مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

السينما الإفريقية تفوز بجائزة “النظرة الذهبية”

المخرجة البوركينابية فانتا ريجينا ناكرو بعد الإعلان في مؤتمر صحفي في فريبورغ صباح الأحد 13 مارس 2005 عن فوزها بالجائزة الذهبية لمهرجان فريبورغ السينمائي الدولي swissinfo.ch

كانت إفريقيا والمرأة نجمتا اليوم الأخير من الدورة 19 لمهرجان فريبورغ السينمائي الذي أكد مرة أخرى أنه تظاهرة فريدة تشجع الأعمال الملتزمة وإبداعات دول الجنوب.

“ليلة الحقيقة” للمخرجة البوركينابية فانتا ريجينا ناكرو حصل بالإجماع على الجائزة الذهبية للمهرجان، بينما حازت المغربية ياسمين قصاري على الجائزة الخاصة للجنة التحكيم الدولية لـ”الراقد”.

توالت بحرارة تصفيقات وهتافات التهاني والتشجيع لدى الإعلان في مؤتمر صحفي صباح الأحد 13 مارس في فريبورغ عن اسم الشريط الفائز بجائزة “النظرة الذهبية” (Le Regard d’Or) للدورة التاسعة عشرة لمهرجان فريبورغ السينمائي الدولي، التي تبلغ قيمتها 30 ألف فرنك.

توجهت الأنظار وعدسات التصوير إلى المخرجة البوركينابية فانتا ريجينا ناكرو التي غمرت عينيها سعادة كبيرة وهي تتلقى التهاني من الحضور عن أول شريط مطول لها “ليلة الحقيقة”، والذي خاض المسابقة الرسمية لنيل الجائزة الذهبية للمهرجان ضمن لائحة شملت 11 شريطا مطولا من 11 بلدا.

رئيس لجنة التحكيم الدولية لدورة هذا العام المنتج التونسي حسن دلدول أعلن أن اللجنة اختارت بالإجماع “ليلة الحقيقة”، أول شريط مطول للمخرجة ناكرو من إنتاج فرنسي بوركينابي مشترك (2004).

وقال السيد دلدول عن “ليلة الحقيقة” إنه “شريط فريد اغترف من الأشكال العالمية للتراجيديا، للتعامل مع ما يعجز عنه الوصف في المذابح”. وتستعيد المخرجة ناكرو في شريطها فظائع الحرب الأهلية مع الدفاع بقوة عن فكرة المصالحة بين الشعوب.

تكريم لقريب قُتل بوحشية

وكانت المخرجة قد أوضحت قبل انطلاق المهرجان أن شريط “ليلة الحقيقة” “كُتب تكريما لذكرى رجل اتُّهم بإثارة انقلاب، فتعرض إلى التعذيب والسجن. وفي ليلة، حضر رجال مشواة، وربطوه فوقها، وحرقوه على نار هادئة إلى الصباح. وفي الساعة السابعة صباحا، فارق الحياة بوحشية. “ذلك الرجل كان عمي”، قالت السيدة ناكرو ببساطة، “واستنادا إلى ذلك الحدث المأساوي، أردت أن أنجز فيلما”.

وفي تصريحات أدلت بها لـ”سويس انفو” بعد الإعلان عن فوزها بالجائزة الذهبية لمهرجان فريبورغ، قالت المخرجة التي مثلت بنجاح السينما الإفريقية: “أنا سعيدة جدا حقا بهذا الفوز، خاصة وأنني سمعت أن الأفلام الإفريقية لم تحصل على هذه الجائزة منذ سنوات طويلة. أنا سعيدة لي ولقارتي. يمكن أن أقول إن سعادتي مزدوجة لأن شريطي القصير الأول حصل على الجائزة الأولى في مهرجان آخر، والآن يحصل شريطي المطول الأول على الجائزة الأولى أيضا”.

وبعيون لامعة وابتسامة فرحة، استطردت قائلة: “فضلا عن الجائزة الهامة جدا التي حصلت عليها هذا الصباح، أحببت رد فعل جمهور فريبورغ لأن الشريط قاس وعنيف. إنه شريط هام، وكنت أخشى أن ينفر المشاهدون من العنف وأن يحول ذلك دون فهمهم لمضمون الشريط. لكن الكيفية التي استقبلوه بها أثلجت صدري. وبالتالي، لو لم أفز بجائزة النظرة الذهبية، فإنني كنت قد فزت بعدُ بتفاعل الجمهور”.

جائزتان وتنويه لأسطورة “الراقد”..

أما الجائزة الخاصة للجنة التحكيم التي تبلغ قيمتها 5 ألف فرنك فعادت للشريط المغربي البلجيكي “الراقد” (L’Enfant endormi) لياسمين قصاري، والذي قالت عنه لجنة التحكيم الدولية إنه “أظهر بجمال ولطافة ورقة بحث امرأتين شابتين عن الحرية بعدما ظلتا أسيرتي العزلة”. وقد حصل الفيلم أيضا على جائزة لجنة ممثلي الفدرالية الدولية للصحافة السينمائية التي ذكرت أن “الشريط المطول الأول لمغربية تبلغ من العمر 35 عاما، جمع بذكاء وكثير من الإنسانية الإخراج والسيناريو والإنتاج”.

كما انتزع الفيلم، وهو من إنتاج بلجيكي مغربي مشترك (2004)، تنويها خاصا من المهرجان لكونه “يتناول موضوعا ذي أهمية متزايدة في العالم المعاصر. إنه فيلم عن النساء، عن القيم الأبوية المتأصلة بعمق (…) إن ياسمين قصاري سيّرت شريطها بحساسية كبيرة بعثت الحياة في قدرة وجمال النساء، وخلقت فضاء تمكنت فيه بعض النساء من تحدي ثقل نظام الأبوة. استعمالها لأسطورة الجنين الراقد كأداة لهذا الحدث أضفى جمالية على رسالتها”.

وكانت ياسمين قصاري قد أوضحت في لقاء مع سويس انفو بمناسبة تقديمها شريط “الراقد” في مهرجان فريبورغ يوم الأربعاء 9 مارس، أن القوة المجازية للأساطير هي التي تهمها بالدرجة الأولى وليس الأساطير نفسها. وعندما بدأت أبحاثها عن أسطورة “الجنين الراقد”، اهتمت “بشكل خاص بالعلاقة بين النساء والرجال، وخاصة الرغبة الجنسية لدى النساء التي لا نتحدث عنها، رغبتهن في الإنجاب وفي الحب عندما يهجرهن الزوج لسنتين أو ثلاث”.

ويحكي شريط “الراقد” قصة زينب وحليمة اللتين ظلتا وحيدتين في قرية منعزلة شرق المغرب بعدما هاجر زوجاهما للعمل في إسبانيا. زينب التي تركها زوجها بعد أيام قليلة عن عرسهما تكتشف أنها حامل، وتقرر تنويم الجنين في بطنها إلى عودة أبيه. الأشهر تمر والأب لا يعود..

يقول رئيس لجنة التحكيم عن هذا الشريط في تصريحات لسويس انفو: “الفيلم جميل جدا، حتى أننا احترنا في لجنة التحكيم بينه وبين شريط “ليلة الحقيقة” الفائز للمخرجة ناكرو. فيلم “الراقد” يتميز بقوة على مستوى الصورة والتفكير”.

فلسطين/إسرائيل: حدث فريبورغ الاستثنائي

وقد حصل الشريطان الماليزي “مو” لهو يوهانغ، والكوري الجنوبي “هذه البنت الفاتنة” للي يون كي على تنويه خاص بالإجماع من لجنة التحكيم الدولة. أما جائزة اللجنة الكنائسية فعادت لـلشريط الصيني “البقرة ذات الحليب الأسود والأبيض” ليانغ جين.
وفي مسابقة الشرائط الوثائقية، منحت الجائزة بالتساوي لـ”الإعادة إلى الوطن” للكورية الجنوبية دونغ وون، و”كابوس داروين” لهوبير سوبر، وهو إنتاج فرنسي نمساوي بلجيكي.

ورغم أنه لم يكن مرشحا لنيل أية جائزة في المهرجان، فقد استحق الموزع السينمائي السويسري آلان بوتاريلي – الذي اقترح بانوراما “فسلطين/إسرائيل، ذاكرة سويسرية” – كل التنويه بالفعل. مديرة المهرجان راشيل بولارت شددت في المؤتمر الصحفي صباح الأحد على أنه بفضل تلك البانوراما، تمكن المهرجان لأول مرة من استقطاب أكبر عدد من المخرجين السويسريين الذين عُرضت أعمالهم ضمن البانوراما.

وعن هذه التجربة السباقة في سويسرا، إذ تم للمرة الأولى تجميع ما لا يقل عن 20 فيلما وشريطا مطولا لمخرجين سويسريين، أو مقربين من سويسرا حول الشرق الأوسط، قال السيد بوتاريلي: “إن الحصيلة إيجابية للغاية. تجميع كل هذه الأشرطة في وقت واحد في إطار مهرجان حول النزاع الفسلطيني الإسرائيلي أمر رائع. الجمهور استجاب لدعوتنا (…) ومن ناحية التنظيم، حضر المخرجون السويسريون، ما عدا بعض الاستثناءات، لتقديم أفلامهم للجمهور، والمشاركة في النقاش (الذي دار صباح الجمعة في إطار البانوراما) الذي كان مفيدا للغاية. كانت من المناسبات النادرة التي رأيت فيها مثل هذا العدد من المخرجين السويسريين مجتمعين ولا يتحدثون عن المال”.

ويعتزم السيد بوتاريلي مواصلة الإنتاج السينمائي السويسري حول فلسطين وإسرائيل، ومن أحدث أعماله الفيلم الوثائقي “الاتفاق” حول مبادرة جنيف للمخرج السويسري نيكولا فالديموف (2005)، الذي سيعرض في جنيف هذا الأسبوع في المهرجان السينمائي الدولي لحقوق الإنسان. أما بانوراما “فلسطين/إسرائيل، ذاكرة سويسرية” فأوضح السيد بوتاريلي في تصريحاته لـ”سويس انفو” أن “لديها حظوظ هامة للتنقل بين دول أخرى، مثل فرنسا ومصر وحتى فلسطين وإسرائيل”.

إصلاح بخات – سويس انفو – فريبورغ

تواصلت الدورة 19 لمهرجان فريبورغ السينمائي الدولي من 6 إلى 13 مارس 2005.
تابع المهرجان 25 ألف متفرج مقابل 28 ألف العام الماضي. فُسر ذلك التراجع بالبرد القارس الذي عرفته سويسرا في بداية شهر مارس، والذي سجل ادنى مستوى حرارة منذ عام 1979، وأيضا بالحريق الذي دمر في بداية يناير الماضي قاعتي سينما كانت تُعرض فيهما أيضا أفلام المهرجان.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية