مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

سلطات غروابوندن تلتجئ إلى الحاويات لإيواء طالبي اللجوء

swissinfo.ch

لمواجهة التوافد المكثّـف لطالبي اللجوء، قرر كانتون غراوبوندن إيواء اللاجئين، الذين رُفِـضت مطالبهم في حاويات، ومن المحتمل أن يُـثير هذا الإجراء، الذي يرمي إلى توفير أماكن للقادمين الجُـدد، اهتمام كانتونات سويسرية أخرى، تتخوّف من الارتفاع المسجَّـل أخيرا في عدد الطلبات. تحقيق في بلدة لاندكوارت.

في شهر سبتمبر الماضي، قدَّر إدوار غنيزا، مدير المكتب الفدرالي للهجرة، أن عدد طالبي اللجوء الذين قد يصلون إلى سويسرا من الآن وإلى موفى السنة، سيتراوح ما بين 13000 و14000 شخص.

وتشير الأرقام الرسمية، إلى أن عدد مطالب اللجوء الجديدة، التي سُـجِّـلت من غرّة يناير إلى موفى سبتمبر الماضي، بلغت 10351، وهو ما يعني زيادة بـ 29،4% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.

السلطات المحلية في الكانتونات، وهي الطرف الأساسي المعني بهذا الملف، قرعت أجراس الإنذار، حيث قدّر العديد منها أنها لن تكون قادرة على الاستجابة لهذه الزيادة، وعبّـرت عن خِـشيتها من تسجيل نقص في عدد الأسرّة المتوفرة في حالات الطوارئ (أي في صورة توافد أعداد ضخمة من اللاجئين في وقت قصير على سويسرا).

وفي كانتون غراوبوندن، ترفُـض السلطات مناقشة أي مقترحات بخصوص توفير مآوي جديدة، لذلك، قررت إعادة إسكان طالبي اللجوء، الذين رُفِـضت طلباتهم، في حاويات بضائع من أجل توفير أماكن في مراكز الإيواء للقادمين الجُـدد.

من العُـزلة إلى الهشاشة

يستفيد أحمد، وهو جزائري يبلغ 36 عاما من العمر، رِفقة سبعة آخرين من طالبي اللجوء المرفوضين، من المنحة التي تقدِّمها السلطات تحت عنوان “مساعدة عاجلة”، وقد قضّـى الجميع ليلتهم السادسة في واحدة من الحاويات الثلاث، التي وُضِـعت في ساحة غير مستعملة في المنطقة الصناعية فالداو – لاندكوارت، شمال كانتون غراوبوندن، جنوب شرق سويسرا.

وينتظر هؤلاء الرجال، وهم أربعة جزائريين وثلاثة إيرانيين وأفغاني، تتراوح أعمارهم ما بين 30 و40 عاما، ترحيلهم باتّـجاه بلدانهم أو “معجزة” تستنقِـذهم من الورطة التي وقعوا فيها.

قبل تحويلهم إلى هذه المآوي المؤقتة، كانوا يقيمون في مأوى يقع في قرية فالتزينا، الواقعة على قمّـة جبل صخري يُـشرف على بلدة لاندكوارت، وقد ظل البعض منهم في هذا المأوى حوالي عشرة أشهر.

قبل ذلك، قضّـى جميعهم سنوات طويلة في كانتون غراوبوندن، مثل أحمد، الذي هو أيضا أب لطفل صغير يبلغ سبعة أعوام من العمر، أنجبه من علاقة مع سويسرية من المنطقة.

ويتساءل هذا الرجل، الذي كان مُـطربا في بلده، “إن إبني هو الذي يحُـول دون مغادرتي، وإلا فكيف يُـمكن القبول بمعاملة من هذا القبيل”؟ أما زميله منصف، الذي وصل إلى سويسرا قبل ستة أعوام، فقد فضّـل الاحتفاظ بالصمت وسط مشاعر تتراوح بين الملل والخشية، من أن تُـستعمل تصريحاته ضدّه.

إخلاء المكان للوافدين الجُـدد

الضيوف الثمانية لهذا المأوى المؤقّـت، أعلِـموا بالتغيير الذي طرأ على وضعيتهم بواسطة رسالة من السلطات المحلية في الكانتون، وصلتهم عشية انتقالهم إليه، أما المبرّر فهو، ترك المكان لطالبي اللجوء الجُـدد، الذين يستعدّون للوصول إلى الكانتون.

مكان الإقامة الجديد يتشكّـل من ثلاث حاويات، يبلغ طول كل واحدة منها 6 أمتار، أما عرضها فلا يزيد عن 2،5 أمتار، وهي تتوزّع على مرقدين وقاعة للأكل، أما الحمّـام ومكان الاغتسال، فيوجدان في كوخ مجاور.

في الداخل، ليست هناك خزائن لوضع الأغراض الشخصية، ولا وجود لهاتف أو تلفزيون، “بل نفتقر إلى مجرّد آلة لغسل ملابسنا”، مثلما يتحسّـر علي، أحد الإيرانيين، الذي لم يُـصدِّق بعدُ كيف وصل إلى هذا المكان، ويُـسِـرّ قائلا: “لم أكن أعتقد أنني سأنزل إلى مثل هذا الحضيض”.

مُـستعدّون للمزيد

بالنسبة لهاينس براند، فإن الحلّ الذي توصّـلت إليه السلطات في غراوبوندن، جيّـد. ويوضِّـح المسؤول عن الشرطة والقانون المدني في الكانتون قائلا: “إننا نطبِّـق سياسة صارمة ومتجانسة في مجال اللجوء، وهي تؤتي ثمارها، حيث أننا لم نواجِـه خلال الأعوام الماضية، مشاكل كُـبرى في هذا المجال”.

وفي صورة توافُـد عدد كبير من طالبي اللجوء، فإن كانتون غراوبوندن سيكون “مستعدا لإعداد حاويات إضافية”، لإعادة إيواء اللاجئين الذين رُفِـضت مطالبهم، ويضيف السيد براند “إنها ليست مزابل، بل يتعلّـق الأمر بهياكل صالحة للسكن!”

ويضيف الموظف الحكومي “هؤلاء الأشخاص بإمكانهم البقاء فيها لأطول وقت يرغبون فيه”، ومع أنه يوضِّـح أن السلطات في كانتون غراوبوندن تظل حساسة للحالات الإنسانية، إلا أنه يعتبر أن حالة طالبي اللجوء الثمانية، المرفوضة طلباتهم، “لا تندرج في هذا السياق”.

“دولة بوليسية فعلا”

في المكتب الفدرالي للهجرة في برن، يُـقِـر المسؤولون بعدم معرفتهم لوجود حالات أخرى من إعادة الإيواء في حاويات البضائع، لكن جوناس مونتاني، المسؤول عن الاتصالات في المكتب، يوضِّـح بأن مسؤولية اختيار كيفية تطبيق المساعدة العاجلة (التي تُـمنح لطالبي اللجوء، المرفوضة طلباتهم)، مُـلقاة على عاتق الكانتونات “في حدود احترام الكرامة الإنسانية”.

في المقابل، لا يُـخفي دانيال شتيرنيمان – غينتش، من جمعية “جميعا من أجل فالتزينا”، التي تقدِّم المساعدة لطالبي اللجوء في بلدة فالتزينا، غضبه الشديد، ويقول مستنكرا: “هذا الكانتون دولة بوليسية فعلا! إنني لا أفهم كيف يُـمكن تسليط معاملة من هذا القبيل على كائنات بشرية. إن السلطات في كانتون غراوبوندن تقوم بمماحكة لا فائدة منها لهؤلاء المساكين، عبْـر قوانين تُـبالغ في التدقيق بقدر ما هي غير معقولة”.

في كانتون غراوبوندن الجنوب الشرقي، والمحاذي للنمسا وإيطاليا، لم تتسبّـب قضية الحاويات في حدوث أي جدل في صفوف الرأي العام أو داخل الطبقة السياسية. وفي حين يبدو أن السكان يؤيِّـدون أسلوب التعامل الذي اختارت السلطات انتهاجه، لا يُستبعد أن تستلهِـم بعض الكانتونات الأخرى هذه “الوصفة”، لتقوم بدورها بتطبيقها فوق أراضيها.

سويس انفو – نيكول ديلا بييترا – لاندكوارت

في الوقت الحاضر، يُـقيم ثمانية أشخاص في هذه الحاويات الموجودة في المنطقة الصناعية في فالداو، قرب لاندكوارت.

هذه الحاويات مُـسخّـنة وتتوفّـر على تجهيزات صحية ورُكن للطبخ.

يجب على الضيوف، المقيمين في الحاويات، أن يغادروها ما بين الثامنة صباحا والخامسة بعض الظهر، كما يتلقّـون 7 فرنكات و30 سنتيما في كل يوم، للأكل ولقضاء حاجياتهم.

تمنح الكنفدرالية مساعدة مالية وحيدة، بقيمة 6000 فرنك للكانتونات عن كل طالب لجوء رُفِـض ملفّـه ولا زال يتمتّـع بالمساعدة العاجلة.

سبق لسلطات كانتون غراوبوندن أن التجأت إلى هذا الحلّ الانتقالي في عام 2006.

في سبتمبر 2006، وافق أكثر من ثلثي السويسريين في اقتراع عام على القانون الجديد حول اللجوء وعلى القانون المحوَّر حول إقامة الأجانب، الذي يمنح السلطات إمكانية طرد كل طالب لجوء (لا يتوفّـر على أوراق رسمية تُـثبت هويته ولا يتمكّـن من تقديم أسباب مُـقنعة لتواجده فوق الأراضي السويسرية) في غضون 48 ساعة.

أبرمت سويسرا اتفاقيات لإعادة الاستقبال مع 40 دولة، لكن بعض البلدان التي يقدُم منها المهاجرون واللاجئون، تتعلّـل ببعض “المشاكل” وترفض إعادة استقبال مواطنيها.

في الوقت الحاضر، تبلغ طاقة الإيواء المتوفِّـرة لدى الكانتونات السويسرية، 10000 وِحدة، لكن هناك حاجة إلى توفير ما بين 12000 و13000 للاستجابة للاحتياجات المتزايدة. وتخشى كانتونات تورغاو وسانت غالن ولوتسرن وبرن من عدم القُـدرة قريبا على مواجهة ارتفاع طلبات اللجوء.

افتُـتحت في كياسّـو (جنوب) وبازل (شمال) وكرويتزلينغن (شرق) ثلاث وحدات استعجالية لإيواء طالبي اللجوء، تشتمل على بضع مئات من الأسرّة. وفي صورة توافُـد مكثّـفٍ للاجئين، يُـحتمل أن تضع وزارة الدفاع ثلاث مباني إضافية على ذمّـة الكنفدرالية.

في عام 2007، بلغ عدد طلبات اللجوء المقدّمة في سويسرا، 10390 لم تُـقبل منها إلا 1561.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية