جنيف تتولى تخزين أسلحة المُجندين مجانا
بإمكان المجندين السويسريين المقيمين في كانتون جنيف، إيداع أسلحتهم مجانا في مخزن الأسلحة التابع للدويلة بدل الاحتفاظ بها في منازلهم.
ولكن هذه المبادرة الرائدة التي تم الشروع في تطبيقها يوم الأربعاء 3 يناير الجاري، والتي يتابعها باقي الكانتونات باهتمام بالغ، لم تحظى بترحيب كبير من قبل السلطات الفدرالية.
في حديث لسويس إنفو، أوضح الكولونيل غي ريفر، مدير قسم الشئون العسكرية بدويلة جنيف ” لقد سلمت بندقيتي أمس نظرا لكوني لم أكن متأكدا أنها كانت في مأمن. وأعتقد بأنها خطوة جيدة أن تتاح لك فرصة … تخزين سلاحك مجانا”.
ويضيف العقيد ريفر “ولئن كانت هذه الخطوة قد تعمل على تجنب بعض المآسي، فإنها سوف لن تعمل على حل كل المشاكل”.
ويذكر أن قوانين امتلاك السلاح في سويسرا تثير نقاشا حادا منذ مدة، خاصة أن أسلحة المجندين تتسبب سنويا في مقتل أكثر من 300 شخص في سويسرا.
وينص القانون السويسري على أن يحتفط كافة الذكور البالغين، والذين تتراوح أعمارهم ما بين 20 و30 عاما، والخاضعون للتجنيد لمدة ثلاثة أشهر تقريبا، بسلاحهم في منزلهم. وبعد فترة التدرب الأولية، يطالبون بمتابعة تدريب عسكري سنوي لمدة ثلاثة أو أربعة أسابيع حتى إكمال مدة 260 يوما من الخدمة أو بلوغ سن 34 عاما. وطوال هذه الفترة يحتفظون ببنادقهم في منازلهم.
وفي رد فعل على حوادث القتل التي استخدمت فيها أسلحة عسكرية، قامت حكومة دويلة جنيف في الخامس سبتمبر 2007 بالتصويت لصالح إقامة مخزن أسلحة تخزن فيه الأسلحة مجانا؛ وهي الخطوة الأولى من نوعها التي يقوم بها كانتون سويسري.
وينص القانون السويسري الساري المفعول على أن الأشخاص الذين يعتبرون أنهم يشكلون خطرا إما على أنفسهم أو على الآخرين هم وحدهم الذين بإمكانهم تسليم أسلحتهم لمخازن الأسلحة العسكرية. ولكن عليهم تقديم وثائق تثبت ذلك كتابيا، كما أن عليهم دفع رسوم تقدر بـ 60 فرنكا سويسريا – أما باقي المجندين فعليهم الاحتفاظ بأسلحتهم في منازلهم.
لا معارضة في الوقت الحالي
وتعلل دويلة جنيف هذه الخطوة بتماشيها مع القوانين السويسرية التي تنص على “ضرورة الاحتفاظ بالأسلحة في مكان آمن”.
لكن ممثل كانتون جنيف في مجلس الشيوخ، روبير كرامر، صرح في شهر ديسمبر الماضي: “ولئن كان القانون يتحدث عن الاحتفاظ بالأسلحة في المنازل، فإننا نعرف جيدا أن البيوت ليست آمنة دوما. وحتى لو وُضعت هذه الأسلحة في أماكن مغلقة، فبالإمكان سرقتها واستخدامها من قبل أشخاص غير مستقرين ذهنيا”.
وأضاف النائب كرامر “لا ترغب جنيف بخطوتها هذه في تغيير القانون، بل عملنا فقط على تطبيقه بالسماح للمجندين بتخزين أسلحتهم مجانا في مكان آمن”.
وزارة الدفاع السويسرية لم تبد اندفاعا كبيرا لدعم المبادرة، لكن الأهم هو عدم معارضتها لها ومواصلة مناقشة الموضوع مع سلطات كانتون جنيف.
وقد صرح الناطق باسم وزارة الدفاع، مارتين هوبر، في حديث لسويس إنفو “إننا نعتقد بان المبادرة لا تتماشى مع القوانين السارية المفعول، لكننا ندرس في الوقت الحالي مُبررات دويلة جنيف كجزء من حملتنا الواسعة الرامية إلى تحليل ما يقال عن قضية الاحتفاظ بالأسلحة العسكرية في المنازل”.
من السابق لأوانه الحكم على المبادرة
ويرى العقيد ريفر أنه من السابق لأوانه استخلاص ما إذا كانت المبادرة قد حققت نجاحا عن أم لا قائلا “من الصعب التكهن بعدد البنادق التي سنستقبلها، 100 أو 500 أو 1000… كما يستعسر توقع نظرة الجمهور لهذه العملية لأننا الدويلة الأولى في سويسرا التي تقوم بهذه الخطوة السباقة”.
ولم يتم تسجيل سوى بضع عشرات من الأسلحة التي تم إيداعها علما أننا ما زلنا في فترة إجازة أعياد الميلاد ورأس السنة في جنيف.
وقد تم ترميم مخزن الأسلحة بحوالي 60 ألف فرنك لاستقبال حوالي 1300 بندقية، مع إمكانية توسيع قدرة استيعابه لأكثر من ذلك إذا اقتضت الضرورة. ويوجد حاليا في دويلة جنيف أكثر من 7500 مجند في طور الخدمة.
وتعتبر عملية إيداع الأسلحة في المخازن سهلة للغاية إذ بإمكان أي شخص يرغب ذلك توقيع وثيقة تؤكد أنه لا يتوفر على مكان آمن للاحتفاظ بسلاحه في بيته. ولكن الشخص يبقى مسؤولا قانونيا عن السلاح وعن عمليات صيانته. كما بإمكانه استلامه وإعادته متى أراد إما للقيام بتمارين الرماية أو لأداء فترة التدريب العسكري.
وتتابع العديد من الدويلات السويسرية الأخرى باهتمام بالغ كيفية تطور تجربة جنيف. ويقول الكولونيل ريفر “إننا بمثابة مختبر تجارب، ولكن بعد المأساة التي عرفتها زيورخ، من المحتمل أن تختار دويلات أخرى إتباع تجربتنا”.
ويذكر أن كانتون زيورخ شهد في نوفمبر 2007 الماضي حادثة جديدة مرتبطة بسلاح الخدمة العسكرية إذ قتل مجندٌ شاب كان قد أنهى فترته التدريبية على التو، شابة تبلغ السادسة عشرة من عمرها في عملية إطلاق نار بشكل عشوائي.
سويس إنفو – سيمون برادلي – جنيف
(ترجمه من الإنجليزية وعالجه محمد شريف)
ألغى البرلمان السويسري في شهر سبتمبر 2007 تقليدا قديما كان يسمح للمجندين بالاحتفاظ بالذخيرة في منازلهم. وأصبح إلزاميا اليوم إرجاع الذخيرة الى مراكز الجيش.
وفي شهر سبتمبر، أيضا أطلق الحزب الإشتراكي وبعض المنظمات السلمية مبادرة شعبية لمنع الاحتفاظ بحوالي 1،5 مليون قطعة سلاح في بيوت المجندين.
واشتملت المبادرة أيضا على نداء من أجل إبقاء أسلحة الجيش في الثكنات ومسجلة في سجل الأسلحة الوطني.
وكانت سويسرا قد عاشت قبل خمس سنوات مأساة ظلت راسحة في الذاكرة الجماعية، لما هاجم مسلح برلمان دويلة تسوغ وقتل 14 شخصا بسلاحه قبل أن ينتحر.
وتعاظم النقاش حول استخدام الأسلحة النارية عندما قام زوج في شهر أبريل من عام 2006 بقتل زوجته البطلة السابقة في التزلج على الثلج، كورين ري بيللي وشقيقها بمسدس الخدمة العسكرية.
يقدر عدد قطع الأسلحة النارية المتداولة في سويسرا بحوالي 1،2 مليون قطعة.
تشير التقديرات إلى أن الأسلحة العسكرية تتسبب في مقتل حوالي 300 شخص سنويا في سويسرا.
حسب منظمة إيبسيلون للوقاية من الانتحار، 34% من عمليات الانتحار التي يقوم بها الذكور تتم بواسطة أسلحة نارية مقارنة مع 3،7 % بالنسبة للنساء.
وكانت دراسة قد أظهرت في شهر ابريل الماضي أن 65،6% من المواطنين قد يصوتون لصالح منع الاحتفاظ بالأسلحة في البيوت، وأن 69% يناصرون إقامة سجل وطني لتسجيل الأسلحة، وأن 37% يرون أن منع الاحتفاظ بالأسلحة في المنازل قد يجنب مآسي عائلية.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.