مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

نافي بيلاي تحثّ دول الخليج على إلغاء نظام الكفيل وتعزيز الحقوق والحريات

عمال آسيويون يشتغلون في تشييد إحدى الطرق بدولة الإمارات العربية المتحدة Reuters

تقوم المفوضة السامية لحقوق الإنسان حاليا بأول زيارة إلى دول مجلس التعاون الخليجي الست، للوقوف على أوضاع حقوق الإنسان وتعزيز التعاون مع مكتب المفوضية في جنيف.

وفي أول تصريحات لها في بداية الجولة، اعتبرت السيدة نافي بيلاي في كلمة ألقتها في أول جامعة مختلطة بين الجنسين بالسعودية في مدينة جدة أن الزيارة التي تقوم بها إلى دول المجلس “تأتي في وقت حاسم في مجال تقدم حقوق الإنسان” بالمنطقة.

وأقرت المسؤولة الأممية بوجود تحسن في بعض المجالات المرتبطة بالحقوق الإقتصادية والإجتماعية وحقوق الطفل ومحاربة الإتجار بالبشر، في الوقت الذي “ما زالت تفتقر فيه بعض الحريات وبعض الفئات لتحسين في أوضاعها”، حسب رأيها.

ولدى استعراضها لأوجه التقدم المسجلة، تطرقت المفوضة السامية لحقوق الإنسان إلى “الإلتزام الذي أبدته حكومات دول مجلس التعاون الخليجي ومنظمات المجتمع المدني بها اثناء تقديم التقارير (الوطنية) أمام آلية الاستعراض الدوري الشامل”. وجدير بالذكر أن كلا من البحرين وقطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة قد خضعت بعدُ لهذا الاختبار، في حين تستعد دولة الكويت للخضوع له في شهر مايو القادم ثم سلطنة عُـمان في عام 2011.

حقوق المرأة.. نقص رغم التحسن

المفوضة السامية لحقوق الإنسان أشادت أيضا بالتقدم الذي تم إحرازه في مجال التعليم والمكانة التي أصبحت تحظى بها سياسة تعليم البنات في المنطقة، لكنها شددت في كلمة ألقتها أمام طلبة جامعة الملك عبد الله في جدة يوم الإثنين 19 أبريل على “أنهن لا زلن غيْـر قادرات على التمتّـع كلية بحقوقهن في كامل المنطقة”.

وقبل أن تشرع في تِـعداد النقائص، أشادت بيلاي ببعض التقدّم الحاصل على مستوى الممارسات والقوانين المتعلقة بحقوق المرأة في المنطقة، ونوّهت إلى أن “بعض الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي أدخلت تغييرات على قوانينها المتعلقة بحقوق المرأة في مجالات الزواج والطلاق والمشاركة في الحياة العامة”. وترى المفوضة السامية لحقوق الإنسان أن هذا التغيير نابع من “اعتماد تفسير نشِـط للتقاليد الإسلامية من قبل الحكومات الإسلامية والمختصين في القانون، الذين كما بلغني، لايعتبرون ذلك تجديدا بقدر ما يعتبرونه تفسيرا متماشيا مع التعاليم الإسلامية ومستمدا منها”. ومن أوجه هذا التحسن، حصول المرأة في بعض دول الخليج على الحق في التصويت وفي الوصول الى العديد من المصالح العمومية.

في مقابل ذلك، ترى المفوضة السامية أن المرأة لا زالت تُعاني من بعض التمييز في جميع البلدان الخليجية مثل “التمتع بحق التحكم في حياتها وفي خياراتها وحق المشاركة في الحياة العامة”. وأشارت القاضية السابقة في جنوب افريقيا إلى أنه “قد حان الوقت لوضع حدٍّ لنظام الرعاية الذكرية… ورفع هذه العراقيل الموضوعة في طريق تطوير التمتع الكامل للمرأة بحقوقها المدنية والسياسية”.

حقوق المهاجر.. نقطة سوداء!

من النقاط التي عبَّـرت المفوضة السامية عن “قلقها” بخصوصها، أوضاع العمال المهاجرين الذين يشكلون في بعض بلدان الخليج نسبة أعلى من نسبة المواطنين الأصليين والذين قالت عنهم “إنهم مهمّـين لإدارة أمور البلاد”. ويرتبط القلق الذي عبرت عنه السيدة بيلاي بالدرجة الأولى بـ “المعاملة” التي تتعرض لها هذه الفئة من الوافدين حيث قالت “إنها تعكس معاملات يتعرض لها العمال المهاجرون في مناطق أخرى من العالم”. وانتقدت المسؤولة الأممية – بالإستناد الى تقارير سبق نشرها – “تعرضهم لمصادرة جوازات سفرهم خارج نطاق القانون وللحجز على أجورهم وللإستغلال من قبل وكالات توظيف جشعة”.

في السياق نفسه، تعرضت المفوضة السامية بالخصوص إلى “أوضاع عمال المنازل الذين يعملون ويعيشون في أغلب الأحيان في ظروف قاسية ولا يُسمح لهم بالوصول الى النظام القضائي للتعبير عن معاناتهم”.

وفي الوقت الذي أشادت فيه بالدول الخليجية التي تخلت عن نظام “الكفالة” الذي “كان يربط المهاجر بصاحب العمل، مما يسمح لهذا الاخير فيما بعد بارتكاب بعض التجاوزات ويمنع المهاجر من تغيير مكان العمل او مغادرة البلاد” حسب قولها، وجهت نداءا إلى بقية دول المنطقة “للتخلي عن هذا النظام وتعويضه بنظام عمل ملائم يُوازن بين الحقوق والواجبات”.

كما أثارت المفوضة السامية لحقوق الإنسان ظاهرة زالت قائمة في دول الخليج، وهي وضعية “البدون”، الذين قالت عنهم “إنهم يعانون في أغلب الأحيان من الإنتهاكات والتهميش والإقصاء”، وحثت المفوضة السامية دول المنطقة على “التوقيع على المعاهدتين الدوليتين المعنيتيْـن بأوضاع فاقدي الجنسية، إضافة الى معاهدة حقوق العمال المهاجرين”.

الحاجة الى احترام الحريات

في سياق متصل، ترى المفوضة السامية لحقوق الإنسان أن من بين الحريات التي تحتاج إلى مزيد من التحسين في دول مجلس التعاون الخليجي، “حرية الرأي والتعبير وحرية التجمع”، وأكدت بيلاي أن “وجود إعلام نشط ومجتمع مدني قادر على التحرك بحرية، يساعدان الدولة في التنبه للقضايا التي يثيرانها”، وعبَّـرت أيضا عن القلق من “ظهور توجّهات في عدد من الدول للحدِّ من نشاط منظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام”.

ولئن كانت دول مجلس التعاون الخليجي عرفت قفزة نوعية في مجال إقامة مؤسسات حقوق الإنسان حيث أنشأت معظمها هيئات ولجانا وطنية لحقوق الإنسان، فإن المفوضة السامية لحقوق الإنسان شدّدت على “ضرورة أن تكون تلك المؤسسات مستقلة عن سلطة الدولة في عملها للدفاع عن حقوق الإنسان وحماية حقوق المواطن”. وأشارت بالخصوص الى قيام كل من قطر والمملكة العربية السعودية بتأسيس هذه المؤسسات الوطنية في بداية عام 2002 ثم 2005 والتحاق كل من البحرين وعُـمان بالرّكب فيما بعد.

وبالنظر إلى أن المهمّـة الرئيسية للمفوضة السامية لحقوق الإنسان في هذه الجولة الخليجية غير المسبوقة تتمثل في تعزيز التعاون مع دول مجلس التعاون والحصول على مشاركة مادية أكثر أهمية في تمويل مشاريع المفوضية، فإن تقييمها الصريح لأوضاع حقوق الإنسان في المنطقة في بداية الجولة وأمام طلبة أول جامعة جامعة الملك عبد الله من الجنسين، ودون انتظار نهايتها، قد يكون أسلوبا استباقيا مهذبا يُساعد على تفادي الإحراج عند الدخول مستقبلا في مفاوضات جدية مع الرسميين في بلدان المنطقة.

محمد شريف – جنيف – swissinfo.ch

تؤدي المفوضة السامية لحقوق الإنسان السيدة نافانيتيم بيلاي زيارة إلى دول مجلس التعاون الخليجي الستة تستغرق عشرة أيام ما بين 17 و 26 ابريل الحالي.

الزيارة التي بدأت يوم أبريل 17 بالعربية السعودية ستتواصل إلى قطر ثم الكويت فالبحرين فدولة الإمارات العربية المتحدة ثم تختتم بسلطنة عُمان يوم 26 ابريل.

مع أنه سبق للمفوضة السامية أن زارت دولة قطر في مايو 2009 لتدشين مركز للتدريب على حقوق الإنسان، فإن هذه الجولة تعتبر أول زيارة عمل فعلية تقوم بها المفوضة السامية لحقوق الإنسان إلى المنطقة للوقوف على أوضاع حقوق الإنسان في دول المجلس.

وفي انتظار خلاصة المفاوضات التي ستجريها مع مختلف الفاعلين في مجال حقوق الإنسان بالمنطقة والتعرف على أوضاع المؤسسات والأفراد الساهرين على حماية حقوق الإنسان، استبقت المفوضة السامية الأحداث باستعراض نظرتها لأوضاع حقوق الإنسان في المنطقة من خلال ما هو متوفر لديها من معلومات وذلك في محفل أقل قيودا واعتبارات دبلوماسية أي أمام طلبة جامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا في جدة.

في كلمتها أمام الطلبة من الذكور والإناث، اعتبرت السيدة بيلاي أن هناك تحسنا في مجالات الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وفي مجال حقوق الطفل ومحاربة الإتجار بالبشر، ولكنها ترى أن هناك دوافع لاستمرار القلق بخصوص أوضاع حقوق المرأة، والمهاجرين والبدون وفي مجال حرية التعبير والرأي وحرية التجمع.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية