حوار المصالحة الفلسطينيية.. الجديد القديم
ثمة مقاربة فلسطينية واحدة لا تتغير، مفادها عنوان استهلكته الفصائل الفلسطينية الوطنية والإسلامية على مدار عقود.
إنه الحوار الوطني الفسطيني الذي عاد الرئيس محمود عباس، رئيس منظمة التحرير والسلطة الوطنية، وأطلقه مجددا في الذكرى الأولى لسيطرة حركة حماس الاسلامية على قطاع غزة.
لاريب أن لهجة خطاب عباس الاخيرة كانت أقل حدة من سابقاتها، لاسيما ابتعاده عن التوصيفات القاسية التي اعتاد إطلاقها على استيلاء حماس الصيف الماضي على غزة، ودخول الفلسطينيين في انقسام وشرخ غير مسبوقين.
ولعل دعوة الرئيس عباس، التي لاقت ترحيبا علنيا قويا من حركة حماس، تحمل في ما تحمل دلالات متعلقة بالزمان والمناسبة والظروف الداخلية والخارجية، لاسيما وأن ولوج باب الحوار الداخلي لايعني الخروج بنتائج متطابقة لمختلف الغايات والاهداف.
هناك أولا تهديدات اسرائيل المتواصلة بتنيفذ “اجتياح جديد كبير” لقطاع غزة الذي ما انفك يتلقى ضربات شديدة اسرائيلية تترافق مع الحصار المشدد الذي يهدد حياة مئات آلاف المواطنين الفلسطينيين فيه.
وعلى المستوى الداخلي المحلي تبرز مجددا احتمالات عودة الأخوة الاعداء، فتح وحماس، إلى طاولة الحوار، لكن دون احتمالات قوية بتحقيق اختراق في الشرخ الفلسطيني الذي دفع الأراضي الفلسطينية ومعها ملايين اخرين في الشتات إلى مجهول يزداد تعقيدا ويصعب استكشافه.
وفي ذات السياق، ليس ثمة ما يؤشر على تحقيق تقدم أيضا في المفاوضات السيساسية مع الجانب الاسرائيلي، التي كان يُفترض أن تفضي، وفقا لتعهد الرئيس الامريكي جورج بوش، إلى دولة فلسطينية قبل نهاية ولايته العام الجاري 2008.
وهناك ايضا اتفاق الدوحة الأخير حول لبنان الذي فتح الباب أمام تداعيات جديدة تتعلق بالسياسات الاقليمية لمختلف الأطراف وتأثير ذلك على علاقات الأطراف الفلسطينية المحلية في قطاع غزة والضفة الغربية.
التعقيدات
وفي حين توحي دعوة الرئيس عباس انه يسارع الى راب الصدع الداخلي والعمل على “تجنيب” غزة ضربة اسرائيلية قوية، ويشي رد حماس بحماسة وتوق كبيرين بالجلوس الى مائدة الحوار، فان التعامل مع التفاصيل غير المعلنة يظل الرهان الاكبر.
ويقول مسؤول بارز في حركة حماس، رفض الكشف هويته، “إن الدعوات للحوار والرد عليها بهذه الايجابية والسرعة شئ جميل، لكني لست مطمئنا إلى ما يمكن أن تؤول اليه هذه المبادرة”.
وأوضح المسؤول أن الطرفين، فتح وحماس، بحاجة الى الحوار في هذه المرحلة، لكن المسائل الجوهرية التي يجب البت فيها تتطلب وقتا وجهدا كبيرين، في حين أن الدخول في حوار طويل لن يكون لصالح أحد.
وتتعلق المسائل التي ترغب حماس في البت بها بقضايا تشكيل الحكومة، حيث تريد حماس إعادة حكومة إسماعيل هنية، وتريد أيضا بحث وضع الأجهزة الامنية وإعادة تشكيلها من جديد إضافة إلى الوضع الإداري العام للسلطة الفلسطينية.
وقبل كل ذلك تريد الحركة الاسلامية التي تتربع على قطاع غزة المحاصر، التوصل إلى اتفاق مصالحة وطنية شامل، الأمر الذي يعني الدخول في تفاصيل اقتسام “السلطة” سواء ما تعلق بمنظمة التحرير أو بمؤسسات سلطة الحكم الذاتي.
في المقابل، تعتقد حركة فتح أن الدخول في الحوار يجب أن يؤدي إما إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة، الأمر الذي ترفضه حماس، أو إلى تشكيل حكومة تكون مهمتها الإشراف على التحضير لانتخابات مبكرة.
ولم يتوانى الرجل الثاني في حركة فتح، أحمد قريع (ابو علاء) عن الاعلان أن الحركة مستعدة لاجراء انتخابات مبكرة والقول ايضا إن عباس هو مرشح فتح لهذه الانتخابات.
ويستدعي مثل هذا الامر الدخول في التعقيدات التي أدت العام الماضي إلى انقلاب غزة ودخول الطرفين في مواجهه مسلحة، لازالت اثارها تتكاثر يوميا إثر يوم.
احتمالات وتناقضات
وفي الوقت ذاته كانت الامور توحي بامكانية تكرار تجربة “الدوحة” حول الوضع اللبناني في ما يتعلق بالوضع الفلسطيني، وراح الجميع يتحدث عن رعاية عربية للحوار الفلسطيني ربما تقودها الجامعة العربية.
وبالفعل كان الرئيس عباس قد غادر الى السعودية للقاء العاهل السعودي الملك عبد الله، الراعي الاول لاتفاق مكة بين فتح وحماس، وهو الاتفاق الذي لم يدم طويلا وتفجرت بعده الامور في نهاية ربيع العام الماضي في غزة.
لكن اسماعيل رضوان المتحدث باسم حماس نفى في تصريحات صحافية علم حركته بمبادرة عربية مشتركة تعمل عدد من البلدان العربية من بينها السعودية إضافة إلى مصر وسورية وقطر على صياغتها، بيد أنه أكد في المقابل وجود تحرك “مكثف” باتجاه دعم مبادرة الحوار.
وقال نمر حماد، المستشار السياسي للرئيس عباس في حديث لسويس انفو إن “لجنة الحوار التي شكلت من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير هي التي ستقرر شكل وآليات الحوار”، مشيرا إلى أنه لم يطرأ أي جديد بهذا الصدد.
وأضاف حماد في اعادة لمواقف الرئاسة الفلسطينية “المطروح هو تنفيذ المبادرة اليمنية” وهي المبادرة التي لم يتمكن الطرفان، فتح وحماس، من الاتفاق على تفسيرها حتى الان.
وهكذا ينطلق حوار المصالحة الفلسطينيية الجديد القديم على وقع عناصر متضادة تحمل تناقضات كبيرة ومختلفة، يمكن ردها حسبما قال مسوؤل فلسطيني كبير، إلى “جينات الفصائل الفلسطينية التي انتقلت على ما يبدو الى حماس ايضا”.
هشام عبدالله – رام الله
دكار (رويترز) – دعا الرئيس السنغالي عبد الله واد لوقف فوري لاطلاق النار بين القوات الاسرائيلية وحركة المقاومة الاسلامية (حماس) اعتبارا من يوم الاثنين 9 يونيو 2008 في اطار مساعيه للوساطة في الصراع الفلسطيني الاسرائيلي.
واجتمع واد وهو الرئيس الحالي لمنظمة المؤتمر الاسلامي مع مبعوثين من حماس وحركة فتح المنافسة في مطلع الاسبوع على أمل الاتفاق على أرضية مشتركة لتحقيق السلام مع اسرائيل في نهاية المطاف.
وقال واد في بيان صدر مساء الاحد 8 يونيو “أدعو اسرائيل وحماس لوقف اطلاق النار على الفور من الاثنين التاسع من يونيو 2008 الساعة 1200 بتوقيت جرينتش.. لا مزيد من الهجمات الاسرائيلية والتوغل في قطاع غزة ولا مزيد من اطلاق حماس النار على اسرائيل”.
وقال المتحدث باسم حماس سامي أبو زهري ان الحركة على استعداد لقبول الهدنة اذا قامت اسرائيل بالشيء ذاته ورفعت الحصار عن غزة.
وقال في غزة “حماس مستعدة للتوصل لاتفاق تهدئة إذا ما التزم الاحتلال الاسرائيلي بشروط هذه التهدئة وأوقف العدوان ورفع الحصار”، وأضاف “إذا ما التزم الاحتلال الاسرائيلي بتهدئة متبادلة ورفع الحصار عندها يمكن الحديث عن ساعة الصفر”.
ولم تنجح مصر حتى الان في محاولة التوسط من أجل هدنة غير رسمية بين اسرائيل وجماعات المقاومة الفلسطينية في غزة.
وامتنع مسؤول اسرائيلي رفيع عن التعليق بصورة مباشرة على مناشدة واد ولكن قال ان الحكومة الاسرائيلية ستجتمع هذا الاسبوع “وستبحث الافكار المتنوعة التي سمعناها من مصر وسنرى ما سيحصل”.
وقال واد بعد محادثات مطلع الاسبوع انه سيزور الضفة الغربية وغزة واسرائيل قريبا ليواصل مساعيه.
وأضاف “أطلب من كل الدول العربية وأفراد الامة الاسلامية أن يتفادوا الترويج لمبادرات فردية غالبا ما تكون متعجلة وغير منسقة وستطغى على عملية الوساطة بدون سبب”.
وحاول اليمن أن يلعب دور الوساطة في اتفاق مصالحة بين الحركتين الفلسطينيتين في مارس اذار داعيا حماس لتسليم السيطرة على غزة. واتفق وزراء عرب خلال اجتماع للجامعة العربية على تأييد المقترح اليمني لكن حماس تقول انها لن تستأنف المحادثات بوجود شروط مسبقة.
وقال واد “هذا ليس مسعى لنيل المجد وهو ضرب من ضروب الخيال في هذه المرحلة ويبدو سابقا لاوانه لان الطريق نحو السلام طويل وشاق ومحفوف بالعقبات”.
وجاء في بيان صدر بعد محادثاته في مطلع الاسبوع مع حكمت زيد من حركة فتح وعماد خالد العلمي من حماس أن السنغال ستواصل الاتصال بالجانبين لترتيب مفاوضات في المستقبل بهدف “مصالحة البيت الفلسطيني”.
وكانت حماس تغلبت على فتح في الانتخابات التشريعية التي جرت عام 2006 لتنهي أكثر من 40 عاما من زعامة حركة فتح للشعب الفلسطيني. وبعد ذلك تمكن مقاتلو حماس من هزيمة قوات فتح والاستيلاء على قطاع غزة في يونيو حزيران 2007.
وأشاد اسماعيل هنية أحد قادة حماس في غزة بما وصفه “بروح جديدة” للحوار أبداها عباس في كلمة ألقاها الاسبوع الماضي. واتصل هنية بكل من الرئيس السوري بشار الاسد ومدير المخابرات المصرية عمر سليمان يوم السبت 7 يونيو سعيا للحصول على دعم عربي لاستئناف الحوار.
(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 9 يونيو 2008)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.