مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

خطوات جادة للبحث عن الدواء الرخيص

صورة لمعهد الابحاث الاستوائية الذي افتتحته شركة نوفارتيس للأدوية في سنغافورة في 05 يوليو Novartis

افتتحت شركة نوفارتيس للأدوية معهدا لأبحاث الأمراض الاستوائية في سنغافورة، في خطوة هي الأولى من نوعها التي تقوم بها مؤسسة خاصة.

وقد أكدت الشركة أن الهدف من هذا المعهد ليس ربحيا، بل مساهمة منها في دعم الأبحاث المتخصصة في الأمراض المنتشرة في الدول النامية.

لعلها المرة الأولى التي تهتم فيها إحدى شركات الأدوية السويسرية بإجراء أبحاث حول أمراض الدول النامية، بشكل غير ربحي، حيث ستركز نوفارتيس من خلال أبحاث هذا المعهد على التوصل إلى عقار فعال لعلاج مرضين من أكثر الأوبئة المنتشرة في المناطق الاستوائية.

المرض الأول، الذي ستتركز عليه أبحاث المعهد هو حمى الضَّنك أو ما يطلق عليه شعبيا “أبو الركب” Dengue، الذي يصيب قرابة 50 مليون شخص سنويا في المناطق الاستوائية، ويهدد 20% من سكان الكرة الأرضية، حسب معلومات منظمة الصحة العالمية.

أما المرض الثاني الذي سيركز المعهد الجديد أبحاثه على توفير سبل علاج جديدة له فهو السل، الذي يروح ضحيته سنويا قرابة مليوني شخص، حسب تقديرات نفس المنظمة.

ويشارك في العمل في هذا المعهد الجديد قرابة 70 باحثا وتقنيا، إلى جانب 30 طالبا في السنوات النهائية من التخصص في هذا المجال، ويعتزم معهد أبحاث الأمراض الاستوائية التوصل إلى دواءين اثنين على الأقل بحلول عام 2008، بتكلفة إجمالية تصل إلى 200 مليون فرنك على مدى 8 أعوام، تساهم فيها هيئة التنشيط التجاري في سنغافورة.

أدوية بسعر التكلفة

وقد حرصت نوفارتيس على التأكيد على أن الهدف من إقامة هذا المعهد ليس ربحيا، بقدر ما هي مساهمة حقيقية في علاج أمراض الدول النامية، حيث سيتم طرح الأدوية الجديدة للبيع بسعر التكلفة، وهي سابقة جديدة، تقوم بها مؤسسة بمثل هذا الحجم للمساهمة في البحث عن علاج للأمراض المنتشرة في البلدان الفقيرة أو المحدودة الدخل.

وقال دانيال فاسيلا مدير نوفارتيس على هامش فعاليات الاحتفال، إن هذه الخطوة هي رد عملي على النقد الموجه إلى شركات صناعة الدواء بأنها لا تهتم بالأمراض المنتشرة في البلدان النامية، وان كان يرى أن هذا النقد صحيح وفي محله.

كما يرى باوب هيرلينغ رئيس قسم الابحاث في الشركة أن اهمال الامراض التي تنتشر في المناطق الاستوائية وعدم البحث عن علاج لها، امر خطأ لأنه يترك آثارا سلبية، مشيرا بذلك إلى مرض الالتهاب الرئوي اللانمطي (سارس) الذي ظهر فجأة قبل عام في جنوب شرقي آسيا، وهدد بلدانا مختلفة.

في الوقت نفسه، أعرب وزير الشوؤن الداخلية السويسري باسكال كوشبان الذي شارك في افتتاح المعهد، عن قناعته بأن إقدام إحدى الشركات الخاصة على مثل هذه الخطوة، ليس شيئا عاديا، مشيرا في الوقت نفسه إلى مسؤولية الدول الصناعية الكبرى في البحث عن علاج للأمراض المنشرة في الدول النامية.

سنغافورة تستقطب الكبار

ومن بين الصعوبات التي تنتظر عمل هذا المعهد الجديد، مقاومة المواد الفعالة التي يُـؤمل التوصل إليها للرطوبة العالية في المناطق الاستوائية، وامتداد مفعولها لفترات طويلة، كما يجب أن تتواءم مع طبيعة النظام الغذائي في تلك المناطق والعادات والتقاليد المرتبطة به.

وتأتي هذه المناسبة بعد أسبوع واحد من مشاركة نوفارتيس في قمة “الميثاق العالمي” في نيويورك، الذي يحث الشركات العالمية الكبرى المتعددة الجنسيات على اتباع معايير أخلاقية متعددة الجوانب في أبحاثها وأعمالها، لاسيما تلك المرتبطة بالدول النامية، وأكدت نوفارتيس خلال انعقاد المؤتمر أنها تستفيد من المشاركة في هذا الميثاق، ويبدو أنها ترجمت ذلك الآن بشكل عملي ستظهر آثاره عند التوصل إلى ابتكار الدواء الجديد.

في المقابل، ليس من المستبعد أن تكون هذه الخطوة التي بدأتها نوفارتيس منذ عام 2002 مرحلة أولى لتثبيت أقدامها بشكل أكبر في سنغافورة، التي تحولت في السنوات الأخيرة إلى مركز هام للصناعات التقنية الحيوية، حيث استقطبت العديد من الشركات المتخصصة في هذا المجال، مثل “غلاكسو” و”فايزر” و”افينتيس”، كما وفرت سنغافورة الإمكانيات الملائمة بشريا وتقنيا لعمل تلك الشركات، واستثمرت في ذلك 8.5 مليون فرنك سويسري في فترة لم تتجاوز ثلاث سنوات.

وتحاول الشركات الكبرى التي تتوجه إلى سنغافورة الاستفادة أيضا من الموقع الجغرافي المتميز، الذي يتيح لها الإنطلاق إلى بقية دول المنطقة، دون الاحتكاك المباشر مع دول مثل الصين أو الهند، ربما لأسباب تتعلق بالبيروقراطية أو أخرى ذات طابع سياسي.

تامر أبو العينين – سويس انفو

تبلغ ميزانية معهد أبحاث الأمراض الاستوائية 200 مليون فرنك لمدة 8 أعوام.

تعتبر نوفارتيس من أوائل شركات الدواء الكبرى التي تقوم بمثل تلك الخطوة.

حمى الضَّنك مرض استوائي ينتقل عن طريق البعوض، ويترك الفيروس المسبب له ارتفاعا في درجة الحرارة وآلاما في الاطراف وطفحا جلديا، ويتسبب في حالة من الضعف وإنهاك القوى وليس له علاج معروف حتى الآن.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية