دعوة العرب إلى شراكة عملية
قام مؤخرا المفوض السامي لشؤون اللاجئين بجولة عربية، شملت المملكة العربية السعودية وقطر واليمن والأردن.
وبحث لوبرس مع المسؤولين في هذه الدول الوضع الحالي للاجئين واحتمال توافد أفواج جديدة، في حال تدخلت الولايات المتحدة عسكريا في العراق.
قام المفوض السامي لشئون اللاجئين الهولندي رود لوبرس بزيارة لمنطقة الخليج العربي قادته إلى كل من العربية السعودية وقطر واليمن والأردن، حيث ناقش قضايا اللاجئين مع المسؤولين. كما استعرض مع قادة المنطقة الاحتمالات المترتبة عن إمكانية وقوع ضربة امريكية للعراق.
ويعوداهتمام السيد لوبرس بالمنطقة، حسب ما صرح به لممثلي الصحافة العربية في جنيف، “لكون 50% من عدد اللاجئين في العالم هم مسلمون، وأن نشاط الدول العربية والإسلامية في المجلس التنفيذي للمنظمة غير بارز”.
الأفضل أن نكون شركاء
وقد ركّـزت زيارة السيدة لوبرس للمملكة العربية السعودية، حول قضايا عملية مثل وضع اللاجئين في مخيم رفحة الذي يضم خمسة آلاف لاجئ عراقي منذ حرب الخليج الثانية، والذي ترعى المملكة العربية السعودية خدماته بشكل عبر عنه السيد لوبرس بقوله ” أنه مخيم سبعة نجوم”.
غير أنه يعترف بأنه في نظر ساكنيه” يضل سجنا”، خصوصا بعد توقف كل إمكانيات إعادة هؤلاء اللاجئين إما للعراق او إلى بلدان أخرى. ومن الجهود التي تبذلها المفوضية في هذا المجال، محاولة إعادة إنعاش مجهودات البحث عن وجهات جديدة لهؤلاء اللاجئين. وكما أوضح المفوض السامي، “هناك اتفاق مبدئي تم التوصل اليه مع العربية السعودية من أجل إدماج حوالي 2000 لاجئ عراقي في حال قبول الدول الأخرى بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية استقبال الثلاثة آلاف الآخرين”.
هذه الجهود التي تبذلها المملكة العربية السعودية بشكل رسمي وعبر المنظمات الإنسانية غير الحكومية، ولئن كانت تجد الترحيب والتقدير من قبل المفوض السامي، فإنها لا تنعكس في بيانات المفوضية نظرا لكونها لا تمر عبر قنواتها، وهذا ما دفع السيد لوبرس إلى التركيز على ضرورة قيام شراكة فعلية مع المفوضية من خلال مشاركة عربية أفضل في المجلس التنفيذي.
وقد أثارت الأوساط السعودية مع المفوض السامي لشؤون اللاجئين، الضجر الذي أصبحت تشعر به منذ أن شرعت الإدارة الأمريكية في وصف نشاطات بعض المنظمات الإنسانية الإسلامية بأنها دعم لمجموعات لها صلة بالإرهاب، وهو ما وجد فيه المفوض السامي سببا إضافيا للترويج “لعمل مشترك مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين” .إذ كما قال السيد لوبرس ” بدل أن احكم على هذه الاتهامات بأنها تافهة، الأفضل أن أقول أن هؤلاء شركاء لي في العمل الإنساني ، وهذا أكثر مصداقية”.
كما ناقش المفوض السامي مع ممثلي منظمة المؤتمر الإسلامي فكرة بلورة نظرة إسلامية لحماية اللاجئ على غرار ما قدمته دول الاتحاد الإفريقي او دول أمريكا اللاتينية. ويعترف السيد لوبرس “بأن الإسلام له تقاليد في حماية طالب اللجوء، وقد تم تطوير هذه المبادئ خارج العالم الإسلامي في إطار القانون الإنساني الدولي”. وحث العالم الإسلامي، وبالأخص منظمة المؤتمر الإسلامي، على فتح نقاش فكري لتوضيح أن القوانين والمعاهدات الحالية لا تتعارض ومبادئ الإسلام في ميدان اللجوء.
لنا مسؤولية غير مباشرة عن الفلسطينيين
يرى المفوض السامي “أن اليمن، على الرغم من فقره، يطبق بشكل اكثر كرما حماية اللاجئ وبالأخص اللاجئين الصوماليين”. فهؤلاء يقبلون كلاجئين بدون أي تحقيق بمجرد وصولهم إلى البلد. ولئن لجأ بعضهم لأسباب اقتصادية، إلا انهم يستقبلون بشكل تلقائي. ويضم اليمن في مخيم الخرز اكثر من عشرة آلاف لاجئ. وقد ساعدت المفوضية في عملية تسجيل هؤلاء بغرض منحهم بطاقات هوية بعضهم يحصل عليها لأول مرة في حياته، وهذا الاستقبال لا يحظى به اللاجئون من إثيوبيا، ولو أنهم يتمتعون بحقوق لاجئين. ويتمثل دور المفوضية في إقناع الدول المانحة بتمويل هذه المشاريع.
وقد تطرق المفوض السامي لوضع اللاجئين الفلسطينيين أثناء زيارته للأردن، حيث ذكّـر بأن “الدبلوماسيين العرب هم الذين طلبوا بأن تبقى قضية اللاجئين الفلسطينيين خارج نطاق المفوضية عند تأسيسها”. ونتيجة لذلك، يرى أن للمفوضية مسئولية مباشرة بالنسبة للاجئين الفلسطينيين خارج منطقة الشرق الأوسط، أي خارج الأراضي المحتلة والأردن وسوريا ولبنان، حيث تتولى منظمة الأونروا تلك المهمة.
ولكن السيد لوبرس يتوقع أن يكون للمفوضية دور في المساعدة على إعادة اللاجئين في حال التوصل إلى حل القضية الفلسطينية وقيام دولتين. ويعترف البعض بكون الفلسطينيين في وضعهم الحالي يوجدون بدون حماية على النقيض مما لو كانوا تحت رعاية المفوضية السامية لشئون اللاجئين، وهذا ما حاول الأمين العام لجامعة الدول العربية السيد عمرو موسى مؤخرا جلب الانتباه له بدعوة المفوضية إلى القيام بدور اكبر في الملف الفلسطيني.
غلق الحدود في حال حرب ضد العراق
وقد جاءت جولة المفوض السامي لشئون اللاجئين في منطقة الخليج في وقت تقرع فيه طبول الحرب بشأن ضربة أمريكية محتملة ضدالعراق. وقد تناول لوبرس هذا الملف مع كافة الدول العربية التي زارها، وقال إن القناعة التي توصل إليها هي، “ضرورة إقناع العراق بالسماح للمفتشين بالعودة من جهة، واقتراح مشاركة خبراء عرب في لجان التفتيش” من جهة أخرى.
وعن تأثيرات وقوع حرب جديدة في المنطقة وكيفية الاستعداد لمواجهة ذلك، يقول السيد لوبرس “إن كل دول المنطقة باستثناء سوريا، أعربت عن رغبتها في إغلاق حدودها”، وهو ما يقلق المفوضية في بحثها عن حل لكل الراغبين في الهروب من ساحة المعارك في حال وقوعها. وقد ترك هذا الموضوع لعمل مشترك مع المنظمات الإنسانية المحلية كجمعيات الهلال الأحمر الوطنية.
وفي رده على سؤال لسويس إنفو، علل المفوض السامي اهتمامه بالمنطقة العربية في وقت تجاهل فيه سابقوه هذه المنطقة، بهذا الوضع المنفجر من ناحية، ولكن أيضا انطلاقا من قناعتهاّ بأن هناك هجمة مغرضة ضد الإسلام، تتطلب أن نتخذ موقفا”. ويرى السيد لوبرس “أن هذا غير مقبول على الإطلاق”.
ويضيف المفوض السامي “أن الإدانة والشجب لا يكفيان، بل يجب علينا تحليل ذلك والدخول في شراكة فعلية لم يحاول الطرفان إقامتها من قبل”.
محمد شريف – سويس إنفو – جنيف
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.