“دافوس أكثر من حفل استقبال”
من المتوقع أن تتسم دورة هذا العام للمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بحوارات حافلة بالتحديات المثيرة، حسب تعبير مديره المؤسس كلاوس شفاب.
وفي حديث خاص أدلى به إلى سويس أنفو، يعتقد السيد شفاب أن محور الدورة، أي “الشراكة من أجل الأمن والرفاهية”، يمثل قاعدة هامة لإدارة الحوار بين المشاركين.
يحرص منظمو المنتدى الاقتصادي العالمي على عدم التركيز فقط على رجال السياسية والاقتصاد، بل يحاولون إضافة شخصيات أخرى بارزة في مجالات العلوم الطبيعية والانسانية وممثلي عدد من منظمات المجتمع المدني.
ومن بين الشخصيات السياسية الهامة التي ستشارك في منتدى دافوس لهذا العام، بول بريمر الحاكم المدني للعراق، والرئيس الارجنتيني نيستور كيرخر، ووزير العدل الامريكي جون أشكروفت.
سويس انفو: يصف المعارضون المنتدى الاقتصادي العالمي بحفل منوعات لكبار الاقتصاديين، ويراه المؤيدون ساحة للحوار، ساهمت في كتابة أجزاء من التاريخ. فلماذا ينظر الرأي العام إلى المنتدى برؤية مختلفة؟
كلاوس شفاب: إن الهدف الحقيقي للمنتدى الاقتصادي العالمي أن يكون ساحة للحوار، تتيح المجال للسياسين ورجال الاقتصاد والعلماء والمفكرين وممثلي المجتمع المدني من جميع أنحاء العالم للتلاقي والنقاش حول التحديات التي تواجه العالم بشكل متكامل، ومحاولة الوصول إلى حلول لها إن أمكن. وفي الغالب توصل المنتدى إلى هذا الهدف، وأتذكر هنا دورنا في مشكلة جنوب افريقيا والصراعات الأخرى. فإذا تجمع 2000 شخص من صانعي القرار تحت سقف واحد، فمن المؤكد أن يؤدي ذلك إلى نوع من الاستقطاب، أما المهم فهو الهدف وكيفية الوصول إليه.
سويس انفو: يعاني تحالف “عين الرأي العام على دافوس” من صعوبة في العثور على شخصيات عامة شهيرة مناهضة للعولمة للمشاركة في أعمال المنتدى، فهل يعني ذلك أن المنتدى له أهمية أقل من التي يتصورها البعض؟
كلاوس شفاب: إن حقيقة خلو الفنادق من أي مكان للمبيت يعطي الإجابة الواضحة عن هذا السؤال، كما أن نوعية المشاركين تؤكد صحة العكس تماما، أي أن ساحة الحوار التي يوفرها المنتدى مطلوبة ومرغوبة أكثر من أي فترة مضت. وأود أن أشير إلى أن استعمال شخصية مثل كوفي أنان مصطلح “Hybrid Governments”، يعني أن الحكومات وحدها لا يمكن أن تحل مشاكل العالم، وكذلك لا تستطيع المنظمات الدولية القيام بهذا الدور متفردة، إذ أن الجميع مطالبون بالتعاون مع بقية الأطراف. فإذا كان الاقتصاد هو الجزء الأهم، فهو ليس الوحيد. منظمات المجتمع المدني مهمة والنقابات كذلك وغيرها، ودافوس توفر ساحة ليلتقي فيها جميع صانعي القرارات.
سويس انفو: أنتم تتوقعون حضور 2000 شخصية، بينما يشارك في المنتدى الاجتماعي في بومباي 70 ألف شخص..
كلاوس شفاب: المهم هو أن يكون لدى المشاركين مواقف مثيرة للجدل، أما العدد فلا يلعب دورا كبيرا. والأكيد ألا تكون الأسئلة من وجهة نظر واحدة، أو تكون المناقشة متأثرة بفلسفة أو أيديولوجية أحادية الجانب. أما الأكيد فهو أن دافوس يطالب بتعدد الآراء والديمقراطية والشفافية والاقتصاد الحر. وأود أن أقول بأن دافوس متنوع، لاسيما وأن لدينا المنتدى المفتوح، أما في بومباي فالمشاركون يتناولون موضوعاتهم من زاوية واحدة فقط.
سويس انفو: لماذا لا تدمجون المنتدى الاجتماعي العالمي داخل المنتدى الاقتصادي؟
كلاوس شفاب: لقد قمنا ببعض الخطوات في هذا الاتجاه، ولكنكم تعرفون بأن مجموعات ومنظمات مثل ATTAC قالت بأنها لا تهتم بالحوار معنا.
سويس انفو: قلتم قبل عام من الآن، بأنه لم يسبق لكم رؤية هذا العدد الكبير من رجال الاقتصاد غير السعداء، فهل تزايد هذا العدد هذه السنة أم قـلّ؟
كلاوس شفاب: من المؤكد أن بعضهم أصبح سعيدا، لوجود بعض المتغيرات الإيجابية والدلالات الجغرافية – السياسية وكذلك على صعيد خريطة الاقتصاد العالمي، وربما يقود ذلك إلى تقييم متفائل للأوضاع. ولكن هناك على صعيد آخر عدد من المشكلات التي لم تحل، وهناك فقر كثير في العالم. وأتذكر المشاكل المتراكمة بحثا عن حلول، في قطاع الصحة وقضايا البيئة والعجز التجاري في ميزانيات العديد من الدول، إلى جانب مشكلة الإرهاب. بإختصار ربما نكون أكثر تفاؤلا، ولكننا نقف على أرضية غير صلبة.
سويس انفو: ذكرتم ذات مرة، بأن سويسرا بحاجة إلى رجال دولة اقتصاديين، ولدنيا الآن في الحكومة الجديدة أسماء لامعة، فهل سيعمل هذا على إزالة العوائق التي تقف في وجه برامج الإصلاح الاقتصادي؟
كلاوس شفاب: أعتقد أن سويسرا مثل كثير من الدول الأوروبية تواجه تحديات كبيرة يجب التغلب عليها، سواء في القطاع الصحي أو تراجع نسبة المواليد، فلا يمكن لسويسرا أن تخصص 20%من نفقاتها في المجال الإجتماعي للقطاع الصحي فقط. لكن الحقيقة الهامة التي يجب على الغرب أن يراها تتمثل في أن الصين تتحول أكثر فأكثر إلى مدن صناعية للعالم أجمع، ولدينا مثل آخر في الهند التي بدأت تتحول إلى الإنتاج الكبير في مجال البرمجيات. وفي مثل هذا العالم المتغير، يجب علينا أن نحدد دورنا، وأن نعرف أن العلاج الذي استخدمناه في السابق لم يعد كافيا لحل مثل تلك المشاكل. نحن نرى في الكثير من الدول برامج للإصلاح، وآمل أن يكون لدينا في سويسرا الشجاعة السياسية للتعرف على المشاكل، ومناقشة الإجراءات المطلوبة، وفي الوقت نفسه أن نقبل بها.
سويس انفو: هل تعتقد أن الحكومة الجديدة بتشكيلتها ذات التوجهات الاقتصادية يمكنها حل تلك المشكلات؟
كلاوس شفاب: أعتقد أنه لابد من إعطائها الفرصة، ومن المؤكد بأن الخبرات الاقتصادية لأعضاء الحكومة تعطي الانطباع بأنهم على دراية جيدة بتلك المشكلات، وأنهم سيتمكنون من العثور على الحلول المناسبة لها.
سويس انفو: إذا كان المنتدى الاقتصادي العالمي ينمو بشكل ملحوظ، فإن تكاليف الاحتياطات الأمنية تتزايد معه أيضا، وهي التي تتحملها الحكومة، او بالأحرى دافعي الضرائب. فلماذا لا يتحمل أعضاء المنتدى هذه التكاليف؟
كلاوس شفاب: لا يعالج هؤلاء الأعضاء موضوع التكاليف الأمنية من هذا المنظور، فهم يقيّـمون الموقف من زاوية، إن كانوا ضيوفا مرغوبا فيهم أم لا. وهنا يمكننا أن نتأكد أن بعض البدائل لدافوس متاحة، ولكننا حرصنا على أن تبقى دافوس مقرا رسميا لنا. وبناء على ذلك، خصصنا ميزانيتنا للاحتياطات الأمنية، ويمكننا أن نجعل حياتنا أسهل إذا قلنا بأننا سنتوجه إلى سنغافوره. ولكنني أعتقد بأن هذا لا يخدم سويسرا، التي تعيش من صورتها الجيدة كبلد مفتوح يرحب بالضيوف.
سويس انفو: هل تشعر أحيانا بأنك مثل “نبي لا يهتم بشأنه بنو قومه”، بينما طبقت شهرته الآفاق؟
كلاوس شفاب: يجب علي أن اعتقد بأن ما أفعله هو الصواب، وهكذا أنا بالفعل. فإنني لا أجوب العالم على أمل أن يلتفت إلي أحد. فأنا لا أذهب إلى حفلات الاستقبال، ولا أشاهَِـد في محاضرات كبيرة، إنني أشرح فقط ما نقوم به، ولا ابحث عن الشكر والعرفان بالجميل في المحافل العامة. وهذا أيضا بالمناسبة ما ينطبق على الساسة، فلا يوجد سياسي جيد، إلا وقد وجهت له الاتهامات.
سويس انفو: عُـرف عنكم رأي مفاده أن أي رئيس مجلس إدارة لا يستمر أكثر من 4 سنوات، والسياسي 8 سنوات. لكنكم على رأس المنتدى الاقتصادي العالمي منذ 33 عاما، وستكملون في مارس المقبل 66 ربيعا، فمتى ستتوقفون عن العمل؟
كلاوس شفاب: إنني أفعل ما أقوم به برغبة قوية، ولدي فريق عمل رائع يدعمني، وأشعر بأنني في أحسن حالاتي. لقد قلت ذات مرة على سبيل الدّعابة، أنه طالما أنني قادر على المشاركة في ماراثون انغادين(سباق جبلي شاق)، فسوف أظل أتوجه إلى مكتبي، لأن هذا يعني أنني بصحة جيدة، وإذا طلب مني أحد أن أتقاعد، فسوف أدعوه أولا إلى المشاركة معي في ماراثون انغادين..
أجرى الحوار من سويس انفو: جاك غيربر واندرياس كايزر. (ترجمه إلى العربية تامر أبو العينين)
يعقد المنتدى الاقتصادي العالمي دورته هذا العام من 21 إلى 25 يناير الجاري في منتجع دافوس أقصى شرق سويسرا.
سيتناول المنتدى موضوع الشراكة والأمن والرفاهية.
من المتوقع حضور ما لا يقل عن 2000 ضيف من كبار رجال السياسة والاقتصاد والدين والفكر والأدب.
ولد مؤسس المنتدى كلاوس شفاب عام 1938 في رافينسبورغ بألمانيا، وحصل على الدكتوراه في الهندسة الميكانيكية والاقتصاد، كما حصل على 5 شهادات دكتوراه فخرية أخرى.
بدأ المنتدى أعماله عام 1971 كتجمع اقتصادي أوروبي، ثم تحول عام 1987 إلى مؤسسة، تشترك في تمويلها 1000 من الشركات والمؤسسات المالية الكبرى في العالم، إلى جانب 90 دولة.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.