مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

القمة العربية تتبنّى خطة لإعادة إعمار غزة

afp_tickers

تبنّى القادة العرب خلال قمة طارئة في القاهرة الثلاثاء خطة لإعادة إعمار غزة تلحظ عودة السلطة الفلسطينية إلى القطاع وتُعَدّ طرحا بديلا لمقترح الرئيس الأميركي دونالد ترامب القاضي بتهجير سكانه ووضعه تحت سيطرة الولايات المتحدة.

وحذّر القادة العرب في قمتهم من “أيّ محاولات آثمة لتهجير الشعب الفلسطيني، كما دعوا إلى توحيد الصف الفلسطيني تحت مظلة “منظمة التحرير الفلسطينية”، ما من شأنه تهميش حركة حماس غير المنضوية فيها.

وتوافق القادة على إنشاء صندوق ائتماني لتمويل إعادة إعمار قطاع غزة الذي دمرته الحرب، وحضوا المجتمع الدولي على المشاركة فيه لتسريع هذه العملية.

ووفق الخطّة، سيصار إلى تشكيل لجنة مستقلة ومكونة من شخصيات غير فصائلية من التكنوقراط لإدارة غزة، قبل أن تستعيد السلطة الفلسطينية سيطرتها على القطاع.

لكنّ هذه الخطة قد تعارضها إسرائيل التي تعهّدت القضاء على حماس وترفض أن تضطلع السلطة الفلسطينية مستقبلا بأيّ دور في إدارة القطاع.

وخلال القمة، عرضت مصر خطة بقيمة 53 مليار دولار على مدى خمس سنوات، وهو مبلغ يعادل تقديرات الأمم المتحدة، لإعادة بناء قطاع غزة.

وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن الخطة ستضمن بقاء سكان غزة البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة على أراضيهم، وذلك ردا على خطة الرئيس الأميركي لنقلهم إلى مصر والأردن لإعادة بناء القطاع وتحويله إلى “ريفييرا الشرق الأوسط”.

غير أنّ السيسي لم ينتقد خطة ترامب التي أثارت ردود فعل دولية معارضة مطلع شباط/فبراير الماضي، وأكد أن الرئيس الأميركي “قادر على وضع نهاية للتوترات في منطقتنا”.

وأورد البيان الختامي للقمة أنّ “أيّ محاولات آثمة لتهجير الشعب الفلسطيني أو محاولات لضم أي جزء من الارض الفلسطينية المحتلة سيكون من شأنها ادخال المنطقة في مرحلة جديدة من الصراعات وتقويض فرص الاستقرار (…) بما يعد تهديدا واضحا لأسس السلام في الشرق الاوسط”.

ولاحقا أعلن وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي أنّه سيطلب من منظمة التعاون الإسلامي خلال اجتماع وزاري طارئ ستعقده في جدة الجمعة اعتماد خطة إعادة إعمار غزة.

وقال عبد العاطي خلال مؤتمر صحافي إنّه “في السابع من آذار/مارس إن شاء الله القادم في جدة سيكون هناك اجتماع طارئ لوزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي وسنسعى إلى أعتماد هذه الخطة أيضا حتى تكون خطة عربية وخطة إسلامية”.

– “نزع كامل للسلاح” –

و

انعقدت القمة في وقت وصلت مفاوضات اتفاق الهدنة في قطاع غزة إلى طريق مسدود على ما يبدو، مع انتهاء المرحلة الأولى منه السبت بدون اتفاق على المرحلة الثانية.

ودخل اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة بين حركة حماس والدولة العبرية حيز التنفيذ في 19 كانون الثاني/يناير، بعد حرب مدمّرة استمرّت 15 شهرا، وأعقبت هجوما غير مسبوق نفذته الحركة الفلسطينية على إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.  

وللانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق، اشترط وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر الثلاثاء “نزعا كاملا للسلاح من قطاع غزة وخروج حماس وحلفائها في الجهاد الإسلامي وعودة رهائننا” الذين خطفوا خلال هجوم حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 في إسرائيل.

وسيطرت حركة حماس على السلطة في غزة عام 2007، بعدما أطاحت إثر معارك طاحنة بحركة فتح والسلطة الفلسطينية بقيادة محمود عبّاس الذي يمارس مذاك سلطة محدودة في الضفة الغربية المحتلة.

وقال عبّاس (89 عاما) في القمة إنّ “دولة فلسطين تتولى مهامها في قطاع غزة من خلال مؤسساتها الحكومية، وقد تم تشكيل لجنة عمل لهذا الغرض”.

كما أعلن الرئيس الفلسطيني الاستعداد “لإجراء انتخابات عامة وتشريعية خلال العام المقبل، في حال توفرت الظروف في غزة والضفة والقدس الشرقية”.

ورحّبت حركة حماس باعتماد القمة خطة إعادة إعمار غزة، مؤيدة “تشكيل لجنة الإسناد المجتمعي لمتابعة ملف الإغاثة وإعادة الإعمار وإدارة غزة باعتبارها جزءا لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية”.

وبموجب الخطة، فإنّ هذه اللجنة ستعمل “تحت مظلة الحكومة الفلسطينية، وذلك تمهيدا لتمكين السلطة الوطنية الفلسطينية من العودة بشكل كامل لقطاع غزة”.

وتركّز المرحلة الانتقالية في هذه الخطة على رفع الأنقاض وإزالة الألغام وتركيب مساكن مؤقتة لأكثر من 1,5 مليون شخص في القطاع. 

وستتبع ذلك مرحلتان من إعادة الإعمار، تشمل الأولى بنى تحتية أساسية ومساكن دائمة، بينما تشمل المرحلة الثانية ميناء تجاريا ومطارا.

وأعلن الأمين العام للامم المتحدة أنطونيو غوتيريش تأييده القوي للخطة، وقال “أرحّب وأؤيد بشدّة مبادرة الجامعة العربية لتعبئة الدعم لإعادة إعمار غزة، والتي تم التعبير عنها بوضوح في هذه القمة. إنّ الامم المتحدة مستعدة للتعاون التام في هذا المسعى”.

– “خط أحمر” –

وانقضت في الأول من آذار/مارس المرحلة الأولى من الاتفاق، وقد شهدت إفراج حماس عن 33 رهينة بينهم 8 قتلى، فيما أطلقت إسرائيل سراح نحو 1800 معتقل فلسطيني كانوا في سجونها.

ومع نهاية المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار التي امتدت ستة أسابيع، لا تزال الخلافات بين الجانبين على التفاصيل تحول دون الانتقال إلى المرحلة الثانية.

ووافقت الدولة العبرية ليل السبت الأحد على تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق حتى نيسان/أبريل بناء على مقترح أميركي.

وأعلنت إسرائيل الإثنين تعليق دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع الذي يعاني أزمة إنسانية حادة ودمارا هائلا.

وقال وزير الخارجية الإسرائيلي الثلاثاء إن هذه المساعدات “أصبحت المصدر الرئيسي لإيرادات حماس”، في حين تدعو الامم المتحدة وعدد من الدول إلى استئناف ايصال المساعدات بشكل فوري.

في المقابل، تؤكد الحركة وجوب بدء مفاوضات المرحلة الثانية التي تشمل، وفق ما تقوله، وضع حد للحرب و”الانسحاب الشامل” للجيش الإسرائيلي من غزة، تمهيدا للمرحلة الثالثة وأساسها إعادة إعمار القطاع المدمّر.

وقال ساعر في مؤتمر صحافي في القدس “ليس لدينا اتفاق متعلق بالمرحلة الثانية، نطالب بنزع كامل للسلاح من قطاع غزة وخروج حماس وحلفائها في الجهاد الإسلامي وعودة رهائننا”. 

وتابع “إذا حصلنا على ذلك، يمكننا التوصل إلى اتفاق غدا”. 

ورفضت حماس العرض، وقال القيادي في الحركة سامي أبو زهري لوكالة فرانس برس إن “سلاح المقاومة خط أحمر لدى حماس وكل فصائل المقاومة، ولا يخضع للمساومة وغير مطروح للنقاش أو التفاوض”، كما أن “أي حديث عن ترحيل المقاومين أو أبناء شعبنا من أرضه فهو مرفوض”.

وأسفر هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 في جنوب إسرائيل عن مقتل 1218 شخصا على الجانب الإسرائيلي، معظمهم مدنيون، وفق حصيلة لفرانس برس تستند إلى أرقام إسرائيلية رسمية، تشمل الرهائن الذين قُتلوا في الأسر.

وأدّت الحرب في قطاع غزة إلى مقتل 48405 أشخاص على الأقل، معظمهم من المدنيين النساء والأطفال، وفقا لبيانات وزارة الصحة التي تديرها حماس وتعتبرها الأمم المتحدة موثوقا بها.

ماف/غ ر-ريم-ناش-الح-ود/بم

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية