سويسرا تستقبل فوجا “خاصا” من اللاجئين السوريين
حطّ بمطار جنيف صبيحة الأربعاء 19 سبتمبر 2012 آخر أعضاء مجموعة لاجئين سوريين ينتمون لأسرة واحدة تتشكل من 36 فردا.
ويدخل هذا التحرك الإنساني الذي سمحت به وزيرة العدل والشرطة السويسرية سيمونيتا سوماروغوا في إطار برنامج إعادة التوطين الذي تقوم به المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
هذا الفوج من اللاجئين السوريين وصل إلى سويسرا خلال الأسابيع الأخيرة ضمن مجموعات صغيرة متعاقبة. وبعد أن حلّ بجنيف آخر أفراد هذه الأسرة الكبيرة العدد، سيتم إيواء الفوج بأكمله في كانتون برن. وكانت العائلة قد فرّت إلى لبنان للإفلات من الحرب الأهلية في بلادها.
وفي تصريحات لوكالة الأنباء السويسرية، أوضحت غابي شولوسي، المتحدثة باسم المكتب الفدرالي للهجرة أن أفراد الأسرة الـ 36 يُعتبرون “مُهددين للخطر بشكل خاص” وفقا لمعايير المفوضية الأممية السامية لشؤون اللاجئين. ولهذا السبب، فإن المنظمة وجهت – في إطار برنامجها لإعادة توطين اللاجئين – طلبا لسويسرا من أجل استقبالهم.
وقد شاركت سويسرا منذ عقد الخمسينات في برنامج إعادة التوطين هذا، واستقبلت في إطاره لاجئين من تشيكوسلوفاكيا (سابقا)، والمجر، والتبت، وأوغندا، وشيلي، ومن بلدان يوغوسلافيا (سابقا)، وأثيوبيا، والعراق، وإيران.
وتنظم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين إعادة التوطين أساسا للأشخاص الذين لا يستطيعون البقاء في أول بلد لجئوا إليه. وقالت سوزين بارك، مديرة المكتب الخاص بسويسرا في المفوضية الأممية، في تصريحات للوكالة نفسها: “إنها أداة حماية، ولكن الأمر يتعلق أيضا بإيجاد حل طويل الأمد لهؤلاء اللاجئين”، ويستفيد من هذا البرنامج بشكل خاص النساء والفتيات.
وتقول السيدة بارك، التي رفضت الحديث عن اللاجئين الذين استقبلتهم سويسرا: “يمكن أيضا الاستفادة من إعادة التوطين بعد التعرض لصدمات نفسية (جراء التعرض لممارسات) مثل التعذيب، أو لأسباب طبية لا يمكن معالجتها بالشكل المناسب في بلد اللجوء الأول”.
“إجراءات اللجوء ليست ضرورية”
في هذا السياق، أبدت وزيرة العدل والشرطة الاشتراكية دائما موقفا منفتحا إزاء فكرة استقبال لاجئين سوريين في سويسرا، ولكن السيدة سوماروغا لا يمكن أن تأذن بنفسها سوى بدخول مجموعة يقل عددها عن 100 لاجئ. فإذا ما تعلق الأمر بفوج يفوق هذا العدد، فإن حسم المسألة يصبح ضمن صلاحيات الحكومة الفدرالية.
وبعد الضوء الاخضر الذي صدر عن وزارتها في أبريل 2012، تم إخضاع اللاجئين السوريين لعملية مراقبة بحيث فحص المكتب الفدرالي للهجرة حالتهم في بلد المنشأ، وقدرتهم على الإندماج، وانتماءاتهم المُمكنة في سويسرا، وفقا لتصريحات السيدة شولوسي. كما تحققت أجهزة أخرى من أن هؤلاء اللاجئين لا يشكلون خطرا على أمن سويسرا الداخلي.
في المقابل، ليس من الضروري القيام بإجراءات اللجوء في هذه الحالة، لأن المفوضية السامية للاجئين لا تــُقدم، في إطار برنامج إعادة التوطين، سوى الأشخاص الذين تم الإعتراف بعد بوضعيتهم كلاجئين. وبناء عليه، فإن السوريين الستة والثلاثين (36) اعتبروا لاجئين فور وصولهم إلى سويسرا، وبالتالي سُيمنح لهم حق اللجوء، حسبما صرحت به المتحدثة باسم المكتب الفدرالي للهجرة.
وتعتبر هذه الأسرة السورية أول فوج من هذا النوع الذي تستقبله سويسرا. ومن المحتمل أن تليه أفواج أخرى، إذ ورد في برنامج “10vor10” التلفزيوني الإخباري على القناة العمومية السويسرية الناطقة بالألمانية يوم الإثنين 17 سبتمبر 2012 أن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين قد قدمت طلبا جديدا لسويسرا يخص هذه المرة 40 شخصا لايزالون حاليا في سوريا. وحسب السيدة شولوسي، فإن المكتب الفدرالي للهجرة قد شرع بعدُ في بحث وضعهم.
يشار إلى أن سويسرا لا تــُعتبر وجهة معتادة للاجئين السوريين. فخلال الأشهر الستة الأولى من عام 2012، لم يقدم سوى 777 من رعايا سوريا طلب لجوء في سويسرا، مع ميل إلى الإنخفاض. وقد علق المكتب الفدرالي للهجرة النظر في تلك الطلبات بسبب “الوضع المُربك” السائد في سوريا.
مئات الآلاف في انتظار إعادة التوطين
ويعتبر الوضع في سوريا غير عادي، لأن العديد من اللاجئين كانوا يعيشون فيها قبل اندلاع الحرب. ووفقا للمعطيات السورية، يتعلق الأمر بحوالي مليون شخص، ينحدرون أساسا من العراق، وأفغانستان، والصومال. ومنذ بداية الحرب، فر من البلاد زهاء 1,5 مليون شخص، ولجأ منهم حوالي 265000 إلى البلدان المجاورة.
وتقدر المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عدد اللاجئين في العالم بـ 42,5 مليون شخص. ولكن ثلث هذا العدد فقط ينجح في عبور الحدود، بينما تظل الأغلبية في بلدها الأصلي. وحسب سوزين بارك، تسعى المفوضية إلى إيجاد سبل لإعادة توطين 800000 شخص.
وتضيف قائلة: “في كل سنة، يوضع رهن إشارتنا ما يقارب 80000 مكان، أساسا في الولايات المتحدة، وكندا، وأستراليا”، مشيدة بموافقة سويسرا على استقبال الفوج السوري.
بيان احتجاجي من حزب الشعب
وفي أولى ردود الفعل عن استقبال سويسرا لهذا الفوج “الخاص” من اللاجئين السوريين، نشر حزب الشعب السويسري (يمين شعبوي وأكبر أحزاب البلاد على مستوى التمثيل في البرلمان الفدرالي)، بعد ظهر الأربعاء بيانا يحتج فيه على وصول هؤلاء اللاجئين، إذ كتب: “استقبال اللاجئين السوريين هذا غير مفهوم وفاضح”، مضيفا أن عدد طالبي اللجوء في سويسرا يتوقع أن يصل إلى 30000 هذا العام، أي ما يمثل رقما مضاعفا ثلاث مرات في ظرف خمسة أعوام”.
واستخلص الحزب الشعبوي أن “وضعية اللجوء في سويسرا فوضوية، والسلطات الفدرالية غارقة (في ملفات اللجوء)، والسكان يعانون أكثر فأكثر من تصرفات طالبي اللجوء المجرمين”.
قالت منظمة العفو الدولية في تقرير يوم الأربعاء 19 سبتمبر 2012 إن المدنيين بمن فيهم الكثير من الأطفال هم الضحايا الرئيسيون للقصف العشوائي الذي ينفذه الجيش السوري في المناطق التي تسيطر عليها قوات المعارضة.
وقالت المنظمة ومقرها لندن إن تحقيقاتها الميدانية كشفت عن نموذج من الهجمات التي لا تتوقف التي يشنها جيش الرئيس السوري بشار الأسد على أراض يسيطر عليها مقاتلو المعارضة في شمال البلاد. وذكرت في ملخص انه في النصف الأول من سبتمبر ايلول قتل 166 مدنيا بينهم 48 طفلا و20 امرأة وأصيب المئات في 26 بلدة وقرية في إدلب وجبل الزاوية وشمال حماة.
وقالت دوناتيلا روفيرا كبيرة مستشاري التعامل مع الأزمات بالمنظمة الدولية إن التقارير عن “الأهوال” التي تشهدها هذه المنطقة أقل من حجمها الحقيقي لأن الاهتمام العالمي تركز على القتال في العاصمة دمشق وفي حلب اكبر مدينة بالبلاد. وأضافت روفيرا التي عادت من شمال سوريا مؤخرا “القوات الحكومية تقصف الان بشكل روتيني البلدات والقرى باستخدام أسلحة ساحات القتال التي لا يمكن توجيهها الى أهداف محددة وهي تعلم أن ضحايا هذه الهجمات العشوائية من المدنيين دائما تقريبا.”
وقالت المنظمة إنها شهدت هجمات جوية وبالمدفعية وقذائف المورتر يوميا في بلدات وقرى بالمنطقة وإن استخدام هذه الأسلحة غير الدقيقة ضد المناطق السكنية أدى الى ارتفاع كبير في الخسائر البشرية بين المدنيين. وأضافت المنظمة الدولية أن الهجمات قرب المستشفيات وعلى طوابير الخبز استهدفت المدنيين عمدا فيما يبدو وبالتالي فإنها تمثل جرائم حرب.
ونفت السلطات السورية تعمد استهداف المدنيين في الصراع.
كما استخدم مقاتلو المعارضة اسلحة غير دقيقة في مناطق مأهولة وقالت منظمة العفو إنه اذا حصل الجيش السوري الحر المعارض وغيره على أسلحة طويلة المدى فإن خطر حدوث هجمات اكثر عشوائية ومزيد من الانتهاكات يمكن أن يزيد.
وبدأت الانتفاضة باحتجاجات سلمية ضد الأسد شن الجيش حملة عليها على مدى 18 شهرا لتتحول الى حرب أهلية قتل خلالها اكثر من 27 الف شخص. ويقترب العدد اليومي للقتلى من 200 وكان الشهر الماضي الاكثر دموية حتى الآن.
(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 19 سبتمبر 2012)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.