حضور سياسي وثقافي فلسطيني في جنيف
افتتح الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في جنيف أكبر معرض للآثار الفلسطينية يقام في الخارج بدعم من مدينة جنيف ومتحف الفن والتاريخ فيها
وتقابل الرئيس الفلسطيني مع رئيسة الكنفدرالية السويسرية ميشلين كالمي ري في إطار جولته الأوربية لفك الحصار على حكومة الوحدة الوطنية.
كان الرئيس الفلسطيني محمود عباس ضيفا على جنيف منذ مساء الأربعاء 25 ابريل للمشاركة في افتتاح معرض آثار غزة الذي نظمته مدينة جنيف بالاشتراك مع وزارة السياحة والآثار الفلسطينية وباستضافة أكثر من 500 قطعة الغالبية منها تعود للمقاول الفلسطيني جودة الخضري الذي حرص على حمايتها من التحطيم الإسرائيلي او النهب.
المعرض الذي ساهم متحف الفن والتاريخ لمدينة جنيف في إعداده، والمستمر حتى شهر أكتوبر القادم يعد أكبر معرض للآثار الفلسطينية يقام في الخارج.
السياسة والأمن والتاريخ
تنظيم هذا المعرض يأتي في وقت حرج بالنسبة للسيد محمود عباس بحيث تعرف حكومة الوحدة الوطنية هزات مردها لنقض الجناح العسكري لحركة حماس الهدنة مع إسرائيل بعد ردها على عمليات الاغتيال الإسرائيلية وبعد تقديم وزير الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية استقالته بسبب ما يزعم أنها عراقيل توضع في طريقه من قبل بعض أجهزة الأمن التي لا تعترف بصلاحياته.
وهذا ما المح له الرئيس الفلسطيني في الندوة الصحفية التي خصصت للحديث عن المعرض بقوله ” طبعا تختلط الأمور في بلدنا بين السياسة والأمن والحضارة والتاريخ والآثار،
ولكن إحداها لا تطغى على الأخرى فكل يسير في مكانه الطبيعي”.
إذ يرى الرئيس الفلسطيني ” أنه رغم صعوبة الأوضاع الاقتصادية هذا لم يمنع من أن نوصل التاريخ القديم بالحاضر من خلال البحث عن الآثار من خلال ربط هذه الآثار وهذه الحضارات بعضها البعض”.
حوار حضارات بالفعل
المعرض المقام في جنيف عن الآثار الفلسطينية في غزة والذي يجمع العديد من الحقب تمتد من ما قبل التاريخ حتى العهد العثماني، وكذلك تزامن تنظيمه مع العثور في جنيف في حفائر كاتدرائية جنيف على جرة غزاوية ” يرى فيه الرئيس الفلسطيني أحسن مثال عن حوار الحضارات منذ القدم إذ قال بهذا الخصوص ” إن دل هذا على شيء فإنما يدل على توافق وتلاقي وحوار الحضارات منذ القديم الأمر الذي يدعونا الآن وفي هذه الأيام لنبحث عن حوار الحضارات وليس صراع الحضارات”.
وفي رد على سؤال لإحدى الوكالات عن عدم وجود قطع أثرية يهودية في المعرض رد الرئيس الفلسطيني”بلاشك أن الآثار والحضارات لا تلغي شعوبا ولا تلغي ذاكرة احد، وبالتالي اية آثار يبحث عنها وتوجد فهي تعبر عن ذاتها وستبقى موجودة لان لا احد من الناس يستطيع أن يلغي ألآخر او يستطيع ان يلغي تاريخ الآخر فإن وجدت أثار في غزة لليهود او للشعب اليهودي بلا أدنى شك ستظهر وتبرز وتحترم”. وهذا قبل أن يضيف باتريس مونيي مسئول الثقافة في جنيف موضحا “بان إسرائيل لا تسمح بخروج القطع اليهودية”.
متحف للذاكرة الفلسطينية
وقد أعلن مسئول الثقافة بمدينة جنيف أثناء افتتاح هذا المعرض عن الشروع في مرحلة جديدة من مشروع بناء متحف في غزة بمساعدة منظمة اليونيسكو وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي وبتمويل من الجالية الفلسطينية في الشتات. وهو المشروع الذي قال عنه الرئيس الفلسطيني ” فكرة بناء متحف في غزة هي فكرة رائعة واتمنى أن تجد طريقا للتطبيق”. قبل أن يضيف “ولكنني أريد أن ابشركم بأننا نبحث الآن عن متحف لذاكرة فلسطين قد يكون في مدينة بيت لحم وقريبا جدا إنشاء الله” .
مشروع متحف الذاكرة الفلسطينية ستسهر على اعداده جمعية التنمية التي مقرها في جنيف والتي هي جمعية لأبناء فلسطين في الشتات.
وفي رد عن سؤال لسويس إنفو عما إذا كانت هناك ضمانات لعدم تعرض المتحف المراد تشييده في قطاع غزة لقصف إسرائيلي مثلما تعرضت العديد من المنشئات والنبى التحتية الفلسطينية رد الرئيس الفلسطيني ” لا ليس لدينا ضمانات لأن مثل هذا المتحف لو بني لا يقصف، لأنه حصل في الماضي كثير من الأمثلة التي ادت الى قصف الجسور والوزارات والمؤسسات والبنية التحتية وأحيانا كانت تصيب المدارس أيضا “.
لقاء روتيني
بعد ظهر الخميس 26 تقابل الرئيس الفلسطيني مع الرئيس السويسرية ميشلين كالمي ري التي كان قد قابلها في منتجع دافوس على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي في بداية العام.
المناقشات شملت حسب السيد عباس تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، والمبادرة العربية، ومبادرة جنيف التي يرى ” أنها تشكل أساسا جيدا لأفكار كثيرة مفيدة لعملية السلام”.
لقاء السيد عباس بالرئيسة السويسرية يأتي في نهاية جولته التي قادته الى عدد من الدول الأوربية قبل عودته الى القاهرة والتي كما قال، كانت لإطلاع قادة هذه الدول على النشاطات الفلسطينية وعلى المحادثات التي اجراها مع رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت”.
تذكير بالموقف السويسري
رئيسة الكنفدرالية ذكرت بالموقف السويسري تجاه السلطة الفلسطينية والحكومة الفلسطينية، من ترحيب بتشكل حكومة الوحدة الفلسطينية التي اعتبرتها “خطوة سياسية هامة”، وعبرت عن الأمل في أن تتمكن من أعادة المسار السلامي الى مجراه.
كما ذكرت ميشلين كالمي ري ” بأن سويسرا لم توقف اتصالاتها بالحكومة والسلطة الفلسطينية حتى قبل تشكيل حكومة الوحدة الوطنية”.
كما ذكرت بالمساعدات الإنسانية والتنموية، والنشاطات المدنية المساعدة على السلم، التي تقدمها سويسرا للشعب الفلسطيني والتي فاقت 30 مليون فرنك في العام 2006.
وعن أحداث العنف التي تعرفها الأراضي الفلسطينية مؤخرا عبرت الرئيسة السويسرية عن “الأسف لاستئناف العنف” داعية الأطراف” لمواصلة الحوار والإحجام عن اتخاذ ما من شأنه أن يضعف المسار السلامي الهش” .
وفي رده على سؤال في الندوة الصحفية القصيرة التي تلت اللقاء حول مصير الصحفي البريطاني المخطوف، أوضح الرئيس محمود عباس ” أنه يعرف انه مخطوف في مكان ما في غزة وأنه حي يرزق وان السلطات تبذل كل الجهود للإفراج عنه سالما”.
أما الرئيسة السويسرية التي ووجهت بسؤال عن مطالبة منظمة مدنية سويسرية بوقف التعاون العسكري مع إسرائيل فقد ردت على ذلك بقولها ” أن هذا التعاون لا يشمل بيع الأسلحة”.
سويس إنفو – محمد شريف – جنيف
“..عندما نتحدث عن فلسطين اليوم يتعلق الأمر بعدة مناطق، وغزة واحدة من تلك المناطق التي تعرف بعض المشاكل بسبب الازدحام السكاني وعمليات الإغلاق رغم توفر السواحل الجميلة والأراضي الخصبة..”.
“.. فعندما نشيد بها مبنى هام بمحتوى أثري معبر، هذا الحدث سيسمح أولا لأهالي غزة باكتشاف ماضيهم الذي تختلط فيه الحقب ما قبل المسيحية والمسيحية والإسلامية واليهودية، كما أنه سيعمل على جلب زوار للمنطقة مما يعمل بشكل متواضع على الشروع في بناء قسم من الأمل والمستقبل. ولعل التضارب يتمثل في أننا نعرض مآثر قديمة ولكننا نتحدث عن بناء جانب من المستقبل. ولو نتمكن في تحقيق ذلك فنكون قد أسهمنا بقسط بسيط ومتواضع..”
“..الأمر يتعلق بمنطقة لم يكتب تاريخها نهائيا وعلينا أن نكتشفه. ومن هذا المنطلق يمكن القول بان ما نقوم به هو بمثابة تشييد جسر ثقافي بين الماضي والحاضر وبين الأجيال بإمكانه على المدى البعيد أن يرسي قواعد التعايش في المنطقة..”
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.