دروسٌ بالعَـربية والعِـبْرية…
رغم شبح العُنف الذي يتردّد على القُدس وتضاءل فُرص السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، تشهدُ مدرسةُ البنين والبنات التي تُدَرس باللغتين العربية والعبرية إقبالا كبيرا في هذه المدينة.
وقد أَطلق فرع “مؤسسة صندوق القدس” في سويسرا يوم الخميس نداء لجمع التبرعات لتمويل مشروع توسيع المدرسة الفريدة من نوعها.
لُطختْ “خارطةُ الطريق” بالدماء وتطايرت أوراقُها وبات شبه مؤكد أنها ستلحق بمُبادرات السلام الفاشلة التي سبقتها. وبينما واصلت الآلة الحربية الإسرائيلية يوم الخميس 12 يونيو غاراتها على غزة ردا على الهجوم الانتحاري ضد القدس الغربية يوم الأربعاء، والذي كان بدوره ردا على محاولة اغتيال الناطق باسم حماس عبد العزيز الرنتيسي، قدِم إلى زيوريخ معلمان من القدس لحشد الدعم لمشروع يتحدى التطورات المتلاحقة والمتسارعة في إسرائيل والأراضي الفلسطينية.
المُعلم علاء خطيب والمُعلمة يافا شيرا غروسبيرغ، يُزاولان عملهما في مدرسة مُختلطة تُدرس باللغتين العربية والعبرية في القدس وتلقى نجاحا وإقبالا كبيرين. وقد حلا ضيفين على سويسرا يوم الخميس بدعوة من فرع “مؤسسة صندوق القدس” الإسرائيلية في زيوريخ بمناسبة إطلاق الفرع نداء لجمع التبرعات لمشروع توسيع المدرسة.
مبدأ الإختلاط أساس التسامح
وتطبقُ المدرسة الفريدة من نوعها في المنطقة مبدأ الاختلاط والتكافؤ على كافة المستويات حيث تضم الفصول الخمسة (من الحضانة إلى السنة الرابعة الابتدائية) بالتساوي أطفالا عربا وإسرائيليين ونفس العدد من البنات والبنين. وتتكون إدارةُ المدرسة وأسرة التعليم أيضا من أشخاص عرب وإسرائيليين.
ويعتمدُ البرنامجُ البيداغوجي لهذه المدرسة على تكليف مُعلمين، أحدُهما من الثقافة العَربية والثاني من الثقافة العِبرية، بتدريس المواد الأساسية سويا في نفس الفصل. أما المواد المتخصصة فتُدرس بإحدى اللغتين. ويهدف هذا الأسلوب إلى تمكين كل تلميذ من تعلم لغة وثقافة وديانة الآخر عن طريق الترويج لقيم المساواة والتسامح والتفاهم المتبادل.
ويقول المعلم العربي علاء خطيب الذي يُشارك في إدارة المدرسة: “يعتقد البعض أن هذه البادرة تشبه أعمال الخيال العلمي، لكن مدرستنا معترفٌ بها من قبل الحكومة!”. وقد ساهمت هذه المدرسة بالفعل في إحداث تغيير في النظام التعليمي الإسرائيلي الذي أذن باختلاط الأطفال العرب والإسرائيليين. وكان القانون يقضي بفصل تام بين الفئتين في المدارس.
احترام كافة العطل الدينية!
وقد فتحت هذه المدرسة أبوابها في كل من القدس والجليل عام 1997 بدعم من “مؤسسة صندوق القدس” التي تشجع الحوار بين العرب والإسرائيلين من مختلف الديانات. ونظرا للإقبال المتزايد على فصول المدرسة، يتم كل عام توسيع مبانيها. وتستقبل المدرسة حاليا 123 تلميذا في القدس. وسيرتفع عدد الأطفال إلى 205 ابتداء من الموسم الدراسي القادم.
ويوضح المعلم علاء خطيب في هذا السياق أن المدرسة تسجل كل سنة نسبة نمو تعادل 20% وأن ثلث سكان المدينة يدعمون مبدأ الاختلاط في المدرسة حسب استقراء للرأي أنجز مؤخرا في القدس.
وتحرص المدرسة على إشراك الأباء بفعالية في نشاطاتها حيث تشيرُ المعلمة يافا شيرا غروسبيرغ على سبيل المثال إلى الدروس باللغة العربية التي يتلقاها الأباء الذين يعتنقون الديانة اليهودية.
وتتميزُ المدرسة باحترامها لكافة العطل الدينية، المسيحية واليهودية والمسلمة. ولتدارك التأخير في البرنامج الدراسي الناجم عن الاستمتاع بهذه العطل، يتم تمديد ساعات الدروس إلى غاية الثالثة والنصف بعد الزوال بدل الواحدة والنصف، وهو الوقت الرسمي الذي تنتهي فيه الحصص الدراسية في إسرائيل.
نداء للمتبرعين من زيوريخ
ولا تتفادى المدرسة المواضيع المأساوية مثل الهجمات الإسرائيلية على الفلسطينيين أو العمليات الإنتحارية الفلسطينية في إسرائيل حيث تحرص على فتح باب النقاش للجميع وإبداء مختلف الآراء والمشاعر.
أما دروس الدين فتعتمد على قراءات الإنجيل والتوراة والقرآن. فيما تسبق دروس التاريخ مناقشاتٌ بين المعلمين لاختيار المواضيع والمصطلحات المناسبة. وتقول المعلمة يافا شيرا إن المعلمين ينتهون دائما إلى التحاور مع التلاميذ بهذا الشأن.
ويأتي تلامذة المدرسة من كافة أنحاء القدس. ويؤكد المعلم خطيب أن المؤسسة لا تنتقي الأطفال بل تضمن مقعدا للمسجلين الأوائل، كما تستقبل في صفوفها تلامذة يمثلون كافة الشرائح الإجتماعية.
وتوضح المعلمة يافا شيرا أن المدرسة ليست خاصة، بل تلجأ مثل باقي المدارس العامة إلى مساعدة أولياء التلاميذ لتكميل الميزانية لأن تمويل الدولة لا يكفي لسد متطلباتها.
وتُمول الدَّولة المدرسة “العربية العبرية” بنسبة 75% بينما يتكفل أولياء التلاميذ والمتبرعون الخواص بتمويل الباقي. ولتقديم يد المساعدة للمدرسة، بادر فرع “مؤسسة صندوق القدس” في زيوريخ بدعوة المعلميْن يافا شيرا غروسبيرغ وعلاء خطيب لتوجيه نداء لجمع التبرعات من أجل مشروع توسيع المدرسة.
وتقدر تكاليف الشطر الأول من أشغال البناء بـ3,34 مليون دولار فيما سيبلغ إجمالي النفقات 8,9 مليون دولار. وسيشيدُُ مبنى المدرسة الجديدة رمزيا بين الحي اليهودي غونان والحي العربي بيت صفافة.
سويس انفو – أريان جيغون/ إصلاح بخات
أنشأت مدرسة القدس المختلطة عام 1997 بدعم من “مؤسسة صندوق القدس”
أنشأت مؤسسة صندوق القدس عام 1966 لتشجيع الحوار والتعاون بين سكان المدينة بدون استثناء ولجعل القدس نموذجا للتعايش السلمي
التعليم باللغتين العربية والعبرية يعتمد على مبادرة للمنظمة العربية الإسرائيلية “اليد في اليد” المعترف بها من قبل منظمة التربية والثقافة والعلوم التابعة للأمم المتحدة
يشمل مشروع توسيع المدرسة بناء 20 فصلا جديدا لمختلف المستويات الدراسية
تخطط إدارة المدرسة لإنشاء ثانوية تتبع نفس المنهج التعليمي.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.