مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

دبلوماسية “المواطن الأمريكي” تسبق موعد أنابوليس

swissinfo.ch

في ظل فشل الدبلوماسية الأمريكية في الشرق الأوسط في ظل كوندوليزا رايس وفشل الدبلوماسية العامة الأمريكية في ظل كارين هيوز وفشل السياسة الأمريكية في الالتزام بقيم العدالة والمساواة وتطبيق قرارات الشرعية الدولية وخاصة في الشرق الأوسط..

.. قررت مجموعة من الدبلوماسيين السابقين والمواطنين الأمريكيين العاديين من أعضاء “مجلس المصلحة القومية”، القيام بجولة في المنطقة للوقوف على حقائق الوضع على أرض الواقع فيما يتعلق بالصِّـراع العربي الإسرائيلي قبل انعقاد المؤتمر الدولي للسلام في أنابوليس.

وزارت مجموعة المواطنين الأمريكيين إسرائيل والأراضي الفلسطينية والأردن وسوريا ولبنان، والتقت بمسؤولين عرب وإسرائيليين من كافة الاتجاهات، وعادت تُـناشد الإدارة الأمريكية أن تتوقّـف عن الانحياز إلى جانب إسرائيل والشروع في العمل الحقيقي لتسوية الصراع العربي الإسرائيلي، الذي يؤجِّـج الموقف الأمريكي منه مشاعر العالمين، العربي والإسلامي.

سويس إنفو التقت بالسفير روبرت كيلي، رئيس المجموعة والمساعد السابق لوزير الخارجية الأمريكية للشؤون الإفريقية ورئيس مؤسسة مجلس المصلحة القومية الأمريكية، وسألته عن توقعات مَـن قابلهم في جولة الشرق الأوسط عمّـا يمكن أن تُـسفر عنه لقاءات أنابوليس فقال: “نظرا لأن الولايات المتحدة تفتقر منذ سنوات إلى القدر الكافي من الدبلوماسية اللازمة للتعامل بحِـنكة مع الأوضاع في الشرق الأوسط، فإن من قابلْـناهم في المحطات الخمس لجولتنا، كانوا تواقين للحديث معنا بصراحة وكلهم أمَـل في أن ننقل ما لمسناه بأنفسنا إلى الشعب الأمريكي وإدارة الرئيس بوش والكونغرس”.

ومضى السفير كيلي إلى القول: “استهدف توقيت جولتنا أن تكون قبل أسابيع مِـما بدا كمبادرة أمريكية لإنجاز ما قصّـرت إدارة بوش في تحقيقه عبْـر فترتين رئاسيتين، بالدعوة لعقد مؤتمر دولي للسلام في أنابوليس، ولكن بكل أسف، تراجع الزخم وتضاءلت التوقعات من مؤتمر إلى جولات محادثات إلى مجرّد لقاء لم يتِـم التحضير له ولم تعُـد له موضوعات واضحة على جدول أعمال يمكن أن يقود إلى تحقيق ما تُـطنطن به الإدارة الأمريكية، وتصفه برؤية بوش لحل يستند إلى إقامة دولة فلسطينية تعيش جنبا إلى جنب في سلام مع إسرائيل”.

وأشار المساعد السابق لوزير الخارجية الأمريكية للشؤون الإفريقية إلى أن مجموعة مجلس المصلحة القومية الأمريكية التقت خلال جولة استغرقت أسبوعين، “أكثر من خمسين شخصية عربية وإسرائيلية، كان من بينهم سلام فياض، رئيس الوزراء الفلسطيني والدكتور صائب عريقات، كبير المفاوضين الفلسطينيين وعدد من الجنرالات الإسرائيليين وأعضاء حركة السلام، مثل أوري أفنيري وأعضاء الكنيست، وكذلك عبد الإله الخطيب، وزير الخارجية الأردني والسيد فاروق الشرع، نائب الرئيس السوري للشؤون السياسية والسيد خالد مشعل، قائد الجناح السياسي لحركة حماس والرئيس اللبناني إميل لحود وفؤاد سنيورة، رئيس الوزراء والجنرال ميشيل عون، المرشح للرئاسة اللبنانية”.

ماذا قال العرب للمواطنين الأمريكيين؟

ومع أن السفير كيلي لخّـص الانطباع العام عن تلك اللقاءات بأنه تراوح بين بصيص من الأمل والخوف من فشل لقاءات أنابوليس، خاصة وأنه يصعب المقارنة بين سوء التحضير لها وبين الإعداد المتأنّـي لمؤتمر مدريد في عام 1991، ويصعب كذلك تصوّر حلول وسط، بينما تضاربت مواقف الفلسطينيين كما عبّـر عنها كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات مع المواقف الإسرائيلية المستندة إلى الأمر الواقع والقوة العسكرية، كما عبر عنها عامي أيالون، الجنرال الإسرائيلي السابق وعضو الكنيست حاليا، فإن زميله في الوفد، دانيال ليبرمان، الكاتب والمحلل السياسي، وهو يهودي أمريكي يؤمن بضرورة إيجاد تسوية عادلة للصراع العربي الإسرائيلي وضرورة وقوف أمريكا ضد الممارسات القمعية والعقوبات الجماعية الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، قال لسويس إنفو: “لقد كان هناك إجماع بين كل من قابلناهم من المسؤولين العرب على أن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي هو القضية الرئيسية التي تؤجج مشاعر الغضب العارم في المنطقة، وأنه سبق للولايات المتحدة قبل فترتَـي رئاسة بوش أن قامت بدور أساسي في عملية البحث عن تسوية لذلك الصراع، بينما لم تبذل أي جهد خلال السنوات السِـت الماضية، بل واصلت إدارة بوش مساندة إسرائيل على طول الخط، وأعرب المسؤولون العرب عن اعتقادهم بأن السلطة الفلسطينية أدّت التزاماتها وِفق خارطة الطريق، بينما رواغت إسرائيل وتهرّبت وساندتها الإدارة الأمريكية، مما أحدث صدعا متناميا في صورة الولايات المتحدة في العالم العربي”.

وقال السيد ليبرمان، إنه لمس من المسؤولين في السلطة الفلسطينية، وخاصة رياض المالكي، وزير الشؤون الخارجية، شعورا بالخِـشية من فشل لقاء أنابوليس، خاصة مع الشرط الجديد الذي طرحه إيهود أولمرت بضرورة اعتراف الفلسطينيين بأن إسرائيل دولة لليهود، وشعر بأن موافقتهم على المشاركة في المؤتمر دون توفّـر الحد الأدنى من مطالبهم، كان بسبب الخوف من عواقب الفشل أكثر من أملهم في تحقيق النجاح لجولة أنابوليس، بل وأنهم أجبروا على المشاركة لتبرير عقد لقاء أنابوليس.

أما ريتشارد بليس، المحامي الأمريكي والذي شارك في دبلوماسية المواطنين الأمريكيين، فنقل عن السيد خالد مشعل، قائد الجناح السياسي لحركة حماس شكوك الحركة في جدوى الحركات المسرحية للإدارة الأمريكية والتي تجلّـت في الدعوة لجولة محادثات ليوم واحد في أنابوليس، وقوله أن عدم الجدّية في التحضير لمحادثات أنابوليس، تثير الشكوك حول النوايا الحقيقية من الدعوة لها، والتي قد تكون سِـتارا من الدّخان يُـستخدم كغطاء قبل توجيه ضربة عسكرية أمريكية لإيران،

وقال السيد بليس لسويس إنفو: “بعد مناقشات مستفيضة لنا مع مسؤولين عرب في رام الله وعمان ودمشق وبيروت، تلخِّـص وصفهم لفكرة دعوة الولايات المتحدة لعقد مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط، بأنها كان من الممكن أن تتحول إلى مبادرة تاريخية، لكن إسقاط النقاط الرئيسية، مثل القدس وحق العودة وحدود الدولة الفلسطينية من جدول الأعمال، فرغت لقاء أنابوليس من أي فرصة في تحريك عملية السلام”.

من جهتها، نقلت الآنسة مارلينا غاريت، مديرة الإعلام بمجلس المصلحة القومية الأمريكية، والتي شاركت في الجولة الشرق أوسطية عن وزير الخارجية الأردني عبد الإله الخطيب قوله لمجموعة المواطنين الأمريكيين الستة: “لكي يمكن تحقيق النجاح للقاء أنابوليس، يجب أن يُـسفر عن خطّـة بمحادثات سلام تتواصل على مدى ستة أشهر، يتم خلالها التوصل إلى اتفاق سلام يكون قابلا للتطبيق خلال الشهور الست التالية لها”.

وقالت، إن وزير الخارجية الأردني قال لوفد المواطنين الأمريكيين، إن بوسع إسرائيل، إذا كانت راغبة حقيقة في سلام شامل، انطلاقا من إقامة دولة فلسطينية مستقلة تتمتع بمقومات البقاء، أن تحصل في المقابل على اعتراف من الدول العربية والإسلامية وتبادل علاقات السلام.

وقالت مارلينا، إن خالد مشعل أبلغ الوفد الأمريكي أن صبر الفلسطينيين آخذ في النفاد وأنه، إذا لم يتم تحقيق تقدم يُـعيد بعض الأمل لهم في نيل حقوقهم في السيادة الحقيقية على أرض دولتهم المستقلة، فسوف يشهد العالم انتفاضة جديدة للفلسطينيين.

عواقب فشل لقاء أنابوليس

ويرى ميلتون فيورست، الكاتب والصحفي الأمريكي، أحد أعضاء وفد دبلوماسية المواطنين الأمريكيين، أنه لو تحوّل لقاء أنابوليس إلى مجرّد فرصة لالتقاط الصوّر التذكارية وتملّـص إسرائيل من الوفاء بالتزاماتها لتحقيق رُؤية الرئيس بوش لحل يقوم على أساس دولتين على أرض فلسطين التاريخية، فستندلع انتفاضة فلسطينية وستتأجج المشاعر، ليس بين الفلسطينيين وحدهم، ولكن في أماكن عديدة من العالمين، العربي والإسلامي.

ويُـوصي الكاتب الأمريكي بأن تُـمارس الولايات المتحدة، إن لم يكن فيما تبقّـى من فترة رئاسة الرئيس بوش، فمع مَـن يفوز بعده بمقعد الرئاسة، نفوذها وتستخدم ما لديها من ضغوط لدفع أطراف الصراع العربي الإسرائيلي إلى تسوية عادلة وشاملة.

أما ريتشارد بليس، المحامي، فيعتقد أنه لن يُـمكن للولايات المتحدة القيام بدور الشريك النزيه في أي عملية سلام، طالما واصل اللوبي الإسرائيلي نفوذه في ترهيب أعضاء الكونغرس من مغبّـة اتخاذ أي مواقفَ تتعارض مع مصلحة إسرائيل أو سياساتها، وقال لسويس إنفو: “إن عدم دخول أعضاء الكونغرس الأمريكي في مناقشات علنية حول الثمن الذي تدفعه الولايات المتحدة لقاء معاملة إسرائيل على أنها الولاية الأمريكية رقم 51، سبب أساسي في تعثر جهود السلام وتراجُـع الدور الأمريكي فيها، كما حدث في فرصة مؤتمر أنابوليس، التي أهدرت”.

ويقترح السيد بليس أن تستخدم الولايات المتحدة، عندما تتوفر الإرادة السياسية، نفوذها وحوافزها لتشجيع أطراف الصِّـراع على تسويته، حتى ولو اقتضى الأمر فرض حل يأخذ في الاعتبار مصالح واهتمامات الجانبين. وخلّـص المحامي إلى أن أي دور أمريكي رائد في حل هذا الصراع الذي طال أمده، سيكون له مردود إيجابي هائل في مجال تحسين العلاقات العربية والإسلامية مع الولايات المتحدة، وهو ما يخدم المصلحة القومية الأمريكية.

غير أن الكاتب والمحلل السياسي دانييل ليبرمان يرى أنه ليس لدى الفلسطينيين ما يقدمونه من تنازلات وليسوا في وضع عسكري ولا تفاوضي قوي يسمح لهم بالندية في المفاوضات، فيما لا تجد إسرائيل سببا يدعوها إلى تقديم تنازلات في ظلّ عدم وجود ضغوط خارجية أو داخلية، وما لم تتوفر الإرادة السياسية في الولايات المتحدة لممارسة قدر كاف من الضغوط على إسرائيل، فلن تؤدّي لقاءات مثل أنابوليس إلى حدوث تقدم، الأمر الذي يصعُـب معه نزع فتيل الانفجار المحتمل في الشرق الأوسط، بسبب الانحياز الأمريكي لإسرائيل على حساب معاناة الشعب الفلسطيني المتزايدة.

محمد ماضي – واشنطن

واشنطن (رويترز) – دعت الولايات المتحدة يوم الثلاثاء 21 أكتوبر أكثر من 40 دولة ومنظمة دولية لحضور مؤتمر سلام الشرق الاوسط الذي تستضيفه في أنابوليس بولاية ماريلاند في 27 نوفمبر الجاري، وأصدرت وزارة الخارجية الامريكية القائمة التالية بالمدعوين الى الاجتماع الذي يستمر يوما واحدا:
1- الولايات المتحدة
2- اسرائيل
3- السلطة الفلسطينية
4- الجزائر
5- الامين العام للجامعة العربية
6- البحرين
7- البرازيل
8- كندا
9- الصين
10- مصر
11- المفوضية الاوروبية
12- الممثل الاعلى للاتحاد الاوروبي
13- البرتغال.. رئيس الاتحاد الاوروبي
14- فرنسا
15- المانيا
16- اليونان
17- الهند
18- اندونيسيا
19- العراق
20- ايطاليا
21- اليابان
22- الاردن
23- لبنان
24- ماليزيا
25- موريتانيا
26- المغرب
27- النرويج
28- سلطنة عمان
29- باكستان
30- بولندا
31- قطر
32- روسيا
33- السعودية
34- السنغال
35- سلوفينيا
36- جنوب افريقيا
37- اسبانيا
38- السودان
39- السويد
40- سوريا
41- توني بلير.. المبعوث الخاص للرباعية
42- تونس
43- تركيا
44- دولة الامارات العربية
45- المملكة المتحدة
46- الامين العام للامم المتحدة
47- اليمن
مراقبون ..
صندوق النقد الدولي
البنك الدولي
(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 21 نوفمبر 2007)

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية