضم الحرب الدائرة بين إسرائيل وحماس. Afp Or Licensors

ورغم العلامات الواضحة التي تحملها سيارات الإسعاف التابعة لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، فإنها كثيرا ما تتعرض لهجمات من الجنود الإسرائيليين.ات في غزة. وبحسب منظمة الإغاثة، قُتل 19 من طواقهما الرسمية والمتطوعة برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة حتى سبتمبر 2024. 

وأفادت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني أن قوات الاحتلال قتلت حتى الآن اثنين من مسعفي الهلال الأحمر في الضفة الغربية. ويُجري جيش الاحتلال الإسرائيلي تحقيقا في الحادث الأولرابط خارجي، الذي وقع في أبريل 2024 في قرية جنوب نابلس. ولم يتضح بعد ما إذا كان المسعف قد قُتل برصاص الجيش أم برصاص سكان المستوطنات. وفي الحادث الثاني الذي وقع في أواخر يوليو، أصيب مسعف كان ينقل مدنيين.ات جرحى أثناء غارة جوية إسرائيلية على مخيم بلاطة للاجئين في نابلس، بحسب مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر. وقد أكد الجيش الإسرائيلي أنه شنّ هذه الغارة بطائرة مسيرة. وفي أوائل أغسطس، توفي المسعف متأثرا بجراحه. 

ويقول الجيلاني: “تتعرض عياداتنا للهجوم، بما في ذلك مراكز الطوارئ الطبية التي ننشر فيها سيارات الإسعاف، مثل تلك الموجودة في جنين ونابلس”. وتؤكد منظمة الصحة العالمية ومنظمة أطباء بلا حدودرابط خارجي أيضا مثل هذه العمليات العسكرية الإسرائيلية، وتنتقدها. وفي جنيف، اشتكت المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية لوسائل الإعلام في منتصف نوفمبر 2024، من تعرض المرافق الصحية للهجوم بشكل متزايد خلال النزاعات. وقد انتقدت المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسانرابط خارجي في مايو 2024 الجيش الإسرائيلي، لأنه يتصرف في الضفة الغربية كما لو كانت هناك حرب، مستخدما طائرات مقاتلة وأسلحة ثقيلة لا تستخدم عادة لإنفاذ القانون. 

المساعدات الإنسانية المقدمة من الهلال الأحمر الفلسطيني 

يقدم الهلال الأحمر الفلسطيني المساعدات الإنسانية. وتقول المنظمة إنها دعمت في الفترة من أكتوبر 2023 حتى نهاية سبتمبر 2024، نحو 220 ألف شخص في الضفة الغربية بعد هجمات التهجير وموجاتها، على يد سكان المستوطنات الإسرائيلية أو قوات الجيش الإسرائيلي. وتتألف هذه المساعدات من إمدادات الإغاثة مثل الطعام، والخيام، والبطانيات، والفراش. وخلال الفترة نفسها، قدمت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني الدعم النفسي والاجتماعي لنحو10،500 شخص في الضفة الغربية. 

ويوضح الجيلاني قائلاً: “منذ بداية الحرب في غزة، قسّم الجيش الإسرائيلي الضفة الغربية إلى مناطق مختلفة، وفُصلت المدن بعضها عن بعض  بواسطة نقاط تفتيش، وبوابات، وحواجز”. 

ومن جانبه، أكد الجيش الإسرائيلي مرارا وتكرارا أنه يعمل في الضفة الغربية وفقاً للقانون الدولي، وملتزم بالحفاظ على الأمن في المنطقة. 

وبحسب وكالة فرانس برس، قتل جنود القوات الإسرائيلية وسكان المستوطنات ما لا يقل عن 780 فلسطينيا وفلسطينية في الضفة الغربية بين أكتوبر 2023 و1 ديسمبر 2024. وفي الفترة نفسها، أفادت وكالة فرانس برس بمقتل ما لا يقل عن 24 إسرائيليا وإسرائيلية في هجمات فلسطينية. 

وحسب تصريح جيلاني لسويس إنفو، فإن الهلال الأحمر الفلسطيني يواصل عمله، “نحن نلتزم بحماية الفضاء الإنساني وشعارنا هو ضمان الامتثال للقانون الدولي الإنساني”. 

تحرير: إيموجين فولكس، وبنيامين فون فيل

ترجمة: ماجدة بوعزّة

مراجعة: ريم حسونة

التدقيق اللغوي: لمياء الواد

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية