حل مبتكر لمشكلة مقابر الأقليات الدينية في جنيف
اقر البرلمان المحلي لكانتون جنيف قانونا يسمح للأقليات الدينية بدفن موتاها بطريقة تراعي شعائرها الدينية في المقابر العمومية وضمن مربعات دينية غير معزولة ولا تحمل شعارات خارجية مميزة.
هذا القرار الذي اتخذ بالإجماع، يدخل إصلاحات على قانون يعود تاريخه إلى عام 1876 ويضع حدا لجدل طويل بين المدافعين عن اللائكية والمطالبين باحترام الشعائر الدينية للأقليات.
القرار الذي اتخذه برلمان كانتون جنيف يوم الجمعة 25 مايو 2007 بخصوص المقابر، بشبه إجماع (76 صوتا مؤيدا وامتناع اثنين وعدم معارضة أي نائب)، يزيل عقبة كبرى في طريق اندماج الجاليات المنتمية الى طوائف دينية غير مسيحية وبالأخص الإسلامية واليهودية اللتان كانتا تعانيان من تطبيق قانون سُن في عام 1876 ويحظر بناء المقابر الخاصة.
وكان من نتيجة ذلك أن لجأت الجاليتان الى بعض الحلول التلفيقية مثل حصول الجالية المسلمة على مربع خاص بها في مقبرة “بوتي ساكوني” تم العمل به حتى عام 1990 عندما رفض رئيس البلدية آنذاك ميشال روسيتي الإستمرار في خرق قانون عام 1876 المعمول به في الكانتون.
أما الجالية اليهودية فقد تولت تشييد مقبرة خاصة بها في حي “كاروج” منذ عام 1801 تلاها بناء مقبرة في حي “فيريي” على التراب الفرنسي مع الاحتفاظ بمدخل لها من ناحية الحدود السويسرية. وهو ما وصفه العديد من الممثلين البرلمانيين بـ “النفاق ” خصوصا وأن هذه المربعات قد توقف بعضها عن استقبال المزيد من الموتى أو أنها تعاني من الضيق وتحتاج لإيجاد حلول مستعجلة لها.
احترام للائكية وللقيم الدينية
القرار الذي توصل إليه أعضاء برلمان كانتون جنيف “لا رابح ولا خاسر فيه، كما أنه لا يلغي القيم الروحية، بحيث وجد توازنا بين احترام اللائكية وبين احترام العقائد والحريات الدينية”، على حد تعبير لوران موتينو، الوزير المكلف بالمؤسسات في حكومة الكانتون.
وبما أن القانون لم يرفع كلية الحظر المفروض على بناء مقابر خاصة، فإنه ينص على تخصيص مربعات للأقليات الدينية في المقابر العمومية على أن تظل هذه المربعات مفتوحة، أي غير محاطة بأسوار أو حواجز وألا تحمل شعارات أو رموزا دينية غير تلك التي ترخصها السلطات.
ولكي يوفي القانون الجديد بمتطلبات الجالية المسلمة، التي يجب أن تراعي التوجه نحو القبلة، تضمن القانون فقرة تسمح للبلديات، التي ترغب في ذلك بـ “توجيه طلب لسلطات الكانتون للسماح لها بانتهاج نظام دفن يسمح بتوجيه المقابر بشكل مغاير لما هو متبع، وذلك في المربعات المخصصة للأقليات الدينية”.
استثناء قد يقود الى مقابر خاصة
ويرى العديد من المراقبين أن إشارة القانون الجديد الى “إمكانية تجديد حكومة جنيف للترخيص المقدم لمقابر عابرة للحدود مُـقامة على تراب أجنبي”، يشكل نواة بداية للقبول بمبدإ المقابر الخاصة على التراب السويسري، حتى لو أن الأمر يتعلق فقط بالمقبرة اليهودية في “فيريي”، التي سيصبح بإمكان الجالية اليهودية حتى عام 2020 حفر قبور بها فوق الجزء الواقع على تراب الكنفدرالية بعد تمكنها من الحصول على قطعة أرض سويسرية تقدر مساحتها بـ 1000 متر مربع.
ارتياح بعد جدل طويل
مشروع القانون الخاص بالمقابر في جنيف، الذي عرف في جلسة أكتوبر الماضي تصلبا في المواقف بتشبث كل فريق بحزمة الإصلاحات التي يرغب في إقرارها، حظي هذه المرة بشبه إجماع حول موضوع حساس وفي ظروف تعرف توترات وحساسيات مفرطة، الأمر الذي بدا مطمئنا لعدد من البرلمانيين حيث وصف غي ميتان (من الحزب الديمقراطي المسيحي) القرار بـ “الجيد”، أما زميله من حزب الخضر أنطونيو هودغرس، فاعتبر ان القانون الجديد “يضمن حرية المعتقد في إطار لائكي”.
من جهته، اعتبر النائب الليبرالي بيير فايس، أن القرار يضع حدا “لنوع من النفاق”، وقال “إن الجالية اليهودية ستكون غير مضطرة الى نفي موتاها إلى فرنسا”، ونفس الشيء يمكن قوله بالنسبة للجالية المسلمة أيضا.
وعن ردود فعل الجالية المسلمة، يرى عبد الحفيظ الورديري باسم مؤسسة التعارف، والذي تابع الملف منذ بدايته لما كان ناطقا باسم المؤسسة الثقافية الإسلامية في جنيف أن “الإجماع الذي تم به اتخاذ القرار، يعتبر شرفا للائكية ولروح جنيف”، كما اعتبر أن التكاثف الذي تم بين الجاليتين، المسلمة واليهودية، للدفاع عن هذا الملف “يبرهن على أن الحوار هو الوسيلة المثلى للتعايش بين الطوائف، حتى إذا تعلق الأمر براحة الموتى”.
سويس إنفو – محمد شريف – جنيف
1961: تأسيس أول مركز إسلامي في سويسرا
1978: طرح موضوع المقابر الإسلامية في سويسرا رسميا
1987 تأسيس مؤسسة المقابر الإسلامية من قبل سويسريين اعتنقوا الدين الإسلامي للدفاع عن مطالب المسلمين في الحق في مقابر خاصة بهم.
1978: حصلت الجالية المسلمة في جنيف على مربع خاص بها في مقبرة “بوتي ساكنوي” تم العمل به حتى العام 1990. وهي اليوم تعدل قانونها لكي يصبح من حق الطوائف الدينية دفن موتاها في مربعات خاصة بها بدون حواجز ولا رموز.
1997: اعتمدت مدينة برن قانونا يسمح بتخصيص مربع لدفن المسلمين شريطة أن يكون الميت من المقيمين في المدينة أو أن يتوفى في أحد مستشفياتها.
1999: خصصت مدينة برن 45000 فرنك لمربع خاص بالمسلمين في مقبرة بريمغارتن يتسع لـ 250 قبر على أن يتم استخدام المكان لدفن مسلمين فقط بعد 20 سنة.
1996: أدخلت مدينة بازل تعديلا على قانون الدفن فيها الذي يعود لعام 1931 بما يسمح بتخصيص مربع للجاليات الدينية من بينها الجالية المسلمة.
2001: أدخلت مدينة زوريخ تعديلا على قانون الدفن الذي يعود لعام 1963 مما سمح للجالية المسلمة بالحصول على مربع خاص بها في مقبرة أيشبول آلتشتيتن.
مايو 2007: قررت مدينة ليستال (قرب مدينة بازل) تخصيص مربع للمسلمين في مقبرة المدينة يتسع لـ 150 قبر.
25 مايو 2007: برلمان كانتون جنيف يوافق على قانون جديد للمقابر يسمح لجميع الأقليات الدينية بدفن موتاها في المقابر العمومية حسب معتقداتها ولكن بدون حواجز أو علامات مميزة.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.