“إنجاح الإندماج يمر عبر توفير الحوافز لا التلويح بالعقوبات”
في الوقت الذي عبّرت فيه اللجنة الفدرالية لشؤون الأجانب عن شكوكها بشأن المشروع الهادف إلى مراجعة قانون الأجانب، وعن رفضها لتحويل مشروع عقود الاندماج إلى سيف مسلط على أعناق المهاجرين..
…اعتبرت دراسة لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية نشرت نتائجها يوم الثلاثاء 14 فبراير 2012 أن اندماج الأجانب في سوق الشغل بسويسرا يعتبر اندماجا ناجحا في العموم مقارنة ببقية البلدان الأعضاء في هذه المنظمة.
ويأتي تحذير اللجنة الفدرالية لشؤون الاجانب في الوقت الذي تعرض فيه الحكومة الفدرالية مشروع قانون للاستشارة العامة حتى 23 مارس القادم، وتقترح فيه تنظيم عملية اللجوء إلى عقود الاندماج.
هذه الآلية تهدف إلى تحفيز الاجانب على الاندماج عبر فرض بعض الالتزامات عليهم كتعلّم اللغات الوطنية، والتي من المفترض أن تصبح محددا أساسيا في اتخاذ القرار بتمديد رخص الإقامة. لكن فياميتّا ياهرايخ، نائبة رئيسة اللجنة الفدرالية لشؤون الاجانب، أوضحت خلال ندوة صحفية عقدتها ببرن يوم الاثنين 13 فبراير بأن “الربط بين الإندماج والعقوبات فكرة سيئة للغاية”. وأشارت إلى أن هذه الآلية لم تجرّب إلا على نطاق ضيّق جدا، وأن كل الكانتونات الناطقة بالفرنسية لم تأخذ بها.
دروس لتعليم اللغة
ويظل بالنسبة لهذه اللجنة الغير البرلمانية توفير الدعم اللازم والمناسب للأجانب لكي يتعلّموا إحدى اللغات الوطنية ولكي ينجحوا في مسيرة اندماجهم أفضل بكثير من التلويح بالعقوبات. وأن هذا الدعم يجب ان يكون متاحا لكلّ مستفيد من سياسة لمّ الشمل العائلي، بما في ذلك رعايا البلدان الأعضاء في الإتحاد الاوروبي.
في المقابل تدعم اللجنة الفدرالية لشؤون الاجانب فكرة عقود الإندماج بالنسبة للاجانب المقبولين لفترة مؤقتة. وفي هذه الحالة ترى أنه يمكن اقتراح محفّزات تحثهم على الإندماج بدل التفكير في معاقبتهم عند التقصير، ومن ذلك مثلا سن قانون يسمح لهم بالحصول على حق الإقامة الدائمة بمرور عشر سنوات على وجودهم في سويسرا في حالة بذلهم لجهود حقيقية على طريق الإندماج. ولا تفرّق هذه اللجنة في هذا المستوى على ما يبدو بين من يحمل رخصة إقامة من صنف B ورخصة إقامة من صنف F.
التمييز في سوق الشغل
لكن مشروع القانون الذي هو محل إستشارة ليس كله سلبيا بحسب اللجنة الفدرالية سابقة الذكر، فهي تشيد مثلا بالإجراءات الجديدة التي يقترح إدخالها على القانون الحالي، وعلى المرافق القائمة بما يجعل تحفيز القادمين الجدد على الإندماج وتيسير إستقبالهم محور عمل تلك المرافق.
كما يشيد إيتيان بيغات، نائب رئيس هذه اللجنة الفدرالية السابقة بتضمين هذا القانون فقرة تكفل “الحماية ضد التمييز”، لكنه يأسف لكون هذه الفقرة صيغت بطريقة عامة، ولا تشير تحديدا إلى التمييز على مستوى سوق الشغل.
وحول هذا الموضوع تحديدا أظهرت دراسة أنجزتها منظمة التعاون والتنمية الإقتصادية أن أندماج الاجانب المقيمين في سويسرا في سوق الشغل يتم بشكل ناجح نسبيا، ومن ذلك أن “ثلاثة أرباع الاجانب في سويسرا لديهم عمل، والوضع في سويسرا افضل بكثير مما هو في بقية البلدان الأعضاء في المنظمة، كفرنسا وإيطاليا والولايات المتحدة وكندا”.
لكن هذه الدراسة نفسها تشير إلى أن بعض المجموعات من المهاجرين يتعرّضون إلى التمييز، ويتركون لحالهم، ومن بين هؤلاء النساء المهاجرات اللاتي لديهن ابناء في مقتبل العمر، أو اللاتي ليس لديهن مستوى تعليمي متقدّم، أو كذلك المجموعات المهاجرة إلى سويسرا لأسباب إنسانية كطالبي اللجوء حديثي الوصول إلى التراب السويسري.
ومن المؤشرات التي سجّلتها هذه الدراسة هو أن “27% من مجموع السكان القادرين على العمل قد ولدوا في الخارج، وأن نسبة تشغيل الأجانب لا تنقص عن نسبة تشغيل السكان الاصليين سوى بخمس نقاط”. وترجع منظمة التعاون والتنمية الإقتصادية هذه المؤشرات للاوضاع الجيدة السائدة في سوق الشغل بسويسرا، وإلى الميزة الخاصة للبلدان التي يأتي منها المهاجرون، والذين هم في أغلبهم من البلدان الغنية.
أما بالنسبة للمجموعات التي تأتي من خارج هذا الإطار الجغرافي فيتعرّض افرادها إلى العديد من العراقيل التي تمنعهم من الانخراط في ميدان الشغل، ومن ذلك صعوبة الحصول على معادلات علمية لشهائدهم التي حصلوا عليها من خارج سويسرا.
كذلك توصي هذه الدراسة بتيسير عملية الحصول على الجنسية السويسرية، لأن من شأن ذلك أن يعطيهم دفعا للاندماج، وتدلّ التجارب في البلدان الأخرى على ان تيسير الحصول على الجنسية يقترن دائما بالاندماج الناجح. وفي العموم، لكي يحقّ للأجنبي التقدّم بطلب للحصول على الجنسية السويسرية لابد ان يكون قد قضى 12 سنة على الأقل في البلاد، وهي فترة طويلة جدا، مقارنة بالبلدان الاخرى.
عدم رضى
كشف استقصاء للرأي أجري حديثا أن غالبية من السويسريين غير راضية على اتفاقية حريّة تنقل الأشخاص المبرمة مع الإتحاد الاوروبي. وبحسب هذه الدراسة التي أجرتها شبكة Vimentis، تطالب أغلبية ممن استطلعت أرائهم بإعادة التفاوض حول هذه الإتفاقية، وتجاوز القائلين بهذا الرأي 43% من مجموع المعبرين عن رأيهم.
وتزداد نسبة عدم الرضى أكثر فاكثر في الكانتونات القريبة من الحدود مثل جنيف والتيتشينو وشفيتس، وفي هذه المناطق 30% فقط يقبلون بالحفاظ على الوضع الحالي كما هو عليه.
كما اشتمل استطلاع الرأي هذا على موضوعات أخرى على علاقة بالهجرة، ومن ذلك ان 74% من السويسريين يحبّذون منع النقاب أو ما يسمى “البركة”، و89% منهم يريدون إلزام الأجانب الذين ينوون الإستقرار في بلادهم بتعلّم اللغة الرسمية في المناطق التي يقيمون بها.
أشارت دراسة حديثة أنجزها المرصد السويسري للوضع الصحي لصالح المكتب الفدرالي للصحة إلى أن نسبة إقبال الأجانب على الخدمات الصحية في سويسرا اقلّ بكثير من إقبال السكان المحليين.
في الوقت الذي يشكّل فيه الأجانب 22.8% من مجموع السكان لا يمثلون في المقابل سوى 18.1% من مجموع المقبلين على خدمات المرافق الصحية في البلاد.
رغم المعطى السابق، تكشف الدراسة على ان الرجال القادمين من بلدان الشرق الأوسط مثلا هو الاكثر تلقيا للعلاج من أمراض الاختلال العقلي والنفسي، ويذكر أن الأتراك يمثلون 82.3% من الرعايا المحسوبين على الشرق الاوسط.
كذلك الحال بالنسبة للأمراض القلب والشرايين، حيث تبيْن أن النسبة الاعلى من المصابين بها هم من رجال ونساء الشرق الأوسط وبلدان جنوب أوروبا.
في الوقت الذي تبلغ فيه معدلات تلقي العلاج بالمستشفيات 192 حالة من مجموع كل 1000 ساكن محلّي سويسري، لا تتجاوز تلك النسبة 167 حالة بالنسبة للأجانب، وقد تنزل هذه النسبة إلى 128 حالة بالنسبة لبعض المجموعات من الاجانب.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.