“حلم يتحقق”
يشعر الفنان السويسري هانس إيرني الذي كرّس جل لوحاته الفنية لتجسيد المثل العليا للأمم المتحدة، بالفخر لعرض لوحاته في قصر الأمم المتحدة في جنيف بمناسبة انضمام سويسرا للمنظمة.
هذا الفنان ذي الشهرة العالمية والبالغ من العمر الثالثة والتسعين عبر عن شعوره بقوله “لقد انتظرت هذا اليوم طوال حياتي”!
أي تكريم لرجل سخر جل حياته الفنية لتجسيد المثل العليا التي قامت من أجلها منظمة الأمم المتحدة أحسن من تنظيم معرض للوحاته في قصر الأمم المتحدة في اليوم الذي تنضم فيه سويسرا إلى منظمة الأمم المتحدة؟
هذا هو التكريم الذي يليق بمكانة الفنان السويسري هانس إيرني الذي يُـعـدّ من اكثر الفنانين السويسريين شهرة في العالم والبالغ من العمر الثالثة والتسعين. فقد سخر ابن مدينة لوتسيرن اكثر من خمسين عاما من العمل الفني للترويج لمفاهيم التسامح والسلام بين بني البشر. وهو ما تضمنته أعماله الفنية العديدة التي رسمها كملصقات لحساب منظمات أممية وخيرية، او كنماذج لطوابع بريدية صدرت في مناسبات معينة.
وفي مناسبة افتتاح معرض لوحاته في قصر الأمم المتحدة بجنيف يوم الإثنين، عبر هانس إيرني عن الفخر لتنظيم هذا المعرض في مناسبة انضمام سويسرا رسميا إلى منظمة الأمم المتحدة قائلا “إن ذلك يِؤكد أنني كنت محقا في مناصرتي طوال حياتي لهذه المنظمة”.
شاهد على عصر برمّـته!
سخر هانس إيرني فنه لصالح الحملة الداعية إلى انضمام سويسرا إلى منظمة الأمم المتحدة في عام ستة وثمانين، بحيث جسد عبر لوحة أصبحت شعار الحملة آنذاك، فتاة تمثل هيلفيسيا وهي تخرج من قوقعتها لكي تقوم بخطوة أولى نحو المجموعة الدولية. لكن الشعب السويسري – كما نعلم – رفض الاستفتاء آنذاك بنسبة الثلثين.
ولكن الفنان السويسري كان بحق شاهدا على عصره، يستوحي كما يقول الأفكار مما تتناقله وسائل الإعلام من أحداث، ولكنه يحاول تجسيد تلك الأفكار في لوحاته بطريقة تدفع الناظر إلى التأمل في مغزاها بعمق.
ويقول عن لوحته التي تحمل عنوان “لا للحرب النووية” التي رسمها في عام 1945 والمتمثلة في كرة أرضية على شكل جمجمة وقد تصاعد منها الفـطـر النووي، إنها تعبّـر عن مخاوف حقيقية كانت سائدة آنذاك. كما أن لوحته عن أحداث الحادي عشر سبتمبر هي الأخرى شاهد على هذه الأحداث التي يقول أنه ” لم يتمكن من تحديد كل معالم الرعب فيها”
ولم تستثن أعمال هانس إيرني أي قطاع من قطاعات نشاط الأمم المتحدة او المنظمات المختصة التابعة لها، بحيث تطرق فيها للحروب والفقر والمعاناة وتهميش المرأة والطفل وتلويث البيئة وهدر الموارد. لكن ابن مدينة لوتسيرن المتشبع بجبال بيلاتوس التي نجدها في جل أعماله، قد خصص إنتاجا غزيرا لتخليد السنة العالمية للجبال.
في المقابل تعكس أعمال هانس إيرني أيضا سعة إطلاعه وتجواله في شتى بقاع العالم، ومعرفته بالتعددية الثقافية والحضارية، الأمر الذي ترجمه في مجموعة لوحات تحت عنوان “المعرفة”، تطرق فيها لواقع الهند وبلدان إفريقيا الواقعة ما وراء الصحراء وبلدان أمريكا اللاتينية.
يوم انتظره طوال حياته
وفي تعقيب لسويس إنفو بمناسبة افتتاح معرض أعماله بقصر الأمم المتحدة في جنيف صرح هانس إيرني” أن هذا اليوم انتظرته طوال حياتي”، معبرا عن اقتناعه “بأن على سويسرا أن تعتبر نفسها جزءا من هذا الكون وألا تبقى متقوقعة على نفسها”.
ويعد افتتاح هذا المعرض الفني لهانس إيرني بقصر الأمم المتحدة الذي سيتواصل حتى السابع والعشرين من شهر سبتمبر 2002 الجاري، جزءا من التظاهرات الكبرى التي يتم تنظيمها في جنيف بمناسبة انضمام سويسرا إلى منظمة الأمم المتحدة، من ضمنهااحتفال جماهيري ينتظم في قلب المدينة يوم الثلاثاء 10 سبتمبر بحضور وزيرة الشؤون الداخلية روت درايفوس، يتم خلاله نقل تلفزيوني حي لوقائع اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة المخصص لقبول عضوية سويسرا في المنظمة.
كما سيشهد قصر الأمم المتحدة يوم الخميس القادم مراسيم رفع علم سويسرا إلى جانب أعلام الدول الأعضاء المائة والثمانية والتسعين.
محمد شريف – سويس إنفو – جنيف
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.