مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

حملة انتخابية حامية واتهامات متبادلة بين وزراء

Keystone

قبل ثلاثة أسابيع من موعد إجراء الانتخابات العامة في سويسرا، يسجل حضور ملفت لأعضاء الحكومة الفدرالية في وسائل الإعلام، وخاصة في الصحف الأسبوعية الواسعة الإنتشار التي تصدر أيام الآحاد.

وفيما هاجم كريستوف بلوخر، وزير العدل والشرطة زملاءه في الحكومة، وجّـهت ميشلين كالمي – ري، وزيرة الخارجية وباسكال كوشبان، وزير الشؤون الداخلية، انتقادات لحزب الشعب السويسري، الذي ينتمي إليه بلوخر.

قبل أيام قليلة من النقاش المستعجل، الذي سيُـنظم يوم الأربعاء 3 أكتوبر في مجلس النواب حول القضية المعروفة باسم “بلوخر – روشاخر” (المتعلقة بالشكوك المحيطة حول دور وزير العدل بلوخر في استقالة المدعي العام الفدرالي السابق روشاخر من منصبه)، اتّـهم كريستوف بلوخر زملاءه بمحاولة إثارة الشكوك حوله.

وفي تلميح لتصريحات أدلى بها باسكال كوشبان للصحافة، تحدّث الوزير، الذي ينتمي إلى حزب الشعب السويسري (يمين متشدد) عن “ثلب يفتقر إلى أساس”.

وقال وزير العدل والشرطة في تصريح أدلى به إلى صحيفة لوماتان ديمانش “إن بعض التصريحات قد ألمحت إلى أن كريستوف بلوخر قد شارك في مؤامرة إجرامية للتخلي عن المدعي العام للكنفدرالية”، وقال ردا على سؤال توجهت به الصحيفة عما إذا كان قد أصيب بخيبة أمل من زملائه: “نعم”.

يجدر التذكير بأن الحكومة قد بدأت في بلورة موقف بخصوص هذه القضية، التي أثارت منذ اندلاعها قبل بضعة أسابيع جدلا واسعا، عندما أجابت يوم الجمعة 28 سبتمبر على العديد من الأسئلة المستعجلة، التي طرحت من طرف برلمانيين. واعتبرت الحكومة أنه، نظرا لأن فالانتان روشاخر قد قرر من تلقاء نفسه الاستقالة من منصبه كمدعٍ عام للكنفدرالية، فإن مسؤولية كريستوف بلوخر غير مطروحة فيما يتعلق بهذه النقطة.

في المقابل، لم تتخذ الحكومة أي موقف من الأوجه الأكثر غموضا، التي لا زالت تحيط بهذه القضية.

تهديدات للسويسريين في الخارج

في سياق متصل بانتخابات 21 أكتوبر، اعتبرت رئيسة الكنفدرالية ميشلين كالمي – ري في تصريحات أدلت بها إلى عدة صحف ناطقة بالألمانية، أن الحملات التي يشنّـها حزب الشعب السويسري على الأجانب، تشكِّـل خطرا على أمن السويسريين المقيمين في الخارج.

وزيرة الخارجية اعتبرت أيضا أن حزب الشعب هو الحزب الذي يعكس أقل من غيره قيم سويسرا، وأضافت بأن هناك تغيّـرا لصورة سويسرا يُـلمس في الأمم المتحدة، وقالت “هناك عدم فهم لسويسرا، فالذي يجري حاليا في بلادنا، لم يعد يتطابق مع القِـيم التي ندافع عنها في العالم”.

وتساءلت ميشلين كالمي – ري، التي تنتمي إلى الحزب الاشتراكي “إن سويسرا بلد منفتح ويحقق نصف مداخيله في الخارج، فما الذي كان سيدور بخلد السادة براون وبوفيري ونستلي، لو تم تصويرهم كخرفان سود؟” (في إشارة إلى شخصيات أجنبية أسست في سويسرا شركات كبرى، مثل براون بوفيري ونستلي وإلى حملة حزب الشعب السويسري الحالية، التي تصوِّر الأجانب المجرمين على أنهم خرفان سود، يجب طردهم من البلاد).

من جهته، انتقد السيد بلوخر الدعوة التي وجهتها السيدة كالمي – ري إلى الوزراء في الحكومة الفدرالية، بعدم المشاركة في المعركة الانتخابية، وقال “في نفس اليوم الذي أطلقت فيه السيدة كالمي – ري هذا النداء، اطّـلعت على إعلان عن مظاهرة للاشتراكيين بحضور رئيسة الكنفدرالية”.

نظرية المؤامرة

السيد باسكال كوشبان، وزير الشؤون الداخلية وعضو الحزب الراديكالي، أوضح في حديث مع الإذاعة السويسرية الناطقة الألمانية يوم 29 سبتمبر أن “نظرية المؤامرة” ضد كريستوف بلوخر، التي يروِّج لها حزب الشعب السويسري، قد فعلت فعلها، حسب ما يبدو، بسبب بساطتها. فالحديث عن مؤامرة، يعني اختيار تقديم تفسير بسيط لمشاكل معقّـدة.

وأشار كوشبان إلى أن شخصنة الحملة الانتخابية (وهي ظاهرة غير معتادة في الحياة السياسية السويسرية)، تبدو في صالح حزب الشعب السويسري، لكنه اعتبرها إستراتيجية خطيرة على المدة البعيد لحزب سياسي.

القطاع العام وإعلام سياسي

الوزير كوشبان هاجم في تصريحات أخرى نقلته عنه صحيفة لوماتان (تصدر في لوزان) يوم السبت 29 سبتمبر، الاستطلاع الانتخابي الأخير الذي قامت به هيئة الإذاعة والتلفزيون السويسرية واعتبر أن السؤال الذي ورد فه ليطلُـب من السويسريين ما إذا كانوا سينتخبون هذا الوزير أم لا، يمثل “فضيحة”.

وقال باسكال كوشبان، “إن نظامنا السياسي مختلف: فالشعب ينتخب البرلمان، الذي ينتخب بدوره أعضاء الحكومة الفدرالية. إن طرح هيئة الإذاعة والتلفزيون السويسرية، وهي خدمة عمومية، أسئلة من هذا القبيل، يُـعتبر “فضيحة” بحق. إنها مخاتلة ولعب بالمؤسسات”.

أخيرا، وفي مجال الإعلام، تعهّـد حزب الشعب السويسري (الذي سبق أن أعلن عن إطلاق برامج تلفزيونية خاصة به في شكل حوارات مع كريستوف بلوخر) بإصدار يومية تدافع عن أفكاره، في صورة عدم إعادة انتخاب بلوخر لعضوية الحكومة الفدرالية يوم 12 ديسمبر (حيث أن انتخاب أعضاء الحكومة يتم من طرف الأعضاء الجدد في غرفتي البرلمان، بعد فترة وجيزة من الانتخابات البرلمانية، المقررة ليوم 21 أكتوبر). وسبق لحزب الشعب أن أعلن أنه، إذا ما حدث ذلك، فسيغادر الحكومة ليتحول إلى المعارضة.

سويس انفو مع الوكالات

منذ عدة أسابيع، تعيش الطبقة السياسية والإعلامية السويسرية فورانا كبيرا حول موضوع مغادرة المدعي العام السابق للكنفدرالية فالانتان روشاخر لمنصبه والدور، الذي قد يكون لعبه وزير العدل والشرطة فيه والفصل بين السلطات والرقابة السياسية على القضاء.

اتهم تقرير أعدته لجنة التصرف، التابعة لمجلس النواب، وزير العدل كريستوف بلوخر بتجاوز صلاحياته وبعدم احترام مبدإ الفصل بين السلطات، ويقول التقرير، إنه لم يُـعلم الحكومة كما ينبغي بخصوص مغادرة فالانتان روشاخر.

كريستوف بلوخر رفض هذه الانتقادات وأثار، بدعم من حزب الشعب السويسري الذي ينتمي إليه، نظرية تفيد بوجود مؤامرة ترمي إلى إحباط عملية إعادة انتخابه في الحكومة الفدرالية. وسعيا منها لاتخاذ قرار حول هذه القضية، قررت الحكومة الاستعانة بخدمات البروفيسور جورج مولّـر، الذي سيلعب دور المستشار القانوني المكلف بتحليل التقرير الذي أعدته اللجنة البرلمانية.

يوم 21 أكتوبر القادم، سيقوم المواطنون السويسريون المقيمون داخل البلاد وفي الخارج بانتخاب ممثليهم في مجلس النواب (أو ما يُـعرف بغرفة الشعب، 200 مقعد) وتجديد شبه كامل (43 مقعد على 46) لمجلس الشيوخ (أو ما يُـعرف بغرفة الكانتونات)، أما كانتوني تسوغ وأبّـنزل رودس الداخلية، فقد سبق أن انتخبا ممثليهم في مجلس الشيوخ.

لا يمكن للناخبين منح أصواتهم إلا إلى المرشحين القادمين من الكانتون الذي يقيمون فيه، أما بالنسبة للسويسريين المقيمين في الخارج، فيجب عليهم الاقتصار على المرشحين القادمين من الكانتون الذي سجّـلوا أسماءهم على لوائحه الانتخابية. في هذا العام، بلغ عدد المرشحين في صفوف السويسريين في الخارج للظفر بمقعد في مجلس النواب، 44 شخصا، أما العدد الإجمالي للمرشحين، فقد بلغ 3089 شخصا.

تكتسي الانتخابات البرلمانية القادمة أهمية خاصة، حيث أنها تسبِـق عملية إعادة توزيع الحقائب الوزارية في الحكومة الفدرالية، المقرر إجراؤها يوم 12 ديسمبر القادم، إذ أن المهمة الأولى للبرلمان الجديد، ستتمثل في تجديد الثقة في التركيبة الحالية للحكومة أو في إعادة تشكيلها.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية