مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

حكومة “وحدة وطنية” بوزن الريشة

طالبتان فلسطينيتان، ريمة (إلى اليمين) مؤيدة لحركة فتح وأمل (إلى اليسار) من أنصار حركة حماس تتابعان اجتماعا انتخابيا طلابيا في جامعة مدينة الخليل يوم 18 مارس 2007 Keystone

ثمة تصوّر يمكن رسمه أو استنساخه من تجارب عديدة سابقة، لما يمكن أن يؤول إليه الحال الفلسطيني، وما يمكن أن يفرزه الاحتقان الداخلي والضغط الخارجي، الذي يواجهه الفلسطينيون في الضفة الغربية وقطاع غزة مجددا.

ولعل احتمال تدهور الأمور مجددا، يظل الاحتمال الأكثر توقعا مع تواصل الحصار الإسرائيلي والأمريكي الدولي على حكومة الوحدة الوطنية.

إن أبعاد الواقع السياسي للسلطة الفلسطينية ولحكومة الوحدة الوطنية فيها، واضحة وجلية تماما ولا تستوجب عملية قراءتها والتنبُّـؤ بمساراتها المستقبلية، كبير عناء، ولا أدوات قياس بالغة الدقة، بل إن الأجواء الثقيلة المعتادة، التي يعيشها الفلسطينيون وقياداتهم، تكفي لإضفاء نكهة الحقيقة على مختلف التوقعات التي تُـنذر بانفراط عقد التحالف الفلسطيني، الذي خرج إلى النور بعد اتفاق مكة، وربما عودة الأمور إلى المربع الأول من جديد.

لكن في المقابل، ليس ثمة يقين واحد لا منازع له يمكن إسقاطه على الوضع الفلسطيني الحالي، وليس في حكم المؤكد أيضا أن تظل الضغوط الإسرائيلية والأمريكية إلى ما لا نهاية في انتظار ركون حماس، الشريك الرئيسي في حكومة الوحدة الوطنية، وقبولها بالشروط الدولية المكررة.

فالتصريحات التي تخرج عن مختلف أركان الحكومة الفلسطينية، لاسيما رئيسها إسماعيل هنية، لا تصب إلا في الدفع باتجاه تهدئة الأمور، بل إنها لم تخرج عن محددات السياسة العامة الفلسطينية.

واضح أن لهجة حماس الحادة والقوية اختفت عن خطاب الحكومة الحالية، وأوضح أيضا أنه، وبالرغم من تحفظ الحكومة على سياسية التفضيل التي يمارسها العالم بين الوزراء من حماس وغيرها، لم تدفع إلى أزمة أو تراجع.

فالحكومة التي لم تتمكن حتى الآن من توفير راوتب موظفيها ولم تحقق تقدما في مسألة الأمن الداخلي ولم تحدث ثغرات في جدار الحصار الذي يتهدد الفلسطينيين، لم تتراجع أيضا.

الدائرة المغلقة

بيد أن هذا السلوك الدبلوماسي لم يحقق تقدما أيضا، إذ لم يساهم وجود وزير مالية من عيار سلام فياض (المفضل دوليا)، توفير ولا راتب شهر واحد، بل إن الإسرائيليين رفضوا المشاركة في مؤتمر دولي شارك وزير المالية الفلسطيني فيه.

إضافة إلى ذلك، لم يتمكن فياض، بالرغم من علاقاته الدولية المتعددة من إحداث شق واحد في جدار الحصار المالي المفروض على الفلسطينيين، والذي تسبب في تراجع اقتصادهم بنسبة 10% خلال العام الماضي.

ومع ازدياد التوقعات بتسجيل تراجع مماثل للسنة الحالية، لم يشفع اعتدال فياض، وقبله رئيسه محمود عباس لدى الإسرائيليين في الإفراج، ولو عن جزء بسيط من نحو مليار دولار تحتجزها الدولة العبرية من أموال السلطة الفلسطينية، التي تجبيها على دخول البضائع والسلع، التي يجب أن تمر عبرها قبل وصولها إلى السلطة الفلسطينية.

وهناك وزير الخارجية اللامع، زياد أبو عمرو، المقبول دوليا أيضا، والذي لم تنفع زياراته المتتالية والعديدة خلال أقل من شهر إلى أكثر من بلد، في دفع أكثر من النرويج (كانت أصلا غير راضية عن الحصار) إلى التعامل مع حكومة الوحدة الوطنية.

وبقيت الصورة الأرشيفية لوزير خارجية النرويج ورئيس الوزراء إسماعيل هنية، الدليل الوحيد والمادي على ما يمكن إن تصل إليه حكومة الوحدة الوطنية، يضاف إليها لقاء القنصل العام البريطاني مع هنية، إذ سجلت الزيارة من أجل الضغط على الحكومة الفلسطينية للإفراج عن الصحفي البريطاني المختطف، ألان جونستون.

وفي ذات الوقت تمكّـن عزام الأحمد، نائب رئيس الوزراء، من بعث بعض حياة في مقر رئاسة الوزراء في رام الله بالضفة الغربية من خلال استقباله لمبعوثي السلام المتعددين وبعض المسؤولين الأجانب الذين باتوا يدقون باب المقر الذي لم يزره مسؤول أجنبي منذ أكثر من عام لدى تولى حماس الحكومة عام 2006.

النافذة صغيرة

إذن ثمة نافذة صغيرة تمكّـنت حكومة اتفاق مكّـة من فتحها، لكنها نافذة تطل على كثير من الخراب والدمار، وإن كانت تسمح بعبور الهواء. فالانفلات الأمني والمواجهات بين فتح وحماس لم تتوقف، بل إنها أصبحت تحمل اسما جديدا “خلافات العائلات” التي تؤدي إلى القتل والدمار أيضا.

واستنادا إلى إحصاءات محلية، فإن غالبية من قُـتلوا، ليسوا إلا إفرادا في أجهزة أمنية وينتمون إلى حركة فتح، وأن هذه العمليات ليست سوى عمليات اغتيال مقصودة.

ولم يكن تقديم وزير الداخلية هاني القواسمي لاستقالته الأسبوع الماضي (رفضها رئيس الوزراء)، سوى دليل على استمرار الخلافات الرئيسية بين الجانبين.

وأكد أكثر من مصدر أن السبب الرئيسي وراء تقديم القواسمي لاستقالته، كان بسبب التدخل المستمر لمدير جهاز الأمن الداخلي، العميد رشيد أبو شباك (فتح) في عمل وزير الداخلية.

ويقول وزير سابق، رفض الكشف عن هويته، لسويس إنفو “دعونا نتحدث بصراحة، حماس تريد حصَّـتها في جميع مؤسسات منظمة التحرير، وما دامت لم تحصل على ذلك، فان لاشيء سيتحرك إلى الأمام، سوى استمرار القتل والمواجهة”.

وقالت مصادر مقرّبة من الجانبين، إن ثمة لقاءات مكثفة تجري حاليا من أجل التوصل إلى صيغة مقبولة من جميع الأطراف، يمكن لها أن تشكِّـل عاملا ضاغطا على الإدارة الأمريكية لوقف الحصار، لأنه دون ذلك، لن يتحقق شيء أيضا.

هشام عبدالله – رام الله

تل أبيب (رويترز) – قال مفوض الاتحاد الاوروبي للمساعدات الانسانية يوم الخميس 26 أبريل 2007 أن مساعدات الاتحاد ستتجاوز الحكومة الفلسطينية التي تقودها حماس الى أن تعترف بإسرائيل وتنبذ العنف وتلتزم باتفاقات السلام المؤقتة بين الجانبين.

وأبلغ لويس ميشيل الصحفيين في تل أبيب بأنه “ما دامت هذه المعايير لم تتحقق فلن يكون هناك تغير في النظام أو الاسلوب أو عملية المساعدات المقدمة من الاتحاد الاوروبي.”

وكان الفلسطينيون يأملون في أن يدفع تشكيل حكومة الوحدة بين حركة المقاومة الإسلامية حماس وحركة فتح التي يتزعمها الرئيس محمود عباس الاتحاد الاوروبي وكبار المانحين الاخرين الى رفع حظر اقتصادي مستمر منذ عام على السلطة الفلسطينية.

وحذر رئيس الوزراء الفلسطيني اسماعيل هنية وهو من قياديي حماس من أن الحركة ستعيد تقييم استراتيجيتها في غضون شهر أو شهرين اذا لم يتم رفع العقوبات الغربية عن الحكومة.

وحالت العقوبات دون دفع الحكومة الفلسطينية رواتب موظفيها بالكامل منذ مارس آذار 2006 عندما تولت حماس السلطة بعد الفوز على حركة فتح في الانتخابات التشريعية.

وقال مسؤول اوروبي كبير رفض الافصاح عن هويته ان القيود على المساعدات تعبر عن القلق من ان حماس قد تمارس سيطرة على اموال الحكومة رغم تعيين سلام فياض وزيرا للمالية. ويتمتع فياض بعلاقات طيبة مع القوى الغربية وليس عضوا بحركة حماس.

واضاف المسؤول “انها قضية تتعلق بتسلسل القيادة.”

ويأمل فياض بالبدء في دفع جزء من الرواتب قريبا من خلال حساب مصرفي تحت سيطرته المباشرة.

ويمارس المسؤولون الاسرائيليون ضغوطا على الاتحاد الاوروبي لمواصلة العقوبات من أجل ابقاء الضغط على حماس للوفاء بالشروط الثلاثة التي وضعتها لجنة الوساطة الرباعية الدولية المعنية بعملية السلام في الشرق الاوسط والمؤلفة من الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة وروسيا والامم المتحدة.

ويتضمن برنامج حكومة الوحدة الفلسطينية وعدا “باحترام” اتفاقات السلام الاسرائيلية الفلسطينية السابقة لكنه لا يدعو الى الاعتراف باسرائيل ويقول ان المقاومة “بكل أشكالها” ضد الدولة اليهودية حق مشروع.

وقال ميشيل عقب لقائه بوزيرة الخارجية الاسرائيلية تسيبي ليفني ان الوضع الانساني في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة تدهور “كثيرا” منذ فرض العقوبات قبل عام.

وللمساعدة في تلطيف الصدمة الاقتصادية عمد الاتحاد الاوروبي إلى تقديم مساعداته من خلال ما يطلق عليه الالية الدولية المؤقتة والتي تتجاوز الحكومة الفلسطينية.

وقال مسؤولو الاتحاد الاوروبي انهم يتوقعون أن توفر الالية ما يصل الى 34 مليون دولار شهريا في صورة “منح” مباشرة لموظفي الحكومة الفلسطينية والمتقاعدين والفقراء في الضفة الغربية وغرة.

وستكمل أموال الاتحاد الاوروبي جزءا من الرواتب التي يأمل فياض البدء في تقديمها من خلال حساب مصرفي لمنظمة التحرير الفلسطينية.

ومن المتوقع أن تخفف ادارة الرئيس الامريكي جورج بوش القيود على تدفق الاموال إلى حساب منظمة التحرير المذكور في اطار استراتيجية أمريكية بديلة تهدف الى دعم الوزراء غير الاعضاء في حماس مثل فياض داخل حكومة الوحدة.

(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 26 أبريل 2007)

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية