حصيلة الحملة الدولية من أجل شارة لحماية الصحفيين
الحملة من أجل شارة لحماية الصحفيين، تناشد مجلس حقوق الإنسان من أجل مناقشة موضوع حماية الصحفيين عموما والصحفيين العراقيين بالخصوص بعد سقوط رقم قياسي من الصحفيين هذا العام.
تفاصيل هذا النداء وتفاصيل التحركات التي تقوم بها الحملة لتوعية الجمعيات الوطنية والمنظمات الدولية والحكومات لضرورة فرض حماية فعلية للصحفيين في الحديث الذي خص به سويس إنفو ، بليز لامبن ،أمين عام الحملة الدولية من أجل شارة لحماية الصحفيين.
بمناسبة اعتماد آليات عمل مجلس حقوق الإنسان بعد سنة من النقاش، أصدرت الحملة الدولية من اجل شاة لحماية الصحفيين التي مقرها في جنيف، نداء تطالب فيه المجلس بضرورة “التحرك من القول الى الفعل من أجل حماية الصحفيين”.
في الحديث التالي الذي خص به سويس إنفو يتحدث أمين عام الحملة، الصحفي بليز لامبن عن ما حققته الحملة حتى الآن من خطوات في اتجاه آلية لحماية الصحفيين ونظرة منتسبي هذه المهنة لتلك التحركات وموقف الدول النامية والمتقدمة من فكرة إقامة هيئة لحماية الصحفيين أثناء تأدية واجبهم في مناطق النزاعات.
سويس إنفو: لماذا اخترتم هذا التوقيت لإصدار نداء لجلب الانتباه الى تزايد أعداد القتلى من الصحفيين وللمطالبة بضرورة فرض حماية فعلية؟
بليز لامبن: لقد أردنا بذلك التأكيد على أن مجلس حقوق الإنسان بعد عامه الأول منذ تأسيسه عليه الآن ان يتحرك الآن لفرض حماية فعلية للصحفيين لأن ذلك من صلاحياته كمحفل دولي لحماية المدنيين ومن ضمنهم الصحفيين الذين يعتبرون شهود عيان لا يمكن الاستغناء عنهم عندما يتعلق الأمر بانتهاكات حقوق الإنسان او القانون الإنساني الدولي.
كما نعتقد بأن هذا المجلس هو المحفل المناسب لاتخاذ إجراءات ضرورية بالنسبة لوضعية مقلقة للغاية نظرا لتعاظم حالات الصحفيين الذين يقتلون في الصراعات المسلحة الداخلية او الدولية. إذ تم تسجيل مقتل 63 صحفيا منذ بداية العام في 21 دولة. وهذا يمثل زيادة بنسبة 80% عن نفس الفترة من العام الماضي. وخلال العام الذي استغرقه المجلس في مناقشة آلياته سجلت الحملة الدولية من أجل شارة لحماية الصحفيين مقتل 129 صحفيا. وهو رقم قياسي رغم أننا لم نسجل إلا الصحفيين بدون مرافقيهم من السائقين او المترجمين او الحراس.
نصف هذا العدد من الضحايا تم في العراق وحده حيث يُستهدف الصحفيون بالقتل الجماعي او الاختطاف. وهناك حالات أخرى في بلدان أخرى وفي صراعات أهلية أخرى مثل الكونغو الديمقراطية والصومال وأفغانستان والفيليبين والمكسيك وكولومبيا. وهذه الأوضاع جعلت تنقل الصحفيين لتغطية الصراعات أمرا متعذرا.
سويس إنفو: لذلك ترون أنه من الضروري إثارة موضوع البحث عن طرق جديدة لحماية الصحفيين. إلى اين وصلت جهودكم في الحملة الدولية من اجل شارة لحماية الصحفيين؟
بليز لامبن: لقد تمكنت الحملة الدولية من أجل شارة لحماية الصحفيين منذ قيامها قبل ثلاث سنوات من ترسيخ الوعي لدى السفارات والحكومات والمنظمات المهنية والمنظمات غير الحكومية، بعمق الأزمة. فقد قابلنا برفقة أمين عام نقابة الصحفيين العراقيين الرئيس الجديد لمجلس حقوق الإنسان الذي عبر عن اهتمامه بعرض قضية الصحفيين أمام مجلس حقوق الإنسان خلال الدورة القادمة في شهر سبتمبر.
وقد تمكنت الحملة بفضل تضافر جهود منظمات أخرى مثل منظمة صحفيون بدون حدود من دفع حكومات ولأول مرة الى تقديم القرار رقم 1738 أمام مجلس الأمن الدولي في 23 ديسمبر الماضي وهو القرار الذي أدان لأول مرة الهجمات التي تستهدف الصحفيين. ولكن مع الأسف رغم كون هذا القرار خطوة الى الأمام إلا أنه يفتقر لآليات تطبيق وآليات مراقبة مدى تطبيقه. وما دام الأمر كذلك فإن الأمر يبقى مجرد حبر على ورق.
فالقانون الإنساني الدولي بدون آليات تطبيق، لن يكون قادرا على حماية المدنيين خصوصا في وقت أصبح فيه المدنيون في أماكن الصراعات أكثر عرضة للقتل من العسكريين. وفي داخل فئة المدنيين هناك فئة الصحفيين التي يتطلب عملها أن تكون شاهدة على الانتهاكات لنقل ذلك للراي العام.
وما نشاهده اليوم في العراق على سبيل المثال أن شبكات التلفزة العالمية لم تعد ترسل مراسليها الى عين المكان نظرا لخطورة الأوضاع لأنهم إما يُقتلون و يُختطفوا. وهو ما دفع أعدادا من الصحفيين العراقيين الى القيام بهذا العمل لصالح الشبكات الإعلامية الغربية . وهم بذلك يتعرضون لأخطار كبيرة. ومع ذلك استطاعوا تمرير العديد من الصور والمقالات والتحقيقات الإعلامية. فلو كانت التغطية أوسع لما يحدث في العراق اليوم لتمكن الرأي العام الغربي من تكوين صورة أوضح عما يجري مثلما وقع في حرب فيتنام، ولخرج للشارع للاحتجاج ضد هذه الحرب البربرية.
سويس إنفو:أليس في ذلك تطابق مصالح بين من يترددون في تلبية نداء فرض حماية للصحفيين ومن يرغبون في ألا يكون هناك شهود عيان عما يجري في هذه الصراعات؟
بليز لامبن: يمكن أن نتوقع ذلك من قبل بعض الدول مثل الولايات المتحدة الأمريكية . فقد مارست الولايات المتحدة في العراق سياسة الصحفيين المرافقين للقوات الأمريكية، وهذا يعني ان الصحفي لم يعد مستقلا. يضاف الى ذلك أن الصحفي المنخرط يبدو في نظر الطرف الثاني على أنه جزء لا يتجزأ من القوات المعادية وهو ما يعتبر خطيرا للغاية لأنه يلغي الطابع المحايد للصحفي.
كما نجد أن جماعات وأطراف في صراعات معينة لا تحترم الصحفي بل تختطفه وتستخدمه كوسيلة مقايضة مثلما هو الحال بالنسبة للصحفي البريطاني ألان جونسون المختطف في غزة رغم أنه من الصحفيين الذين ابدوا توازنا في تغطية الأحداث.
سويس إنفو: وعلى مستوى المقرر الخاص المكلف بحرية التعبير والإعلام، هل هناك شيء يمكن توقعه على مستواه؟
بليز لامبن: إننا نشتغل معا عبر سكرتاريته وهو على دراية وعلم بكل تحركاتنا . وقج تعرض في تقريره الأخير لمجلس حقوق الإنسان الى جهود الحملة الدولية من أجل شارة لحماية الصحفيين. لكن مع الأسف الشديد أن صلاحياته محدودة وتقتصر على رفع التقارير.
سويس إنفو: على مستوى القاعدة وعلى مستوى المنظمات المهنية الصحفية والإعلامية هل استطاعت الحملة ترسيخ مبادئها في مختلف مناطق العالم وهل لديكم إحصائيات؟
بليز لامبن: عدد الجمعيات الصحفية التي انضمت للحملة بلغ لحد الآن 28 جمعية تمثل أكثر من 50 الف صحفي من حوالي 50 بلدا. ولكن المشكلة التي نواجهها هي أن اغلب هذه الجمعيات من عراقيين ونيباليين وكولمبيين هي جمعيات من مناطق تعرف صراعات مسلحة. ولكننا نجد صعوبة كبرى في إقناع جمعيات غربية بالعضوية، باستثناء جمعية أمبريسوم السويسرية التي ساندتنا منذ البداية، لأن عددا قليلا من أعضاء هذه الجمعيات الغربية يشعرون بأنهم معنيون بهذه المشكلة، أي فقط من يجرؤ على تغطية الصراعات المسلحة التي عادة ما تتم في بلدان بعيدة، اما الغالبية من منتسبيها فلهم اهتمامات أخرى وهذا ينطبق على الفرنسيين والألمان وغيرهم.
يضاف الى ذلك أن اغلب هذه الجمعيات منظمة بشكل وطني، وعندما يتعلق الأمر بمشكل دولي فإن الغالبية توجهنا نحو الفدرالية الدولية للصحفيين. ولنا اتصالات بالفدرالية الدولية ولكن الأمر لا يتعدى مستوى الاتصالات.
سويس إنفو: لكن التوصل الى فرض آلية دولية ملزمة لن يكتب له النجاح بدون تدخل الدول. ألى أين وصلت جهودكم في إقناع الدول وما هو موقف الحكومة السويسرية من الحملة؟
بليز لامبن: بالنسبة لإقناع الدول هذا أمر صعب للغاية يضاف الى ذلك ان حكومات الدول الديمقراطية تتفادى ذلك مخافة أن تتهم بالتدخل في أمور حرية واستقلالية الصحافة.
لكن على كل يمكن القول أننا حصلنا على دعم وزير الخارجية الفرنسي الجديد بيرنار كوشنر الذي تبادل خطابات مع سكرتارية الحملة وقال أن القرار 1738 الذي تقدمت به فرنسا أمام مجلس الأمن الدولي يجب أن تُضاف له إجراءات أخرى.
كما أن كندا كانت قد تبنت تقديم مشروع قرار حول حرية التعبير والإعلام أمام مجلس حقوق الإنسان. ولكن مشاريع كندا تعرف عرقلة من قبل المجموعة الإسلامية نظرا لمواقف كندا المناهضة للمجموعة الإسلامية داخل المجلس. ومن هذا المنطلق من غير المنطقي تكليف كندا بتقديم مشروع القرار لأن مبادراتها ستعارض بالرفض داخل مجلس حقوق الإنسان.
وقد حصلنا على دعم مبدئي من منظمة المؤتمر الإسلامي التي قالت أنها تناصر حماية الصحفيين ولكن الأمر يبقى مجرد دعم مبدئي. أما إذا أردنا التحول الى مرحلة الدفع من أجل تطوير معاهدة دولية فعلينا انتظار ان تقتنع مجموعة من الدول بالفكرة وتقترح تشكيل مجموعة عمل لمناقشة الموضوع من كل جوانبه. فنحن على استعداد لمناقشة كل ما من شأنه أن يعمل على تعزيز حماية الصحفيين أثناء تغطية الصراعات المسلحة سواء بشارة معينة أو بدون شارة وحتى ما إذا كنا في حاجة الى معاهدة جديدة أم لا.
سويس إنفو: من خلال متابعتك للموضوع ما هي فقرات القوانين المتوفرة حاليا التي تمنح حماية للصحفيين ؟
بليز لامبن: لقد أصدرت مؤخرا كتابا عن الموضوع تحت عنوان ” مجازر بدون شهود عيان”، صادر عن دار النشر ” كزينيا” أشرت فيه الى الفراغ القانوني في مجال حماية القانون الإنساني الدولي للصحفيين. كل ما هو متوفر هو البند 79 من البروتوكول الإضافي الأول لمعاهدات جنيف الصادر في عام 1977 والذي ينص على أن الصحفيين يعتبرون ضمن فئة المدنيين. ولكن الأمر لا يتعدى ذلك. لأن المشكلة تكمن في كون أربعة جرائم من بين خمسة التي تستهدف الصحفيين تبقى بدون عقاب، وذلك لعدم وجود آليات متابعة او تحقيق أو قادرة على المطالبة بتعويض لفائدة عائلات الصحفيين الذين قتلوا.
سويس إنفو: ولنعد الى دعم الدول للحملة ، كيف هو موقف الحكومة السويسرية وهل تم اتصال بهذا الشان؟
بليز لامبن: إضافة الى دعم الصحفيين السويسريين الذي كان متوفرا منذ البداية من خلال جمعية ” امبريسوم”، اتصلنا منذ البداية بوزيرة الخارجية ورئيسة الكنفدرالية الحالية ميشلين كالمي- ري. الموقف السويسري يمكن وصفه بموقف من هو مهتم بالموضوع ولكن في حالة انتظار في الوقت الحالي. وما نأسف له هو كون الحكومة السويسرية لم تتخذ أي إجراء عملي لحد الآن رغم توصل جهات بوزارة الخارجية بملف عن الموضوع ورغم أن لنا اتصالات مستمرة مع السفير السويسري لدى الأمم المتحدة بليز جودي ومع مسئول الاتصال بوسائل الإعلام الأجنبية بوزارة الخارجية رافائيل صابوريت.
وأعتقد أنه يجب أن نعيد تحريك الأمور من هنا حتى شهر سبتمبر مع الجانب السويسري لأن بلدا مثل سويسرا يتمتع بالحياد وله سمعة جدية داخل مجلس حقوق الإنسان بإمكانه أن يقدم بنجاح مشروعا من هذا النوع أمام المجلس.
سويس إنفو – محمد شريف – جنيف
نشر بليز لامبن مؤخرا كتابا تحت عنوان “مجازر بدون شهود عيان”، يعتبر حصيلة مختلف المراحل التي مرت بها الحملة من أجل شارة لحماية الصحفيين منذ قيامها قبل 3 سنوات عن هذا الكتاب الذي نشرته دار ” كزينيا ” يقول بليز لامبن:
“إنه كتاب وثائقي يستعرض هذا التدهور الذي تعرفه حماية الصحفيين في مناطق الصراعات الدولية والداخلية، كما يستعرض تدهور حالة حرية الصحافة والإعلام التي تفاقمت منذ أحداث 11 سبتمبر 2001 بسبب تعاظم ظاهرة الإرهاب وبسبب ما يسمى بالحرب ضد الإرهاب التي سمحت لدول بالتزود بقوانين تحد من حرية التعبير. وهذا التراجع في حرية التعبير والإعلام موثق في هذا الكتاب ولكن لايكتفي الكتاب بذلك بل يبحث فيما يجب القيام به لمواجهة ذلك لأن الفائدة ليست فقط في إدانة والتنديد بما يحدث من تجاوزات بل كيف يجب مواجهة ذلك.
لذلك حاولت دراسة ما هو متوفر من حماية في مواثيق القانون الإنساني الدولي وفيما هو متوفر عل مستوى المحاكم الدولية . وتوصلت الى خاتمة أن هناك فراغا قانونيا في هذا المجال. وبحكم أن للصحفيين مهمة خاصة تتطلب تواجدهم في بؤر التوتر كشهود عيان، فلا مفر من ضرورة إبرام معاهدة دولية ملزمة لحمايتهم.”
وعما إذا كان الكتاب سيرى النور بلغات أخرى بما فيها اللغة العربية يقول بليز لامبن ” هناك جهود مبذولة حاليا في هذا الاتجاه خصوصا لترجمته للغة العربية لأن المنطقة العربية معنية بالموضوع أكثر من غيرها ولأن الصحفيين فيها معرضون أكثر من غيرهم لهذه الأخطار”.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.