خارطة الطريق: الاختبار الحاسم
أعلن يوم الثلاثاء عن تأجيل اللقاء بين رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون ونظيره الفلسطيني أبو مازن لبحث تنفيذ خطة "خارطة الطريق".
جاء ذلك في الوقت الذي تتواصل الاستعدادات لعقد قمة تجمع الرئيس الأمريكي بوش، وكلا من أرييل شارون ومحمود عباس في أول يونيو.
سر خارطة الطريق في اسمها، أما مداها فمعلق بفهم وتفسير الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني لمضمونها بعد أن وافق عليها رئيس الوزراء أرييل شارون مع إبدائه تحفظات كثيرة على ما ورد فيها ووسائل تطبيقها.
هناك خلف البوابة الحديدية لمبنى رئاسة الوزراء في القدس الغربية، استغرق الأمر أركان الدولة العبرية جلسة استخارة دامت أكثر من 6 ساعات، وانتهت على دخان لا أبيض ولا أسود، لكنه سَـرَّ الناظرين، لاسيما في واشنطن.
وحتى يليق الموقف بطقوس الحالة الإسرائيلية، جاء الرد على قدر ما في القلوب من غصات، وما في النفوس من مواجع. وكي لا يصار إلى ضيم ولا يتأذى ذو رحم من منقصة، كانت التحفظات الإسرائيلية بمثابة درع الموافقة على الخطة.
أربعة عشر خطا أحمر صاغها أسباط اليمين المتشدد في حكومة إسرائيل، لا لون لها تُـعرف به، ولا رائحة يستدل بها عليها سوى التحفظ الأكبر من قضية عودة اللاجئين الفلسطينيين، ومسالة المستوطنات، وما خلا ذلك، فهي اثنا عشر من أسرار القلوب المغلقة .
وحده العراب الأمريكي، من يليق بامتياز الاطلاع على مخطوطة الرد الإسرائيلي الأصلي، ووحده أيضا، عـرّاب السلم والحرب، من يملك قدرة الإعلان عن قابلية الشروط وتحديد احتمالات قبولها أو رفضها.
الشروط
لا تخل خطة سياسية إسرائيلية فلسطينية من شروط. وهكذا كان حال مشروع خارطة الطريق الذي شاءت إسرائيل أن تقيم طقسا خاصا لها، امتد على مدار أسابيع واستحوذ جهدا فلسطينيا لنيل الرضى الأمريكي والدولي.
لا يمكن لقائمة الشروط الإسرائيلية، التي فضحتها حمى الوصال مع الشريك الأمريكي، إلا أن تحيل المشروع برمته إلى امتحان عسير، لا يسمح سوى لتلميذ واحد، هو الطالب الفلسطيني تحت الاختبار بقراءة ورقة حبرُها ألغام.
أما إسرائيل، صاحبة اللعبة وحارسة غابة المواجهة في الأرض الفلسطينية، فيكفيها أن تطبق تململ الانتظار وإثارة الترقب حتى ترفع الأقلام وتجف الصحف، وإن لم تُـرفَـع أو تَـجِـف، فالأمر سواء.
تقول فاتحة التحفظات الإسرائيلية على خارطة الطريق ، إن وقف إطلاق النار شرط أساسي. وإطلاق النار المقصود هنا، هو نيران الفلسطينيين التي يجب أن تخمد من خلال اعتماد إصلاحات أمنية، وتشكيل أجهزة جديدة، حيث تكون كل الواجبات الأمنية ملقاة على الكاهل الفلسطيني.
لا يمكن كذلك في عرف خارطة الطريق الإسرائيلية، الانتقال إلى بند تال من الخطة دون تنفيذ ما قبله بشكل كامل من قبل الفلسطينيين، وهو شرط أساسي وفقا لأحد التحفظات الإسرائيلية.
ولا تغفل إسرائيل أبدا موقع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، الواجهة التي تصب عليها وابل نيرانها في كل مرة يُـطلَـب منها وقف النار. وفي الشروط الجديدة أن تشكيل قيادة جديدة ومختلفة، (وهذا يعني عزل عرفات نهائيا)، شرط أساسي للتقدم. وفي الركن الخاص بمراقبة آلية تنفيذ خطة الطريق، يرفض تحالف شارون أي خروج عن الاحتكار الأمريكي لمسار المفاوضات، مؤكدا أن مرجعية الخطة بأكملها تظل أمريكية.
وتنص شروط اليمين الإسرائيلي، المضطرة تحت الضغط الأمريكي، على القبول بفكرة قيام دولة فلسطينية مستقلة، على أن تكون الدولة المؤقتة الواردة في خارطة الطريق منزوعة السلاح وبلا حدود.
كما ترفض إسرائيل رفضا قاطعا حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وتدعو إلى إلغائه من خطة السلام. أما فيما يتعلق بالمستوطنات، فإن التحفظات الإسرائيلية تكتفي بالإشارة إلى ما تسميه حكومة شارون، “البؤر الاستيطانية غير الشرعية”، أو ما يعني بضع بيوت متنقلة فارغة.
وفي حين تؤكّـد إسرائيل على أن تطبيق خارطة الطريق، يجب أن يُـفضي إلى إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي، فإن تحفظات حكومة شارون تشمل عدم اعتماد مبادرة السلام العربية التي وضعتها السعودية وصادقت عليها قمة بيروت العربية.
ولا تنتهي شروط وتحفظات حكومة شارون عند هذا الحد، فهي تُـصر على أن أي انسحاب إلى خط 28 سبتمبر 2000، تاريخ اندلاع الانتفاضة، مشروط بهدوء أمني مطلق يجب أن يجتاز امتحان الصلاحية الإسرائيلي.
وهناك مرجعيات أخرى يتطلبها انضباط ساعة تل أبيب تشترط عودة الفلسطينيين إلى حياتهم الطبيعية، وفصل المسارات عن بعضها، وإقرار دستور، واعتماد إصلاحات إدارية وقضائية، والعودة إلى القرارين 242 و338 كمرجعية للمفاوضات مرفقة بمرجعية أخرى هي خطاب بوش بشأن قيام دولتين تتعايشان في سلام.
الاحتمالات
ويبدو أن الولايات المتحدة لم تعترض على كل التحفظات الإسرائيلية، إذ تعهّـدت إدارة بوش ببحث 12 تحفظا، في حين أعلنت رفضها للتحفظين المتعلقين باللاجئين والمستوطنات.
وفي المقابل الفلسطيني، تحاول الحكومة الجديدة أن تكون مختلفة وخالصة لنهج واحد هو الدبلوماسية والسياسة، حيث لم يفلح قبول شارون المشروط لخارطة الطريق في استفزاز محمود عباس وجره إلى واجهة المناكفة.
وعليه، كان الرد الفلسطيني محصورا في خانة الدفع باتجاه تطبيق ما ورد في خارطة الطريق مع الحصول على ما يُـمكن من ضمانات أمريكية للسير قُدُما في تطبيق هذه الخطة.
هشام عبد الله – رام الله
خارطة الطريق هي خطة سلام وضعتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا والأمم المتحدة فيما يُسمى اللجنة الرباعية
أهم النقاط:
قيام “دولة فلسطينية مؤقتة” مع نهاية عام 2003
الاتفاق على الوضع النهائي على أساس قراري مجلس الأمن 242 و338 وقيام دولة فلسطينية مستقلة مع نهاية عام 2005
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.