دراسة سويسرية تنتقد الشركات الأمنية في أفغانستان
توصلت دراسة سويسرية مستقلة الى أن الشركات الأمنية العاملة في أفغانستان تزيد في شعور السكان بانعدام الأمن في البلاد وتفاقم الخلط القائم بينها وبين القوات الوطنية والأجنبية.
وتكمن المشكلة الرئيسية في أن “لا أحد يراقب هذه الشركات الأمنية”، مثلما تقول سوزان شمايدل المساهمة في تحرير الدراسة التي تحمل عنوان “شركات الأمن الخاصة والسكان المحليين: تحقيق في أفغانستان وأنغولا”.
يقول التقرير الذي نشُر يوم الاثنين 12 نوفمبر في كابول من قبل مؤسسة سويسرا من أجل السلام “سويس بيس”، المتخصصة في الدراسات السلمية (مقرها برن)، أن عدد شركات الأمن الخاصة تضاعف بشكل كبير منذ إطاحة القوات الدولية بزعامة الولايات المتحدة بنظام طالبان في خريف عام 2001.
فهذه الشركات تُكلَف في أغلب الأحيان بحراسة المنازل والمكاتب في المدن وبمرافقة قوافل الإمداد ومشاريع البناء في كل أنحاء البلاد. وقد فشلت الحكومة الأفغانية في فرض قوانينها أو إجراءاتها للتحكم في هذه الشركات الخاصة. كما أن قوات الأمن الأفغانية لم تجرؤ من قبل على القيام بحملات تفتيش ضد الشركات التي تقوم بنشاطاتها بدون ترخيص مؤقت، مثلما جاء في الدراسة.
بعض من هذه الشركات الأمنية ملك لأفغانيين، ولكن الغالبية منها أجنبية، تحتل فيها الولايات المتحدة المرتبة الأولى متبوعة ببريطانيا.
وكان تقرير أممي صدر الأسبوع الماضي قد أشار الى أن “الشركات الأمنية الخاصة تمثل نوعا جديدا من نشاط المرتزقة. فقد أصبحت هذه الشركات محط تحقيق مدقق منذ أن وُجهت اتهامات لعناصر أمن يشتغلون لحساب الشركة الأمريكية بلاك ووتر، بقتل 17 عراقيا في بغداد في شهر سبتمبر الماضي”.
وقد تم الكشف في اليام الماضية عن أنباء مفادها أن القضاء العسكري السويسري يقوم بإجراء تحقيق ضد مواطن سويسري اشتغل لحساب الشركة الأمنية بلاك ووتر في العراق.
وتنظر السلطات القضائية السويسرية فيما إذا كان الرجل قد انتهك القانون الفدرالي الذي يمنع الرعايا السويسريين من العمل لحساب قوات عسكرية أجنبية.
غموض تام
ومع أن وسائل الإعلام لم تتحدث عن وقوع أحداث شبيهة بما عرفته بغداد ومدن عراقية أخرى في أفغانستان إلا أن بعض الأفغان العاديين الذين وجهت لهم السيدة شمايدل السؤال، اشتكوا من أن بعض الشركات الأمنية تتصرف مثل “رعاة البقر” كما أنها لا تعامل مواطني البلاد باحترام.
وترى الباحثة السويسرية أن نشاط العديد من العناصر المسلحة التابعة لفرق أمنية مختلفة في حيز ضيق جنبا إلى جنب، يزيد من تفاقم إحساس السكان بانعدام الأمن.
وقالت السيدة شمايدل في ندوة صحفية عقدتها في كابول “إن العديد من الأفغان ليسوا قادرين على التفريق بين العاملين في إطار قوات أمن خاصة وبين القوات الدولية أو قوات الأمن الوطنية الأفغانية، إذ هناك غموض سائد عموما”.
“عمليات من الداخل”
وأضافت السيدة شمايدل بأن الشركات الأمنية كثيرا ما تلتجئ الى توظيف ميليشيات أفغانية سابقة إما على شكل عناصر منفردة أو في بعض الأحيان كمجموعات بقيادة زعماء الحرب المحليين.
وقالت السيدة شمايدل “إذا كانت هناك بعض الأسباب الجيدة التي يمكن تقديمها على أن التوظيف من قبل شركات الأمن يحجب هذه الميليشيات عن الظهور في الشوارع… فإن المشكلة الكبرى تكمن في مصير هذه الميليشيات عندما تقترب العقود من الانتهاء”.
ويعتقد الأفغانيون بأن شركات الأمن الخاصة مورطة في عمليات الإجرام. كما أن عمليات السطو على العديد من البنوك في كابول يُنظر لها على أنها عمليات “تتم من الداخل”، وهو ما دفع الرئيس الأفغاني حامد كرزاي إلى محاولة التسريع باتخاذ قوانين خاصة بهذا القطاع بعد تقاعس البرلمان في القيام بذلك.
وقد قامت قوات الشرطة بمداهمة مكاتب أكثر من عشر شركات أمنية، أغلبها أفغانية، خلال شهر أكتوبر الماضي وتعهدت بمداهمة مقرات كل الشركات التي تشتغل بدون حصولها على ترخيص مؤقت.
وكان الناطق باسم وزارة الداخلية الأفغانية زماراي بشاري قد صرح بأن “كل الشركات الأمنية التي تشتغل بشكل مخالف للقوانين تمثل تحديا لقوات الأمن في البلاد ويجب إلغاؤها”.
سويس إنفو مع الوكالات
بدأت الشركات الأمنية الخاصة في الدخول الى أفغانستان بعد غزو القوات الدولية بزعامة الولايات المتحدة للبلاد في أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001. وتنشط اليوم في أفغانستان العديد من الشركات الأمنية الأفغانية والدولية.
ويقول تقرير “سويس بيس” إن ما بين 18500 و 28000 شخص يشتغلون في هذا القطاع اليوم ويقدمون جملة من الخدمات تشمل حراسة الأشخاص والبنايات والتدريب والإمداد للعمليات العسكرية.
يعتبر معهد “سويس بيس” الذي يوجد مقره في العاصمة السويسرية برن، معهدا لتحليل الصراعات المسلحة وفرص إقرار السلام. فهو يبحث في أسباب نشوب الحروب والصراعات، ويطور آليات للتعرف المبكر على مظاهر التوتر، ويصوغ توصيات واستراتيجيات لإنهاء الصراعات وبناء أسس إقرار السلام.
وقد تم تأسيس “سويس بيس” في عام 1988 كمؤسسة سويسرية مستقلة هدفها الترويج لأبحاث السلام في سويسرا.
ويشغل معهد “سويس بيس” اليوم 40 موظفا. ومن أهم زبائنه وزارة الخارجية السويسرية والصندوق الوطني السويسري للبحث العلمي إضافة الى مؤسسات ومنظمات وطنية ودولية.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.