“يجب على سويسرا أن تظل ركيزة لنظام الحماية الدولية”
لا يُخفي أنطونيو غوتيريش، المفوض السامي لشؤون اللاجئين مخاوفه تجاه الوضعية المثيرة للإنشغال للأشخاص المُرحّلين والنازحين في العالم.
في الوقت نفسه، يُذكّـر المسؤول الأممي في حوار خاص مع swissinfo.ch أوروبا وسويسرا بواجباتها في مجال الإستقبال والمساعدة.
من القرن الإفريقي إلى البلدان العربية مرورا بالكوت ديفوار ومالي.. جال أنطونيو غوتيريش على جميع الجبهات خلال الأشهر الماضية. فقد أدى تكاثر الأزمات وتنامي النزاعات إلى ترحيل موجات ضخمة من البشر في عام 2011.
ومن غير المتوقع أن تتحسن الأوضاع في قادم الأعوام، ففي الوقت الذي لم يكن عدد اللاجئين في العالم قبل 60 عاما، يزيد عن 2،1 مليون شخص، وصل عدد الأشخاص الذين يعيشون معاناة النزوح والتهجير في عالم اليوم إلى حوالي 44 مليون نسمة.
swissinfo.ch: كيف تقيّمون موقف البلدان الأوروبية تجاه تدفق لاجئي الربيع العربي؟
أنطونيو غوتيريش: الربيع العربي ليس مسألة لاجئين فحسب. فهو قبل شيء تغيير غير مسبوق وأفـق (يفتح إمكانية) تبلور بديل ديمقراطي في بلدان سلطوية. يجب على أوروبا والعالم الغربي أن يدعموا هذه البلدان سواء تعلق الأمر بتونس أو مصر وليبيا كما نؤمل قريبا، من أجل أن تتمكن أنظمة ديمقراطية من الإستقرار وترسيخ أقدامها.
في الوقت نفسه، يجب على أوروبا أن تتحمل مسؤولياتها. لا شك أنه من الضروري تعزيز قدرات استقبال وحماية اللاجئين في بلدان الضفة الجنوبية للمتوسط لكن يجب أن تظل أوروبا قارة لجوء أيضا.
أذكركم أن 80% من اللاجئين يقيمون في العالم السائر في طريق النمو. وفي هذا السياق، تمكن أقل من 2% من التسعمائة ألف شخص الذين فروا من ليبيا من اللجوء إلى أوروبا. لقد استقبلتهم قبل كل شيء البلدان المجاورة (وتونس على وجه الخصوص) مُقيمة الدليل على تضامن استثنائي.
في الوقت الحاضر، ما الذي يُمكن أن تقوم به المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في سوريا؟
أنطونيو غوتيريش: نقد م الدعم لأكثر من 40000 سوري فروا من بلادهم إلى تركيا ولبنان والأردن. ومن خلال الهلال الأحمر السوري، ننجز أيضا عملية دعم واسعة للعراقيين في سوريا لأن سوريا كانت على الدوام بلدا كريما جدا فيما يتعلق باستقبال اللاجئين الخارجيين.
لكننا منشغلون أيضا بالأزمات الأخرى التي يتعين علينا مواجهتها في الوقت الحاضر في مالي واليمن والصومال أو في السودان على سبيل الذكر لا الحصر. لقد ارتفع عدد اللاجئين في العالم السائر في طريق النمو بشكل مأساوي في العام الماضي.
وفي الوقت الذي تتوالد فيه الأزمات الجديدة، لا تختفي الأزمات القديمة، إذ لم يتم بعدُ تطبيع الأوضاع في العراق وأفغانستان أو في جمهورية الكونغو الديمقراطية. كما أن عمليات الترحيل القسرية تمسّ المزيد من الأشخاص ولفترات زمنية أطول. وبحكم استمرار النزاعات لفترات طويلة فإن إمكانيات العودة تصبح محدودة جدا. وبما أن حل هذه الأزمات الإنسانية سياسي، فإن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين عاجزة مع الأسف بهذا الخصوص.
ما هي المصادر الأخرى لانشغالاتكم؟
أنطونيو غوتيريش: في عالم ثنائي الإستقطاب أو أحادي القطبية، كانت القواعد واضحة نسبيا. أما اليوم فإن عدم اليقين أصبح القاعدة كما أن صعوبة التوقي من الأزمات (قبل حدوثها) تحولت إلى العنصر الأكثر تعقيدا لجهة الإدارة والتسيير. نحن نعيش في عالم خطير يشهد توالد الأزمات. وفي العديد من الحالات، تقترن عمليات النزوح بعوامل أخرى كالتغييرات المناخية والنمو الديموغرافي وغياب الأمن الغذائي وندرة المياه.
وبالإضافة إلى التعقيد الذي تتسم به ميادين النزاعات، هناك التحدي المتمثل في تقلّص الفضاء الإنساني. فهناك عدد كبير من الأطراف الذين أصبحوا يحتلون (أو يتواجدون في) مناطق النزاعات، والكثير منهم لا يحترم المبادئ الإنسانية. كما يتعرض عمال الإغاثة الإنسانية أكثر فأكثر إلى التهديدات والضغوط والإختطاف والإغتيالات.
ما الذي يجب القيام به بوجه هذا التكاثر في مناطق الأزمات؟
أنطونيو غوتيريش: نحن بحاجة إلى مزيد من الإمكانيات المادية ولكن أيضا إلى مزيد من انخراط الدول في مجال المساعدة من أجل التنمية. مع الأسف، تراجعت قدرة المجموعة الدولية على التوقى من الأزمات مقارنة بإمكانيات الرد عليها. لا بد من تعزيز الوقاية كما يتوجب على الدول النامية إظهار تصميمها على إضفاء الإستقرار على وضعية الأشخاص الُمرحّلين.
ما الذي تنتظره من سويسرا؟
أنطونيو غوتيريش: سويسرا ليست أحد أهم المساهمين في تمويل ميزانية المفوضية السامية لشؤون اللاجئين فحسب، بل هي حاضرة بنشاط على الميدان أيضا. وبالنظر إلى تقاليدها وتاريخها، فإن لسويسرا دور مهم جدا يتعين عليها أن تلعبه في مجال حماية اللاجئين وخاصة فيما يتعلق بالإلتزام من أجل فرض احترام وصول المساعدات الإنسانية.
وبوجه التحديدات والصعوبات التي تعترضنا في مناطق محددة، يجب أن تستمر سويسرا في لعب دور المنافح عن المبادئ الأساسية الخاصة بحماية اللاجئين. فالعمل الإنساني لا يجب أن يكون أداة من أدوات السياسة الخارجية كما يجب أن يضمن توفر نزاهة حقيقية. وبهذا المعنى، فإن الصوت الإنساني لسويسرا ضروري أكثر من أي وقت مضى.
إنني حريص على التشديد على أن التعاون القائم بين المفوضية السامية لشؤون اللاجئين وسويسرا مثالي. ونحن نأمل في أن تزيد سويسرا من دعمها لأنشطتنا الميدانية في شتى أنحاء العالم، ولكن بشكل خاص في البلدان المجاورة لتلك التي تشهد حاليا أزمة كبرى.
في الأثناء، تتعرض سياسة اللجوء داخل سويسرا دوريا إلى التشكيك. هل لديكم رسالة تريدون تمريرها إلى الحكومة السويسرية؟
أنطونيو غوتيريش: يجب على سويسرا أن تحافظ على تقاليد الضيافة لديها وأن تظل ركيزة لنظام الحماية الدولية. فسويسرا لديها نظام لجوء متين، لكن هناك بطبيعة الحال بعض الأوجه التي نرغب في أن يتم تطويرها.
لا مندوحة من تقاسم المسؤوليات كما يجب على الدول المتقدمة أن تبلور أنظمة لجوء ناجعة تضمن توفير الحماية لجميع الذي يطلبون المساعدة. فإذا كان هناك أفغاني يبحث عن لجوء في أوروبا فإن حظوظ منحه حماية تتراوح ما بين 8 و91 في المائة تبعا للبلد الذي يتقدم فيه بطلب اللجوء.
إن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين لا تشكك في واجب الدول المتعلق بمراقبة حدودها، لكن التصرف في الحدود يجب أن يأخذ متطلبات الحماية (للاجئين) بعين الإعتبار.
في موفى 2010، تم احتساب 43،7 مليون شخص نازح أو مرحل في العالم، طبقا لما ورد في آخر تقرير سنوي صادر عن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة.
يُوجد 80% من هؤلاء اللاجئين في بلدان سائرة في طريق النمو.
ضمن هذا الرقم، فرّ 15،4 مليون شخص من أوطانهم إلى بلد آخر.
هناك 27 مليون شخص من المُرحّلين داخل أوطانهم.
أحصت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين 850000 طالب لجوء، يتواجد 20% منهم في جنوب افريقيا.
أكثر من إجمالي نصف اللاجئين في العالم هم أطفال تقل أعمارهم عن 18 عاما.
يمثل الأفغان أكبر مجموعة من اللاجئين (3 ملايين شخص)، غادر معظمهم البلاد قبل سنوات عديدة.
في موفى 2010، كانت أوروبا تضم فوق أراضيها 1،6 مليون لاجئ، أي بتراجع يقدر بـ 40700 شخص عن السنة السابقة.
هذا العدد يصل إلى 4 مليون شخص بالنسبة لآسيا و 2،1 مليون لإفريقيا وحوالي 7 ملايين نسمة في الشرق الأوسط وشمال افريقيا. وتشير إحصائيات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين إلى أن عدد اللاجئين في الأمريكيتين يناهز 800000 شخص.
تتوفر المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التي تتخذ من جنيف مقرا لها على أكثر من 7685 موظف في العالم. وفي عام 2012، بلغت ميزانيتها 3،59 مليار دولار أي ضعف ما كانت عليه قبل خمسة أعوام.
سجلت طلبات اللجوء في البلدان الصناعية ارتفاعا بـ 20% سنة 2011، وبلغت 441300 طلبا في 44 بلدا.
بلغت نسبة الزيادة 87% في بلدان جنوب أوروبا الثمانية جراء الإضطرابات التي نجمت عن “الربيع العربي”.
حسب البلدان، احتلت الولايات المتحدة المرتبة الأولى ضمن البلدان المتلقية (74000 طلب لجوء) تليها فرنسا (51900 طلب).
سويسرا، جاءت في المرتبة التاسعة حيث لم تتلق سوى 19400 طلب لجوء في نفس الفترة.
ولد يوم 30 أبريل 1949 في لشبونة، عاصمة البرتغال.
بعد دراسات عليا في الفيزياء والهندسة الكهربائية، التحق بالحزب الإشتراكي البرتغالي وتفرغ للعمل السياسي.
في عام 1995، سُمّي وزيرا أول من طرف الرئيس ماريو شواريس وظل في المنصب حتى عام 2002. وفي 2004، عندما كان يُعتبر المرشح الإشتراكي الأكثر احتمالا للإنتخابات الرئاسية البرتغالية لعام 2006، رشحه كوفي أنان لشغل منصب المفوض السامي لشؤون اللاجئين بالأمم المتحدة.
بعد تثبيت اختياره من طرف الجمعية العامة للمنتظم الأممي، تسلم مهامه في عام 2005 خلفا لروود لوبرس ليصبح بذلك المفوض السامي العاشر للاجئين في التاريخ.
(نقله من الفرنسية وعالجه: كمال الضيف)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.