مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

حسابات مغاربية أم انقــسام؟

تبدو مهمة الأمين العام للجامعة العربية في جولته المغاربية الجديدة صعبة ومعقّـدة Keystone

يقوم عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية بجولة مغربية، تشمل تونس والمغرب لبحث إمكانية إيجاد تسوية لأزمة مكان القمة العربية المؤجلة.

وقد خلق التأجيل التونسي للقمة إرباكا عربيا واتصالات مكثفة وأثار الحديث مجددا عن حساسية مزمنة بين مغرب العالم العربي ومشرقه.

يقوم عمرو موسى، الأمين العام للجامعة العربية ابتداءً من يوم الجمعة بجولة مغربية، تشمل تونس والجزائر والمغرب لبحث إمكانية إيجاد تسوية لأزمة مكان القمة العربية التي بات الإجماع العربي الوحيد على ضرورة عقدها دون الاتفاق على مكانها بعد تنافس تونسي مصري على احتضان قمة لم تبدأ، والتي كان مقررا عقدها في تونس يوم 29 مارس الماضي.

وخلق التأجيل التونسي للقمة في أوساط العواصم العربية إرباكا أسفرت الاتصالات السريعة بينها على ضرورة الإسراع بعقد القمة بغض النظر عن مكانها، ولتذكر العواصم أن ميثاق الجامعة العربية ينُـص على عقدها في مقر الجامعة العربية (القاهرة)، وليثير داخل دول المغرب العربي حساسية تظهر وتختفي بين المغرب العربي والمشرق العربي.

وفي وقت لا يتّـفق فيه المغاربيون على قضاياهم وقمتهم لم تعقد منذ عشر سنوات، بدت الحساسية بين عواصم المشرق وعواصم المغرب مثيرة للاستغراب. لذا، خشي المتحمسون لعقد القمة المؤجّـلة في العاصمة المصرية من انقسام جديد في صفوف العرب، انقسام مغاربي مشارقي، يصعب بعده إعادة لحمة الصف العربي.

وإلى أن يُـحدّد موعد ومكان القمة المتوقّـع في الأسبوع الأول من شهر مايو، إما العودة بالملفات إلى تونس أو نقلها إلى القاهرة أو شرم الشيخ، تكون منطقة المغرب العربي قد عرفت تحولا كانت بحاجة اليه بعد أن نسيت عواصمها أن هناك اتحاد يجمع بينها منذ عام 1989 وعاش جمودا لمدة أربع سنوات، قبل أن يتجمّـد رسميا عام 1995 ويفشل على مدى سنوات عشر عقد قمته السنوية.

لُـحمة مغاربية أم ترضية لواشنظن؟

الالتفاف المغاربي حول تونس لم يُـنس المغاربيون خلافاتهم، وقد تكون هذه الخلافات الدافع للالتفاف والإصرار على عودة القمة العربية إلى تونس، من حيث كسبها لهذا الجانب أو ذاك، أو على الأقل الحفاظ على موقفها الحيادي بين أطراف هذه الخلافات.

وتتمحور الخلافات المغاربية دائما في العلاقات المغربية الجزائرية المتوترة في أغلب الأحيان، والباردة أحيانا، والحميمية في أوقات نادرة وقصيرة. ودول المغرب العربي الأخرى، (تونس وليبيا وموريتانيا)، كانت دائما تجد نفسها في موقع المجبر على الاقتراب من هذا على حساب علاقته مع ذاك.

ولأن الخلافات المغربية الجزائرية طالت، والاتحاد المغاربي في حالة سكون يكاد يكون موتا سريريا، فإن الدول المغاربية وجدت نفسها ضمنا في حل من أعباء اتحادها وانتهاج سياسة الحياد الذي لا يُـؤذي العلاقات الثنائية.

وإذا كان الحماس المغربي الجزائري للتعبير عن التقدير والتفهم لقرار تونس بتأجيل القمة ثم الإصرار على إعادتها إليها، إذا ما عُـقدت، يهدف إظهار اللحمة المغاربية، وإظهار المنطقة كتلة موحدة في مواجهة “تهميش” المشرق للمغرب، لكنه قد يستهدف الحفاظ على الموقف التونسي المحايد في الخلافات المغربية الجزائرية.

في المقابل، يلحظ المراقبون باهتمام أن هذا الحماس والإصرار قد يكون أيضا رسالة إيجابية موجهة من كل عاصمة مغاربية على حدة إلى الولايات المتحدة التي تردد أن عدم ضمان الإجماع العربي على روح مشروعها للشرق الأوسط الكبير، والإصلاحات الداخلية في كل دولة عربية، هو السبب الرئيسي في تأجيل القمة وترحيلها إلى المجهول.

نزاع الصحراء

فكما يراهن كل من المغرب والجزائر على الحفاظ على وحدة الصف المغاربي في وجه التهميش المشرقي، فإن كلا منهما يُـراهن على موقف أمريكي لا يكون بالنسبة لكل منهما على الأقل سلبيا من القضايا المختلف عليها.

جزائريا ومغربيا، يبقى نزاع الصحراء الغربية الملف الأبرز الذي يبحث كل منهما عن سند دولي وتعاطف أو على الأقل تفهم أمريكي يحد من الاندفاع نحو موقف سلبي. ونزاع الصحراء الغربية سيمر في نهاية شهر أبريل الجاري في الأمم المتحدة في ممر ضيق، حيث سيتقدم الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان بتقرير لمجلس الأمن الدولي حول تطورات تسوية النزاع الصحراوي على ضوء القرار 1495 الذي يضع إطارا مؤقتا للتسوية.

وكان مجلس الأمن الدولي قد طلب في وقت سابق من المغرب موقفا أكثر تحديدا ووضوحا من القرار وتفاصيله حول ممارسة الصحراويين حُـكما ذاتيا تحت السيادة المغربية لمدة خمس سنوات. وقد بعث المغرب برده في شهر فبراير، إلا أنه اعتُـبر “غير كاف” بالنسبة لكوفي أنان ومبعوثه الشخصي جيمس بيكر.

عــزف منفــرد

من جهة أخرى، يستعد كل من المغرب والجزائر (أسوة ببقية دول المغرب العربي) لإقامة علاقات متميزة مع واشنطن على الصعيد الاقتصادي.

فالمغرب مُـقبل على توقيع اتفاقية التبادل التجاري الحر، وتونس تسعى لإبرام اتفاقية مماثلة، وفي الجزائر بات الحضور الأمريكي في قطاع النفط والغاز واضحا، أما ليبيا، فهي تسير مندفعة لتعويض سنوات القطيعة مع واشنطن، معلنة استعدادها للمساهمة في الحرب الأمريكية على الإرهاب ومنح الشركات الأمريكية امتيازات التنقيب عن النفط في أراضيها، أما علاقات موريتانيا مع واشنطن، فقد قطعت أشواطا واسعة.

وإذا كانت عواصم المغرب تسير جميعها مسرعة باتجاه واشنطن، وتعتقد كل منها أن موقفها من القمة العربية المؤجلة ومكان عقدها يرفع أو يعزز من أسهمها لدى الإدارة الأمريكية، فإنها تُـصر على السير ُمـنفردة، مما يجعلها تتعثر أو تصطدم ببعضها البعض.

محمود معروف – الرباط

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية