سويسرا تنسحب من مشروع بناء سد تركي مثير للجدل
أعلنت كل من سويسرا وألمانيا والنمسا يوم الثلاثاء 7 يوليو الجاري قرارها الانسحاب من مشروع بناء سد إيليسو جنوب شرقي تركيا.
واعتبرت وكالات ضمان مخاطر الصادرات في هذه البلدان الثلاثة أن شروطها المتعلقة بحماية الموقع لم تُحتـرم وفقا للمواعيد المحددة في العقد.
انتهت في منتصف ليلة 6 يوليو 2009 المهلة التي مُنحت لتــركيا للامتثال لحوالي 150 من المتطلبات. ورغم التحسينات التي أدخلتها على المشروع بالمقارنة مع الأفكار الأصلية، فإن الشروط المرتبطة بالبيئة والممتلكات الثقافية ونقل السكان لم يتم الإيفاء بها، حسبما أوضح بيان أصدرته شركة التأمين السويسرية ضد مخاطر التصدير “ASRE” هذا الثلاثاء.
وبناء عليه، تنتهي اليوم صلاحية عقود التأمينات ضد مخاطر التصدير بالنسبة للشركات السويسرية والألمانية والنمساوية المشاركة في المشروع. وكانت وكالات ضمان ائتمان الصادرات قد علقت عقود البناء الخاصة بها في ديسمبر 2008، ومنحت تركيا مهلة ستة أشهر للامتثال للمعايير الدولية كشرط لإنجاز المشروع.
الموقع
ويُعد مشروع إيليسو واحدا من 22 سدا جديدا يـُخطط لبنائه في شرق تركيا. وهو يتواجد بمقربة من موقع أثري قد تلحق به أضرار بالغة جراء تنفيذ المشروع.
وحسب بعض المراقبين، قد يُضطر ما يصل إلى 60000 شخص لمغادرة منازلهم ليعاد توطينهم في أماكن أخرى. لكن الحكومة التركية تـُفند هذا الرقم.
ويفترض أن تكتمل أشغال السد، القريب من الحدود السورية والواقع في منطقة تسكنها غالبية كردية، بحلول عام 2013. وتتوقع الحكومة التركية أن يـُوَلد هذا المشروع 3800 غيغاوات من الطاقة الكهربائية وأن يحول دون إنتاج ملايين الأطنان من ثاني أوكسيد الكربون.
في المقابل، يقول معارضو المشروع إن عملية تخزين المياه من شأنها تدمير المدن والكنوز الأثرية مثل مدينة حصن كيفا (حاسانكيف) العتيقة.
المشروع
وكانت الحكومة السويسرية، إلى جانب ألمانيا والنمسا، قد منحت لتركيا مهلة انتهت يوم 6 يوليو الجاري لتمكينها من إثبات قدرتها على احترام أكثر من 150 شرطا يهدف إلى تخفيف تأثيرات المشروع على البيئة، والكنوز الثقافية، والدول المجاورة، وإعادة توطين السكان المعنيين.
وفي نهاية العام الماضي، اضطرت الشركات الخاصة المشاركة في المشروع لوقف أعمالها في انتظار إعادة تقييم للمشروع.
من جانبها، واصلت المنظمات غير الحكومية الأوروبية ممارسة الضغوط في الأسابيع الأخيرة. واكتسبت الانتقادات المزيد من الزخم في صفوف المجتمع التركي، لاسيما بعد أن تعزز معسكر المعارضين بانضمام الكاتب ياسر كمال، والحائز على جائزة نوبل في الأدب أورهان باموق، ونجم موسيقى البوب تاركان.
وفي سويسرا، اتهمت منظمة “إعلان برن” غير الحكومية الحكومة التركية بانتزاع الأراضي من أصحابها في منطقة حصن كيفا في انتهاك للاتفاقيات المُبرمة. وكانت شركة “ألستوم سويسرا” قد أعربت في الشهر الماضي عن ثقتها في أن الحكومة التركية سوف تفي بوعودها.
من جهتها، حذرت شركة “كولينكو” الهندسية السويسرية من احتمال فقدان مواطن عمل في سويسرا في حال إرغام اتحاد الشركات المكلف بتنفيذ تشييد سد إليسو على إلغاء المشروع.
swissinfo.ch مع الوكالات
يُعتبرُ بناءُ سدّ إليسو – على ارتفاع 135 مترا وعرض يبلغ 1820 مترا – على نهر دجلة جزءا من مشرُوع “GAP” الضخم الذي خططت تركيا لتنفيذه في جنوب شرقي الأناضول منذ عام 1991.
ويهدف هذا المشروع العملاق لتشييد 22 سدا و19 محطة هيدروكهربائية على نهري دجلة والفرات. ويـُتوقع أن تكون محطة سد إليسو (بخزان يبلغ حجمه 10,4 مليون مكعب) إحدى أكبر تلك المحطات وأن تغطي الحاجيات الكهربائية لمليوني شخص.
ووفقا للمشروع، يُفترض أن يحبس سد إليسو مياه نهر دجلة (الحدودي أيضا مع سوريا والعراق) ليُكوّن بُحيرة تمتد على مساحة 313 كيلومترا مربعا.
ولاجتذاب المستثمرين، التزمت السلطات التركية بالاستجابة لأكثر من 150 من المعايير التي حددها البنك العالمي ومؤسسات دولية أخرى.
شاركت أربع شركات سويسرية في مشروع سد إليسو في إطار اتحاد شركات دولي، وهي “ألستوم سويسرا: و”كولينكو” و”ماغيا” و”شتوكي”.
وقد حصلت هذه الشركات على 225 مليون فرنك للتأمين ضد مخاطر التصدير الذي تمنحه الحكومة السويسرية، فضلا عن ضمان ائتمانات من ألمانيا والنمسا.
وكان اتحاد شركات سابق قد فشل في المشاركة في مشروع إليسو عام 2002 بعد أن انسحب العديد من أعضائه بسبب الانتقادات اللاذعة التي وجهتها للمشروع جمعيات لحماية البيئة ومجموعات ضغط أخرى.
في 27 فبراير 2002، قرر اتحاد المصارف السويسرية (UBS) الانسحاب من الإشراف المالي على تشييد سد إليسو بعد خمس سنوات من التعاون. وبرر أكبر بنوك الكنفدرالية قراره بـ “أسباب اجتماعية وبيئية”. وورد في البيان الذي أصدره في ذلك اليوم أن “تطور المشروع في مجمله لم يكن مُرضيا بما فيه الكفاية”.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.