ختان الإناث: أول دعوى جنائية في سويسرا
في تطور غير مسبوق، ستنظُر محكمة سويسرية في حالة ختان بنات وقعت على أراضي الكنفدرالية.
فقد فتح مكتب المدعي العام في كانتون زيورخ دعوى جنائية ضد والدين صوماليي الأصل بتهمة بتر وتشويه الأعضاء التناسلية لابنتهما عندما كانت في سن الثانية. وقد جرت هذه العملية في منزل الأسرة في مرتفعات زيورخ عام 1996.
“يجب حماية الأطفال الذين يكبرون في سويسرا من التشويه، ويتعين نشر الوعي بهذا الشأن، وهذه إحدى الطرق لإبراز الحظر المفروض على هذه الممارسة هنا، وتعارضها مع حقوق الطفل”.
كان هذا جوهر تعليق أليكساندرا روزيتي، من الفرع السويسري لصندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة “يونيسف”، على رفع أول دعوى جنائية ضد حالة ختان الإناث في زيورخ.
وقد تفجرت القضية في شهر سبتمبر الماضي عندما فحص طبيبٌ الفتاة الصومالية، التي تبلغ الآن من العمر 13 عاما، ولاحظ على جسدها آثار تشويه وبتر الأعضاء التناسلية. وسرعان ما أبلغ الطبيب محكمة الوصاية التي قدمت شكوى ضد والديها اللذين يبلغان من العمر 45 عاما.
وفي يوم 22 أكتوبر الماضي، تم إلقاء القبض على الوالدين – اللذين اعترفا بتختين ابنتهما ووضعا رهن الحجز الوقائي – بتهمة التواطؤ، قبل أن يفرج عنهما لاحقا.
مايكل شيرير، المدعي العام المكلف بالقضية، قال يوم الجمعة 16 نوفمبر إنه سيرفع دعوى بتهمة إلحاق أذى جسدي خطير ضد الوالدين أمام محكمة كانتون زيورخ قبل بداية العام القادم. وهي تُهمة يمُكن أن يُعاقبا عليها بالسجن لمدة تصل إلى عشر سنوات.
ويعتقد شيرير أن شخصا من الصومال قدم إلى سويسرا خصيصا لإجراء عملية الختان للفتاة في زيورخ ثم غادر الكنفدرالية. لكن المدعي العام يعترف بأن إثبات هذه الفرضية يكاد يكون مستحيلا الآن.
الدليل…
وقد أكدت السيدة روزيتي أن هذه هي المرة الأولى التي تُفتح في سويسرا مثل هذه الدعوى الجنائية. وقالت في تصريحاتها لسويس انفو: “هذه هي المرة الاولى التي نتوفر فيها على دليل”، مضيفة في المقابل أنها لم تُفاجأ بالأمر.
فختان الإناث لم يعد يقتصر على إفريقيا، إذ أن تقارير الأطباء في سويسرا تسجل تزايدا في عدد الفتيات والنساء اللاتي تعرضن لتشويه أعضائهن التناسلية ضمن قائمة المرضى، وذلك نتيجة لموجة الهجرة التي تعرفها سويسرا من الدول التي يعد فيها ختان الإناث من ضمن التقاليد الراسخة.
وقالت روزيتي: “قمنا في عامي 2001 و2004 بدراستين لم تكشفان عن أسماء المشاركين، وطلبنا فيهما من أشخاص يعملون في مجال الرعاية الطبية والاجتماعية إن كانت تعترضهم حالات لختان البنات في عملهم. وفي عام 2004، ارتفع عدد الأشخاص الذين أعربوا عن القلق من هذه الممارسة بـ61%، مما جعلنا نقدر عدد الفتيات أو النساء اللاتي هُدّدن بالتشويه أو تعرضن له بزهاء 7000 في سويسرا”.
وأضافت السيدة روزيتي: “من الواضح من خلال التأمل في هذه الإجابات أن ختان الإناث يتم أيضا في سويسرا”.
مبادرة لم تتحول بعد إلى قانون
ويذكر أن مجلسي النواب والشيوخ قد صادقا على مبادرة برلمانية تطالب بحظر ختان الإناث في سويسرا.
ولا تدعو المبادرة بملاحقة من يقومون بتلك الممارسة أو يدعمونها فحسب، بل أيضا أولئك الذين يؤيدونها في الخارج. بيد أن هذه المبادرة لم تتحول بعد إلى قانون.
وتقول روزيتي في هذا السياق: “إن ختان الإناث ليس مذكورا بصراحة في القانون السويسري”، قبل أن تضيف “إذا ما نظرتم في أشكال التشويه الأربعة، يُعتبر الاثنان الأقوى فقط (الختان والختان التخييطي) بمثابة أذى جسدي خطير. مع ذلك، نحن نقول انه يجب منع أي شكل من أشكال التشويه، والنص على ذلك في القانون السويسري”.
آثار مؤذية
يقول الفرع السويسري لليونيسف إن الإصابات الناجمة عن عمليات ختان الإناث – التي لا يجريها أطباء في المستشفيات السويسرية، بل تتم في سرية وفي ظروف غير صحية – تخلف آثار مؤذية، بما فيها آلام على مدى الحياة أثناء الاتصال والمضاعفات عند الولادة.
ويتم مرافقة الفتيات إلى الخارج للخضوع إلى العملية أو جلب شخص إلى سويسرا لتشويه وبتر أعضائهن التناسلية قبل مغادرته البلد. وتأتي غالبية الإناث اللاتي تعرضن للختان من الصومال وإثيوبيا واريتريا.
غير أن السيدة روزيتي تعتقد أن الأمور تسير نحو التحسن بحيث قالت: “نحن نسير بالتأكيد في الاتجاه الصحيح، لكن لا يمكن أن يحدث ذلك بالسرعة الكافية”.
واختتمت تصريحاتها لسويس انفو بالقول: “لقد ناقشنا هذه القضية لسنوات طويلة ولا بد من وقف هذه الظاهرة في أقرب وقت ممكن”.
سويس انفو – توماس ستيفن
(ترجمته من الإنجليزية وعالجته إصلاح بخات)
أقوى نسب لختان الطفلات صغيرات السن (حسب صندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة “يونيسف):
غينيا: 99% (الممارسة محظورة منذ عام 2002).
مصر: 97% (محظورة منذ عام 1996).
مالي: 92% (يعاقب عليها كضرر جسدي).
الصومال: زهاء 90%.
السودان: 90%.
إريتريا: 89%.
أثيوبيا: 80% (محظورة في الدستور).
حسب منظمة الصحة العالمية، تعرضت ما بين 100 و140 مليون امرأة أو شابة لتشويه الأعضاء التناسلية. وحسب صندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة “يونيسف”، يتم كل سنة تختين ثلاثة ملايين أنثى جديدة، تتراوح أعمارهن بين 4 و12 عاما.
حسب تقديرات اليونيسف دائما، تعيش في سويسرا قرابة 7000 سيدة أو فتاة ممن تعرضن للختان. ينحدر معظمهن من الصومال وإثيوبيا وأريتريا.
بسبب الهجرة، أصبح ختان البنات يمارس اليوم في أوروبا أيضا. وتُحظر هذه الممارسة بالخصوص في النمسا وبلجيكا وفرنسا والدنمرك وانجلترا والنرويج واسبانيا والسويد.
أشاد المعهد الدولي لحقوق الطفل (مقره براموا بكانتون فالي) بعمل مكتب المدعي العام في كانتون زيورخ. وأكد المعهد يوم الجمعة 16 نوفمبر 2007 بأن الإجراء الجنائي الذي تم فتحه يدفع إلى الامام قضية من يحاربون تشويه الأعضاء التناسلية للإناث.
وتؤكد حالة زيورخ ان ختان الإناث “يمارس بالفعل في سويسرا، وهو ما لم ننجح في إثباته لحد الآن” على حد قول باولا ريفا غاباني، القانونية ونائبة مدير المعهد، في تصريحاتها لوكالة الأنباء السويسرية.
من الآن فصاعدا، لن يصبح بالإمكان تجاهل ختان الإناث والزعم بأنها عمليات تمارس فقط في البلدان الأصلية للمهاجرين.
ويرى المعهد الدولي لحقوق الطفل أن إبلاغ سلطة الوصاية من طرف طبيب أمر هام جدا، إذ أن دور الأطباء أساسي في الوقاية من تشويه الأعضاء التناسلية للإناث.
حاليا، يخشى العديد من الأطباء خيانة رابط الثقة مع المريضة عبر إنذار السلطات، لكن السيدة غابان تقول: “إن المصلحة العليا للطفل هي التي يجب أن تحظى بالأولوية”.
(المصدر: وكالة الأنباء السويسرية بتاريخ 16 نوفمبر 2007)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.