مُطالبة جماعية للبحرين بتطبيق توصيات “لجنة بسيوني”
بعد تدارسها لتقرير مملكة البحرين الثاني، أصدرت آلية الإستعراض الدوري الشامل أكثر من 170 توصية تتعلق غالبيتها بالأزمة السياسية في البلاد وبالأخص عدم تطبيق بعض توصيات لجنة التحقيق الوطنية المستقلة (لجنة بسيوني).
وفيما شدد رئيس الوفد البحريني على إصرار الحكومة على تطبيق تلك التوصيات، قال ممثلو المجتمع المدني البحريني إن كلمة وزير حقوق الإنسان “لم يكن فيها شيء من الصحة”.
قدمت مملكة البحرين في 21 مايو 2012 تقريرها الثاني لحقوق الانسان أمام آلية الإستعراض الدوري الشامل التابعة لمنظمة الأمم المتحدة في جنيف.
وقد استعرض رئيس الوفد البحريني ووزير الدولة لحقوق الإنسان الدكتور صلاح بن علي محمد عبد الرحمن وضع حقوق الإنسان في بلاده خلال الاربعة أعوام التي تلت الاستعراض الأول مشددا في البداية ” على أن البحرين عرفت في تلك الفترة أحداثا وتطورات كثيرة … وان المملكة لا تدعي الكمال وخلو مسيرتها من بعض المعوقات التي تعوق تنفيذ التوصيات والتعهدات… وأن المملكة تعمل بإصرار وإرادة صادقة، ما في وسعها لتجاوز وتذليل هذه المعوقات وانها تتعاون مع آليات حقوق الإنسان” كما جاء في كلمته الافتتاحية.
اما رئيس منظمة الشفافية البحرينية عبد النبي حسن منصور الذي حضر ممثلا للمجتمع المدني فيرى ” أنه على الرغم من أن آلية الاستعراض الدوري الشامل لا تتيح الفرصة لممثلي المجتمع المدني بالتحدث، إلا أن تقارير المنظمات المدنية وصلت الى الوفود وعكستها”.
وبعد أن عبر عن ” صدمته لمواقف بعض الدول العربية التي شهدت ثورات مثل تونس ومصر واليمن والتي استمرت في نفس لغة الخطاب السابقة”، أضاف قائلا “باستثناء دول دكتاتورية وعربية ، كانت هناك دولا حديثة الديمقراطية من بلدان أوربا الشرقية او في امريكا اللاتينية قدمت تدخلات قوية جدا انعكست في التوصيات النهائية التي فاقت ال 170 توصية وهو ما ينسف التقرير الذي قدمته الحكومة وما جاء في كلمة الوزير التي لم يكن فيها أي شيء من الصحة بما فيها الادعاء الذي يقول بأن منظمات المجتمع المدني ساهمت في كتابة وصياغة التقرير الوطني”.
تداعيات أحداث البحرين
وإذا كان الوزير قد اسهب في الحديث عن الانجازات في مجالي التعليم والصحة، وما يتم إدخاله من تحسينات في مجال حقوق المرأة والعمالة الأجنبية، فإنه تطرق ايضا الى الوضع السياسي وبالأخص لتداعيات الانتفاضة التي شهدتها البحرين مؤخرا وأدت الى مقتل اكثر من 50شخصا.
بخصوص احداث البحرين أطلع الوزير الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان عن العمل الذي قامت به لجنة التحقيق البحرينية برئاسة الخبير الدولي محمود شريف بسيوني مشيرا الى “أن البحرين كانت الدولة الوحيدة في العالم التي شكلت مثل هذه اللجنة بمبادرة ذاتية”.
وعن تطبيق توصياتها، اشار الوزير البحريني إلى “أن جزءا كبيرا منها تم تنفيذه بشكل كامل ، والبعض الآخر جاري العمل على تنفيذه”.
من بين ما تم تطبيقه من توصيات لجنة بسيوني عدد الوزير ” إحالة عدد من المسئولين الذين ارتكبوا تجاوزات خلال الأحداث التي وقعت عام 2011″ وخص بالذكر “142 تحقيق جاري أدت نتائجها الى عشر ملاحقات قضائية حتى الآن. كما تم تشكيل وحدة تحقيق خاصة في النيابة العامة معنية بالتحقيق والتصرف في البلاغات والشكاوى المتعلقة بادعاءات التعذيب والمعاملة القاسية او اللا إنسانية او المهينة…. وهي اليوم تقوم بالتحقيق في قضايا وحالات الوفيات المشتبه فيها وادعاءات التعذيب والمعاملة القاسية او المهينة “
وانتهى الوزير الى خاتمة “لعل الأيام المقبلة ستكشف لنا المزيد من الحقائق التي سنتعامل معها بكل شفافية وعدالة” كما جاء في قوله.
176 توصية
بلغ عدد الدول الأعضاء التي تدخلت اثناء استعراض تقرير البحرين 66 دولة ما بين داعمة او منتقدة او مكتفية بتقديم توصيات.
ومن العينات التي نوردها لتدخل الدول، ما جاء في كلمة السفير السوداني الذي ” دعم الجهود المبذولة من قبل دولة البحرين والخطوات التي تم اتخاذها منذ المراجعة السابقة” والذي حذر من مغبة “تحويل آلية الاستعراض الدوري الشامل الى محكمة لمحاكمة الدول”.
أما سويسرا فعبرت عن القلق لاعتقال أشخاص كانوا يطبقون حقهم في التعبير عن الراي، وعن ارتكاب رسميين امنيين لانتهاكات لحقوق الإنسان أثناء المظاهرات السلمية . كما عبر عن القلق لمعاملة المدافعين عن حقوق الإنسان.
بريطانيا إذا كانت قد رحبت بتعهدات البحرين بتطبيق توصيات لجنة بسيوني، فإنها عبرت عن القلق ” لتوافد تقارير لمنظمات حقوقية تفيد بمواصلة ارتكاب الانتهاكات” . وناشدت السلطات البحرينية” بمراجعة المحاكمات التي تمت أمام محاكم عسكرية والافراج عن المعتقلين بسبب التعبير عن حرية الرأي”.
حتى الولايات المتحدة الأمريكية التي أشادت بتعيين لجنة التحقيق الوطنية برئاسة بسيوني ‘ عبرت عن القلق” لكون بعض من توصياتها الهامة لم يتم تطبيقها”. كما عبرت عن القلق” للمحاكمات المستمرة في حق 20 من موظفي القطاع الصحي وفي حق عبد الهادي الخواجة”.
وقد نجم عن هذه التدخلات والتوصيات أن أعدت لجنة الصياغة 176 توصية قدمت لدولة البحرين في جلسة 25 مايو 2012.
ومن هذه التوصيات التي يرى الناشط الحقوقي عبد النبي حسن منصور رئيس منظمة الشفافية في البحرين أنها مهمة : “الإصرار على زيارة المقررين الخاصين، وأن يكون هناك تواجدا متواصلا للأمم المتحدة في البحرين ولمفوضية حقوق الإنسان” . والذي أضاف ” بأن الحكومة تماطل للترخيص بزيارة وفد المفوضية السامية والمقرر الخاص بمناهضة التعذيب”.
ومن المطالب أيضا “التنفيذ الكامل والأمين لمقررات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق ( لجنة بسيوني).
كما أن هناك مطالبة ” برفع التحفظات عن الاتفاقيات التي وقعت عليها دولة البحرين، والتصديق على اتفاقيات لازالت غير عضو فيها مثل الاختفاء القسري وحقوق العمالة المهاجرة، والبروتوكولات الاختيارية ن وتعديل القوانين الوطنية لكي تتماشى مع هذه الاتفاقيات الدولية “.
وبخصوص المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان يرى السيد عبد النبي ” أنه من الواضح بأنه ليست هناك مؤسسات مستقلة او بحسب مبادئ باريس. لذلك هناك مطلب في إعادة تشكيل هذه المؤسسات. ولكن في ظل الظروف الحالية لا فائدة من إعادة تشكيل تلك المؤسسات لأنه يجب حل الأزمة أولا وبصورة جذرية . وعندما تخلق ظروف مطمئنة، يمكن الحديث عن مثل هذه المشاريع”. على حد قوله.
جلسة اعتماد تقرير البحرين اختتمت بتلاسن بين رئيسة المجلس ورئيس وفد البحرين بعد أن أشارت إلى ضرورة عدم مضايقة دولة البحرين لممثلي المجتمع المدني الذين حضروا الى جنيف عند عودتهم إلى بلادهم، وذكرت عددا منهم من بينهم مريم الخواجة.
هذه الإشارة اعتبرها رئيس الوفد البحريني المدعوم من ممثلي كل من المملكة العربية السعودية والكويت واليمن وبيلاروسيا “خروجا عن اجراءات عمل آلية الاستعراض الدوري الشامل المتفق عليها”، إلا أن رئيسة المجلس اكتفت بالتذكير بأن ما قامت به “يرتكز على قرار تم اتخاذه في عام 2011”.
عبد النبي حسن منصور من المعارضين السابقين للنظام في البحرين الذين كانوا يقيمون وينشطون في الخارج طوال تسعينيات القرن الماضي . وقد عاد الى البحرين بعد فتح الحوار بين السلطة والمعارضة في عام 2001.
يقول ان العودة كانت ” للاستفتاء على الميثاق او هناك عهدا جديدا. وقد الغينا تنظيماتنا السرية ، وألغينا المنظمات الحقوقية التي اسسناها في الخارج، وذهبنا مادين ايدينا الى الملك والى السلطة ولكن من أجل إنجاز تحول حقيقي. وقد انخرطنا في الشأن العام وعملنا في إطار الشرعية وإن كانت ضيقة جيدا.
وعن موقف السلطة يقول ” لكن المؤسف أن تبين أنها كانت خدعة . وكان بمثابة امتصاص لغضب المعارضة آنذاك، ولتفادي العزلة الدولية وتوقف الاستثمارات، لإعطاء ديمقراطية شكلية “.
وقد أدى ذلك كما يقول “إلى تشكيل نظام أكثر شراسة وأكثر مناورة لتمزيق الشعب ومحاولة تغيير التركيبة الديمغرافية للمواطنين، وإثارة التمييز الطائفي وشق صف الشعب الذي تعايش منذ مئات السنين والذي يقوم فيه الشيعة بالتزاوج من السنة والعكس أيضا( هو نفسه متزوج من سنية) وهناك سنة وشيعة يشتركون في احزاب وفي نشاطات تجارية وما إلى ذلك”.
والخلاصة كما يقول “أنا واثق جدا رغم أن الوضع صعب جدا من أن شعب البحرين محكته الظروف ومر بتجارب وسيتغلب على الطائفية وسينتصر بالتأكيد مهما طال الزمن”.
وينتهي السيد عبد النبي الى التعبير عن ” الأمل في طرح موضوع البحرين أمام الدورة القادمة لمجلس حقوق الإنسان”. وهو ما تعمل منظمات المجتمع المدني البحرينية على لم الدعم له في كواليس الأمم المتحدة.
كثيرا ما رددت السلطات البحرينية خلال انتفاضة البحرين بأن إيران لها يد في الانتفاضة التي تعرفها الطائفة الشيعية. عن نظرته لهذه الاتهامات يقول رئيس منظمة الشفافية البحرينية عبد النبي حسن منصور: ” نحن شعب البحرين لما طلبت منها الأمم المتحدة الاستفتاء في عام 1970 حول الاستقلال او الالتحاق بإيران، فإن الشيعة التي تشكل غالبية السكان هم الذين اختاروا الاستقلال بشرط أن تكون هناك مشاركة . شعب البحرين ليس تابعا لإيران ونضالاته تعود الى عشرينيات القرن الماضي. طبعا هناك محاولات إيرانية كقوة إقليمية لاستغلال ذلك عبر الإعلام ، هذا لا يعني أن لنا أجندة إيرانية . وإذا كان بعض الجهلة ينقادون الى ذلك بدافع العاطفة، فإنهم أقلية”.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.