“حقُّ النقض بشكله الحالي ليس ديمقراطيا”
أعرب رئيس الكنفدرالية جوزيف دايس عن دعم سويسرا لمشاريع إصلاح هياكل الأمم المتحدة مؤكدا في المقابل معارضة برن لإنشاء مقاعد جديدة في مجلس الأمن تتمتع بحق النقض.
وقال أمام الدورة الـ59 للجمعية العامة للأمم المتحدة:”إن حق النقض بشكله الحالي ليس ديمقراطيا ويعوق قدرة مجلس الأمن على التحرك”.
رغم حداثة عضويتها في الأمم المتحدة، تبدو سويسرا -التي التحقت بالمنظمة الدولية قبل عامين- مصممة على إسماع صوتها وإثبات حضورها وطرح رؤيتها للعالم وقضاياه في المحفل الأممي.
كان هذا العزم السويسري واضحا خلال الخطاب الذي ألقاه رئيس الكنفدرالية جوزيف دايس يوم الثلاثاء 21 سبتمبر في نيويورك بمناسبة انطلاق أعمال الدورة التاسعة والخمسين للجمعية العامة للأمم المتحدة.
فبعد استحضاره للـ”ترحيب الحار” الذي لقيته سويسرا يوم انضمامها إلى الأمم المتحدة، والذي ظل “راسخا” في ذاكرته، أشار السيد دايس إلى أن هذا الانضمام جاء في وقت طغت فيه محاربة الإرهاب على النقاش الدولي، واحتدت فيه الخلافات حول كيفية التعامل مع الملف العراقي، لتظهر مجددا انشقاقات وسط مجلس الأمن.
وقال رئيس الكنفدرالية “إن التجربة أثبتت أن تنفيذ أي تحرك دون تفويض مُحددٍ واضحٍ بناء على قرار من مجلس الأمن يبوء بالفشل ولا يكف عن إثارة خلافات تسيء لفعالية جهود المجتمع الدولي وللأمن”.
التجربة التي يقصدها رئيس الكنفدرالية هي بطبيعة الحال الأزمة العراقية التي أظهرت، كما قال، “أن المجتمع الدولي يظل مرتبطا بنظام متعدد الأطراف لحفظ السلام والأمن الدولي”، مؤكدا في المقابل أن الهياكل الحالية لمنظمة الأمم المتحدة لم تعد تتماشى مع الواقع الجديد للساحة الدولية.
الإصلاح من وجهة نظر دايس
ضمن هذا الإطار، شدد السيد دايس على أن اعتماد إصلاحات لهياكل المنظمة وتعزيزَ أدوات التحرك الجماعي خطواتٌ باتت تفرض نفسها. وأكد رئيس الكنفدرالية في هذا السياق أن بلاده تدعم بنشاط جهود مجموعة العمل الرفيعة المستوى التي كلفها الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان ببحث السبل الكفيلة بتعزيز التحرك الجماعي.
ولبلوغ هذا الهدف، يستند رئيس الكنفدرالية إلى مبدأ “الوقاية أفضل من العلاج”. وتبدأ هذه الوقاية حسب السيد دايس بخطوتين أساسيتين: الأولى تتمثل في ضرورة توفير ظروف عيش أفضل في العالم بأسره، والثانية تكمن في ضرورة تحرك المؤسسات متعددة الأطراف بأسرع أجل لحل الأزمات الناشئة.
وحرص رئيس الكنفدرالية على التنويه بأن “التحرك لا يعني بالضرورة التدخل العسكري”، وأن التحرك السريع يعني أن يتمكن مجلس الأمن من ممارسة مسؤوليته الرئيسية في مجال حفظ السلام والأمن الدوليين بشكل كامل، مثلما ينص على ذلك ميثاق الأمم المتحدة.
وتكمن هذه الحلول، من وجهة نظر رئيس الكنفدرالية السويسري في نقطتين، أولا، يجب أن تعكس تشكيلة مجلس الأمن بشكل أفضل التغييرات التي عرفها المجلس منذ إنشاءه، وتخصيص حيز أوسع للدول النامية. ثانيا، يجب الأخذ بعين الاعتبار بشكل أفضل الدعم المادي والمالي الذي تقدمه بعض الدول الأعضاء.
للمزيد من الشرعية والمصداقية..
ولدى الحديث عن شرعية تحرك مجلس الأمن الدولي وتشكيلته على وجه التحديد، أكد السيد جوزيف دايس أن الوقت قد حان لإيجاد حلول بعد مضي أكثر من عشرة أعوام على بدء الأشغال في هذا الصدد.
في المقابل، عبر السيد دايس بوضوح تام عن معارضة سويسرا المطلقة لإنشاء مقاعد جديدة تتمتع بحق النقض أو “الفيتو” لأن “حق الفيتو بشكله الحالي ليس ديمقراطيا ويعرقل قدرة التحرك في المجلس” على حد تعبيره.
وليتمتع مجلس الأمن الدولي بشرعية أكبر، يرى رئيس الكنفدرالية أنه يجب توفير إمكانية المشاركة في عملية اتخاذ القرار للدول غير الأعضاء في المجلس، كما يتعين تعزيز آليات الاستشارة مع الدول المعنية مباشرة ببؤر النزاع.
لكن التوفر على مؤسسات خالية من العيوب لا يكفي لضمان فعالية الأمم المتحدة حسب اعتقاد رئيس الكنفدرالية، لأن هذه الفعالية “تتطلب التزاما حقيقيا من طرف كافة الدول الأعضاء” من أجل بلوغ الأهداف المنشودة.
ويعتقد السيد دايس أنه للحفاظ على مصداقية الأمم المتحدة، يجب على المنظمة الدولية وأعضاءها أن يظلوا الجهة الكفيلة للقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي. وأكد رئيس الكنفدرالية أن سويسرا لن تتعب من قول وتكرار أن احترام القانون هو السبيل الوحيد”.
سويسرا ستنجز المهمة الأممية
وكانت وزيرة الخارجية السويسرية ميشلين كالمي راي قد شددت بدورها -في الكلمة التي ألقتها يوم الاثنين أمام الصحافة في نيويورك إلى جانب السيد دايس- على الدور السويسري في مجال حماية القانون الإنساني الدولي، وعلى ضرورة احترام حقوق الإنسان في محاربة الإرهاب.
وقد ذكر السيد دايس في خطابه يوم الثلاثاء أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أزمة دارفور حيث قال إن المدنيين سيظلون -في غياب حل سياسي لنزاع دارفور- ضحايا اعتداءات تعد انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي. وأشار رئيس الكنفدرالية إلى ضرورة معاقبة هذه الاعتداءات من قبل السلطات الوطنية والدولية.
ونوه السيد دايس بالمناسبة إلى أن سويسرا وافقت – بصفتها المؤتمنة على معاهدات جنيف- على قيادة استشارات حول سبل تعزيز احترام القانون الإنساني الدولي في الشرق الأوسط، وهي مهمة كلفتها بها الأمم المتحدة إثر القرار الذي تبنته الجمعية العامة يوم 20 يوليو الماضي في قضية الجدار الفاصل الذي تشيده إسرائيل في الضفة الغربية. وقد أوصى القرار بهدم الجدار الذي اعتبرته الجمعية العامة غير قانوني
الهدية السويسرية
وعلى صعيد آخر، تضمن خطاب رئيس الكنفدرالية في نيويورك قضية محاربة الفقر، حيث استنتج أن الجهود في هذا المضمار لا تزال غير كافية. كما دعا المجتمع الدولي إلى تنفيذ الوعود التي قطعها على نفسه قبل ميلاد الألفية الجديدة لتخفيض نسبة الفقراء في العالم بنسبة 50% بحلول عام 2015، وذلك رغم اعترافه بالصعوبات المالية التي تجتازها كافة دول العالم.
واستنادا دائما لمبدأ “الوقاية أفضل من العلاج”، أوضح السيد دايس أن الوقاية تعني أيضا تحديد مشاكل الغد والحيلولة دون احتدامها. ويرى رئيس الكنفدرالية أن جهود إحلال السلام يجب أن تنشط بشكل خاص وسريع في مجالين رئيسيين: أولا، الحد من النزاعات الناجمة عن الدين، وثانيا، الحفاظ على الأسس الطبيعية للحياة.
يشار في الأخير إلى أن خطاب السيد دايس جاء غداة تسليمه ووزيرة الخارجية ميشلين كالمي راي رسميا للأمم المتحدة هدية انضمام سويسرا إلى المنظمة الدولية. الهدية رمزية وعملية، فهي عبارة عن مبنى يقع خلف قاعة الجمعية العامة تولت سويسرا ترميمه وتجديده بتكلفة 3,2 مليون فرنك. وخصص المبنى الممتد على مساحة 220 متر مربع لاستقبال زعماء العالم لتحضير أنفسهم قبل إلقاء خطبهم أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.
سويس انفو مع الوكالات
وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها السابعة والخمسين على انضمام سويسرا إلى الامم المتحدة لتصبح العضو التسعين بعد المائة
التحقت سويسرا بالمنظمة الدولية يوم 10 سبتمبر من عام 2002
سويسرا هي الدولة الوحيدة التي اختار شعبها الانضمام إلى الأمم المتحدة بأسلوب ديمقراطي
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.