مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

 حقوق الإنسان بين المبادئ والواقعية السياسية

المفوض السامي الجديد لحقوق الانسان البرازيلي سيرجيو فيرا دي ميللو برفقة الأمين العام كوفي أنان Keystone Archive

بتعيين البرازيلي سيرجيو فيرا دي ميللو كمفوض عام لحقوق الإنسان محل رئيسة إيرلندا السابقة ماري روبنسن، تطرح عدة تساؤلات حول الطريقة التي سيتم الدفاع بها عن ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان. وبعبارة أخرى التساؤل حول مصير صوت الضحايا أمام ضغوط الحكومات؟

اقدم الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة كوفي أنان على تعين البرازيلي سيرجيو فيرا دي ميللو(54عاما)، خلفا لماري روبنسن على رأس المفوضية السامية لحقوق الإنسان. ومن المنتظر أن تصادق الجمعية العامة للأمم المتحدة على هذا الاختيار بدون إشكال.

فالسيد سيرجيو فيرا دي ميللو الحاصل على دكتوراه في الفلسفة من جامعة الصوربون، من الشخصيات الأممية المعروفة بحكم تقلبه في عدة مناصب أممية بدأها كمحرر بسكرتارية المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في عام تسعة وستين. وقد تقلد عدة مناصب في مفوضية اللاجئين أوصلته إلى مدير قسم العلاقات الخارجية بالمفوضية في عام تسعين.

كما يعتبر السيد سيرجيو فيرا دي ميللو من أحسن العارفين بخبايا المهام الميدانية في احلك الأوقات، سواء تعلق الأمر بقضايا اللاجئين او بإدارة أقاليم تعرف اضطرابات مسلحة. فهو لم يترك بقعة من البقاع الساخنة لم يتولى فيها، كمبعوث عن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، مهمة معينة انطلاقا من الصراع في قبرص مرورا بموزمبيق والبيرو ولبنان وانتهاء بالبحيرات الكبرى.

كما تولى كممثل خاص للأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة مهام في البوسنة والهرسك، وكرئيس لقسم القضايا المدنية بقوات حفظ السلام في يوغسلافيا السابقة، وكمنسق للقضايا الإنسانية في منطقة البحيرات الكبرى وكممثل خاص للأمين العام في كوصوفو. وآخر منصب تقلده السيد سيرجيو دي ميللو حتى شهر مايو من هذ العام كان الحاكم الدولي لإقليم تيمور الشرقية الذي حصل على استقلاله عن اندونيسيا.

وقد أكسبت هذه الخبرة الميدانية السيد دي ميللو احتراما داخل المنظمة، كأحد أحسن الخبراء الميدانيين. كما سمحت له بتسلق السلم الإداري للوصول في عام 1998 إلى منصب نائب الأمين العام للأمم المتحدة المكلف بالقضايا الإنسانية والمنسق للعمليات الإنسانية الطارئة في المقر الرئيسي بنيويورك.

 ما مصير صوت الضحايا؟

ما تميزت به فترة تولي رئيسة إيرلندا السابقة ماري روبنسن، لمنصب المفوضة السامية لحقوق الإنسان، كونها حاولت أن تطبق ما صرحت به في بداية مشوارها: أي أن تكون بمثابة صوت الضحايا، كل ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان. تمسكها بهذا الموقف ودفاعها عن مبادئ حقوق الإنسان، دون حسابات سياسية، جعلتها تصطدم بالواقعية السياسية في حالتين: التقرير الذي أصدرته في العام 2000، بعد مهمة قامت بها إلى الأراضي الفلسطينية بناءا على طلب من الدورة الخاصة لحقوق الإنسان، وموقفها المناصر لتطبيق معاهدات جنيف على أسرى ومعتقلي مخيم غوانتانامو من تنظيم القاعدة وحركة طالبان.

وهذان الموقفان لم تغفرهما لها لا إسرائيل ولا الولايات المتحدة الأمريكية، وقد كانا من بين الأسباب التي حالت دون رفع الاعتراضات الأمريكية على تمديد فترة بقائها على رأس المفوضية رغم تليين مواقفها، ورغم تدخل الأمين العام كوفي أنان.

لكن على الرغم من كل هذه الصعاب، يُعترف للسيدة روبنسن على أنها عملت على ترقية مهمة الدفاع عن حقوق الإنسان وفقا للمبادئ وليس وفقا للحسابات السياسية. وهو ما يعتبر اكبر تحد، على خلفها سيرجيو فيرا دي ميللو مواجهته.

 الاختيار بين المبادئ أو السلَم الإداري؟

إذا اعتمدنا على تصريح أحد المقربين من السيد سيرجيو فيرا دي ميللو، فإن المفوض السامي الجديد لحقوق الإنسان “يعرف الحدود التي لا يجب تجاوزها” في إدانته لانتهاكات حقوق الإنسان دون تعريض نفسه لمواجهة مباشرة مع الحكومات التي ترتكب الانتهاكات.

إذا كان هذا هو المسار الذي سيختاره المفوض السامي الجديد لحقوق الإنسان، فإنه سيعيد مفوضية حقوق الإنسان إلى الخط المحبب من قبل موظف سامي نابع من صلب هذه المنظمة وهو الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان، الذي تميزت فترة توليه لأمور المنظمة بتطبيق نفس المبدأ: أي التنديد بالانتهاكات في حدود ما يسمح به مجال المناورة.

كما سيجنب العديد من الحكومات وبالدرجة الأولى الولايات المتحدة الأمريكية انتقادات لاذعة من المؤسسة الأممية الوحيدة التي حاولت الاستمرار في الدفاع عن المبادئ دون تمييز بين قوي وضعيف.

محمد شريف – جنيف

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية