حركة فتح و حكاية المؤتمر السادس…
ظلّ السؤال حول انعقاد المؤتمر العام لحركة فتح قائما ومُتداولا على مدار سنوات عديدة، ومنذ المؤتمر الخامس الأخير المنعقد قبل قبل 18 عاما بالتمام والكمال.
واليوم لا زل ذات السؤال بعيدا عن أي اجابة شافية، بالرغم من تأكيد اللجنة المركزية للحركة واللجنة التحضيرية للمؤتمر أن ساعة اللقاء قد أزفت.
بالرغم من أن إجابة المؤيِّـدين والمعارضين، الحرس القديم والجديد، الواثقين والمشكِّـكين من أن المؤتمر لابد أنه سينعقد، فإن خلاصة النقاش والتحضيرات الجارية على الأرض وخلف الكواليس، لا زالت تخلُـو من اليقين.
وثمّـة جُـملة من القضايا التي يتوجّـب على القائمين في حركة فتح الإجابة عليها وتسويَـتها كي تصدّق رُؤاهم بانعقاد المؤتمر قبل النصف الأول من العام الجاري، الموعد الذي لم يبق عليه الكثير من الوقت.
وتكاد خسارة فتح المُـدوية أمام حركة حماس الإسلامية في الانتخابات التشريعية الأخيرة في 2006، ثم سيطرة الحركة الإسلامية على قطاع غزّة في الصيف الماضي، تطغى على مختلف مستويات النقاش الجارية.
لكن ذلك لا ينفي على الإطلاق وجود كَـمٍّ من القضايا والعناوين الرئيسية التي، راحت تتدحرج ككُـرة ثلج في الأعوام الأخيرة، لاسيما منذ بدء تطبيق الحكم الذاتي (مشروع فتح) في عام 1994 ولاحقا عند الانتفاضة الثانية في خريف عام 2000.
ربّـما كان من أبرز هذه القضايا، وفاة الزعيم الراحل ومؤسس الحركة ياسر عرفات وفشل مشروع الحكم الذاتي أمام الدبابات الإسرائيلية، التي أعادت احتلال المُـدن الرئيسية في الضفة الغربية عام 2002.
ولعلّ التراكمات التي واكبت عُـمر فتح، صاحبة المشروع الوطني الفلسطيني وقائدته على مدار أربعين عاما، وإصرار عدد من قادتها الرئيسيين مثل فاروق القدومي ومحمد جهاد ومحمد غنيم على البقاء في الشتات، كلّـها عوامل ساعدت على تعقيد انعقاد المؤتمر.
وخلال الأعوام الأخيرة من عُـمر الحكم الذاتي وقِـيام أول سلطة فلسطينية على أرض فلسطينية، قفَـزت إلى السطح تداعِـيات وعناصر جديدة لم تشهدها الحركة من قبل، لاسيما الخلافات بين ما سُـمي الحرس القديم (أعضاء اللجنة المركزية وقيادة الحركة التي عادت من الخارج) والحرس الجديد أو معظم القيادات المحلية، لاسيما الشابة التي قادت تنظيم فتح في الداخل عبر سنوات الاحتلال الإسرائيلي.
التعقيدات
ويقول فهمي الزعارير، المتحدث باسم حركة فتح في الضفة الغربية وأحد القيادات الشابة التي ظهرت خلال السنوات الأخيرة، “أستطيع القول أن هناك قرار جدّي في عقد المؤتمر، لكنني مع ذلك، لا اشعر أن ما يحدث سيُـؤدي إلى عقده”.
ويشير الزعارير إلى جملة من القضايا، شأنه شأن كثيرين في حركة فتح، التي يتوجّـب تسويتها كي يتحقّـق عقد المؤتمر السادس، ويقول “ثمة تحدّيات يتوجب على المؤتمر والحركة التعامل معها، لاسيما غياب القائد المؤسّس عرفات وخسارة فتح الكبيرة أمام حركة حماس، وكذلك البرنامج السياسي”.
ويُـعتبر البرنامج السياسي للحركة، الذي تكفلت لجنة خاصة برئاسة ناصر القدوة، وزير الخارجية السابق ومندوب فلسطين السابق في الأمم المتحدة، بإعداده، من أبرز القضايا التي يُـمكن أن تُـعرقل عقد المؤتمر.
وتشكّـل مسألة “الإبقاء على خيار المقاومة” في البرنامج السياسي الجديد للحركة، واحدة من أهم القضايا المعقّـدة والمثيرة للخلاف. وفي حين يرى ويُـصر أعضاء اللجنة المركزية، وعلى رأسهم الرئيس محمود عباس على عدم التطرّق إلى المقاومة، فإن نسبة كبيرة من الجيل الشابّ تُـصر على ذلك.
ويقول قدّورة فارس، أحد قادة الحرس الجديد في حركة فتح في حديث لسويس انفو “يجب عدم إسقاط خيار المقاومة من برنامج الحركة السياسي ولا اعتقد أنه بدون ذلك، إضافة إلى مسائل أخرى كثيرة، يمكن عقد المؤتمر”.
أما المسائل الأخرى المُشار إليها، فإنها لا تقل أهمية في سياق الخلافات القائمة حاليا على طريق التحضير للمؤتمر، ويعدّد فارس قائمة طويلة تشمل “عقد مؤتمر تصالُـحي (بين مختلف الأجنحة) وعقد المؤتمر في الوطن وليس في الخارج، وفتح المؤتمر أمام فِـئة الشباب ومنح كوتا 20% للمرأة وإفساح المجال أمام نحو 100 أكاديمي و 100 رجل أعمال، ومشاركة النقابات والاتحادات والجمعيات والانفتاح على المجتمع”.
وأكد فارس أنه تمّ توجيه رسالة إلى الرئيس عباس تتضمّـن هذه المطالب، وهي قائمة بالكاد يريد أن يسمعها آخرون في حركة فتح، لاسيما أعضاء اللجنة المركزية الذين تقول مصادر في الحركة إنهم “يريدون حصر عدد أعضاء المؤتمر العام في نحو 600 عضو فقط ليسهل ضبطهم”.
ردود متناقضة
لكن المقرّبين من جناح الحرس القديم يقولون، إنه لا وجود لخلافات في داخل الحركة، بل مجرّد اقتراحات مختلفة حول شكل وآليات المؤتمر، وأن اللجنة المركزية لا تسعى بأي حال لفرض نفسها على الجمهور الشاب.
ويقول محمد المدني، المسؤول في جهاز التعبئة والتنظيم، الذي يرأسه رئيس الوزراء السابق وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح أحمد قريع “هناك اقتراح كي يقوم مندوبون عن كل إقليم بتمثيل زملائهم، أعضاء المؤتمر الآخرين في المؤتمر العام، ومن هنا جاء الحديث عن الرقم 600”.
وأضاف “العمل جار على قدم وساق وعمليات الانتخابات مستمرة في الضفة الغربية، وحتى في قطاع غزة، بالرغم من الظروف غير المُـواتية هناك”، في إشارة إلى سيطرة حركة حماس على القطاع.
ويؤكّـد المدني أنه “ليس صحيحا القول أن ثمة أجنحة متصارِعة داخل حركة فتح تمثل اللجنة المركزية وغيرها، بل إن هناك اقتراحات مُـختلفة يجري تداولها استعدادا لعقد المؤتمر”.
لكن ثمة ما يدحض هذا التفاؤل الذي يُـبديه المدني، لاسيما واقع الحركة الذي شهِـد انقسامات عديدة وخلافات عديدة إثر سيطرة حركة حماس على قطاع غزة، وبالذات الجناح الذي يقوده محمد دحلان، الرجل القوي السابق في الحركة.
وقد خرجت هذه الخلافات إلى العلن في الاجتماع الأخير للمجلس الثوري للحركة، الذي عُقد في رام الله شهر يناير الماضي، إضافة إلى الخلافات القائمة بخصوص مكان انعقاد المؤتمر وعدد الأعضاء المشاركين فيه وطموحات الكثيرين بالوصول وإصرار القائمين على البقاء في أماكنهم.
قد لا تكون هذه الانقسامات غريبة وبعيدة عن حركة فتح، التي ملكت من القوة والمرونة في الماضي ما مكّـنها من تجاوز مراحل أصعب وأدق، لكن حكاية المؤتمر السادس ربما تُـنهى على غير ما عوّدت عليه فتح المراقبين والمتابعين.
هشام عبدالله – رام الله
رام الله (الضفة الغربية) (رويترز) – قال المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية يوم الأحد 24 فبراير، إن الرئيس محمود عباس سيتجاوب بشكل كامل مع مبادرة الرئيس اليمني علي عبد الله صالح للحوار الوطني الفلسطيني.
وقال المتحدث في بيان صحفي “تلقى الرئيس محمود عباس بالترحيب المبادرة اليمنية التي أعلنها الرئيس علي عبد الله صالح للحوار الوطني الفلسطيني”، وأضاف “وأكد الرئيس أبو مازن (عباس) التجاوب الكامل مع هذه المبادرة الصادقة والأخوية من الرئيس علي عبد الله صالح، الحريص على وحدة شعب فلسطين وقضيته ومستقبله”.
وكان اليمن قد أعلن يوم السبت 23 فبراير أن الرئيس علي عبد الله صالح استأنف مساعي الوساطة بين حركتي فتح وحماس لحل الخلاف بينهما عبر مبادرة تهدف إلى إعادة الأوضاع في قطاع غزة إلى ما كانت عليه، وإجراء انتخابات نيابية مبكرة.
وذكرت وكالة الأنباء الرسمية أن المبادرة الجديدة تقوم على سبع نقاط، هي “عودة بالأوضاع في غزة إلى ما كانت عليه قبل استيلاء حماس على مؤسسات السلطة وإجراء انتخابات مبكّـرة واستئناف الحوار على قاعدة إتفاق القاهرة 2005 وإتفاق مكة 2007، على أساس أن الشعب الفلسطيني لا يتجزأ وأن السلطة الفلسطينية تتكوّن من سلطة الرئاسة المنتخبة والبرلمان المنتخب والسلطة التنفيذية، ممثلة بحكومة وحدة وطنية، والالتزام بالشرعية الفلسطينية بكل مكوناتها”.
وأضافت أن المبادرة “تنص أيضا على احترام الدستور والقانون الفلسطيني والالتزام به من قِـبل الجميع، وإعادة بناء الأجهزة الأمنية على أسُـس وطنية، بحيث تتبع السلطة العليا وحكومة الوحدة الوطنية، ولا علاقة لأي فصيل بها، كما تكون المؤسسات الفلسطينية بكل تكويناتها دون تمييز فصائلي وتخضع للسلطة العليا وحكومة الوحدة الوطنية”.
وقال سامي ابو زهري، المتحدث باسم حماس لرويترز عبر الهاتف “موقفنا في حماس هو الترحيب بأي مبادرة للحوار مع حركة فتح، تستند إلى حوار غير مشروط ونحن جاهزون لحوار مفتوح حول كل القضايا”، وأضاف “ولا يكفي ترحيب أبو مازن (عباس) بالمبادرة اليمنية، المهم أن يُـعلن استعداده للحوار مع حركة حماس، وهذا ما لم يُـعلنه حتى الآن”.
وقالت وكالة الأنباء اليمنية “التحرك اليمني الجديد جاء في أعقاب الزيارة التي قام بها الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن إلى صنعاء ومُـباحثاته مع الرئيس صالح، الذي قام بتسليمه نسخة من المبادرة اليمنية والتي سلمت أيضاً إلى خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس”.
وتُـسيطر حركة حماس على قطاع غزة منذ يونيو الماضي، عقب مواجهة قصيرة مع قوات حركة فتح، التي يقودها الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 24 فبراير 2008)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.