أزمة موظفين تهدد حسن سير المُستشفيات السويسرية
تلوح في الأفق أزمة خصاص في الموظفين في عدد كبير من المستشفيات السويسرية بحيث تفيد تقارير القطاع بأن نسبة 70% من هذه المؤسسات الصحية تعاني من مشاكل حقيقية على مستوى تعيين الطواقم الطبية وموظفي الرعاية الصحية.
وتلقي المستشفيات باللائمة في نقص الأطباء على سياسات التقييد الجامعية جزئيا، إذ تحد من عدد الأماكن المخصصة لطلبة الطب الجُدد، بحيث لا يُسمح بتكوين سوى 600 دكتور داخل سويسرا في كل عام بينما هنالك حاجة إلى تأهيل 1200 طبيب.
وفي تصريح لـ swissinfo.ch، قال برنهارد فيغمولـّر، من جمعية المستشفيات السويسرية H+: “يتم الحدّ من عدد الأطباء في سويسرا بشكل مصطنع أساسا من خلال ما يُسمى بـ “العدد المحدد” (Numerus clausus)، ونتيجة لذلك لا نتوفر على العدد الكافي من الأطباء في نظامنا (الصحي).
وحسب الفئات الوظيفية، تتراوح نسبة العاملين الأجانب في المستشفيات السويسرية ما بين 30 و40%، معظمهم يقدمون من ألمانيا المُجاورة. ويخشى السيد فيغمولـّر من عدم التمكن في المستقبل من تحمل هذا الاعتماد على العمال الأجانب.
ويشرح وجهة نظره قائلا: “إن المشكلة لا تكمن في قدومهم (من الخارج)، فنحن حقا في حاجة لهم. لكن هذا الأمر سيطرح لنا مشكلة إذا ما لم نعد نتوفر عليهم، وبالتالي علينا أن نحرص على وجود ما يكفي من المهنيين في نظامنا”.
وتواجه بعض المستشفيات السويسرية بالفعل صعوبة في توظيف طواقم من ألمانيا بما أن النظام الصحي الألماني تحرك ضد نزوح موظفيه المؤهلين من خلال تقديم رواتب أعلى.
المطالبة بالمزيد من الأماكن في الكليات
وقد انضمت الجمعية السويسرية للمستشفيات أيضا إلى النداءات الداعية إلى توفير المزيد من أماكن التأهيل في كليات الطب السبع في البلاد.
ووفقا للمؤتمر الجامعي السويسري – الهيئة التمثيلية للجامعات – فإن التحركات من أجل تعزيز القدرات الطبية جارية بالفعل بحيث هنالك سعي إلى زيادة ما 20 إلى 30 مكانا في كل جامعة.
غيردا بوركهار، من المؤتمر الجامعي السويسري، أوضحت في تصريح لـ swissinfo.ch أن “مُجرد إلغاء “العدد المحدد” لن يحل المشكلة لأن هنالك مستوى عال من الاهتمام (بشعبة الطب) لدرجة أن الجامعات قد تغرق (تحت سيل الطلبات)”.
ونوهت بوركهارد إلى وجود أسباب مالية ولوجستية بالنسبة للتغييرات الصغيرة الحجم، قائلة: “زيادة الطاقة الاستيعابية للجامعات هي أيضا مسألة أموال لأن هذه الأماكن مكلفة جدا”، قبل أن تضيف: “من ناحية أخرى، ليس ممكنا الاستمرار في زيادة عدد الأماكن في برنامج الدراسة السريرية لأجلٍ غير مسمى بسبب العبء التي ستتحمله كامل البنية التحتية للمستشفى”.
وقد تم اعتماد “العدد المحدد” في كليات الطب السويسرية عام 1997 بسبب الارتفاع الحاد الذي شهده عدد المتقدمين بطلب التسجيل في هذه الشعبة، وواجهت الجامعات وضعا لم تكن قادرة فيه على تقديم نوعية عالية من التأهيل والتدريب لعدد كبير من الطلبة. وحاليا، يـُتاح مكان في جامعات الطب لطالب واحد من أصل كل ثلاثة يجتازون امتحان القبول.
مشكلة أخلاقــية
وتقر السيدة بوركهارد بأن التوظيف المفرط للطواقم الطبية من الخارج يطرح مشكلة أخلاقية لأن البلدان الفقيرة تفقد الأطباء الذين يهجرون موطنهم، وتكون تلك الدول في نهاية المطاف قد أنفقت أموالا على تكوين أطباء لا تستفيد منهم لاحقا.
وفضلا عن تدريب المزيد من العاملين في المجال الطبي بسويسرا، هنالك تدابير أخرى يمكن للمستشفيات أن تتخذها لمعالجة مشاكلها المرتبطة بالتوظيف، مثل خلق المزيد من فرص العمل المتوافقة مع الحياة الأسرية، وتشجيع من انقطعوا عن الشغل على الدخول مجددا إلى سوق العمل.
من جانبه، يعترف السيد فيغمولـّر بأن للمستشفيات دور هام في جعل مكان العمل أكثر جاذبية. ويقول في هذا السياق: “إن الوظائف في المستشفيات عادة ما تكون صعبة عندما يتوجب عليك تنظيم حياتك الخاصة، إذ ينبغي عليك أن تعمل سبع مرات لمدة 24 ساعة، مما يعني مداومات في الليل، وفي أوقات متأخرة من المساء، وكذلك أثناء النهار”.
ويضيف السيد مولـّر: “علينا أن نجد المزيد من الحلول، وحلولا أفضل. وعلى الرغم من أن العديد من المستشفيات تعرض بالفعل أماكن عمل بدوام جزئي ورعاية أطفال (الموظفين)، فمازال يجب القيام بالمزيد، لأن محاولة تحسين ظروف العمل هي بمثابة مهمة دائمة للمستشفيات”.
المناصب الشاغرة
فهل يمكن أن يكون سبب المشكلة يتمثل في توفـُّر سويسرا على عدد كبير جدا من المستشفيات، وأن هذا العرض الزائد عن الحد ربما يشكل ضغطا على النظام؟ السيد فيغمولـّر لا يتفق مع هذا التصور، بحيث يُلفت النظر إلى أن نصيب الفرد في سويسرا من عدد الأسـِرّة في المستشفيات هو أقل من متوسط بلدان منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية.
واستنتجت دراسة أجريت مؤخرا حول مدراء الموارد البشرية في المستشفيات أن 16% فقط من المناصب الشاغرة يمكن سدها نهائيا، وفي ظل ارتفاع أعداد العاملين في المجال الطبي الذين سيبلغون سن التقاعد (60000 خلال العقد القادم)، يتوقع أن تزداد المشكلة سوءا.
ويظل أسوأ سيناريو في نظر السيد فيغمولــّر أن تعتمد سويسرا قوائم الانتظار للعمليات الجراحية الضرورية، وأن تشهد المستشفيات انخفاض جودة الرعاية الصحية.
وقد يكون احتمال من هذا القبيل بمثابة حبة دواء مرة ربما يتجرعها أغلى نظام صحي في أوروبا.
كلير أودي – swissinfo.ch
(ترجمته من الإنجليزية وعالجته: إصلاح بخات)
الأطباء الأجانب المهاجرون: 993 (2006)، 1258 (2007)، 1258 (2008)
الأطباء المؤهلون في سويسرا: 594 (2006)، 612 (2007)، 672 (2008).
(المصدر: صحيفة نويه تسورخر تزايتونغ نقلا عن المكتب الفدرالي للهجرة)
يعمل في العيادات والمستشفيات ودور التمريض السويسرية قرابة 250000 من موظفي الرعاية الطبية من بينهم 70000 من الرعايا الأجانب.
تختلف نسبة العمال الأجانب باختلاف فئة المستشفيات، من 29% في المستشفيات المركزية إلى 37% في المستشفيات الجامعية والمصحات النفسية.
في اليوم الوطني للمستشفيات (19 سبتمبر) ستقيم حوالي 80 من العيادات والمستشفيات ودور الرعاية الطبية أياما مفتوحة لإعلام الشباب حول الوظائف في مجال الخدمات الصحية.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.