“دبلوماسية الغاز” تسعى للتوفيق بين احتياجات سويسرا ومصالح شركاتها
على غِـرار البلدان الصناعية، التي لا تتوفّـر على موارد بترولية أو غازية، تبذُل الحكومة السويسرية جهودا مضنية ومتعددة، لتأمين إمدادات البلاد من الطاقة النفطية والغازية في المستقبل.
من جهتها، تتّـجه الشركات السويسرية إلى الاستفادة من جميع الفرَص المتاحة، مثل مخزون الغاز في آذربيجان البعيدة، حيث يُـمكن لها أن تعتمد على دعم الكنفدرالية.
يومي 13 و14 فبراير الجاري، قام فالتر شتاينمان، رئيس المكتب الفدرالي للطاقة بزيارة إلى تركيا والتقى رِفقة عدد من المسؤولين عن شركة الكهرباء في لاوفنبورغ (EGL)، وزير الطاقة التركي حِـلمي غولر، الذي سبق أن أجرى محادثات مع وزير الطاقة السويسري موريتس لوينبرغر في الأسبوع الأخير من شهر يناير الماضي في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس.
أنبوب نقل الغاز العابِـر للبحر الأدرياتيكي
في هذا اللقاء، جرت مناقشة توقيع بروتوكول اتفاق مع تركيا في مجال الطاقة، كما تم التطرق إلى مشروع أنبوب نقل الغاز العابر للبحر الأدرياتيكي (Trans Adriatic Pipeline, TAP)، الذي تشارك فيه شركة الكهرباء في لاوفنبورغ.
ومن المنتظر أن يُـشكل هذا الأنبوب، الذي ستنطلق أشغال بنائه في عام 2009، معبرا جديدا للتزوّد بالغاز الطبيعي المستخرج من بحر قزوين ومن الشرق الأوسط باتجاه أوروبا.
في المقابل، لا زال هذا المشروع الخاص، الذي قدِّرت قيمة تكلفته بـ 1،5 مليار يورو، متوقِّـفا على قرار تركيا، التي تُـعتبر حلقة الوصل الضرورية لجميع مشاريع الأنابيب المُـتّـجهة للاستفادة من موارد الطاقة المتوفِّـرة في إيران وآسيا الوسطى.
“فتح الأبواب”
المسؤولون عن شركة توليد الكهرباء الموجودة في زيورخ، اغتنموا فرصة زيارة السيد شتاينمان للدفاع عن ملفِّـهم، وأوضح المسؤول السويسري في تصريحات بوكالة الأنباء السويسرية أنهم “اقترحوا تشييد محطة مُـزدوجة، تعمل بالغاز في تركيا”، مقابل موافقة أنقرة على استعمال التجهيزات التركية، وأضاف السيد شتاينمان بأن وزير الطاقة التركي عبّـر عن “تأييده” للفكرة.
ويرى مدير المكتب الفدرالي للطاقة أن تقديم الدعم لشركة سويسرية في مسار من هذا القبيل، لا يُـعتبر خلطا للأوراق، ويقول “إن من دور الدولة أيضا فتح الباب بوجه القطاع الخاص”، وأضاف بأنه يجب على الكنفدرالية أن تضمن “أمن إمداداتها من الطاقة”.
غاز إيراني
من جانبها، تعتقد شركة الكهرباء في لاوفنبورغ، أن أنبوب نقل الغاز العابر للبحر الأردياتيكي، سيُـستغل لنقل غاز إيراني. وكانت الشركة، التي يوجد مقرها في كانتون زيورخ، قد أبرمت العام الماضي عـِقد إمداد مع طهران ابتداءً من عام 2011، يبلغ حجمه 5،5 مليار متر مكعّـب.
وفيما لا تنظر الولايات المتحدة بعين الرضا إلى هذا الاتفاق، في الوقت الذي تسعى فيه واشنطن إلى فرض عقوبات اقتصادية على إيران بسبب برنامجها النووي، فإن ليللي فراي، المتحدثة باسم الشركة تشير في تصريح لوكالة الأنباء السويسرية إلى أن مؤسستها “تحترم القوانين السويسرية والدولية”.
احتياطيات ضخمة
وتشير السيدة فراي إلى أن أنبوب الغاز الجديد، سيتمكّـن من نقل الغاز القادم من آذربيجان، ونظرا لأن الاحتياطيات الضخمة المتوفِّـرة لدى هذه الجمهورية القوقازية تثير شهية العديد من الشركات، فقد بادر موريتس لوينبرغر، وزير الطاقة السويسري إلى التوقيع في عام 2007 على بروتوكول تفاهم في مجال الطاقة مع باكو.
وتأكيدا لاهتمام الحكومة الفدرالية ومتابعتها لهذا الملف، فقد تمّـت برمجة زيارة لرئيس الكنفدرالية باسكال كوشبان إلى هذه الجمهورية السوفييتية السابقة خلال هذا العام.
“الممر” الرابع
في الوقت الحاضر، تتزوّد سويسرا باحتياجاتها من الغاز عبر ثلاث “ممرات”، تشمل شمال أوروبا وروسيا والجزائر، مثلما يوضِّـح باسكال بريفيدولي، من المكتب الفدرالي للطاقة، لذلك، ترغب سويسرا، على غِـرا أوروبا، فتح “مَـمر” رابع بعد أن بدأت حقول الغاز الضخمة في بحر الشمال في النضوب.
تعاون روسي سويسري؟
“دبلوماسية الغاز”، التي تقودها سويسرا هذه الأيام، لا تغيب عنها في الخلفية المعركة الصامتة بين الاتحاد الأوروبي وروسيا، حيث يسعى الأوروبيون إلى تجنّـب تبعِـية كبيرة جدا في مجال الطاقة لهذا البلد.
فالتر شتاينمان يرفُـض الدخول في هذا الجدل ويكتفي بالإشارة، إلى أن اللقاء الذي جمع منتصف فبراير في جنيف بين وزيرة الخارجية السويسرية ميشلين كالمي – ري ونظيرها الروسي سيرغي لافروف، قد يكون بداية جواب عن هذا السؤال، فقد تطرّق الوزيران إلى “تعاون محتمل” بين البلدين في المسائل المتعلقة بالطاقة.
سويس انفو مع الوكالات
أعلنت الحكومة الفدرالية يوم الخميس 21 فبراير عن توجّـهاتها الرئيسية في عدد من المجالات المرتبطة بالطاقة.
ترتكز إستراتيجية الحكومة على تأمين الإمدادات من الطاقة على المدى الطويل، وتقليص الاعتماد على النفط ومكافحة التغيرات المناخية.
في مجال السياسة المناخية، يُـفصِّـل القانون الفدرالي حول ثاني أكسيد الكربون الإجراءات، التي ستسمح بتحقيق الأهداف المنصوص عليها في بروتوكول كيوتو، لكن الحكومة لن تكتفي بما جاء فيه، نظرا لاستمرار وجود فائض في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، يُـقدّر بنصف مليون طن.
يُـعتبر “السنتيم المناخي”، ضريبة (قام الاتحاد النفطي السويسري ببلورتها)، يتم اقتطاعها منذ أكتوبر 2005 بمعدل 1،5 سنتيم عن كل لتر بنزين أو ديزل، وتُـشرف مؤسسة غير حكومية تحمل اسمه على تحديد النسبة وإدارة المداخيل المتأتية من هذه الضريبة.
أعلنت الحكومة اعتزامها تقليص انبعاثات الغازات المتسببة في الاحتباس الحراري بنسبة 20% (مقارنة بعام 1990) على الأقل، من الآن وإلى عام 2020 وبنسبة 50% بحلول عام 2050، تماشيا مع الأهداف التي حددها الاتحاد الأوروبي.
بدأ العمل في عام 2008 بالضريبة الإجبارية على ثاني أكسيد الكربون، التي لا تُـفرض إلا على المحروقات الأحفورية (زيت التسخين والغاز)، وستتم إعادة توزيع المداخيل المتأتية منها على السكان، عبر التأمينات على المرض وعلى الشركات، حسب حجم الأجور فيها.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.