الأزمة الليبية: تباطؤ في ردّ المجموعة الدولية على المستويين الإنساني والسياسي
تنتظر اللجنة الدولية للصليب الأحمر الحصول على ضوء أخضر لإرسال ثلاث فرق طبية الى داخل الأراضي الليبية، في الوقت التي تعزز فيه كل من مصر وتونس الإستعدادات وتهيئ طواقم طبية على الحدود لاستقبال قوافل العمال المهاجرين أو الليبيين الفارين. وفي الأثناء، تكثر المجموعة الدولية من التصريحات الكلامية دون اتخاذ خطوات عملية سواء على المستوى الإنساني او السياسي.
وفي معرض تقييمه للوضع الإنساني في ليبيا، يقول الناطق باسم اللجنة الدولية لصليب الأحمر في تونس، السيد محمد بن أحمد، والمتابع لما يجري داخل الأراضي اليبية أيضا، في حديث أجرته معه swissinfo.ch بأن “اللجنة الدولية للصليب الأحمر تعبر عن أسفها الشديد لسقوط العديد من القتلى والجرحى بسب تصاعد وتيرة العنف في ليبيا، وتدعو الجميع الى احترام الناس وكرامتهم، واحترام العاملين في مجال الرعاية الصحية والمرافق الطبية وسيارات الإسعاف”.
ويذكر السيد محمد بن أحمد أيضا بأن “على قوات الأمن أن تتقيد بالمعايير الدولية التي تحكم استعمال القوة، ويجب أن يُعامل المعتقلون والمحتجزون وفقا للقانون الدولي”.
3 فرق طبية تنتظر الضوء الأخضر للدخول
في الوقت نفسه، وبالنظر إلى أن مكتب اللجنة الدولية للصليب الأحمر في تونس (الذي يغطي النشاطات في ليبيا أيضا)، ليس له تواجد في ليبيا، فإنه يُمارس نشاطه من خلال الإتصالات مع جمعية الهلال الأحمر الليبي. وهو ما “تم تعزيزه منذ الساعات الأولى لتصاعد أعمال العنف في ليبيا”، على حد تأكيد السيد أحمد بن محمد.
وأشار السيد بن أحمد الى أن “اللجنة الدولية للصليب الأحمر على إستعداد للذهاب الى ليبيا ولنا 3 فرق طبية بما في ذلك جراحين على أهبة الاستعداد للدخول الى ليبيا حالما تسمح الظروف الأمنية بذلك”. وهذه الفرق الطبية تحمل معها من الأدوية والمعدات ما يكفي حوالي 2000 جريح أو مصاب.
ويضيف الناطق باسم اللجنة الدولية لصليب الأحمر أن “هناك اتصالات عبر جمعية الهلال الأحمر الليبي وعبر ممثلية ليبيا في جنيف لكي نتمكن من الدخول إلى ليبيا”. وفي انتظار الحصول على هذا الترخيص للدخول الى التراب الليبي، تعتمد اللجنة الدولية على تقييم جمعية الهلال الأحمر الليبي لاحتياجات المستشفيات.
واستنادا الى تقييم جمعية الهلال الأحمر الليبي، أكد الناطق باسم اللجنة الدولية ما تكرر وروده في عدة نداءات استغاثة وجهها مواطنون ليبيون عبر وسائل الإعلام، أي “وجود نقص في الأدوية وفي الطواقم الطبية”. وهذا ما هو متوفر لدى اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وهي على استعداد لتقديمه في حال الحصول على الترخيص الضروري، مثلما يُفهم من تصريح السيد بن أحمد.
تعزيزات إنسانية على الحدود
وفي انتظار السماح لفرق الإغاثة بالدخول الى داخل ليبيا، تعزز المنظمات الإنسانية تواجدها على الحدود الليبية سواء مع تونس غربا أو مع مصر شرقا لاستقبال العمال المهاجرين من جهة والمواطنين الليبيين الجرحى أو الراغبين في مغادرة البلاد.
فقد رحبت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بـ “الإشارات الإيجابية التي توصلت بها من تونس ومصر … والتي تشير الى إبقاء الحدود مفتوحة في وجه الفارين من أعمال العنف في ليبيا”. وقالت المفوضية في بيان أصدرته في جنيف “في ظل استمرار الأخبار عن ارتكاب اعمال عنف وانتهاكات لحقوق الإنسان في داخل ليبيا، هناك ضرورة لتمكين الهاربين من البلاد من الوصول الى مناطق آمنة”.
وقد شرعت مفوضية اللاجئين بناءا على طلب من السلطات التونسية في تعزيز حضورها في معبر رأس جدير الحدودي في إطار تعاون مع الهلال الأحمر التونسي. وتعتزم المفوضية إرسال فرق جديدة إلى المنطقة للمساعدة في تسجيل اللاجئين المتوافدين وتوفير إقامتهم في انتظار نقلهم إلى مواقع أخرى. وتتوقع مفوضية الأمم المتحدة للاجئين توافد حوالي عشرة آلاف شخص إلى المعبر الحدودي خلال عطلة نهاية الأسبوع.
أما المنظمة العالمية للهجرة التي عززت تواجدها في معبر راس جدير أيضا، فقد أوضحت بأن “هناك زيادة في وتيرة المهاجرين العائدين من ليبيا وسجلت عبور “أكثر من 30 ألف مصري وتونسي، إضافة إلى 830 صيني”. وقال موظفو المنظمة “إن غالبية القادمين، كانوا من طرابلس ومن ضمنهم عدد من الدبلوماسيين”، لكن المنظمة العالمية عبرت عن القلق “لعدم رؤية خروج عمال مهاجرين من بلدان إفريقيا جنوبي الصحراء أو من بلدان آسيوية” أخرى. وفي الوقت نفسه، أفادت المنظمة بعبور حوالي 15000 مصري الحدود الليبية المصرية.
وتشارك اللجنة الدولية للصليب الأحمر من جهتها في هذه الجهود المبذولة على الحدود التونسية الليبية، حسبما أوضح السيد محمد بن أحمد، الناطق باسمها في تونس.
في انتظار تأمين ممر إنساني آمن
وفي الوقت الذي يفتقر فيه سكان طرابلس وبعض المدن الليبية الأخرى للأدوية والأطقم الطبية، تتكدس الأدوية التي يتبرع بها السكان التونسيون والمصريون على الحدود. وهذا ما أشار إليه عدد من الليبيين الذين توافدوا الى هذه المعابر الحدودية.
وعما إذا كانت هناك نية في الدعوة لتأمين ممرات إنسانية يقول الناطق باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في تونس السيد محمد بن أحمد لـ swissinfo.ch: “علمنا بإصدار منظمات أخرى لمثل هذه النداءات ولكن اللجنة الدولية للصليب الأحمر أخبرت السلطات الليبية بإستعدادها لتقديم يد المساعدة وهي تنتظر رد هذه السلطات”.
“الليبيون يحتاجون الى إجراءات فعلية بدل التصريحات”
على صعيد آخر، يبدو أن المجموعة الدولية تتردد في إصدار الرد الذي يمليه الواقع في الأزمة الليبية. فعلى المستوى الإنساني هناك انتظار للضوء الأخضر من السلطات الليبية. وعلى المستوى السياسي، ترى منظمة العفو الدولية أن المجموعة الدولية خذلت الشعب الليبي في وقت حرج “يهدد فيه العقيد القذافي بتطهير ليبيا بيتا بيتا”.
إذ ترى منظمة العفو الدولية أن “مجلس الأمن الدولي” لم يتخذ في اجتماعه يوم الثلاثاء 22 فبراير، أية إجراءات عملية، واكتفى بالدعوة لوضع حد للعنف، وبدعوة ليبيا للتصرف بتحفظ واحترام حقوق الإنسان”، وهذا في الوقت الذي كانت تنتظر فيه المنظمة الحقوقية أن يفرض “حظرا على بيع الأسلحة وتجميدا للأموال”.
وعلى مستوى الاتحاد الإفريقي، انتقدت منظمة العفو الدولية ” الجمود ” الذي قابل به الاتحاد “رؤية سقوط المئات من الضحايا، وسط تردد أخبار عن كون ذلك برصاص مرتزقة قدموا من الدول الإفريقية المجاورة لليبيا، لتصفية معارضي الزعيم الليبي”.
وفي اتجاه جامعة الدول العربية التي أقدمت على تجميد عضوية ليبيا في اجتماعاتها، ناشدت منظمة العفو الدولية الجامعة “بتشكيل لجنة تحقيق عربية مستقلة للتحقيق في الأزمة الليبية”.
أما على مستوى حقوق الإنسان فإذا كانت الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان قد تجاوزت خلافاتها للدعوة لعقد جلسة خاصة حول الأوضاع في ليبيا يوم الجمعة 25 فبراير، فإن ما سيصدر عنها وفي حال الإتفاق بشأنه سوف لن يتعدى كلمات إدانة ووعود بإرسال لجنة تحقيق مستقلة.
وفيما يتعلق بالعدالة الدولية لمحاكمة مرتكبي الجرائم الحالية في ليبيا، يبدو أن تردد المجموعة الدولية اليوم، وعلى النقيض مما حدث في وضع دارفور، سوف لن يسرّع بتحديد طبيعة التسمية التي يجب إطلاقها على جرائم العقيد القذافي اليوم “هل هي جرائم ضد الإنسانية أم جرائم إبادة”. وهو ما قد يبطئ بإنصاف الضحايا غدا، بعد التباطؤ في إنقاذ الجرحى والمستجيرين اليوم.
أفادت المفوضية العليا للأمم المتحدة للاجئين في بلاغ أصدرته يوم الخميس 24 فبراير 2011 أنها أرسلت موظفين تابعين لها إلى نقطة العبور الحدودية بين تونس وليبيا برأس جدير حيث يعملون بالتعاون مع الهلال الأحمر التونسي والسلطات التونسية.
وأوضحت المفوضية العليا للاجئين في بيان تلقت وكالة الأنباء الرسمية التونسية نسخة منه أن فرقا قد تم تركيزها بطلب من الحكومة التونسية في الأماكن المعنية من اجل مراقبة الوضع عن كثب وضبط قائمات في الأشخاص ذوي الوضعيات الهشة أو الذين في حاجة إلى مساعدات عاجلة على غرار الأطفال بدون مرافقين والنساء المرفوقات بأطفال أو المسنين مضيفة أن فريقا آخر تابع للمنظمة سيتم إرساله إلى هذه الأماكن اليوم (الخميس 24 فبراير).
وأشار موظفو المفوضية إلى تدفق منتظم للأشخاص منذ يوم الأربعاء 23 فبراير على رأس جدير والى أن أغلبية القادمين هم من التونسيين العاملين بليبيا إلى جانب ليبيين وأتراك ومغاربة او جاليات من بلدان الشرق الأوسط أو غرب افريقيا.
وأفاد البلاغ أن القادمين يتم إيوائهم حاليا على عين المكان في مآو او في فضاءات إقامة أخرى او مع عائلات قاطنة بهذه الأماكن.
كما ذكر بان وزارة الدفاع الوطني قد حددت موقعا ممكنا قصد إقامة مخيم ظرفي في حالة تكاثر عدد القادمين مبينا ان المفوضية العليا للاجئين تعمل بالتعاون مع السلطات التونسية لتجهيز هذا المأوى الجديد.
كما أعلن عن إرسال المفوضية لطائرة محملة بخيام وأجهزة نجدة بما يمكن من تقديم المساعدة إلى عشرة آلاف شخص وذلك في نهاية هذا الأسبوع وحيت المفوضية العليا للاجئين في هذا البلاغ كلا من تونس ومصر لمبادرتيهما القاضيتين بترك حدودهما مفتوحة في وجه الأشخاص الفارين من العنف في ليبيا.
كما أكدت أن مواجهة العنف وانتهاك الحقوق الإنسانية في ليبيا يستدعي ضرورة توفير الأمان للأشخاص الفارين من هذا البلد.
(المصدر: وكالات الأنباء)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.