انضمام جمعية إسرائيلية وأخرى فلسطينية الى الصليب الاحمر
وسع الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الاحمر والهلال الاحمر يوم 21 يونيو لتشمل جمعيتين للمساعدات الانسانية إحداهما اسرائيلية والاخرى فلسطينية.
وفي ظل الفشل في التوصل إلى إجماع، صوت مندوبو الدول وجمعيات الصليب الاحمر والهلال الاحمر في اقتراع نادر بالموافقة على إضافة شارة ثالثة هي “الكريستالة الحمراء”.
وسعت أكبر وكالة للاغاثة في العالم عضويتها يوم الخميس 21 يونيو لتشمل جمعيتين للمساعدات الانسانية احداهما اسرائيلية والاخرى فلسطينية متغلبة بذلك على الانقسامات السياسية التي عرقلت محاولات الانضمام لنحو 60 عاما.
ومع عدم قدرتها على التوصل لاجماع وافقت 192 دولة و183 جمعية للصليب الاحمر والهلال الاحمر في اقتراع نادر على الموافقة على شعار جديد محايد هو البلورة الحمراء بدلا من الهلال والصليب المرتبطين بالمسيحية والاسلام.
واتاح هذا الشعار الجديد الذي يمكن وضع نجمة داود عليه لمنظمة ماجين دافيد ادوم الانضمام للصليب الاحمر بعد عقود من العزلة.
وانتهت المحادثات المشحونة سياسيا والتي استمرت يومي 20 و21 يونيو في وقت متأخر من مساء الخميس عندما وافقت الوفود المشاركة في المحادثات على ضم منظمة ماجين دافيد ادوم وجمعية الهلال الاحمر الفلسطيني فيما وصفه رئيس المؤتمر محمد الحديد بانه “لحظة تاريخية”.
وقال الحديد للصحفيين بعد صدور القرار ان من شأن هذه الخطوة ان تساعد في تحسين مستوى التعاون بين خدمات الاغاثة الفلسطينية والاسرائيلية وضمان اتاحة المجال بشكل اكبر امام المحتاجين للوصول لشبكات الاغاثة الدولية.
وذكر جون بلينجر المستشار القانوني لوزارة الخارجية الامريكية ان الولايات المتحدة “مسرورة” مما خلص اليه المؤتمر الذي لاقى معارضة من بعض الدول الاسلامية الرافضة لانضمام منظمة الاغاثة الاسرائيلية. وقال بلينجر في تصريحات لوكالة رويترز بعد انتهاء المؤتمر “كانت عملية طويلة وصعبة”.
رمز محايد
وكان الكثيرون يأملون في ان ينتهي المؤتمر بالاجماع بعد ان مهد مؤتمر دبلوماسي اخر في ديسمبر كانون الاول الطريق امام انضمام هاتين المنظمتين.
ورغم الطعون القانونية والاجرائية التي تقدمت بها الوفود الممثلة لمنظمة المؤتمر الاسلامي واقتراح كل من باكستان وتونس تعديلا بدا نصه غير مقبول لاسرائيل صدر القرار باكثر من اغلبية الثلثين المطلوبة.
وقال مسؤولون ان نحو 237 دولة وجمعية وافقت على تغيير قوانين الصليب الاحمر واضافة رمز البلورة الحمراء فيما رفضها 57 اخرون وامتنع 18 عن التصويت.
وذكر الحديد ان بامكان جميع الجمعيات الوطنية استخدام شعار البلورة الحمراء في الاماكن التي يمكن ان يساهم الرمز المحايد فيها في تسهيل الوصول الى الضحايا او تقليل المخاطر التي يتعرض لها العاملون في مجال الاغاثة. واضاف بان الشعار لن يستخدم في اسرائيل فحسب.
وقالت بوني ماك الفين هانتر التي ترأس مجلس ادارة الصليب الاحمر الامريكي ان منظمتها ستعيد دفع 45 مليون دولار مستحقة كانت قد امتنعت عن دفعها للاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الاحمر والهلال الاحمر بسبب مسألة استبعاد ضم منظمة ماجين دافيد ادوم.
وأضافت ان الصليب الاحمر الامريكي سيدفع 24 مليون دولار يوم الخميس وسيدفع الباقي “في خلال اطار زمني متفق عليه” لم يتحدد بعد.
الحالة الفلسطينية الخاصة
وكانت حركة الهلال والصليب الأحمر قد افتتحت مؤتمرها الدبلوماسي التاسع والعشرين يوم 20 يونيو في مركز المؤتمرات في جنيف من أجل الحسم في الإعتماد الرسمي للشارة الثالثة وقبول عضوية كل من جمعية (نجمة داود الحمراء) الإسرائيلية وجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني.
لكن الجدل الذي رافق أشغال المؤتمر بخصوص طعن المجموعة العربية والإسلامية في شرعية شروط انعقاد المؤتمر، وتصلب المعسكر الغربي في قبول “إضافات توضيحية” عربية لم يُحسم إلا في مساء يوم الخميس 21 يونيو كما أنه قد ينعكس سلبا على مستقبل الحركة.
وكان المؤتمر حدد لنفسه ثلاثة أهداف، أولا: تعديل النظام الأساسي للحركة الدولية للصليب والهلال الأحمر بعد اعتماد شارة ثالثة للحركة في المؤتمر السابق الذي نظم في جنيف في ديسمبر 2005، وثانيا: الاعتماد الرسمي لشارة الألماسة الحمراء أو “الكريستالة الحمراء” الى جانب شارتي الهلال والصليب والتي يمكن للجمعيات غير المعترف بشاراتها، مثل الجمعية الإسرائيلية “نجمة داود” استعمالها فوق أراضيها مع إضافة الشارة المميزة لها داخل هذه الألماسة أو الكريستالة، وثالثا: قبول عضوية كل من الجمعيتين الإسرائيلية (ماجين دافيد ادوم)، والفلسطينية “الهلال الأحمر الفلسطيني”.
وبما أن وضع فلسطين لا يسمح في الوقت الحالي باستكمال الشروط المنصوص عليها في قوانين حركة الهلال والصليب الأحمر للاعتراف بجمعية وطنية دون توفر عنصر الاستقلال والحدود الجغرافية المحددة، كان النص الأولي لمشروع القرار يهدف الى الحث على “إنشاء إطار للاعتراف بجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني”.
هذا الأمر دفع المنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر في اجتماعها الذي عقدته في في ابوظبي يومي 27 و 28 فبراير 2006 الى جلب انتباه أعضائها الى ان ما قد يصدر عن المؤتمر الدبلوماسي بخصوص الاعتراف بجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني قد يكون “مجرد إنشاء إطار للاعتراف بجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني تكلف فيه اللجنة الدولية للصليب الأحمر بدراسة الموضوع”.
وقد طالبت المجموعة العربية، الحكومة السويسرية، بوصفها راعية القانون الإنساني الدولي، وكذلك البلدان الأعضاء في حركة الهلال والصليب الأحمر بتقديم ضمانات بهذا الخصوص في البيان الختامي للمؤتمر. وهو ما تضمنته بشكل ما الصيغة الثانية من مشروع القرار الذي عرض على الوفود في جنيف.
اتفاق لم يطبق منه الكثير
حسم موضوع الشارة الثالثة وتمهيد الطريق أمام انضمام جمعية الإسعاف الإسرائيلية الى حركة الهلال والصليب الأحمر بعد تأزم دام عدة سنوات، تم بفضل توصل الجمعيتين الإسرائيلية والفلسطينية الى توقيع مذكرة تفاهم وخطة عمل برعاية سويسرية قبيل مؤتمر الحركة الذي انعقد في ديسمبر 2005.
وقد قامت سويسرا بموجب بنود هذا الاتفاق بإعداد تقرير قدم للمؤتمر الدبلوماسي الحالي حول مدى تطبيق الطرفين لبنود هذا الاتفاق الذي يدعو الجانبين الى تسهيل مهمة العمل الانساني وبالأخص تيسير مهمة مرور سيارات الإسعاف التابعة لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني وتمكين عدد منها من التمركز في القدس الشرقية.
وجاء في الخلاصة التي توصل اليها تقرير الحكومة السويسرية بهذا الخصوص انه “بالرغم من الأوضاع العصيبة التي تمر بها المنطقة فإن الجمعيتين الإسرائيلية والفلسطينية عرفتا تعزيز التعاون والاتصال فيما بينهما في وقت شهدت فيه الاتصالات الرسمية إما انهيارا او تراجعا ملحوظا”. وقد أكد التقرير السويسري أن اغلب التقدم الذي طرأ لم يشرع فيه إلا قبل شهرين من اليوم (أي بعد تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة).
وإذا كان التقرير الموازي الإسرائيلي يشيد بما قامت به جمعية نجمة داود في اتجاه اقناع السلطات الإسرائيلية بخصوص تطبيق بنود الاتفاق، فإنه يعدد التقدم الحاصل بقبول مبدأ تمركز سيارتي إسعاف فلسطينيتين بمستشفى الولادة، وقبول خمس سيارات إسعاف إضافية في القدس الشرقية بمجرد الاتفاق مع الهلال الأحمر الفلسطيني حول الإجراءات، وتخصيص أولوية لمرور سيارات الإسعاف وموظفي الإسعاف في حواجز التفتيش الإسرائيلية وتخصيص ممرات خاصة لهم.
لكن التقرير الفلسطيني الموازي اشار الى تدهور أكثر للوضع الانساني منذ التوقيع على الاتفاق بين الجمعيتين وان شهر مايو 2006 عرف رقما قياسيا في عدد الهجمات التي استهدفت سيارات إسعاف الهلال الأحمر الفلسطيني فاقت 57 حالة.
وتشير جمعية الهلال الأحمر الفلسطينية إلى أن بند الاعتراف بصلاحية نشاط الهلال الأحمر الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية لم تعمل الجمعية الإسرائيلية لحد الآن على تعميمه رسميا. وبخصوص القدس الشرقية التي يعترف الاتفاق على أنها تحت صلاحية الهلال الأحمر الفلسطيني ، يقول التقرير الفلسطيني إن المضايقات استمرت بخصوص وصول سيارات الإسعاف الفلسطينية إليها.
آمال سويسرية رغم العراقيل
وزيرة الخارجية السويسرية التي افتتحت المؤتمر التاسع والعشرين يوم أمس 20 يونيو رحبت بالجهود التي بذلت من أجل “إتمام ما توصل إليه مؤتمر ديسمبر 2005 وبالأخص إقرار الشارة الثالثة”.
وعبرت السيدة ميشلين كالمي ري بالخصوص عن الإبتهاج ” لرؤية جمعيتين وطنيتين أي جمعية نجمة داود الإسرائيلية وجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني تصبحان طرفا كامل العضوية في الحركة الإنسانية الدولية”.
وتحسبا للتداخلات السياسية في مناقشة ملف من هذا القبيل، شددت الوزيرة السويسرية على ضرورة “البقاء بعيدا عن الجدل السياسي، والتركيز فقط على الجانب الإنساني وإدخال التعديلات الإجرائية بالإجماع”.
جدل سياسي أم افتقار لأسس قانونية؟
كما كان متوقعا عرف المؤتمر الدبلوماسي التاسع والعشرون فترة تأزم أدت الى تعليق أشغاله مرتين ولعدة ساعات الأولى بسبب طعن الدول الإسلامية في قانونية عقد المؤتمر والثانية للتفاوض حول التعديلات التي اقترحتها الدول الإسلامية على مشروع القرار.
فقد اوضح السفير السوري لدى المقر الأوربي لمنظمة الأمم المتحدة الدكتور بشار الجعفري لسويس إنفو بأن “عقد المؤتمر لم يكن مبنيا على أسس قانونية سليمة لأن الأمر يتطلب مصادقة دولتين على البروتوكول الثالث ولم تصادق عليه لحد الآن سوى دولة واحدة هي النرويج، يضاف الى ذلك أنه يجب أن يكون قد مضى على تصديق البلد ستة أشهر لأخذ ذلك بعين الاعتبار”.
أما التعليق الثاني للمؤتمر في يومه الثاني فقد كان بسبب مناقشة التعديلات التي رغبت المجموعة الإسلامية تقديمها والمتمثلة في إيراد تخصيص يقضي بأن ” قوانين الحركة وبالأخص القرار 11 للمؤتمر الدولي لعام 1921، ينطبق على كل الأراضي المحتلة منذ عام 1967، بما في ذلك الأراضي الفلسطينية في القدس الشرقية ومرتفعات الجولان ومزارع شبعا اللبنانية التي تبقى تحت نطاق نشاط الجمعيات الوطنية”.
كما تنص تلك التعديلات على التوضيح بأن “الاعتراف بأي جمعية وطنية يجب ان يكون مرهونا باعترافها وتطبيقها الكامل للقرار 11 للمؤتمر العاشر لعام 1921 وبمعاهدة جنيف الرابعة”.
وهذه هي التعديلات التي قيل إن الوفد الأمريكي ومعه بعض الوفود الغربية رفضت الخوض فيها قبل أن يتوسط السفير الدانمركي للتوصل الى حل وسط يقضي بالإشارة إلى تلك البنود ولكن “بدون تحديد مناطق التطبيق”. وهو الأمر الذي رفضته الدول الإسلامية وأدى إلى تعليق أشغال المؤتمر لعدة ساعات.
وفي ظل هذا الجدل والمراوغات من الجانبين، تقرر تمديد اشغال المؤتمر التي استمرت الى وقت متأخر من ليلة الخميس وقد تم فيها اللجوء الى التصويت بدل اعتماد طريقة الإجماع في اعتماد القوانين الإنسانية (وهو الأسلوب الذي لم يحترم ايضا اثناء المؤتمر السابق).
وإذا كانت الدول العربية والإسلامية قد وُجهت إليها في المؤتمر السابق تهمة افساد الإجماع حول اعتماد الشارة الثالثة باللجوء الى التصويت، فإن السفير السوري بشار الجعفري اتهم هذه المرة الطرف الآخر بالسعي إلى التصويت وقال: “إنه لا يريد العمل وفقا لمعايير القانون الدولي والسعي فقط لتسجيل نقاط لصالح إسرائيل”. وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى “إضعاف لعالمية ومصداقية الحركة”، حسب رأي كثيرين.
سويس انفو – محمد شريف – جنيف
انعقد المؤتمر الدولي التاسع والعشرون للصليب الأحمر والهلال الأحمر في جنيف خلال يومي 20 و21 يونيو/ حزيران 2006.
يشارك في المؤتمر 183 جمعية وطنية والاتحاد الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر واللجنة الدولية للصليب الأحمر و192 دولة عضو في اتفاقيات جنيف.
قام المؤتمر 29 بتعديل النظام الأساسي للحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر بحيث يتم إدراج شارة الكريستالة الحمراء الإضافية، التي أصبحت تتمتع الآن بنفس الوضع القانوني للصليب الأحمر والهلال الأحمر.
مساء 21 يونيو 2006، صوتت 237 دولة وجمعية للصليب والهلال الأحمر لفائدة تحوير النظام الأساسي للحركة والسماح بإضافة “الكريستالة الحمراء”. وقد بلغ عدد المعارضين 50 فيما تغيب 18 عن التصويت.
كما اعترفت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالجمعية الوطنية الإسرائيلية (درع داود الأحمر) وبالهلال الأحمر الفلسطيني، وسوف يقبل الاتحاد الدولي كلتا الجمعيتين.
اعتمد شعار الصليب الأحمر رسميا في عام 1864 وهو مستوحى من العلم السويسري ولكن مع تحوير في الألوان.
تم إقرار شعار الهلال الأحمر إبان الحرب التي دارت رحاها بين روسيا القيصرية والدولة العثمانية (1786 – 1878) وهو مستوحى من العلم التركي ولكن مع تغيير في الألوان أيضا.
نظرا لأن بعض البلدان مثل إسرائيل والهند وغيرها تجد صعوبات في استعمال الصليب أو الهلال، فقد تقرر اعتماد شارة أخرى تكون ذات طابع محايد وخالية من أي طابع قومي أو ثقافي أو ديني أو سياسي أو عرقي.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.