شبهات فساد تحوم حول 41 مباراة سويسرية
كشف تحقيق واسع النطاق الغطاء عن وجود 680 مباراة لكرة القدم في جميع أنحاء العالم يشتبه في حصول تلاعب في نتائجها، وعثر على أدلّة تثبت تورّط مباشر لمجموعة إجرامية، مقرّها بسنغافورة في مراهنات غير قانونية وعمليات إفساد للاعبين ولمسؤولين.
ووجدت لجنة التحقيق التابعة للشرطة الأوروبية، وكالة تسهر على تنفيذ القانون، 41 مباراة مشبوهة في سويسرا، مما يجعلها ثالث بلد أوروبي، الأكثر تضررا من هذه الفضيحة بعد ألمانيا (79 مباراة)، وتركيا (70 مباراة).
وكشف مكتب الشرطة الأوروبي وجود 380 مباراة مشبوهة في أوروبا، و300 أخرى موضع شبهة خارجها، في إفريقيا، وآسيا، وفي أمريكا الوسطى وامريكا الجنوبية. وكل هذه المباريات، والتي شملت تصفيات كأس العالم وتصفيات البطولة الأوروبية ، واثنان من دوري ابطال أوروبا، وقعت جميعها بين 2008 و2011.
وعلّق روب وايرايت، رئيس مكتب الشرطة الأوروبي على هذا التطوّر خلال مؤتمر صحفي يوم الإثنيْن 4 فبراير 2013 بالقول: “هذا يوم حزين في مسيرة الكرة الأوروبية”. وأضاف بأن التحقيقات “كشفت وجود تلاعب في نتائج المباريات على نطاق واسع”.
اما أوتمار هيتسفيلد، مدرب المنتخب الوطني السويسري، فتحدّث عن كارثة محدقة بكرة القدم. وأضاف: “إذا كانت هناك حججا صلبة، فلابد من اتخاذ تدابير صارمة”.
ويرفض مكتب الشرطة الأوروبي الإفصاح عن أسماء المشتبه فيهم من لاعبين ونواد، ومسؤولين، وذلك حتى لا يلحق ضررا بالتحقيقات الجارية، وليس من الواضح بالضبط عدد المباريات التي كان يعرف مسبقا أنه تمّ التلاعب في نتائجها. ومع ذلك، فالإعلان عن هذه الفضيحة سلط الضوء على العالم المظلم للجريمة المنظمة والمراهنات غير القانونية على المنافسات الرياضية في مختلف أنحاء العالم.
وكانت التحقيقات قد كشفت على أن 8 ملايين دولار هي قيمة الأرباح في الرهانات الكروية غير القانونية، و2 مليون دولار، قيمة الرشاوى التي منحت للاعبين ولمسؤولين. وقد نظّمت عدة محاكمات في هذا الشأن.
المزيد
قضية إرشاء لاعب ناد سويسري لتعمّد الخسارة
الحاجة إلى “جهود منسقة”
أوضح انرايت أن شبكة اجرامية مقرها بسنغافورة متورطة في التلاعب بنتائج مباريات، وقد انفقت على ذلك 100.000 يورو في المباراة كرشاوى للاعبين ولمسؤولين.
وقال بينما كانت العديد من المباريات معروفة من قبل، فإن لجنة تحقيق مكتب الشرطة الاوروبي رفعت الغطاء عن عملية واسعة النطاق تقوم بها الجريمة المنظمة عبر تزوير المباريات. وأضاف المسؤول الاوروبي: “هذه هي أوّل مرة التي نحصل فيها على أدلّة قوية تثبت عمل الجريمة المنظمة في عالم كرة القدم”، و”تنسيق الجهود” في مجال كرة القدم ضروري لوضع حد للفساد.
ويشير المسؤول الأمني الأوروبي إلى الطابع العالمي لعصابات الجريمة ما يجعل من الصعب تعقبها وملاحقتها. ذلك أن التلاعب بنتائج مباراة واحدة يمكن أن يشارك فيه ازيد من 50 متهما موزعين على 10 بلدان مختلفة.
وأشار مارك بيث، أستاذ القانون السويسري، والمكلّف بكبح الفساد في الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) في حديث إلى وسائل إعلام سويسرية يوم الثلاثاء أنه لم يفاجأ بالتطوّرات الجديدة ، لكنه أضاف بأن “حجم الظاهرة يثير الإنزعاج”.
ويواصل هذا القانوني القول: “الآن لابد من اتخاذ التدابير اللازمة ضد هذه العصابات الإجرامية، ولابد ان يكون هناك رصد منهجي لكل المراهنات، باستخدام على سبيل المثال برامج إلكترونية تمكّن من التعرّف على المراهنات المثيرة للشكوك، مثل عمليات التداول من الداخل في الأسواق المالية”.
شكوك في سويسرا
تحدّث محقق ألماني عن شبكة ينخرط فيها سعات يوزّعون الرشاوى في جميع أنحاء العالم على اللاعبين والحكام، وقد شملت هذه العملية حوالي 425 مسؤولا فاسدا، ولاعبين ومجرمين خطرين في 15 بلدا.
وقال فريدهيلم ألتانس، كبير المحققين لصالح الشرطة بمدينة بوخوم الألمانية خلال مؤتمر صحفي: “لدينا الادلة على 150 حالة من هذه الحالات، وتمت إدارة هذه العمليات انطلاقا من سنغافورة وتصل الرشاوى إلى 100.000يورو في المباراة الواحدة”.
أما في ما يتعلّق بسويسرا، يشير ألتانس إلى أنه كانت هناك شبهات تحوم منذ عدة سنوات حول 31 مباراة، ولكن مكتب الشرطة الاوروبي يتحدث اليوم عن 41 مباراة تم التلاعب بها. وأي من الفرق قد تورّط فيها، ليس معروفا إلى حد الآن.
وبعد الإعلان عن هذه الفضيحة الكروية، وفي أوّل رد فعل له، قال بيتر غيليرون، رئيس الجمعية السويسرية لكرة القدم، بأن الرابطة سوف تبدأ في اتخاذ التدابير اللازمة بمجرّد ما نتوصّل بالحقائق وبمزيد من الحجج.
وأشار إلى أنه ومنذ أحدث الاتهامات التي وجهت إلى دوري نوادي كرة القدم السويسرية، بُرّئت ساحة ثلاثة لاعبين في نوفمبر الماضي، وكانت الرابطة جزءً من نظام الرقابة التابع للاتحاد الأوروبي لكرة القدم التي تشرف على هذه الرياضة.
نالت سويسرا نصيبها من الفضائح الأخيرة، حيث تمّ فرض غرامات على خمسة من لاعبي كرة القدم السويسرية في مارس 2012، وصدرت ضدّهم أحكام مع وقف التنفيذ، لتورُّطِـهم في فضيحة عام 2009، التي كانت على رأسها عِصابة كرواتية ألمانية، وكشفت عن عمليات فساد وتلاعُب بعشرات المباريات في ألمانيا والنمسا وسويسرا ودول أوروبية الأخرى.
في أوائل شهر يونيو 2012، تحدّثت يومية تاغس أنتسايغر (تصدر في زيورخ) عن اشتباه سُلطات كرة القدم السويسرية في وجود ارتباط بين أربعة من مباريات الدّرجة الثانية، مع التحقيقات الجارية بشأن الدوري الإيطالي.
أشار المُـخرِج هيرفي مارتا ديلبيير، إلى أن سويسرا يُوجد فيها مقرّ لشبكة مالية موّلت العملية الإيطالية، وأنها على علاقة مع المافيا الإيطالية بشأن التلاعب في نتائج المباريات.
أوفد المكتب الفدرالي للشرطة عناصر من وحدة مكافحة شغَب الملاعب التابعة له، إلى بولندا لتبادل المعلومات مع المسؤولين والشرطة في كأس أمم أوروبا، عِلما بأنه سبق لسويسرا أن استضافت مع النمسا كأس الأمم الاوروبية 2008، كما أرسلت مراقبين إلى نهائيات كأس العالم 2010 في جنوب إفريقيا.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.