حرية الصحافة في خبر كان؟
يرمز الصحفيون المغاربة إلى زملائهم القابعين في السجون هذه الأيام للتدليل على التراجع الذي يعرفه ميدان الحريات في المغرب.
في المقابل، أعلن العاهل المغربي الملك محمد السادس، منذ توليه مقاليد الحكم قبل أربع سنوات، عن حرصه على تطوير هذا الميدان نحو الأفضل.
دخل الصحفيون المغاربة صباح الأربعاء الماضي إلى المؤسسات التي يعملون بها حاملين على أذرعهم شارات حمراء ومُلصقات على صدورهم كتب عليها “لا لاعتقال الصحفيين”، وذلك للتضامن مع زملائهم الخمسة الذين حُـكم على أحدهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات نافذة، وتنظر المحاكم في ملفات الأربعة الآخرين الذين تتوحد تهمهم في التحريض على الإرهاب أو المس بالمقدسات.
وبناء على دعوة النقابة الوطنية للصحافة المغربية، كان يوم 9 يوليو يوما للصحافة المغربية دفاعا عن الحرية. إذ قال الصحفيون، إن سلسلة القوانين التي سنت مؤخرا، وسلسلة الإجراءات التي اتُّـخِـذت في أعقاب الهجمات الانتحارية في الدار البيضاء يوم 16 مايو الماضي، تُـشكّـل طعنة للحريات الصحفية في البلاد وتهدد بالعودة إلى سنوات الستينات والسبعينات، التي يطلقون عليها سنوات الرصاص، نظرا للمواجهات بين السلطة ونشطي الأحزاب والنقابات.
أمام المحكمة الابتدائية بالرباط، احتشد بعد ظهر يوم الأربعاء أبناء مهنة الكلمة المغاربة والشارات الحمراء لازالت محمولة على أذرعهم وملصق “لا لاعتقال الصحفيين” على صدورهم بانتظار السماح لهم بدخول القاعة التي ينظر فيها بملف زميلهم مصطفى العلوي، رئيس تحرير صحيفة الأسبوع، المعتقل منذ منتصف يونيو الماضي بعد نشر أسبوعيته بيانا موقعا من منظمة مجهولة، يطلق عليها اسم “الصاعقة” تتبنى فيه هجمات الدار البيضاء، وتحمل أجهزة المخابرات مسؤولية انحراف الهجمات عن أهدافها.
تأكيد المخاوف
ورأت النيابة العامة في حشود الصحفيين تظاهرة ضغط على العدالة، وطالبت قبل موعد الجلسة تأجيل النظر في ملف العلوي، الأمر الذي فاجأ الصحفيين والمحامين بالتأجيل، حيث قال يونس مجاهد، رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية، إن ما سلكته هيئة المحكمة مع الصحفيين خرق جديد للقانون وانتهاك جديد لحرية الصحافة وحقها في المتابعة وحق الصحفيين بالتضامن مع زميلهم.
فتح الصحفيون الخمس القابعون وراء قضبان السجون المغربية ملفا كاد أن يغلق حول حرية الصحافة التي قيدت بقانون الصحافة الجديد وقانون مكافحة الإرهاب المسلط على رقابهم وأقلامهم، خاصة وأن احتجاجاتهم على القانونين لم تهدأ بعد، وتحفظاتهم لم تزل مرفوعة في وجه المسؤولين.
فاعتقال علي المرابط، رئيس تحرير أسبوعيتي دومان بالعربية والفرنسية الذي حكم عليه بثلاث سنوات سجن نافذة، ومنع إصدار أسبوعيتيه، ومصطفى قشنني، مدير أسبوعية الحياة المغربية، ومحمد الهرد وخالد بلمختار، مدير ورئيس تحرير أسبوعية الشرق الصادرة بمدينة وجدة (أفرجت عنهما المحكمة يوم 10 يوليو)، ومعهم مصطفى العلوي، أكد مخاوف النقابة الوطنية للصحافة المغربية والمنظمات الحقوقية حول تقييد وتقليص هامش حرية الصحافة والتعبير بصدور قانون الصحافة وقانون مكافحة الإرهاب.
تصعيد مرتقب
فالقانونان يعطيان صلاحيات تقديرية واسعة للشرطة والسلطات دون رقيب أو حسيب، وشكلا فيما يتعلق بالإجراءات تراجعات واضحة في ميدان الحبس الاحتياطي وحقوق المعتقل، وبالنسبة للصحافة شدد من العقوبة الحبسية وأكّـد على الاعتقال في حالة المتابعة القضائية.
وإذا كان علي المرابط قد اعتقل وحوكم بتهمة المس بشخص الملك، فإن زملاءه الأربعة اعتقلوا بتهمة التحريض على الإرهاب وتأييده، رغم أن محمد الهرد وخالد بلمختار ينتمون إلى حزب يساري مناهض للتيارات الأصولية المتهمة بتشجيع العنف، وأن سلسة مقالات كتباها تندد بالعنف وبالتيارات التي تنظر لها أو تشجع عليها.
يهدد الصحفيون المغاربة بتصعيد احتجاجهم، لكنهم لم يتحدثوا عن آلية هذا التصعيد في الوقت الذي يدركون فيه أن أجواء التوتر السائدة في البلاد منذ 16 مايو تجعل يد الأجهزة الأمنية الأطول والأقوى، والقوى السياسية التي كانت تقف إلى جانبهم في معاركهم أضحت اليوم جزءا من السلطة التنفيذية التي أعدت القوانين وأقرتها في البرلمان، مما يجعل معركتهم أكثر صعوبة وحساسية.
محمود معروف – الرباط
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.