جهود التسلح المغاربية.. وانهيار الثقة بين الجيران
أبرمت البلدان المغاربية في هذه السنة التي تستعد للرحيل، صفقات عسكرية تجاوزت في أحجامها ونوعياتها ما عقدته في الماضي.
ورغم أن شلل الإتحاد المغاربي وعودة أجواء التوتر إلى المنطقة يرجعان إلى أكثر من عشر سنوات، فإن عنوان سنة 2007 كان التوجس من الجار واللجوء للتسلح، خوفا من اندلاع نزاعات عنيفة وتكريسا لنوع من توازن الرعب.
نتيجة لسباق التسلح المحموم، أهدرت إمكانات مادية وبشرية كبيرة كان يمكن استثمارها في المجهود التنموي، وخاصة في إقامة مشاريع اقليمية تُكرس التكامل بين بلدان المنطقة، لو لم تكن الثقة مُنهارة بينها.
كما أبصر عام 2007 عودة روسية قوية إلى أسواق السلاح المغاربية. فالطفرة النفطية التي استفادت منها كل من الجزائر وليبيا، حفزتاهما على تجديد ترسانتيهما والمحافظة على مسافة مهمة من التفوق العسكري على الجيران.
وشكَّـل هذا الهاجس أحد الأهداف الرئيسية للزيارة التي أدّاها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الجزائر في مارس من العام الماضي، ورد عليها نظيره الجزائري عبد العزيز بوتفليقة بزيارة إلى موسكو في وقت سابق من العام الجاري.
وخلال هاتين الزيارتين، استكملت الحكومتان المفاوضات على صفقة ضخمة، شملت شراء 300 دبابة من طراز “90 أم بي تي أس”، التي تتفوق على دبابة “ميركافا” الإسرائيلية، و84 طائرة مُطاردة من طرازي “سوخوي” و”ميغ”. ويُفترض أن الجزائر تسلمت خلال العام الجاري 180 دبابة من الدبابات التي تُصممها شركة “روزوبورن إكسبور” الحكومية 2007. وكانت صحيفة “لوجون أنديباندان” الجزائرية كشفت النقاب عن قيمة الصفقة التي بلغت مليار دولار، والتي قالت إنها تشمل 300 دبابة من ذلك الطراز ستتسلمها الجزائر قبل سنة 2011.
وجرب الجيش الجزائري هذه الدبابة قبل التوقيع على الصفقة، التي تشمل أيضا تدريب العسكريين الجزائريين على قيادتها.
وفي السياق نفسه، يُنتظر أن تزود روسيا الجزائر بـ28 مطاردة من نوع “سوخوي 30 أم ك” من تصميم شركة “إيركوت” و40 مطاردة من نوع ميغ 29 و16 مطادرة خاصة بالتدريب من نوع ياك 130. وشملت الصفقة الضخمة، التي بلغت قيمتها 5.7 مليار دولار، ثمانية صواريخ أرض جو من طراز “تونغوسكي” وتجديد 250 دبابة جزائرية من طراز “تي 27” وعدد غير معلوم من الصواريخ المضادة للدبابات من طراز “ميتيس وكورنت”، بالإضافة للقيام بأعمال صيانة للسفن الحربية الجزائرية، روسية الصنع.
ومعلوم أن زيارة بوتين كانت مناسبة لمقايضة الديون الجزائرية تجاه موسكو والمُقدَرة بـ4.7 مليار دولار بصفقة الدبابات والطائرات، إذ قبِـل الروس شطب الديون المتخلِّـدة بذمة الجزائر، مقابل إبرام صفقة الأسلحة، وهذا النوع من العلاقة انتفى مع ليبيا مثلا التي صارت مرتبطة أكثر بالدول الغربية، منذ رفع العقوبات الدولية عنها، ناهيك أنها صارت ترسل طياريها المدنيين لإجراء التدريبات في ولاية سياتل الأمريكية.
والمُلاحظ أن صحيفة “كومرسنت” الإقتصادية الروسية أكدت في عددها الصادر يوم 31 مارس الماضي تلك المعلومات تقريبا، في شأن الصفقة الروسية – الجزائرية، ومع تكريس تلك الصفقة، التي قُدرت مصادر أخرى قيمتها بـ7 مليار دولار، قفزت الجزائر إلى المرتبة الأولى بين زبائن الأسلحة الروسية على الصعيد العالمي، قبل الهند والصين.
مخاوف التسلح
ويجدر التذكير بأن تلك الخطوة، التي رأى فيها مُحللون عسكريون أكبر صفقة عسكرية تتوصَّـل إليها روسيا منذ انهيار الإتحاد السوفياتي السابق، أتت امتدادا لتسخين العلاقات العسكرية الثنائية الذي جسَّـدته زيارة رئيس الأركان النائب الأول لوزير الدفاع الروسي يوري بالويفسكي للجزائر في ديسمبر من العام الماضي، ردا على زيارة رئيس الأركان الجزائري العميد قايد صالح.
وطبعا، أثارت الصفقة مخاوف عدّة، ليس فقط في المغرب، وإنما حتى لدى إسبانيا بسبب تزايد النفوذ الروسي في شمال إفريقيا. لكن المغرب اعتاد على اقتناء الأسلحة لدى المزودين الغربيين، وفي مقدمتهم فرنسا والولايات المتحدة وإسبانيا.
وأظهر التقرير الأخير لوزارة الدفاع الفرنسية عن صفقات السلاح الذي تم تقديمه للبرلمان مطلع الشهر الجاري، أن المغرب تصدر زبائن فرنسا في القارة الإفريقية خلال السنوات العشر الأخيرة بصفقات بلغت قيمتها الإجمالية 690 مليون يورو، مقابل 245 مليون يورو فقط للجزائر في الفترة نفسها.
كذلك، احتل المغرب المرتبة الأولى بين زبائن فرنسا في العام الماضي بصفقات بلغت 363 يورو بالنسبة للأسلحة و16 مليون يورو بالنسبة للعتاد الحربي.
وتوقع محللون عسكريون أن يحافظ المغرب على حجم متقارب من العقود مع فرنسا، لدى الإعلان عن الصفقات المٌـبرمة في السنة الجارية.
والثابت، أن صفقة السلاح الروسي للجزائر شحذت السباق بين المغرب والجزائر المتصارعين على الصحراء، نحو تكديس أحدث الأسلحة وأفضل العتاد.
عقود تسليح ضخمة
لكن ليبيا عادت بقوة أيضا إلى أسواق السلاح بعد رفع العقوبات الدولية عنها في سنة 2004، و”اشتغل” الليبيون على محورين رئيسيين، هما فرنسا لتحديث الطائرات التي سبق أن اشتروها منها في السبعينات، ولكن أيضا لاقتناء سلاح وعتاد جديدين، وروسيا لشراء طائرات ودبابات جديدة.
واستمرت المفاوضات على هاتين الجبهتين نحو سنتين، لكي تُتوج في السنة الجارية بالتوقيع على عقود تسليح ضخمة.
وفي هذا الإطار، أبرمت باريس وطرابلس بمناسبة زيارة العقيد القذافي إلى فرنسا، عقودا دفاعية قُدرت بـ4.5 مليار دولار في إطار مذكرة حول التعاون في مجال التسلح، وقّعت في قصر الإليزيه مساء اليوم الأول من زيارة القذافي لباريس.
وتتضمن قائمة المشتريات 14 طائرة من نوع «رافال» و35 مروحية و6 طرادات سريعة وسفينتين عسكريتين وبطاريات صواريخ و150 آلية مصفحة، لكنها لا تزال بمثابة عقود قيد الانجاز.
لكن وكالة «فرانس بريس» نقلت عن مصدر صناعي فرنسي أن بدء مرحلة “تفاوض حصري” يختلف تماماً عن استدراج عروض مفتوح أمام الجميع. وقال المصدر “إنه (التفاوض الحصري) إشارة إيجابية جدا، إلا أنه لا يؤكد تلقائياً بلوغ مرحلة توقيع عقد في هذا الصدد”.
وفي السياق نفسه، توصلت فرنسا أيضا إلى عقود مدنية مؤكَّـدة مع ليبيا، تمثلت في 21 طائرة «إيرباص» من بينها 10 من طراز «أ 350» و4 من طراز «أ 330» و7 من طراز «أ 320»، تستخدمها الخطوط الجوية الليبية والإفريقية، وهي بقيمة مقدرة بحوالي 2.7 مليار دولار.
وكانت باريس تتفاوض مع ليبيا على صفقة لتحديث 30 طائرة حربية من طراز ميراج أف1 اشترتها منها قبل فرض حظر على تصدير الأسلحة إليها. وتعهدت شركتا “أستراك” و”داسو للطيران” بمتابعة المفاوضات الفنية لتحديد سعر كلفة التحديث، والتي تتراوح بين 10 و20 مليون يورو لكل طائرة، بحسب مستوى التجديد الذي سيطلبه الجانب الليبي.
وتتميز تلك الفئة من الطائرات الفرنسية بكونها مجهزة بصواريخ جو جو من طراز “ماجيك”، كذلك أبرمت مجموعة “إيدس” (EADS) للتصنيع الحربي صفقة مع ليبيا لتجهيزها بنظام رادار لمراقبة الحدود والمواقع النفطية، وأبدى الليبيون ميلا لنظام الدفاع الجوي المعروف بـ “أستر” (Aster).
ولم تقتصر خطة التحديث العسكرية الليبية على القوات الجوية، وإنما شملت الدفاعات البحرية أيضا، إذ وقع الليبيون بالأحرف الأولى في يوليو الماضي على صفقة مع شركتي “تيليس” (Thales) و”المنشآت الميكانيكية” في مقاطعة نورماندي (شمال فرنسا)، لبناء ست خافرات سواحل مجهزة بالصوايخ الفرنسية – الإيطالية “أوتومات”، بقيمة 400 مليون يورو، فيما توصلت مجموعة “إيدس” إلى اتفاق مع مؤسسة “ليبيا أفريكا بورتوفوليو” لإقامة مركز للتدريب والصيانة في مجال الطيران الحربي.
أكبر صفقة فرنسية
وتعتبر هذه الصفقة الأكبر التي حصدتها المجموعات الفرنسية منذ ثلاثين عاما، وهي تسعى للحصول على حصة رئيسية من المشاريع العسكرية الكبيرة التي تخطط لها ليبيا للمرحلة المقبلة، والتي تُقدر موازنتها الإجمالية بنحو 20 مليار دولار.
وأعطت الحكومة الفرنسية، التي تأمل الحصول على حصة لا تقل عن 20% من الصفقات العسكرية الليبية، موافقتها على بيع طائرات جديدة من طرازي “رافال” و”تيغر” لليبيا، لكنها اشترطت أن تمر الصفقات من خلال اللجان الوزارية المشتركة المكلفة “بدراسة تصدير العتاد الحربي”.
ويعتبر الفرنسيون أنهم تأخروا في قطف ثمار المتغيرات المتمثلة في رفع الحظر على تصدير السلاح إلى ليبيا منذ سنتين، ولذا، فهم يعملون الآن على “كسب الوقت الضائع”، وهذا ما يُفسر الدور الخاص الذي لعبته فرنسا في تسوية أزمة الممرضات البلغاريات، اللائي كن سجينات في ليبيا.
وكشف مارك بيريني، الممثل السابق للمفوضية الأوروبية في طرابلس، مؤخرا النقاب للنواب الفرنسيين أن المفاوضات على صفقات التسلح والطاقة النووية، مثّلت العامل النهائي الذي أدّى إلى الإفراج عن الممرضات الست والطبيب الفلسطيني الذي كان مسجونا معهن في ليبيا.
والسؤال الذي يفرض نفسه لدى استعراض هذه الصفقات الضخمة هو الآتي: ضد أي أخطار تتسلح ليبيا؟ والظاهر أن الجواب مزدوج، فهي تسعى أولا لفرض هيبتها على الجيران والدول الإفريقية عموما، خاصة وهي تظهر في مظهر الراعي للإتحاد الإفريقي، وثانيا، تُوجه رسائل إلى الدول الكبرى، مفادها أننا لسنا في حاجة لوجودكم العسكري لحمايتنا وفرض الإستقرار والأمن في المنطقة، وهذا الكلام مُوجه في الدرجة الأولى للولايات المتحدة التي شكلت قوة التدخل السريع في إفريقيا “أفريكوم” (مقرها الوقتي في شتوتغارت) وعارضها أفارقة كُثر بينهم ليبيا.
ومن باريس، انتقل القذافي إلى مدريد في زيارة رسمية، من بين أهدافها تذليل الصعوبات أمام صفقات أسلحة مع إسبانيا لا زالت مُعطلة منذ العام الماضي بسبب المعارضة الأمريكية لإبرامها، وفي مقدمتها صفقة بقيمة 24 مليون يورو لشراء مروحيات من طراز «شينوك»، وأخرى بقيمة 48 مليون يورو كانت توصلت لها الحكومة الليبية مع مجموعة «إندرا» الإسبانية لتحديث وسائل المراقبة في المطارات المدنية الليبية.
شراكة إستراتيجية أمريكية ليبية
وإلى جانب فرنسا وإسبانيا، فاتح الليبيون الولايات المتحدة في هذا الموضوع، طِـبقا لما أوردته صحيفة “الشرق الأوسط” في تقرير نشرته يوم 18 يوليو الماضي.
وكشفت مصادر ليبية وعربية مسؤولة أمس لـ «الشرق الأوسط» أن ليبيا تسعى إلى ما وصفته بشراكة إستراتيجية كاملة مع إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش، بما في ذلك توقيع عقود تسليح لتزويد الجيش الليبي بمعدّات وأجهزة عسكرية تقنية متطورة، مشيرة إلى أن ليبيا تريد الحصول على تعهد رسمي ضمن اتفاقية عسكرية مشتركة، تضمن فيها الولايات المتحدة أمن الأراضي الليبية وسلامتها في حال تعرضها لأي هجوم خارجي.
وسبق أن حصلت ليبيا على تعهّـدات وضمانات رسمية من الحكومة البريطانية في وقت سابق من العام الحالي، بمساعدتها عسكريا إذا ما تعرّضت إلى غزو أو خطر خارجي.
مناورات ليبية – جزائرية
وبقدر ما شكل مجهود التسلح مصدر توتير للعلاقات الجزائرية – المغربية، لم تظهر في سماء العلاقات بين ليبيا والجزائر، زبوني الأسلحة الرئيسيين في المنطقة، أي سحب، بل على العكس تعزز التقارب.
ولوحظ أن قوات ليبية وأخرى جزائرية قامت بمناورات مشتركة مطلع الشهر الجاري في جنوب مدينة زليطن الليبية على بعد أكثر من 100 كم من مدينة طرابلس، هي الأولى من نوعها بين الجيشين منذ سنوات طويلة.
وكانت المناورات بمثابة “التمرين التعبوي بالذخيرة الحية” على مساحة يصل عمقها الى خمسين كيلومترا، وضمّـت وحدات من الجيش الوطني الشعبي الجزائري وأخرى من الجيش الليبي “جحفل الشهيد خميس أبو منيار”، التي يقودها ابن الزعيم الليبى العقيد خميس معمر القذافي.
وأسندت القوات البرية بأسراب من الطيران المقاتل والطيران العمودي للدعم الناري وطيران النقل، بالإضافة إلى أسلحة التأمين القتالي الأخرى المعزّز بكتيبة دبابات وسرية صاعقة ومظلات من الجيش الجزائري، قوامهما ألفاَ جندي وضابط.
وأقيمت تلك المناورات، التي حضرها اللواء أبوبكر يونس جابر، القائد العام للجيش الليبي والفريق قايد صالح، رئيس أركان الجيش الجزائري، في الذكرى الخمسين لمعركة إيسين التي تلاحم فيها المجاهدون الليبيون مع المقاومين الجزائريين في مواجهة الاستعمار الفرنسي.
وأفاد اللواء عبد الرحيم صالح، رئيس هيئة العمليات والتدريب في الجيش الليبي في تصريح أدلى به لصحيفة “العرب” الليبية، أن الجيشين الليبي والجزائري يعتزمان القيام بتدريبات مشتركة أخرى، بما فيها مناورات مماثلة في العام المقبل.
ونفى أن تكون المناورات موجَّـهة ضد “تنظيم القاعدة فى المغرب الإسلامي”، قائلا “هذا التمرين هو تمرين اعتيادي، وفي السنة القادمة قد نشترك فى تمرين آخر بالجزائر، والتمرين مستمر بهذه الكيفية لتقوية جيشينا وتجديد قدراتنا وإدخال التقنيات الحديثة باستمرار وتوحيد المفاهيم والمصطلحات. فنحن في الحقيقة شعب واحد ولا نوجِّـه التمرين ضدّ أحد في الأساس”.
تونس وموريتانيا
أما تونس وموريتانيا، فحافظتا على نسق التسلح المعتاد عليه مع المُزودين الغربيين التقليديين، وفي مقدمتهم فرنسا والولايات المتحدة.
وشكلت “الحملة على الإرهاب”، التي تقودها الإدارة الأمريكية الحالية، حافزا على تكثيف الإجتماعات وأعمال التنسيق، وبخاصة في إطار اللجان العسكرية المشتركة.
ولوحظ أن خمسة وفود عسكرية وأمنية أمريكية زارت تونس خلال العام الجاري لعقد اجتماعات مع مسؤولين محليين، من ضمنها اجتماعات اللجنة العسكرية المشتركة في تونس في مايو الماضي، وعقد ندوة للحلف الأطلسي في العاصمة التونسية خلال الشهر الموالي، بالإضافة للزيارة التي أدّاها وفد من الضباط الأمريكيين في إطار دورات “كابستون” للتأهيل العسكري.
وتستقطب دورات معهد الدفاع في “كابستون”، قرب واشنطن، العناصر المتميزة من خرِّيجي الكليات العسكرية، وهي ترمي لتدريبهم على التخطيط وقيادة العمليات المشتركة.
وكان مساعد رئيس الأركان الأمريكي، الأدميرال إدموند جام باستيان، زار تونس تمهيدا لاجتماعات اللجنة العسكرية المشتركة، وأجرى محادثات مع كبار المسؤولين التونسيين تطرقت لمجابهة الأخطار المتنامية التي تشكِّـلها شبكة “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي”، وخاصة بعد التفجيرات التي هزت الجزائر والدار البيضاء في وقت سابق من العام الجاري، كما زارت قِـطع حربية أمريكية تونس بقيادة الأدميرال إدموند جامباستياني أواخر شهر أبريل الماضي.
وطوّر التونسيون تعاونهم العسكري مع إيطاليا، أحد مُزوديهم الرئيسيين بالسلاح، إذ زار وزير الدفاع الإيطالي أرتورو باريزي تونس وركز محادثاته مع المسؤولين المحليين على سُـبل تعزيز الأمن في المتوسط ومكافحة الإرهاب والهجرة غير المشروعة.
ورأس باريزي خلال الزيارة، التي استمرت ثلاثة أيام، اجتماعات اللجنة العسكرية المشتركة مع نظيره كمال مرجان، والتي ركزت أعمالها على التكوين العسكري ومراقبة المياه في الحوض الغربي للمتوسط.
أما موريتانيا، فشاركت قواتها في مناورات عسكرية واسعة استمرت شهرا، بإشراف الولايات المتحدة في منطقة قريبة من عاصمة مالي باماكو وبمشاركة 13 بلدا أوروبيا وإفريقيا.
ورمت المناورات، التي حملت اسم “فلينتلوك 2007″، إلى تعزيز الجاهزية القتالية في مكافحة الجماعات المسلحة التي تنتشر في منطقة جنوب الصحراء، وكانت الثالثة من نوعها منذ سنة 2005.
رشيد خشانة – تونس
باريس (رويترز) – أبرم الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والزعيم الليبي معمر القذافي يوم الاثنين 10 ديسمبر، صفقات أعمال بمليارات الدولارات بعد اجتماع قال فيه الزعيم الفرنسي إنه أثار خلاله قضية حقوق الإنسان.
وأثارت وزيرة الدولة الفرنسية لشؤون حقوق الإنسان جدالا وانتقدت بشدة القذافي قبل أول زيارة له لفرنسا في 34 عاما، قائلة إن فرنسا ليست “ممسحة أقدام” يمكن للقذافي أن يمسح بها دماء جرائمه، مضيفة أنها لا تشعر بارتياح لوصول القذافي في اليوم العالمي لحقوق الإنسان.
ودافع الرئيس الفرنسي ساركوزي عن سجله في مجال حقوق الإنسان قائلا، إنه كان مصيبا في استقباله القذافي بعد أن تخلى الزعيم الليبي عن برامج أسلحة الدمار الشامل وكف عن دعم الإرهاب وأفرج عن مجموعة من المسعفين الأجانب في يوليو الماضي.
وقال ساركوزي، “إنني هنا أيضا لأكافح من أجل الشركات والمصانع الفرنسية، حتى ننال العقود وطلبيات الشراء التي سعد الماخرون كثيرا بالحصول عليها بدلا منا، دون التخلي بأي شكل عن اقتناعاتنا الخاصة بحقوق الإنسان.”
وبعد العشاء، شهد الزعيمان توقيع عقود لشراء طائرات إيرباص وللطاقة النووية واتفاقات أخرى، قالت باريس إن قيمتها إجمالا تزيد على عشرة مليارات يورو.
وقال مكتب ساركوزي، إن شركة إفريقيا للطيران وقّـعت عقِـدا لشراء سِـت طائرات من طراز ايه – 350 ووقعت الخطوط الجوية الليبية صفقات لشراء أربع طائرات ايه – 330 وسبع طائرات ايه -320 وأربع طائرات ايه 350.
وأكدت إيرباص – وهي وحدة تابعة لشركة اي.ايه.دي.اس – أن الطلبيات تأتي تنفيذا لمذكرة تفاهم تمّ توقيعها في معرض باريس الجوي في يونيو الماضي، وتقدر قيمة صفقات الإيرباص بما مجموعه 3.17 مليار دولار، حسب الأسعار المعلنة للطائرات.
وتم توقيع اتفاق للتعاون النووي، يتضمن بيع مفاعل نووي أو عدة مفاعلات نووية لتحلية ماء البحر ودعم أنشطة استخراج اليورانيوم مع شركة الغاز الفرنسية جي.دي.اف، وشركة الطاقة النووية أريفا، ولم تتكشف تفاصيل تذكر، وتم أيضا توقيع عقود مع شركتي فينسي وفيوليا ووتر الفرنسيتين، لكن مكتب ساركوزي لم يذكر تفاصيل أخرى.
ووجهت راما ياد، وزيرة الدولة لشؤون حقوق الإنسان انتقادا نادرا لراعيها السياسي ساركوزي في مقابلة صحفية نشرت يوم الاثنين، وشككت في قراره بعدم اصطحابه لها في زيارته الصين.
وقالت عن رحلة الصين “لماذا يخفي وزيرة الدولة لشؤون حقوق الإنسان .. نيكولا ساركوزي يجب ألا يدير ظهره لدبلوماسية القيم.”
غير أن ساركوزي بدا تصالحيا عندما سُـئل عنها، وقال “راما ياد أكدت منذ ذلك الوقت مدى موافقتها على مبدإ الزيارة. علاوة على ذلك، فهي وزيرة الدولة لشؤون حقوق الإنسان ومن الطبيعي أن يكون لديها قناعة بشأن هذه القضية والتي أشاركها فيها، وذكرت الزعيم الليبي بذلك.”
(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 10 ديسمبر 2007)
تبسة (الجزائر) (رويترز) – وقعت الجزائر وفرنسا يوم الثلاثاء 4 ديسمبر مجموعة من الاتفاقيات للاستثمار والتعاون، تجاوزت قيمتها سبعة مليارات دولار خلال زيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي للجزائر في غمرة احتدام جدل حول الماضي الاستعماري.
ورفض ساركوزي الاعتذار عن فترة الحكم الاستعماري الفرنسي للجزائر الذي استمر 132 عاما، وقال إن الوقت قد حان لتنحية خلافات الماضي جانبا والنظر الى المستقبل، لكنه قال في كلمة يوم الاثنين 3 ديسمبر، ان النظام الاستعماري كان “ظالما بشدة” وأن “جرائم مروعة” ارتكبت اثناء حرب الاستقلال الجزائرية.
وقال نور الدين زرهوني، وزير الداخلية الجزائري يوم الثلاثاء، ان تصريحات ساركوزي تشير الى تقدم، لكنها لم ترق للمستوى المطلوب. وأضاف زرهوني على هامش زيارة ساركوزي لموقع تبسة القديم، الذي يبعد 70 كيلومترا غربي العاصمة، إن بلاده لا تزال ترى أن هذه التصريحات ليست كافية لكنها في الاتجاه الصحيح، وكان اول لقاء للرئيس الفرنسي مع السكان الجزائريين في تبسة صامتا.
ووقف حشد من الناس بلغ عددهم نحو 300 شخصا خلف اسيجة معدنية يلوحون باعلام الجزائر وفرنسا وصور ساركوزي والرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، بينما عزفت فرقة موسيقية تقليدية الحانها في الخلفية، ولم يكن هناك الا قليل من التصفيق وزغاريد النساء ترحيبا بساركوزي.
وانتقد أحد الاشخاص ساركوزي لسيره في ركاب سياسة الرئيس الامريكي جورج بوش. وبسط رجل اخر في العقد السابع من العمر صحيفة في صفحتها الاولى موضوع عن مخاطر الالغام الارضية التي تعود الى الحقبة الاستعمارية، بينما قال انه يامل أن تأتي فرنسا وتستثمر في الجزائر.
وتجلت الاجراءات الامنية المشددة في الوجود المكثف للشرطة في بلاد لا زالت الحكومة تحارب فيها متشددين يسيرون على نهج القاعدة، نفذوا سلسلة من التفجيرات الانتحارية القاتلة هذا العام.
ويقول معلقون جزائريون إن تحسن العلاقات السياسية يظل رهنا بمسألة الماضي وهو موضوع أثير لدى القيادة الجزائرية الحالية، حيث قضى معظمهم شبابهم في النضال الثوري ضد فرنسا.
ويقول رجال أعمال فرنسيون، ان العلاقات السياسية المتوترة أحيانا لبلادهم مع الجزائر ليس لها تأثير يذكر على العلاقات التجارية المتسعة التي جعلت فرنسا أكبر مستثمر اجنبي.
ولاثبات أن الوضع لم يتغير، وسعت شركة غاز دو فرانس تعاقداتها يوم الثلاثاء لشراء غاز طبيعي مسال من الجزائر حتى عام 2019، في صفقة تقدر قيمتها بحوالي 3.7 مليار دولار سنويا.
كما أعلنت شركة توتال أنها ستستثمر 1.5 مليار دولار في مصنع للبتروكيماويات كما وقعت شركة الستوم الهندسية اتفاقا تزيد قيمته على 1.3 مليار يورو (1.92 مليار دولار) لبناء محطة كهرباء تعمل بالغاز.
ووقعت شركة النقل العام في باريس اتفاقا لتشغيل وصيانة خط جديد لقطارات الانفاق في العاصمة الجزائرية، كما وقعت فرنسا أيضا اتفاقية تعاون لمنح الجزائر اتفاق تعاون في مجال تكنولوجيا الطاقة النووية المدنية، وهو أول اتفاق من نوعه بين فرنسا ودولة عربية مسلمة.
ويتعين على الاتحاد الاوروبي أن يصادق أولا على الاتفاق الذي يغطي توليد الكهرباء وتطبيقات التكنولوجيا النووية في الزراعة وعلوم الحياة وموارد المياه.
وفي الماضي، وبعد موافقته على اقامة تعاون نووي مع ليبيا، قال ساركوزي ان على الغرب أن يثق في الدول العربية وان يتركها تطور هذه التكنولوجيا لاغراض سلمية وإلا خاطر باشعال صراع حضارات.
وقال وزير الطاقة الجزائري شكيب خليل الشهر الماضي، ان الجزائر المصدرة للبترول وعضو أوبك تتطلع الى توليد الطاقة النووية ويمكن أن تبدأ بناء محطة للطاقة خلال السنوات العشر القادمة.
(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 4 ديسمبر 2007)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.