“ليبيا تُـولي أهميّة لملاحظات وتوصيات المجتمع الدولي”
بعد الإستماع إلى تقرير لجنة التحقيق بخصوص الأوضاع في ليبيا، أكد نائب وزير العدل الليبي وائل عبد الحميد نجم أمام مجلس حقوق الإنسان "استعداد ليبيا للتعامل مع ملاحظات وتوصيات المجتمع الدولي".
في المقابل، يعتبر خالد صالح، الأمين العام لمنظمة التضامن لحقوق الإنسان الليبية غير الحكومية أن تلك الإصلاحات “لا تتم بالسرعة وبالطريقة المطلوبة” رغم ضخامة التحديات القائمة.
وفي أعقاب أول مشاركة له في أشغال مجلس حقوق الإنسان في جنيف، شدد نائب وزير العدل الليبي وائل عبد الحميد نجم، في حديث خص به swissinfo.ch على أن “الدولة الليبية الجديدة التي قامت على أساس سيادة دولة القانون، ودولة الحقوق والمؤسسات تُـولي أهمية لملاحظات وتوصيات المجتمع الدولي”.
وكانت لجنة التحقيق التي تم تشكيلها بعد الجلسة الخاصة التي عقدها مجلس حقوق الإنسان في شهر أبريل 2011 لمعالجة الانتهاكات المرتكبة أثناء الإنتفاضة الليبية، قد أشارت في أحدث تقرير لها إلى الإنتهاكات والجرائم المرتكبة من قبل كتائب النظام الليبي السابق، وإلى “انتهاكات ارتكبت من قبل الثوار”، في الوقت نفسه.
وعن هذه الملاحظات المتعلقة بالإنتهاكات التي تمس الثوار، قال نائب وزير العدل الليبي: “لم نجد فيها ما هو مبالغ فيه، وهي توصيات وملاحظات دولية نحن في حاجة إليها لجلب انتباهنا للأخطاء المرتكبة، وسنأخذها مأخذ الجد لأن ثورة 17 فبراير لم تقم من أجل الخبز، بل قامت من أجل الحرية ومن أجل الحقوق”.
السيد خالد صالح، الأمين العام لمنظمة التضامن لحقوق الإنسان في ليبيا قدم تقييما مشابها واعتبر في تصريحات لـ swissinfo.ch أن تقرير اللجنة “كان منصفا للطرفين سواء فيما يتعلق بالانتهاكات الخاصة بنظام القذافي أو تلك التي ارتكبت تحت سلطة الحكومة الحالية”.
بالمرصاد ضد الإنتهاكات
في سياق متصل، يرى الأمين العام لمنظمة التضامن الحقوقية أن تقرير لجنة التحقيق التي شكلها عينها مجلس حقوق الإنسان شمل العديد من الإنتهاكات التي وقعت في عدة مناطق من ليبيا “بما في ذلك ما حدث في تاورغا وفي الجبل الغربي، وقضايا السجون وعدم تبعيتها للسلطات المركزية في ليبيا، وقضايا التعذيب وبعض مزاعم القتل تحت التعذيب”.
من جهته، قال نائب وزير العدل الليبي السيد وائل عبد الحميد نجم “سجلنا هذه الملاحظات، إضافة الى التقارير التي قدمت إلينا ومن ضمنها تقرير منظمة أطباء بلا حدود وهيومان رايتس ووتش وعدة منظمات حقوقية”. أما من الناحية العملية، فقد أفاد المسؤول الليبي بأنه “شكلت عدة لجان لدراسة هذه الملاحظات والتوجه الى الأماكن المذكورة فيها، ولن يُفلت من العقاب أي منتهك أيا كان انتماؤه أو عرقه”.
وفيما عبّر السيد خالد صالح، الأمين العام لمنظمة التضامن لحقوق الإنسان عن “إدراكه لمدى حجم التحديات التي على السلطات الليبية الحالية مواجهتها”، إلا أنه أعرب عن أسفه لأن السلطات الحالية “لم تتعاون في قضية كنا نأمل في أن تُعالج بمزيد من الشفافية وهي قضية مقتل القذافي”. وأضاف بخصوص هذه المسألة “كنا نأمل في أن يكون عندها ضوء أخضر حتى تعطي مصداقية لسعيها لنشر الحقائق التي تحدث في ليبيا”.
إصلاحات في الطريق
على صعيد آخر، عـدّد نائب وزير العدل الليبي الإصلاحات التي تم إدخالها على الفور لإحداث قطيعة مع النظام والممارسات السابقة ومن بينها “إلغاء محكمة الشعب ومحكمة أمن الدولة وهي المحاكم الإستثنائية، كما تم حل المصالح الأمنية الغريبة، وكان ذلك بقرارات فورية من المجلس الإنتقالي والحكومة لأن تلك المؤسسات لا تمت للعدالة بصلة بل كانت تخدم فكرا واحدا”.
وأشار نائب وزير العدل الليبي أيضا إلى أن “الحرص على استعادة استقلال القضاء دفع الى إدخال تعديلات فورية على تركيبة المجلس الأعلى للقضاء لكي يصبح برئاسة رئيس المحكمة العليا بعد أن كان يرأسه في عهد القذافي وزير العدل كممثل للسلطة التنفيذية”.
وفيما يخص إصلاح ما تردد عن تعذيب وانتهاك لحقوق بعض الأقليات بعد الثورة، يقول نائب وزير العدل الليبي السيد وائل عبد الحميد نجم: “هناك مشروع العدالة الإنتقالية قيد التحضير وقد تمت المصادقة عليه وسيتم الإعلان عنه قريبا”، ويرى فيه فرصة لإظهار “مدى حرص ليبيا على إحقاق الحقوق المهدورة”.
السيد خالد صالح، الأمين العام لمنظمة التضامن لحقوق الإنسان في ليبيا، يُقر بحدوث تحسن على مستوى “عودة بعض السجون إلى سلطة الحكومة المؤقتة، وحدوث بعض التحسن في كيفية إدارتها بسبب زيارات لبعض المنظمات الدولية، واستعداد بعض الساهرين على إدارة تلك السجون للتفتح على ثقافة حقوق الإنسان”، لكنه يرى أن “السرعة التي تتم بها عملية الإصلاح بطيئة لربما نظرا للتحديات التي تواجه الحكومة وبالأخص عدم قدرتها على استعادة السيطرة على كافة مراكز الثوار والميليشيات”.
“الباب مفتوح أمام الآليات”
وفي سياق فتح صفحة جديدة في مجال إصلاح جهاز القضاء، أفاد نائب وزير العدل الليبي بأنه تم الشروع في تنظيم دورات تدريبية لرجال القضاء من أجل مساعدتهم على التكيف مع نظام العدالة الإنتقالية خصوصا بالنسبة لمن سيتولون التحقيق في هذا الصنف من الإنتهاكات.
وطبقا لتصريحاته، فإن الإهتمام سيتركز بالدرجة الأولى على “إعادة تأهيل أعضاء الهيئات القضائية سواء كانوا قضاة أو أعضاء نيابة، ورجال الشرطة القضائية”. كما أثني في حديثه مع swissinfo.ch على الدعم الذي قدمته العديد من الدول والمنظمات الدولية المختصة في هذا المجال وفيما يتعلق بالإستشارة والتكوين.
في الأثناء، توقعت بعض الأوساط في المحافل الأممية أن يتم توجيه دعوات إلى الآليات الخاصة لحقوق الإنسان لزيارة ليبيا بل إمكانية توجيه دعوة إلى المفوضة السامية لحقوق الإنسان نفسها، لكن نائب وزير العدل الليبي ذكّـر بأن “رئيس الوزراء كان قد وجه دعوات بهذا الخصوص أثناء تدخله أمام مجلس حقوق الإنسان (في بداية شهر مارس 2012)، وأن المفوضة السامية لحقوق الإنسان لها مكتب يشتغل داخل ليبيا، وأن لجنة التحقيق برئاسة السيد فيليب كيرش لقيت كل التعاون الأمر الذي أشار له في تقريره، ومن هذا المنطلق ليست هناك حاجة لتوجيه دعوة بل إن الباب مفتوح على مصراعيه لكل منظمة حقوقية، بل نحن شاكرون لهم حضورهم”، حسب قوله.
مع ذلك، وجّه الأمين العام لمنظمة التضامن لحقوق الإنسان في ليبيا بعض الإنتقادات لمساعي السلطات الليبية الجديدة من أجل الإنفتاح والإصلاح وإحداث قطيعة مع ممارسات النظام السابق، لأنها “لا زالت – سواء في شكلها التشريعي أو التنفيذي – فوقية، أي أنها تعتقد بأنها تستطيع تسيير الأمور بقرارات من فوق، وهذه فلسفة خاطئة من وجهة نظرنا، لأن الذين تعرضوا للإنتهاكات يجب أن يكونوا طرفا في الحلول وليس فقط لتلقي الأوامر وتنفيذها. لذلك يجب إشراك الوجهاء أو ممثلي المجتمع المدني أو الفئات التي انتهكت حقوقها بشكل عام” في المسار الإصلاحي الذي تشهده ليبيا.
أخيرا، وبالرغم من هذه الإنتقادات، يعترف خالد صالح بأن “الحكومة الحالية لديها إصرار على إيجاد الحلول، يبقى فقط ضرورة إشراك المجتمع المدني في إيجادها”.
1- مطالبة الحكومة الانتقالية بالعمل على تقديم مرتكبي الانتهاكات للمحاسبة، وتعزيز عمل المؤسسات والقوانين، والحرص على تطبيق القانون بشكل متساوي ، واحترام معايير حقوق الإنسان .
2- دعوة المجموعة الدولي لتقديم الدعم للسلطات الليبية في شتى المجالات وبالأخص في مجال استقلالية القضاء، ولضمان المناطق التي تمت بها جرائم كبرى للحفاظ على الأدلة، وتقديم التكوين لسلك القضاء والشرطة وحراس السجون وباقي المسؤولين وفقا للمعايير الدولية.
3- هناك أولوية لتعديل القوانين وللشروع في مصالحة وطنية.
من أجل إنفاذ هذه التوصيات، توصي لجنة التحقيق بتكليف لجنة الأمم المتحدة لدعم ليبيا بذلك، وبقيام مجلس حقوق الإنسان بتشكيل آلية لمتابعة التطبيق.
كما طالبت اللجنة آليات حقوق الإنسان التابعة لجامعة الدول العربية وللإتحاد الإفريقي بمتابعة تطبيق توصياتها ومواصلة تقديم الدعم.
انتهت اللجنة الأممية إلى ترك الموضوع بين أيدي مجلس حقوق الإنسان لتحديد ما الذي يجب القيام به بعد إصدار تقريرها، مقترحة إسنادها مهمة مواصلة التحقيق، إلا أن الوفد الليبي شدّد في مداخلته أمام المجلس على “ضرورة إنهاء مهمة لجنة التحقيق” بعد أن انتهت من إعداد التقرير زنشره.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.