حكومة حماس .. بين ائتلاف منشود وتكليف مشروط
اختار رئيس المجلس التشريعي، عزيز الدويك، مصطلح "وضع العصي في الدواليب" في حديثه عن الضغوط التي تعترض طريق حركة المقاومة الاسلامية لتشكيل حكومة فلسطينية وتحاول إفشالها.
وإن كانت تلك الضغوط أكيدة وواضحة، فان ثمة أمرا واضحا آخر مفاده أن حماس تدير هذه الدواليب وتدفعها، منذ فوزها الاخير، دورة كاملة الى الامام.
اختار رئيس المجلس التشريعي، عزيز الدويك، من حركة المقاومة الاسلامية حماس، مصطلح “وضع العصي في الدواليب” في حديثه عن الضغوط التي تعترض طريق الحركة الاسلامية لتشكيل حكومة فلسطينية وتحاول إفشالها.
وان كانت تلك الضغوط أكيدة وواضحة، فان ثمة أمرا واضحا وأكيدا آخر في معادلة السياسة الفلسطينية مفاده: أن حماس تدير هذه الدواليب وتدفعها، منذ فوزها الاخير في الانتخابات العامة الفلسطينية، دورة كاملة الى الامام.
وما أن فرغت الحركة من مراسم تنصيب المجلس التشريعي، وملء جميع شواغر مكتب رئاسته من أعضاء قيادتها وكوادرها، حتى انتقلت إلى مسالة تشكيل الحكومة باعلانها اختيار القيادي فيها، اسماعيل هنية، لتكليفه رسميا بالمهمة من قبل الرئيس محمود عباس.
وراحت حماس، ومنذ اللحظة الاولى، تؤكد أنها تسعى لتشكيل حكومة ائتلاف مع باقي الفصائل الفلسطينية، لاسيما حركة فتح، مشددة على أن خيار الائتلاف يعتبر أولوية ستعمل من اجلها.
وبالرغم من مرور أكثر من ثلاثة اسابيع من اصل خمسة، هي الفترة القانونية لتشكيل الحكومة، فان حماس لم تخصص سوى لقاء أو اثنين لمشاورات الائتلاف، وكذلك فانها لم تقدم صيغة نهائية لبرنامج حكومتها.
بل إنها انتظرت الى موعد الجولة الجديدة من مشاورات الائتلاف، في بداية الاسبوع الثالث من فترة التكليف، وراحت تنشر صيغا جديدية قالت انها “محددات برنامجها السياسي الذي عرضته على الكتل النيابية والفصائل”.
ولم تكن تلك المحددات، سوى مجموعة من نقاط عامة مكثقة تتناول مواقف الحركة الاسلامية من مختلف القضايا المتعلقة بادارة الحكم وبشكل اساسي بمسائل المفاوضات، والقرارات الدولية، والاعتراف باسرائيل والمقاومة.
وفي الوقت الذي كانت فيه حماس تستعد لعقد اللقاء الجديد مع ممثلي الكتل والفصائل للبحث في تشكيل حكومة ائتلاف، كانت تعلن من خلال اعضاء في “مجموعة الناطقين” باسمها، أنها مستعدة للاعلان عن تشكلية حكومتها خلال أيام، بغض النظر عن نتيجة مفاوضات الائتلاف.
الجبهة الدولية
أما جبهة حماس الداخلية فهي منشغلة تماما. العمل جار داخل أروقة المجلس التشريعي لتثبيت أركان السلطة التشريعية الجديدة، بالرغم من انسحاب نواب فتح على خلفية إلغاء المجلس الجديد قرارات آخر جلسة للمجلس السابق.
ومنزل رئيس الوزراء المكلف، المتواضع في مخيم الشاطىء بقطاع غزة، بعج بنشاطات واتصالات، واجتماعات لا تتوقف، حيث تجرى (أو انتهت على الاغلب) عملية وضع البرنامج الحكومي وتثبيت أسماء الوزراء الجدد.
بينما تشتد في الخارج خطوات جريئة أخرى، انطلاقا من دمشق والقاهرة ومرورا بقطر والسعودية وصولا الى موسكو وانقرة، وقريبا الى عواصم اوروبية جديدة لا يريد احد حاليا الاشارة لها باسماء.
وهى حركة انطلقت غداة إعلان فوز حماس غير المسبوق في الانتخابات التشريعية، وهي الحركة التي يقودها خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحماس وباقي اعضاء المكتب بمساعدة “قوية وفاعلة” من جماعة الاخوان المسلمين الدولية.
وفي حين اكدت حماس مرارا على النجاح الكبير لزيارتها الى موسكو، العضو في اللجنة الرباعية الخاصة بعملية السلام في الشرق الاوسط، فان زيارة الوفد الى السعودية وايضا الى الخرطوم، مكان انعقاد القمة العربية المقبلة في الثامن والعشرين من شهر اذار/مارس الجاري، ربما يفوق ذلك أهمية.
وإذ حطت رحال حماس في الرياض، قل الكلام ولم يصرح، سوى عزت الرشق عضو الوفد، أن السعودية وعدت بواصلة دعم للفلسطينين بالرغم من مختلف التهديدات الاسرئيلية والاميركية حول دعم حكومة فلسطينية ترأسها حماس.
غير أن في السعودية، القوة الاقليمية العربية الاسلامية، ما هو اكثر من مجرد وعود مالية. فالرياض تملك دون غيرها، كل ما يفي غرض تلقين حماس، وليس مجرد الاستماع الى أفكارها وخططها.
محطة الخرطوم مميزة من حيث انها شكلت في سنوات “مطاردة” أعضاء حماس ، ملجا وملاذا، وربما ستكون أيضا حيث يتزامن موعد انعقاد القمة العربية المقبلة مع انتهاء فترة التكيلف (على الارجح موعد اعلان حكومة حماس) ومع يوم إجراء الانتخابات العامة الاسرائيلية.
مصادر القوة
ولاريب ان لهجة خطاب حماس ازاء التقليل من شان تشكيل حكومة ائتلاف والايحاء بقدرتها على تشكيل حكومة حمساوية خاصة، راحت تعلو بكشل مطرد بعد زيارة وفدها الى السعودية، الدولة صاحبة مبادرة السلام العربية الموجهة الى إسرائيل في قمة بيروت عام 2003.
تستوحي حماس قوة خطابها القيادي، وكذلك نجاحها في تمرين اعتلاء المنصة من اكثر من مصدر، بدءا من الانتخابات ومرورا بجبهتها الدولية “الصغيرة”، ولعل في دعوة الرئيس المصري حسني مبارك في المانيا الى التعامل مع حماس كـ “أمر واقع”، دليل آخر على تنامي هذه الجبهة.
القاهرة تعمل ايضا دور “القاسم المشترك” بين حماس وعباس، حيث يتوقع ان يزورها الرئيس الفلسطيني خلال الايام القادمة ورئيس الوزراء المكلف من حماس، لترتيب صيغة توائم ما بين كتاب التكليف الرئاسي وبين برنامج حماس.
أدركت حماس منذ البداية أن عليها ان تتوافق في جولتها مع الرئيس عباس حول شروط التكليف وليس مع فتح حول حكومة ائتلافية، فاخذت المعركة الى الائتلاف لتضغط على التكليف، وهكذا شرعت في رحلة القيادة.
هشام عبدالله – رام الله
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.