الناخبون في زيورخ مطالبون بالحسم في مقترحات تُشدد شروط منح الجنسية
قد تصبح حياة القاطنين بزيورخ الطامحين في الحصول على جواز سفر سويسري أكثر صعوبة ابتداءً من 11 مارس، ويتوقف الأمر على القرار الذي سيتخذه الناخبون إما لصالح تشديد قوانين الجنسية أو الإبقاء عليها بدون تغيير.
وفي سويسرا، يُعدّ الحصول على جواز سفر من أعقد الحالات وأصعبها مقارنة ببقية البلدان الصناعية، ولكن إذا ما شقّ حزب الشعب (يمين شعبوي) طريقه وتعززت هيمنته، فإن القوانين في سويسرا سوف تصبح أكثر تشددا.
وفي حديث إلى swissinfo.ch، أوضح هانس راينريش راثس، النائب في برلمان زيورخ المحلي عن حزب الشعب أن: “الأفراد الذين سبق أن ارتكبوا جرائم لا يجب أن يُمنحوا الجنسية السويسرية، ولا يجب أن يكتسب الجنسية إلا من كان يتمتّع بسجل نظيف”. ويضيف راثس: “لا نريد أن يكون منح الجنسية بمثابة الحق المكفول للأجنبي”. ويعني هذا بعبارة أخرى أن لا يتحوّل منح الجنسية إلى عملية آلية تتوقّف على توفّر حزمة من الشروط المحددة سلفا.
هذا الكلام لا يستقيم حسب رأي مارتين غرافت، وزير العدل في الحكومة المحلية لكانتون زيورخ الذي يقول: “إذا ما نجح شخص ما خلال اختبار القيادة، فلا يمكن حجب رخصة السياقة عنه لمجرد أن الذي اختبره لم يُعجبه أنف ذلك الشخص”.
في الأثناء، يتمثل الهدف الأساسي للنص الذي تقدّم به الحزب الإشتراكي للناخبين في تحقيق الإنسجام بين القواعد المنظمة لمنح الجنسية على مستوى مختلف المناطق داخل كانتون زيورخ. ومع أن الفكرة تجد القبول لدى الجميع، إلا أنه تبيّن خلال عرض المشروع للمشاورة أن أحزاب يمين الوسط تسعى إلى مزيد تشديد هذه القوانين في العديد من المناطق (انظر على اليسار لمعرفة الكيفية التي سيختلف بها القانون الجديد عما سبق).
في الوقت نفسه، تُواجه هذه التعديلات بالرفض من طرف البرلمان المحلي لكانتون زيورخ ومن جانب أحزاب اليسار الممثلة فيه التي تعارض أيضا مشروع حزب الشعب البديل الذي يذهب إلى أبعد من ذلك من حيث تشدده. وسوف يُعرض المقترحان على تصويت الناخبين في كانتون زيورخ يوم 11 مارس الجاري.
موقف “أبناء الجيل الثاني”
ترفض مجموعة Second@s Plus Zurich، كلا المشروعيْن. وهذه المجموعة هي تابعة لمنظمة “الجيل الثاني” الوطنية والتي تبذل جهودا من أجل تيسير الحصول على الجنسية ومن أجل تكافؤ الفرص خاصة بالنسبة لأبناء الجيل الثاني من المهاجرين.
وقالت لوسيا توزّي، رئيسة هذه المجموعة على مستوى كانتون زيورخ، وإحدى الناشطات ضمن الحزب الإشتراكي في حديث إلى swissinfo.ch: “سوف تعترض الشبان المهاجرين أو الذين قضوا الجزء الاكبر من حياتهم هنا عقبات لا طائل من ورائها خلال سعيهم للحصول على الجنسية” السويسرية.
ويوجد في سويسرا حاليا نصف مليون شخص من أبناء المهاجرين، تحصل قرابة الثلث منهم على الجنسية السويسرية، أما البقية الذين يناهز تعدادهم 350.000 شخص بحسب الدراسات الإحصائية المتكررة فلازالوا ينتظرون، في بلد يمثل الأجانب فيه خُمس السكان، ورُبع القوى العاملة.
وكان طوماس هامربورغ، مفوّض حقوق الإنسان بمجلس أوروبا قد دعا يوم 23 فبراير 2012 سويسرا إلى إجراء مراجعة شاملة للسياسات وللقوانين المناهضة للتمييز ضد الأجانب. وناشد هامربورغ السلطات الفدرالية إيلاء المزيد من الإهتمام لتيسير حصول الأجانب على الجنسية، مؤكدا على أن هذه المسألة “ذات أهمية حاسمة في تحقيق الإندماج الكامل”، وعلى أنه “لا بد من تجنب الإعتباطية” على هذا المستوى.
وبحسب ما تتناقله التقارير، تقل فرص الحصول على وظيفة المتاحة أمام الشبان من ذوي الأصول الأجنبية بخمس مرات عن الفرص المتاحة لنظرائهم من ذوي الأصول السويسرية حتى في صورة تساوي التجارب المهنية ومستويات التحصيل العلمي.
ليكن لك صوت
توزّي، شابة في الثلاثينات من العمر، وُلدت في سويسرا – مثلها أشقائها الإثنين – لأبويْن إيطالييْن، وعلى خلاف ما هو عليه الحل في الولايات المتحدة، فإن ولادة الأجنبي في سويسرا لا تمنحه الحق في الحصول على جواز السفر السويسري بشكل آلي، “لذلك تظل مستثنى ولا يمكنك المشاركة في التصويت”، مثلما تقول.
وتضيف توزي في حديث مع swissinfo.ch: “كان عمري حوالي 16 عاما، وأصبحت أهتم بالعمل السياسي، وكانت لديّ رغبة فعلية في المشاركة، لذلك قررت التقدّم بطلب للحصول على الجنسية”. لكن شقيقاها لم يحصلا على الجنسية بعدُ، أو أنهما لا يرغبان في الحصول على الجواز السويسري من الأصل.
وبخصوص الأسباب التي يقدمها البعض لتبرير عدم الرغبة في التقدم بطلب للحصول على الجنسية السويسرية، رغم توفّرهم على الشروط المطلوبة قانونيا، فهي تمتد من الرغبة في تجنب القيام بالخدمة العسكرية إلى عدم الرغبة ببساطة في خوض تجربة مريرة في تجميع واستخراج الوثائق الكثيرة التي يجب الإستظهار بها، فضلا عن التكاليف الإدارية المرتفعة، وخوض اختبارات مُلزمة لكل من يتقدم بطلب لهذا الغرض.
مع ذلك، تشير تُـوزي إلى أنها تدرك جيّدا أنه “لو كان هذا القانون المقترح موجودا قبل 15 عاما، لكانت تجربتها مختلفة جدا عما هي عليه الآن”، وتضيف: “لو كان الأمر كذلك لما فعلت ما فعلت، ولكان أبناء الجيل الثاني مجبرين على إجراء اختبارات، وهو أمر غريب، لأننا تلقينا جميعا تعليمنا في المدارس السويسرية، وعندئذ كنت سأكون مجبرة على اتباع الإجراءات العادية، على الرغم من أنني وُلدت هنا وهذا موطني”.
مواطنو العالم
والسؤال الذي يُطرح الآن: ماذا كان سيكون وضع توزّي لو كانت قد ولدت في مكان آخر؟
في مجال منح الجنسية، يعتمد عدد قليل من البلدان في العالم “حق الأرض” Jus soli (الذي تُمنح بموجبه الجنسية أو المواطنة لأي أفراد ولدوا داخل حدود بلد معيّن)، ولا توجد بلدان ذات اقتصاديات متقدمة من بين هذه الأقلية باستثناء الولايات المتحدة وكندا. وإلى حد الآن، لم تقرر المحكمة العليا الأمريكية صراحة ما إذا كان يحق للأطفال المولودين هناك من آباء مهاجرين غير شرعيين الحصول على الجنسية بالولادة، وإن كان يُفترض بشكل عام أن يكون الأمر كذلك.
وفي بريطانيا، يحق لأي طفل أن يُسّجل كمواطن هناك إذا كان أحد والديْه مُقيما بشكل دائم أو متحصلا على الجنسية البريطانية. وأما في الحالات الأخرى، كالأطفال المولودين في بريطانيا من الأشخاص غير الحاملين للجنسية البريطانية، فإن الأمر يبقى متروكا لتقدير السلطات هناك.
وبالمقارنة مع بلدين جاريْن لسويسرا، يكتسب الإبن الجنسية الالمانية عند الولادة إذا كان أحد والديه حاملا للجنسية الألمانية، أما إذا كان الأب المانيا، ولكنه غير متزوّج من والدة الطفل، فإن إثبات علاقة الأبوة في هذه الحالة ضروري، ولابد من الإستظهار بأدلة قانونية تثبت ذلك قبل بلوغ الطفل سن الثالثة والعشرين (23).
أما بالنسبة للأبناء الذين ولدوا في فرنسا (بما في ذلك أقاليم ما وراء البحار)، وكان أحد الأبويْن على الأقل فرنسي المولد، فإنهم يكتسبون الجنسية الفرنسية عند الولادة آليا. ولكن مجرد ولادة الطفل على التراب الفرنسي لا تكسبه الجنسية الفرنسية بشكل آليّ إلا إذا كان الطفل مجهول الوالديْن، أو أن والديْه عديمي الجنسية Apatride. أما الأطفال الذين يولدون لأبويْن أجنبييْن مُقيميْن في فرنسا فيظلون أجانب إلى حين بلوغهم سنّ الرشد حيث يمكن لهم التقدم بطلب للحصول على الجنسية.
إذا ما قبل قانون التجنيس الجديد، سيصبح من غير الممكن للأجانب الذين لا يملكون ترخيص إقامة دائمة من صنف C (يمنح هذا الصنف من الإقامة للأجنبي الذي قضى 5 سنوات من الإقامة الشرعية وكان حاملا لترخيص من صنف B، في حالة كان هذا الأجنبي من رعايا الإتحاد الأوروبي، أو بلدان الرابطة الأوروبية للتجارة الحرة، أو 10 سنوات إذا كان من خارج هذا الإطار الجغرافي)، التقدم بطلب للحصول على المواطنة السويسرية.
وفي الوقت الحاضر، يمكن للأجنبي الذي يتمتع بإقامة مؤقتة (تصريح إقامة من صنف F) طلب الجنسية السويسرية، على الأقل من الناحية القانونية.
يجب على المتقدم بطلب الحصول على جواز السفر السويسري أن يكون قد أقام لمدة ثلاث سنوات متواصلة في نفس البلدية.
في المستقبل، لن يكون لعامل العمر أي تأثير على مصير طلب الجنسية. أما في الوقت الحاضر، فإن الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 25 سنة، وتابعوا الدراسة لمدة خمس سنوات على الأقل في إحدى المدارس السويسرية، يُمنحون جواز السفر بشكل آلي، ولا يتم التدقيق إلا في الحالات التي تثير الريبة والشك.
ينص مشروع القانون الجديد كذلك على أن المستفيدين من منحة البطالة غير مؤهلين للحصول على الجنسية السويسرية.
في كل عام، يحصل حوالي 40.000 شخص على المواطنة السويسرية، ينحدر ثلاثة أرباعهم من القارة الأوروبية (أنظر الرابط المرفق في الأسفل).
حتى الآن لم تمنح الجنسية السويسرية إلا لثلاثة من مجموع 100 أجنبي يقيمون في سويسرا، وهي نسبة ضئيلة جدا بالمقارنة مع البلدان الأوروبية والغربية الأخرى.
يمكن للأشخاص الذين أنهوا 12 سنة إقامة في الكنفدرالية التقدم بطلب للسلطات للحصول على الجنسية السويسرية.
يقوم المكتب الفدرالي للهجرة بالتأكد من أن صاحب الطلب مندمج في الحياة والمجتمع السويسري، وأنه متعوّد على التقاليد والأعراف السويسرية، ويحترم القوانين والقواعد المعمول بها، وأنه لا يشكل خطرا على الأمن الداخلي والخارجي لسويسرا.
تستند هذه الدراسة على التقارير الواردة من الكانتونات والبلديات، وتمرّ العملية بمراحل ثلاث.
لا يكتسب الأجنبي المواطنة السويسرية إلا بعد موافقة كل من الإدارة الفدرالية والسلطات المحلية على مستوى البلدية والكانتون على طلبه.
(نقله من الإنجليزية وعالجه: عبد الحفيظ العبدلي)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.