حلم قطري: هل يتحقق؟
هل يُـمكن أن تتحوّل قطر إلى العاصمة الأولى للطاقة في العالم، مثلما يحلم بذلك وزير الطاقة والصناعة في هذا البلد الخليجي؟
الأرقام والإحصائيات المتوافرة، تُـشير إلى أن الحُـلم ممكن التحقيق، إلا أن العقبات القائمة دونه كبيرة.
جاءت فعاليات مؤتمر الشرق الأوسط للاستثمارات في صناعات النفط والغاز والبتروكيماويات الذي انعقد في الدوحة في منتصف شهر سبتمبر، ليُـعيد إلى الأذهان الحُـلم القطري العلني بأن يُـصبح هذا البلد الصغير عاصمة للطاقة في العالم.
وقد شارك في المؤتمر حوالي 190 مسؤولا وخبيرا من الدول العربية والأجنبية تدارسوا آخر التطورات التكنولوجية في مجال الصناعة المتعلقة بالنفط والغاز والبتروكيماويات، وأعاد عبد الله بن حمد العطية، وزير الطاقة والصناعة القطري على مسامع الحاضرين حُـلمه العلني بأن تُـصبح بلاده “العاصمة الأولى للطاقة”.
وقبل ذلك بأيام، أعلن محافظ المصرف المركزي القطري في اجتماع لمحافظي البنوك المركزية العربية أن دخل بلاده من الغاز سيربو قريبا على دخلها من النفط، وهو أمر، ولئن يحدث لأول مرة في تاريخ الدول الخليجية والعربية الشهيرة بصناعة النفط، فإنه لم يُـفاجئ المراقبين الذين يتابعون ما طرأ على البلد من تحولات منذ أن تم الإعلان قبل سنوات عن حيازتها لأكبر حقل غاز متكامل في العالم، ولثاني احتياطي عالمي لهذه الطاقة الصاعدة.
سياسة الباب المفتوح
ومنذ ذلك الوقت لم يتوقف القطريون عن البحث في جهات العالم الأربع على أسواق لمنتوجهم الغازي الضخم، وتوفّـقوا في عقد صفقات كبيرة على آماد بعيدة تأتى في مقدمتها اليابان التي أصبحت بفضل الغاز القطري أول شريك تجاري للدوحة بعد أن قفزت الصادرات القطرية من 18971 مليون ريال في عام 2000 إلى 22504 مليون ريال في عام 2002، مما أدى إلى المسارعة بإنشاء جمعية للصداقة بين البلدين، أعلن عنها وزير الطاقة القطري قبل يومين.
وقبلها، تحديدا في منتصف شهر يوليو الماضي، تم الإعلان عن توقيع عقد لتصدير 5.7 مليون طن من الغاز الطبيعي إلى الولايات المتحدة ابتداء من عام 2008 على أن يتم إنشاء مصنعين بتكلفة سبعة بلايين دولار أمريكي، ولتصبح قطر بذلك أول مُـزوّد غاز بالنسبة لأمريكا مع حلول عام 2010.
وعلى هذه الشاكلة، اعتمدت قطر سياسة الباب المفتوح لتشجيع مشاركة الشركات الأجنبية التي تتوافر لديها التقنية الحديثة والقدرات المالية ومنافذ التسويق. وتم التوقيع خلال السنوات الثلاث الماضية مع عدة شركات عالمية تعمل في مجالات النفط والغاز والبتروكيماويات، قابلتها جهود مكثفة لزيادة موارد النفط القابل للاستخراج، حيث زاد المخزون النفطي بنسبة 40%.
كما زادت القدرة الإنتاجية من 400 ألف برميل يوميا قبل سنوات، إلى حوالي 800 ألف برميل يوميا، في حين زاد مخزون الغاز إلى 900 تريليون قدم مكعبة، مما ضاعف مشاريع تصدير الغاز المسال بالبواخر والأنابيب أو باستخدامه في صناعات الأسمدة والبتروكيماويات وتحويل الغاز إلى سوائل.
وكانت شركة «ساسول»، من جنوب إفريقيا آخر الموقعين على مشروع بتكلفة 700 مليون دولار، فضلا عن مشروع «غاز الخليج 1» الذي يهدف إلى مد قطر والدول المجاورة لها بما تحتاجه من الغاز عن طريق الأنابيب، إضافة إلى التوسعات الهامة في الصناعات البتروكيماوية، مما جعل قطر يتطلّـع لأَن يُـصبح أحد أهم مراكز صناعة البتروكيماويات في العالم.
فائض في ميزان الدفوعات
ويقول المصرفي طارق المالكي إن هناك تحولا كبيرا طرأ في أداء الاقتصاد القطري خلال السنوات الثلاث الماضية من خلال استغلال الاحتياطات الضخمة للغاز الطبيعي القطري، والتي تُـقـدّر بحوالي 900 تريليون قدم مكعب. وبذلك، زادت صادرات قطر من الغاز الطبيعي المسال لعدة بلدان حول العالم من «2‚2» مليون طن في عام 1997 إلى 5‚13 مليون طن في عام 2002.
ومن المقدر أن ترتفع الصادرات المتعاقد عليها من الغاز الطبيعي المسال إلى 27 مليون طن بحلول عام 2010 لتصبح قطر أول مزود غاز في العالم، حسب توقعات المستشار الاقتصادي للأمير حمد بن خليفة آل ثاني.
إلا أن سياسة تنويع الدخل لا تقتصر فقط على الغاز الطبيعي المسال، بل تشمل أيضا المنتوجات البتروكيماوية ومشروعات تحويل الغـــاز إلى سوائــل، بالإضافة إلى قطاع النفط الذي يتم التخطيــط لزيــادة طاقة إنتاجه ليصل إلى حوالي مليون برميل في اليــوم بحلــول عــام 2006 مـقــارنة بالطاقة الإنتاجية لأواسط التسعينيات التي كانت «500» ألف برميل في اليوم.
ولذلك، سجّـل ميزان المدفوعات فائضا خلال السنوات الأربع الماضية، ومن المتوقع أن يواصل ذات الميزان تسجيل فوائض حتى العقد القادم، بما مكّـن الوضع المالي للحكومة من تسجيل فائض إجمالي قدره 11،5 مليار ريال (2‚3 مليار دولار) لأول مرة منذ 15 عاما. ويتكهن الخبراء أن يقفز الدخل الفردي في قطر إلى 50 ألف دولار سنويا مع حلول عام 2005، بما سوف يجعله أعلى معدل دخل في العالم.
فيصل البعطوط – الدوحة
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.