حريق الكنيس اليهودي في جنيف ذو طابع إجرامي
أدانت رئيسة الكنفدرالية ميشلين كالمي ري بشدة الحريق الذي دمر جانبا من كنيس يهودي في جنيف بعد أن توصل قاضي التحقيق إلى أن الحريق ذو طبيعة إجرامية.
وفي انتظار توضيح حقيقة من يقف وراء هذا الحريق وفي الوقت الذي تتجنب فيه الجالية اليهودية اعتبار الحادث عملا معاديا للسامية، تستعر الاتهامات الكلامية بين السياسيين السويسريين.
أدى إعلان قاضي التحقيق في قضية الحريق الذي دمر في 24 مايو الماضي، جانبا من الكنيس اليهودي ” هيخال هانيس”، عن استبعاد إمكانية أن يكون الحريق ناتجا عن عطل، إلى إثارة العديد من ردود الفعل في الأوساط السياسية ولدى الطائفة اليهودية.
وكانت في مقدمة هذه الردود ما صرحت به رئيسة الكنفدرالية ووزيرة الخارجية ميشلين كالمي في بيان صادر عن الخارجية جاء فيه بأنها “تدين بكل صرامة هذا الانتهاك المتعمد لحرمة دار عبادة”. وعبرت الرئيسة عن “تضامنها مع الجالية اليهودية في جنيف وفي سويسرا”، مشيرة إلى أن “أي اعتداء ضد السامية هو عمل غير مقبول ويشكل وصمة عار في جبين ثقافة الحوار والتشاور التي تتميز بها سويسرا داخل حدودها وخارجها”.
أما حكومة كانتون جنيف فقد عبرت عن “الصدمة” إثر معرفتها أن الحادث ذو طابع إجرامي، مع أنها ذكرت في بيانها بأن “التحقيق ما زال يحتفظ بكل الإحتمالات مفتوحة”.
في انتظار تحليل البصمة الوراثية
إذ بعد أن تم اعتبار بعد ساعات من وقوع الحادث، بان الحريق قد يكون ناتجا عن خلل في الدورة الكهربائية، عاد قاضي التحقيق ميشال غرابر يوم السبت 2 يونيو الى إقصاء إمكانية حدوث الخلل. وهو ما أثار العديد من ردود الفعل السياسية والمخاوف في الجالية اليهودية في جنيف، ولو ان الجميع ينتظر توصل التحقيق الى مزيد من التدقيق.
وتتجه الأنظار الى نتيجة التحاليل التي تجرى حاليا على بقايا سيجارة وجدت في المكان الذي يعتقد أن النيران انطلقت منه لكي يتم من خلال تحاليل البصمة الوراثية التعرف على صاحب هذه السيجارة وطبيعة علاقته بالحادث. ولكن أوساط التحقيق تبدي تخوفا من أن يكون الحريق أو ما تلاه من مياه فرق الإطفاء قد أتلف البصمة الوراثية.
وتشير وسائل إعلام مختلفة الى أن احتمال أن يكون الحريق قد اندلع نتيجة خلل في خزانة كهرباء او بسب شمعة تركت مضيئة، قد تم استبعادهما بعد أن أشارت مصادر قريبة من التحقيق الى “أن آثار الحريق قد تكون مغايرة عما هي عليه”، والتي اشارت حتى الى “وجود أثار بنزين استعمل في العملية”.
وقد استمع المحققون خلال الأيام الماضية لعدد من الشهود بدون الاهتداء الى توجيه اتهام في اتجاه معين.
لكن جهات أخرى استبعدت أن يكون تجمع متطرف وراء الحادث مستندة في ذلك لعدم العثور على شعارات معادية للسامية في مكان الحريق.
وقد أوردت صحيفة لوتون (تصدر في جنيف) بان بعض المصادر أشارت الى أن الحريق يكون قد أشعل من خارج الكنيس وليس من داخله. وقد اعتمدت الجريدة على كون رجال الإطفاء وجدوا أبواب الكنيس مغلقة.
تضامن وردود فعل متخوفة
رغم تمسك الجالية اليهودية بعدم توجيه أصابع الاتهام في أي اتجاه من الاتجاهات، إلا أن التصريحات التي صدرت في اليومين الماضيين تعكس الشعور بالقلق والتخوف.
فقد تساءل رئيس الطائفة اليهودية في جنيف، آوفسيسر بقوله “إنه من المقلق معرفة أن شخصا يجرؤ في جنيف في العام 2007 على أشعال حريق في كنيس ديني”.
أما عضو البرلمان الفدرالي ونائب رئيس الرابطة المناهضة للعنصرية والمعاداة للسامية بيار فايس فقال “إن ما كنا نخشاه قد ثبت الآن”. وقد ذهب الحاخام فرانسوا غاراي الى حد التذكير “بليلة الكريستال” التي احرق فيها النازيون الألمان في منتصف الثلاثينات من القرن الماضي كل ما له علاقة بالتراث الفكري اليهودي.
ولكن شخصيات يهودية أخرى أبدت تريثا في توجيه أصابع الاتهام مثل الملياردير اليهودي نسيم جاعون الذي كان من أهم ممولي بناء هذا الكنيس الذي يعتبر أكبر المعابد الخمسة التي تحتوي عليها جنيف، والذي أوضح بأن “إعادة ترميم الكنيس سيشرع فيها” على الفور.
وجاءت تصريحات التضامن من العديد من الشخصيات السياسية التي تردد قسم هام منها على عين المكان، كما صدرت تصريحات تضامن من ممثلي الطوائف الدينية الأخرى المسيحية والمسلمة.
فقد عبر إمام مسجد جنيف الشيخ يوسف إبرام عن “الأسف لأي انتهاك يمس دار عبادة”، أما السيد عبد الحفيظ الوريدري من جمعية التعارف، فقد اعتبر أنه “من المهم جدا أن نعبر عن تضامننا في مثل هذه الظروف”.
سويس إنفو – محمد شريف – جنيف
أدت تصريحات النائب البرلماني الإشتراكي من كانتون فو، روجي نوردمان التي اتهم فيها على موقع حوار على شبكة الإنترنت، وزير العدل والشرطة كريستوف بلوخر بأنه “هو الذي ظل يلعب بعود الكبريت” في إشارة الى الاجتماع الذي دعا إليى هقده وزير العدل والشرطة قبل يوم واحد من حريق الكنيس لمناقشة كيفية مراجعة أو إلغاء القوانين المناهضة للعنصرية او السامية.
فقد اعتبر النائب نوردمان أن وزير العدل والشرطة “مسؤول سياسيا” عن العمل الإجرامي الذي أدى الى حريق الكنيس.
وقد اثارت هذه التصريحات ردود فعل ما بين مهدئة ومنتقدة. إذ طالب نائب رئيس الحزب الاشتراكي بيار إيف مايار “بالتزام التريث الى أن تنتهي التحقيقات”. بينما اعتبر رئيس الحزب الديمقراطي المسيحي كريستوف داربولي ” أن ما قام به روجي نوردمان هو نتيجة لانفعال في غير محله”.
وهو ما دفع صحيفة 24″ ساعة” (تصدر في لوزان) إلى تخصيص افتتاحيتها ليوم 4 يونيو للموضوع تحت عنوان “السياسيون السويسريون يلعبون بالنار” وقالت إن “مثل هذه التصريحات تضعف حتى أنصار الدفاع عن قوانين مناهضة العنصرية والسامية”.
أما صحيفة لوماتان الصادرة يوم الأحد 3 يونيو، فقد نشرت افتتاحية تحت عنوان الكنيس رهينة (الحملة الانتخابية) رأت فيها أنه “إذا كان المعنيون بالأمر أي زعماء الطائفة اليهودية يهدئون المشاعر في انتظار نهاية التحقيق فإن بعض السياسيين مثل روجي نوردمان حسموا الأمور من البداية”، من خلال “تحميل كريستوف بلوخر المسؤولية السياسية في هذا الحريق الإجرامي”. وانتهت الصحيفة الى التذكير بان “روجي نوردمان خصم سياسي لكريستوف بلوخر وأننا في سنة انتخابية”.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.